مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران
تعْتقِدُ بعض الأوساط الثقافيةِ بأنهُ من العبثِ والترف الثقافي تناول موضوع النهّضةِ والصحوة العربية والإسلامية متزامناً بما تمُر عليه الأمة من إخفاقات متتالية وهى في خضمْ همومها الإقتصادية والسياسية ، سوا في علاقة الحاكم بالمحكوم ، أو الرؤية في شكل الدولة وقضية تداخل الدين بالسياسة والأهم فشل النُخب الثقافية في تكوين فكر جمعي متجانس بعيدا عن ما يهمُ المجتمعات العربية من اختلافات الرؤى حتى بين ذوي الاتجاه الواحد ففي حين يرفض بعض المفكرين العرب الإقرار بأن «النهضة حلم تاريخي» إلا أنهم يؤكدون في الوقت نفسه على عدم توصِلْ النُخب إلى إرساء فكرة النهضة باعتبارها مشروعا تاريخياً واجتماعياً مكتمل العناصر، ويعتقد آخرون بأن المشروع النهضوي العربي حديثا في واحد من أكثر المواضيع إشكالا واستعصاء على الحل، ولعل بروز إشكالية مصطلح النهضة عائد إلى مطلع القرن التاسع عشر، عندما بدأت طلائع الرواد العرب بالإحتكاك بالثقافات الغربية بعد الحملة الفرنسية على مصر وإرسال حاكم مصر محمد علي باشا دفعات للدراسة في فرنسا على سبيل المِثال وكذا بدأت حركة التنوير تدب في أوساط المثقفين العرب وامتدت إلى أواخر عهد الدولة العثمانية التي امتدت نفوذها لأغلب المنطقة العربية والإسلامية ،إلى جانب بلدان عربية أخرى قد شهدت حالة من النهوض الفكري وأن كان محدوداً ، ففي نهايات القرن الثامن عشر الميلادي وحتى نهاية القرن التاسع عشر معالم نهضة إسلامية تمثلت في المجددين الذين ظهروا في كثير من الأصقاع العربية، كذلك بدأت معالم النهضة جلية في مصر وبلدان عربية أخرى ، حيث ظهر كل من الشيخ محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا، كذلك كان لدور الإمام المهدي في السودان، والسنوسي في ليبيا اثر واضح تمثل في العودة الى أصول الإسلام الصحيح، وقيادة شعوب تلك المنطقة لطرد الدخلاء، بعد تنقية ما شاب العقيدة من رواسب عُلقت بها، وحتى اليمن المعزول جغرافيا بين بحار وصحاري شهد نهضة وصحوة فكرية، وشهد حضوراً ملفتاً ـ لم يسلط الضوء عليه ـ لأقطاب الفكر الإسلامي المتجدد أمثال الإمام الشوكاني والأمير والجلال والمقبلي والوزير وذلك كان في نهاية القرن الثامن عشر والنصف الأول من التاسع عشر (أي في أواخر الدولة القاسمية) فبقدر ما كان لهم إضافات في إحياء علوم الدين... كان لهم رؤى سياسية ناضجة فالإمام الشوكاني قاد ثورة فقهية شعارها «الدعوة الى الاجتهاد ونبذ التقليد» في فترة استحكمت فيها عوامل الضعف والتخلف والاضطراب في جميع مجالات الحياة الإسلامية، السياسية ـ الفكرية ـ الدينية .
وبعد أفول نجم الدولة العثمانية واتجاه الانقلابين فيها إلى سياسة (التتريك) حدث تحول في الفكر السياسي العربي ، ففي الربع الأول من القرن العشرين كان لظهور كتاب الإسلام وأصول الحكم للعالم الأزهرى علي عبدا لرازق ردود أفعال استمرت لعقود حيث خرج عن المألوف عندما فُسر بأنه يفصل بين الدين والسياسة وبهذه فكأنه قد القى حجراً في المياه الراكدة !
اللافِت بأن تلاقُح الحضارات والثقافات والتأثير المتبادل بين الأمم هو الدافع المحرك لنهضتها فكما يقول ابن خلدون في مقدمته بأن الشعب المغلوب يتبع الغالب في عاداته وتقاليده ، فحتى الدولة العثمانية التي كانت نموذجا للرقي في أوج قوتها عندما دب الضعف فيها بدأت تحاكي الحضارة الغربية وتحديدا منذ زمن السلطان سليم الثالث في مطلع القرن التاسع عشر حين حاول أن يقلد النهج الأوروبي في إدارة الدولة ، حينها بدأت القوى الغربية تفرض علي السلطنة العثمانية اتفاقيات ساهمت في فتح الأسواق الداخلية أمام التجارة الأوروبية ما أدى إلى انهيار كل محاولات الاستقلال الاقتصادي في فترات متقاربة (فشل تجربة محمد علي لاحقا).فكلما حاولت الأمة النهوض من عثرتها تُجهض بأسباب التناحر الداخلي بسبب عقلية الإقصاء والأنانية لفرد او جماعة أو (العصبية كما يرى ابن خلدون) ناهيك عن التأمر الخارجي على مدى حقب زمنية متلاحقة للأسف فالإحساس بالضعف يحدث في أي مجتمع بمجرد انقسامه على نفسه بسبب الإختلاف في الرؤية ما أدى إلى تذبذب محاولات التحديث وتبعثرها بين الطوائف والمذاهب.
وبالنظر لحالة التخلف الشامل في كل مناحي الحياة التي عمت البلدان العربية حيناً من الدهر فقد غدا مجرد التفكير بتطوير حالات الوعي الثقافي عموماً والسياسي على وجه الخصوص أقرب إلى الترف الفكري منها إلى الحاجة الضرورية الماسة، سواءً للسلطات الحاكمة أو للمشاريع السياسية المضادة لها، والتي يمكن أن تكون حاملاً لمشروع التغيير والحداثة والتنمية واللحاق بالعالم المتقدّم، والإشكال هنا أي فكر نهضوي فقد تاهت الأمة خلال أكثر من نصف قرن بين رؤية قومية وأخرى إسلامية والتي انشطرت بدورها بعد نجاح الثورة الإيرانية إلى تيارين ومذهبين أساسيين يسودهما التنافس والتناحر بل والاقتتال في أكثر من بؤرة في عموم العالم الإسلامي !
أما التيار القومي فرغم انه تنظيمياً لم يتبلور إلا منذ نهاية الأربعينيات إلا أن جذوره قد بدأت منذ بداية القرن المنصرم وبدايات أفول الدولة العثمانية وفي مواجهة التتريك أما في أوج المد القومي كانت فكرة الوحدة العربية تشكل حالة ضغط للجماهير التي على حكامها والتي تلتف حول أي زعيم يلبي طموحها في الوحدة ولكنها بالمقابل كانت تفتقر لآليات تحقيقها بوسائل شعبية ،وسرعان ما تتلاشى وتُصادر من قبل أقلية في هذا التيار بصيغة أو بأخرى كما حدث في تجارب عبدالناصر وصدام حسين.
أما بالنسبة للمشروع الديني بشقيه المذهبي فأعتقد أن لم يتطور أكثر اتجاه أصحاب الفكر الإسلامي والسلفي تحديداً وأن لم يستوعب كل التيارات والأفكار والاختلافات سنرى نماذج تولد فاشلة، فقد شهد العالم العربي والإسلامي تجارب للتيارات الإسلامية فبعضها فشلت كطالبان والى حد ما في السودان وحماس ومصر ويعزى ذلك لأسباب ذاتية ورؤية قاصرة ولأسباب موضوعية داخلية والذي يفسح المجال لتأمر أو إيعاز خارجي كما حصل في مصر مؤخراً ، بينما هناك تجارب نجحت إلى حد ما كتركيا وماليزيا وإيران ولكل من هذه النماذج خصوصيتها وتفاصيلها لا مجال هنا لذكرها وبالمجمل فأنها أفضل من بعض أقرانها في البلدان العربية , طبعاً لا يمكن اختزال التجربة الإيرانية في مقالة واحدة ولكن يمكن القول بأن لها خصوصياتها فإيران تمثل قطب الشيعة في العالم وبهذا فأن أكثر من عُشر سكان العالم الإسلامي من الشيعة يعتبرون بأنه يجب أن يكون هذا القطب صامداً ومنافساً للفكر السني ، والسلفي تحديدا بمعنى أن إيران تعتبر هى الوحيدة الناطقة باسم الشيعة في العالم بينما يختلف الأمر لدى بقية العالم الإسلامي الذي تختلف الرؤى وتتعدد مرجعيته ، كما أن تجربة تُركيا هي الأخرى إستثنائية وتستحق الدراسة والتأمل فلها خصوصية مميزة بالنظر لتراكم ارث ثقافي تكون منذ نحو قرن مضى ، وهى اقرب إلى العلمانية (برؤية إسلامية)إذا جاز لنا التعبير ، ورغم ذلك لازالت محل جدل وتجاذب داخل تركيا ذاتها! ، كما ان استقرار وثبات التجربة التركية لم تكن ستنجح لولا تنحية المؤسسة العسكرية بتشيع أوروبي وفقاً لمعايير (كوبنهاجين) لشروط دخول الاتحاد الأوروبي.
والسؤل هنا يطرح نفسه ما هي أسباب النجاح النسبي في تجارب تلك البلدان وإخفاقها في أمكنة أخرى .. ومن السذاجة الإجابة على التساؤل ببضعة سطور أو مقالة ، فالفكرة تحتاج لتأمل ودراسات ونقاشات هي ألان محل جدل متزيد لدى الكثير من النخُب والمهتمين عبر الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الافتراضي التي راجت في الآونة الأخيرة..