جرعون : الموقع الجغرافي لرداع جعلها ممراً امناً لكل من له أجندة
بقلم/ مأرب برس - خاص
نشر منذ: 10 سنوات و 11 شهراً و 14 يوماً
السبت 04 مايو 2013 07:56 م

يفضل وكيل محافظة البيضاء لشئون مديريات قطاع رداع سنان مقبل جرعون أن يصفه الناس بصفة الدكتور كونه خريج كلية الطب من جامعة البصرة بدولة العراق عام 1999. غير أن الكثيرين لا ينفكون ينادون بـ"الشيخ" سنان كونه أحد وجهاء رداع.

عن حقيقة الاضطرابات الأمنية والأحداث العسكرية التي شهدتها ولا تزال مدينة رداع التقت "مأرب برس" وكيل محافظة البيضاء لشؤون مديريات رداع - سنان جرعون - عن حقيقة القاعدة برداع، ليتحدث إلى ذلك عن عدة نقاط تتعلق بانتشار القاعدة في المدينة ومواجهاتها مع القوات الحكومية مؤخراً. فضلاً عن موقفه مما وصلت إليه التسوية اليوم وهو شقيق أحد الذين سقطوا في منزل الشيخ الأحمر بالحصبة حين كان ضمن وساطة تكونت من عدة مشائخ حينها لوقف الحرب بين أبناء الأحمر وأبناء صالح.

حاوره - جـــبر صـــبر:

* لوحظ في الآونة الأخيرة تسليط الضوء على رداع ومشاكلها الأمنية، فضلاً عن الأحداث الأخيرة مع تنظيم القاعدة فيها.. ما أسباب ذلك برأيك؟

-بالنسبة لرداع، إذا أراد أي شخص أن يعالج مشكلة أو داء لابد من تشخيص مسبق، فرادع سبع مديريات تمثل نصف عدد سكان محافظة البيضاء، وتمثل الجزء الأكبر والاهم في المحافظة، بل والجزء المظلوم، حيث إنها لا تعطى حقوقها التي تعود على شعور المواطن بوجود الدولة، مما تسبب الفراغ الأمني الذي كان متواجدا، انه من هب ودب سوف يقيم دولة بقانونه ودستوره، والسبب الرئيس غياب عمل الأجهزة التنفيذية والمحلية والأمنية في مديريات رداع السبع.. والبعض يرجع سبب الخلل الى أوضاع اليمن عامة التي مرت خلال السنتين الماضيتين، وأعتقد أن الأسباب شخصية، نتيجة وجود بعض القيادات لم يستشعروا المسئولية أمام الله وأمام الوطن فأدى الى ذلك، فكانوا يسهلون لبعض موظفي الدولة مدنيين وعسكريين في أعمالهم، او يتقاسمون معهم الرواتب على ان يبقوا في منازلهم، ويتقاسمون حتى الغنائم سواء أكانت معدات عسكرية، او مالية او غيرها، فتغيب هذه العناصر من عملها، وبالتالي المواطنون وقتها يلجأون الى أية جهة من يرون أنها ستحل مشاكلهم، سواء جاءت قاعدة او حوثيين أو غيرهم، وبالتالي غياب الدولة إداريا تسبب بذلك.

ـ وهل للصراعات القبلية والثأر جانب في ذلك؟

الوضع الأمني بشكل عام له دور في الحد منها، ونحن تكلمنا بالسابق عن ان هذا الجانب مغيب، فلو وجدت الدولة لما حدث ذلك، صحيح الدولة موجودة في الكشوفات والمرتبات وغيرها، لكن كقيام بالعمل غابت لسنوات، فضلاً عن الموقع الجغرافي لرداع حيث تعتبر ممرا لكل من له أجندة.

ـ ما مدى صحة ما ورد مؤخرا عن استعدادات لحملة أمنية واسعة لصد القاعدة في رداع؟

كما سبق وقلت وأكرر لو وجدت الأجهزة الأمنية في إدارات الأمن، ووجدت المعسكرات بمواقعها، لا نحتاج حملات أمنية ولا غيرها، لأن أهم عامل يعين القاعدة في توسعها، ان الناس بطبيعتهم يبحثون عن الدولة فلم يجدوها وبالتالي يلجأون الى القاعدة لتحل مشاكلهم، أما الحملات فليست حلاً، وإنما الحل يكون بوجود مؤسسات الدولة، فإذا وجدت لا تحتاج الى معركة ولا الى حملات ولا غيرها.

ـ لكن الحملة الأمنية السابقة أجبرت مسلحي القاعدة من غير أبناء رداع من الخروج منها، وكذا حدّت من تزايد عناصر القاعدة؟

طبعا كان هناك مفاوضات رعاها الأخ المحافظ معهم، وكان هناك حملة عسكرية قادها نائب رئيس الأركان في حينها، والمفاوضات والحملة أسفرت إلى خروج عناصر القاعدة من غير أبنائها، وهذه خطوة طيبة في الاتجاه الصحيح، لكن لابد من وجود الدولة بشكل مستمر في كل قرى وعزل ومديريات رداع.

ـ بالنسبة لموضوع القاعدة برداع وقيفة خاصة، هناك من يقول إنها لا توجد، وإنما هي مؤامرة لإضعاف قبيلة قيفة الممتدة في ثلاث مديريات، وهناك من ذهب بقوله: إن وراءها مستفيدين مالياً ومعنوياً؟

لا شك أنه في أي حروب في العالم يوجد تجار حروب وهؤلاء يترزقون على سفك دماء الناس، والتجار هؤلاء قد يكونون هنا او هناك في الأطراف الأخرى، ونحن حرصنا ان نستفيد من الدرس في ما يخص القاعدة في المناطق الأخرى، فضلا اننا قد ابتلينا بابتلاءات سابقة بسبب الثأرات راح ضحيتها العديد من المواطنين.. فكان هناك توجيهان الأول يسعى لإشعالها حروبا وضحيتها بالدرجة الأولى المواطن في المنطقة، وربما ان هدفهم ليس التخلص من القاعدة بقدر ما هي مصالح.. فيما التوجه الآخر سواء من القاعدة أو غيرها يرون بأنهم إذا خرجوا بسلام فإنها مشكلة، وبالتالي يريدون ان يفجروها.

ـ شكلت لجنة لما حدث مطلع الشهر الجاري برداع من إشكالية بين الحرس والمواطنين، وكنت رأست هذه اللجنة.. ما الذي قدمتها هذه اللجنة لحل ما حدث؟

شكلت هناك لجنتان، لجنة من وزارة الدفاع ولجنة من المحافظ، على ان ترفع اللجنتان تقريرهما والالتقاء بالمحافظ ومن ثم الرفع الى وزير الدفاع، فتم بحث المشكلة والأحداث وتسلسلها، والبحث عن الحقائق، ويوم السبت قامت أطقم من الحرس بقطع الطرق وإطلاق النيران ونهب المواطنين وترويعهم، وإصابة شخصين، بعدها بيوم قام مواطنون مسلحون بقطع الطرق وإطلاق النيران وإجبار المواطنين على إغلاق المحلات بالقوة، والاشتباك مع احد الأطقم العسكرية التابعة للواء أول مشاة جبلي أثناء مروره بجانبهم، وأسفر عن ذلك قتلى وجرحى، ونحن رفعنا ذلك.. وجعلنا كل جريمة واقعة بحد ذاتها، بحيث كل جريمة وفاعلها يتحمل مسئوليتها وبالتالي يطبق القانون.

ـ وهل بحثتم عن الأسباب والدوافع حتى لا تتكرر المشكلة؟

لا شك ان الطرفين أيا كانت أسبابهم ودوافعهم فهي غير مبررة وغير قانونية، لا مبررة لأفراد الجيش للنزول الى المدينة والعبث فيها، ولا مبررة للمسلحين ان ينزلوا المدينة ويشتبكوا مع الجيش، وسوف تعالج هذه إذا طبق القانون، ويظل الوضع فيه خلل قانوني، وما دام كذلك فقد يتكرر.

ـ ما أهم توصيات تقرير اللجنة التي رفعت؟

من كان مطلوبا يضبط ويسلم للقضاء كان جندياً أو مواطنا، أيضا خروج الجيش من المدينة الى موقعه العسكري.

ـ هناك معسكرات برداع يطالب المواطنون بإخراجها؟

لاشك ان المعسكرات عندما تتواجد في أماكن وتحتك بالمواطنين وبشكل سلبي، تنعكس ردة فعل مطالبة بإخراجها، بينما الأصل ان الاحتكاك بالمواطنين يكون من الأمن التابع للداخلية، فنتيجة الوضع الذي كان حاصلا العامين الماضيين، وغياب أجهزة الأمن كان الجيش (متمثلاً بالحرس سابقاً) هو الذي يقوم بالتفتيش في النقاط، وهو الذي يواجه، وحالياً عندما أتت الحملة العسكرية الجديدة وعززت المواقع العسكرية.. وما كان يحصل من انقسام داخل المعسكرات، كان ينعكس على الأفراد والضباط، وبالتالي كان كل طرف يدفعهم لافتعال مشاكل وفوضى سواء مع المواطنين أو القادة، وذلك من اجل تحقيق أغراض شخصية، وأعتقد أن ما ارتكبوه من خطأ هو يمثلهم هم، ولا يمثل الجهاز العسكري في الدولة.

ـ ما حقيقة ما حدث مؤخراً في جبل الثعالب من انسحاب لأفراد المعسكر فيها، ومحاولة مسلحين من القاعدة السيطرة عليه، وتكرار سيناريو ما حدث في أبين؟

اعتقد ان ما حصل من انسحابات في أبين وغيرها وبعد هيكلة الجيش مؤخراً، قد ولى زمانه..

 

وبدورنا طالبنا بتغيير القيادة بدايةً، كون أنهم من يوجهون الأفراد حسب الأخيرين، وطلبنا بتعزيز بقوة عسكرية تعمل في المعسكر، وقوة أمنية في المدينة، كما طالبنا بقيادة أمن مركزي مستقلة برداع، حتى تغطي رداع، وتجاوب معنا بذلك وزير الداخلية وقائد الأمن المركزي سابقاً، وتكللت بالنجاح بتوجيهات رئيس الجمهورية.

وبالنسبة للجيش حقيقة قد ربما أن الولاءات السابقة والتوجهات بعيدة عن الوطن، ونحن نأمل ان الوضع قد تغير، ولم يعد جيش تابع للحرس، أو للفرقة، وأصبح جيشا وطنيا، ولاءه لله والوطن، ليس ولاؤه لا لشخص ولا لحزب ولا غيره، ونأمل ان الوضع اختلف، وأن القانون يسود، بمعنى ان لا يوجد احد فوق القانون سواء أكان عسكريا أو مدنيا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ان يكون عملهم في المواقع العسكرية، ولا يكونون في نقاط أو في المدينة، وإنما يكونون كجهة دعم للأجهزة الأمنية.

ـ تكررت حوادث القتلى من المواطنين في النقاط العسكرية برداع.. هل من إحصائية بذلك ؟

طبعا خلال العام الماضي فقط 17 قتيلا، وقرابة 20 جريحا في النقاط العسكرية، وكل تلك الحوادث بسبب عدم التوعية.

ـ برأيك.. ما الحلول المجدية للمشاكل الأمنية المتكررة برداع؟

حلها لن يكون إلا بتطبيق القانون، وإذا طبق سيمتثل الصغير والكبير له، اما من الاشياء العملية بدايةً دعم المناطق الامنية بمديريات رداع بما تحتاجه من اسلحة وضباط وأفراد على ان يكونوا من اهل الكفاءة والنزاهة، ثم تفعيل عملهم ومتابعتها، كما ان يكون الجيش متواجدا في المعسكر ويكون عمله دعم او تعزيز، لا ان يلغي الامن ودوره، حتى اننا وصلنا لمرحلة ان الحرس بقي في ادارة الامن لستة اشهر ورافضين تسليمها، ويريدون أن يكونوا هم الأمن، وبالتالي اذا كانوا هم الامن فسيلغون البحث الجنائي وكذا الغوا النيابة، وبالتالي يلغون القضاء، وعليها قِس، يلغون مشاكل الناس ولن تحل.

ـ هل وضعتم رؤية ولو شخصية لحل مشاكل الصراعات والثأرات في رداع؟

بالنسبة للمشاكل إذا كان مقصود بها مشكلة الثأرات، فالمرحلة الحالية تتطلب أننا نركز على تفعيل الجانب الأمني حتى نحفظ الأمن، ثم بعدها نبدأ بمعالجة قضايا الثأرات التي لها عشرات السنين، أما بالنسبة للتقطعات وغيرها، فنحن بفضل الله منذ العام الماضي ضبطناها، ومنعناها بمديريات رداع الى قبل شهرين، وبعد وصول الأخ المحافظ أصبح القرار قراره، ولم يعد قرارانا نحن.

ـ تردد عن وجود خلاف بينك وبين المحافظ.. ما صحة ذلك؟

غير صحيح.. ولا يوجد أي خلاف بيني وبين المحافظ.

ـ تعتبر خريج طب من دولة العراق، إلا انك تعمل في الجانب الاجتماعي لماذا؟

فعلا انا خريج كلية الطب عام 1999م، إلا اني وجدت فرصة لأخدم مجتمعي في الجانب الاجتماعي، وأي مجال استطيع خلاله ان اخدم به وطني ومجتمعي سأعمل به.

ـ مؤخراً أصدر النائب العام توجيهاته للتحقيق في حادثة مقتل الوساطة بمنزل الشيخ الأحمر، وشقيقك كان احدهم.. ما تعليقك على ذلك؟

هذا بداية الإنصاف لأهالي الضحايا والشهداء ممن ارتكبوا تلك المجزرة البشعة بحقهم، وهذه هي العدالة، وهذا أتى بعد أن انتزعت قبضة السلطة التنفيذية عن القضاء، ونحن مؤملين بالقضاء أن يكون قضاء عادلا ونزيها، لا يفرق بين صغير أو كبير أو قوي وضعيف، وأن يوجه السلطة التنفيذية بضبطهم وإحالتهم للمحكمة لتقوم بإجراءاتها.

ـ وكيف ترى مثل هكذا خطوة للقضاء؟

هذه خطوة جيدة لكنها ليست كافية، لابد من أن تتبعها خطوات في ضبطهم، ولن تطمئن قلوبنا حتى نراهم في السجون، ونحن مستبشرون باستقلالية القضاء، وهذه بداية للقضاء حتى يلجأ إليه المواطنون اليمنيون في كل مشاكلهم وقضاياهم.

ـ ما الإجراءات التي ستصعدونها في حال لم يتم محاكمة المتهمين؟

سنستمر باللجوء إلى القضاء، ولن نسكت نهائياً حتى يحاكم من اقترف تلك الجريمة الإنسانية.

ـ هل ترى ان الحوار الوطني سيحل مشاكل اليمن؟

نعم نحن معولون على الحوار، وهو الملجأ والمنجأ الأخير لليمن لحل مشاكله، وإذا لم نحل مشاكلنا بالحوار فهل ستكون بالسلاح..!

ـ هناك من يقول إن القبيلة هي العائق أمام إيجاد دولة مدنية حديثة.. فهل ترى ان القبيلة ستسهم في إيجادها؟

عمر القبيلة ما كانت عائقا، لأن المهندس والطبيب وغيرهم من الموظفين في الدولة هم من القبائل، وبالتالي هم جزء من الدولة المدنية، والقصد من الدولة المدنية الحديثة ليس إلغاء القبيلة، وإنما القصد منها تفعيل مؤسسات الدولة، وتفعيل الدور المؤسسي في كافة الوزارات والمصالح والمرافق الحكومية، كما ان المقصود من الدولة المدنية التساوي في الحقوق والمواطنة المتساوية بين كافة أبناء المجتمع، والالتزام بالنظام والقانون وتطبيقه على الجميع بالتساوي، ومن هذا المنطلق لاشك ان القبيلة ستكون في المقدمة للانصياع لها وتطبيقها.

ـ كلمة أخيرة ؟

نتمنى أن يخرج الحوار الوطني بما ينفع الشعب اليمني، وبما يحدد آلية دولته، التي تضمن الحقوق للمواطنين، وتضمن المواطنة المتساوية، وتطبيق النظام والقانون على الجميع.