من هي فتح الياسر؟
بقلم/ مفكرة الإسلام
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و يومين
الثلاثاء 21 أغسطس-آب 2007 04:37 م

 من هو خالد أبو هلال؟!! 

في السابع من تموز من العام الحالي تم الإعلان وبصورة رسمية عن «حركة فتح الياسر» بزعامة أمينها العام خالد أبو هلال... الأمر الذي فتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول الأسباب التي دفعت لتكوين مثل هذه الحركة ولماذا انشقت هي أصلا عن حركة فتح الأم وهل ستكون هذه الحركة ضمن سلسلة الانشقاقات التي تعرضت لها حركة فتح منذ تأسيسها عام 1965 م أم أن هذه الحركة ستكون سببا في تغيير البوصلة وتعرية فريق أسلو الذي نبذ المقاومة ويسعى لتطبيق أجندة صهيو أمريكية بحتة في المنطقة وهل هي حركة علمانية أم إسلامية..... هذه التساؤلات وغيرها تدور في أذهان الكثير ممن يتابع تطورات القضية الفلسطينية قضية المسلمين الأولى.

النشأة والتكوين

تتكون فتح الياسر بالأساس من مجموعة كبيرة من جناح عسكري يعرف بــ «المجلس العسكري الأعلى» كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكري لحركة فتح والذي تم تأسيسه في بداية انتفاضة الأقصى وشارك في العديد من العمليات العسكرية التي استهدفت الكيان الصهيوني خلال انتفاضة الأقصى وعند نجاح حركة حماس في الانتخابات انضمت مجموعات المجلس العسكري الأعلى إلى القوة التنفيذية التي تم تأسيسها بقرار من وزير الداخلية السابق سعيد صيام القيادي البارز في حركة حماس ثم في السابع من تموز من الشهر الماضي تم الإعلان عن تأسيس حركة فتح الياسر بقيادة الأمين العام لها خالد أبو هلال.

المسيرة النضالية لقائد «فتح الياسر»

أعتقل خالد أبو هلال لأول مرة وهو في الرابعة عشر من عمره عام 1983 بسبب فعالياته في المسيرات والمظاهرات وحوادث إلقاء الحجارة ثم أعيد اعتقاله في العام 1984 وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات ثم حكم عليه وهو داخل السجن مرة أخرى لمدة أربع سنوات أخرى أمضاها كاملة، ثم مع بداية انتفاضة الأقصى ترأس أبو هلال قيادة المجلس العسكري الأعلى لكتائب شهداء الأقصى الذراع العسكري لحركة فتح وبعد انسحاب الكيان الصهيوني من غزة ونجاح حركة حماس في الانتخابات تم تعيين أبو هلال في منصب. الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية في عهد حكومة حماس وبعد عملية الحسم العسكري بغزة على يد القسام وهزيمة حركة فتح هناك أعلن أبو هلال تأسيسه لحركة فتح الياسر وتولى الأمانة العامة لهذه الحركة.

ويحظى أبو هلال بعلاقات متميزة مع حركة حماس حيث عمل في مكتب سعيد صيام وزير الداخلية السابق في حكومة حماس وسافر معه إلى العديد من البلدان العربية والإسلامية وأكد أبو هلال في تصريح له لإذاعة صوت الأقصى المحلية بأنه يحظى بعلاقات متميزة مع حركة حماس وبخاصة قادة الجناح العسكري في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وبعد سيطرة حماس على غزة خلال الحسم العسكري أعلن أبو هلال عن تأسيس حركة «فتح الياسر» من أجل فتح صفحة جديدة مشرقة وإسلامية لحركة فتح التي باتت تترنح وبان ضعفها خاصة بعد الحسم الأخير.

أسباب إنشاء فتح الياسر

ترى قيادة فتح الياسر أن حركة فتح الأصل والتي يقودها حاليا محمود عباس قد حادت عن مسارها النضالي وأصبحت تنفذ أجندة صهيونية أمريكية بحتة ودون دافع خجل... بل أصبحت تحارب كل من يقف في وجهها وأصبحت تنفذ متطلبات الاحتلال من خلال محاربة المقاومة والدعوة بصورة علنية لنزع سلاحها هذا بالإضافة إلى وصف صواريخ المقاومة بالعبثية والعمليات الاستشهادية بالحقيرة إلى غيرها من الأمور التي تمس المقاومة بشكل مباشر الأمر الذي دفع خالد أبو هلال الأمين العام لحركة «فتح الياسر» خلال مهرجان اللقاء التحضيري لحركة «فتح الياسر» والذي عقد في قاعة رشاد الشوا وسط غزة الساعة الخامسة من عصر الأربعاء الموافق 20 – 6- 2007 م للتأكيد أن التيار الذي يقود حركة فتح حاليًا وبعد وفاة الزعيم الراحل ياسر عرفات هو تيار عميل وأنشيء على يد الصهاينة بهدف تصفية القضية الفلسطينية وكثيرًا ما يصف أبو هلال خلا ل تصريحاته قيادة فتح الحالية بالخائنة والعميلة والتي تتلقى الأموال من أجل تصفية القضية الفلسطينية.

وأوضح أبو هلال خلال المؤتمر أن خلافاته بدأت مع الحركة منذ توقيع إتفاق " أسلو " والذي وصفه بالملعون.

وأكد أبو هلال أمام الآلاف من الحضور أن من حول الرئيس الراحل عرفات وضعوا له السم واغتالوه «واخفوا ملف الاغتيال ولم يسمحوا لأحد يعرف كيف قتل ياسر عرفات»، مردفا :"في نفس الوقت الذي تعرض فيه عرفات للحصار انشأ محمد دحلان التيار الإصلاحي، وأخذ يحول فتح لجيش من العملاء والسكريين والزناة، وسرق القانون الأساس الأساسي لحركة فتح وقتل المسلكية الثورية". على حد قوله.

وكان أبو هلال قد كشف في لقاء مع إذاعة الأقصى المحلية عن أسباب تركه العمل في الأجهزة الأمنية منذ عام 2002 على الرغم من أنه كان يحمل رتبة رفيعة هو الخيانات التي اكتشفها في أجهزة دحلان وعباس والتي منها تورط قيادات رفيعة في أجهزة المخابرات التابعة لدحلان في عمليات تجسس على الجماعات الإسلامية في شرق آسيا. 

الخطاب الديني

من المعروف أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الأصل هي حركة وطنية وعلمانية ولا يطغى الخطاب الديني عليها على الإطلاق ولكن حركة «فتح الياسر» تميل في كافة خطاباتها إلى التوجه الديني بخلاف حركة فتح الأصل حيث يلاحظ ذكر «العقيدة الإسلامية» في معظم بياناتها وكذلك في دعوات الانتساب إليها حيث جاء في طلب الالتحاق بحركة «فتح الياسر» حول شروط العضوية:

نحن لا نبحث عن عدد أو كم، وإنما نريد النوعية والكيفية المؤمنة بالله سبحانه وتعالى والمخلصة بصدقها للعقيدة، ولذلك نصر على أن نتبع الأصول التنظيمية الدقيقة في الاختيار حتى نستطيع تأسيس هذه الحركة كما كانت البداية سنة 1965م.. حركة ثورية وطنية ذات توجه إسلامي تضم الشرفاء والصادقين والمخلصين الذين لديهم الاستعدادية الكاملة للعطاء وبلا حدود من أجل تحرير الوطن.

ولعل أهم قرار يميز إسلامية هذه الحركة هو إقالتها للناطق الإعلامي السابق حسن النوراني.. بسبب فلسفة يحملها تخالف الشريعة الإسلامية وهذا ما أكده الناطق الإعلامي الجديد حسن القانوع لمراسل مفكرة الإسلام.

من جانبه أكد محمد وشاح أمين سر حركة فتح الياسر في إقليم الوسطى لمراسل مفكرة الإسلام أن الحركة منهجها إسلامي بحت وتنبذ العلمانية بكل ما فيها وإنما تم إنشاء «فتح الياسر» لاستقطاب أكبر عدد ممكن من أعضاء حركة فتح الأم والذين يحملون التوجه الإسلامي والديني والذي لا يلقى اهتمامًا من قبل فتح الأم.

وأوضح وشاح بأن الحركة لديها منهجية دعوية ودينية لتثقيف عناصرها لافتا إلى أن مكتب الحركة يتم إغلاقه حال صلاة الجماعة. 

وكشف وشاح أن هناك دورات عسكرية لمجموعات «فتح الياسر» سيتم عقدها وسيتم تخللها العديد من الفقرات الدينية والعقدية والتي تعمل على ترسيخ المفاهيم الدينية لدى جميع عناصر فتح الياسر على حد قوله.

وانتقد وشاح بكل شدة تصريحات العديد من قادة فتح والتي تخالف الأمور العقدية وتدلل على أن هؤلاء – أي فريق عباس – من يحاربون الله ورسوله.

وربما ترجع جذور الخطاب الديني لهذه الحركة و أن قيادتها معظمهم ممن يحمل توجها دينيا – وإن كانوا ممن يؤيد فتح سابقا - ملموسا وخاصة أن قطاع غزة يشهد توجه إسلامي كبير جدا مقارنة بدول إسلامية أخري ولعل هذا الخطاب الديني أيضا يرجع لأن قادة «فتح الياسر» يدركون أن الخطاب الديني هو العمود الفقري لنجاح دعوتهم لتنظيمهم الجديد ذلك أن الفلسطينيين – خاصة في قطاع غزة – يؤثر عليهم الخطاب الديني بشكل واضح وملموس..هذا بالإضافة إلى أمر مهم وهو تأثر قيادة هذه الحركة بقيادة حماس وبشكل مباشر ، حيث عمل خالد أبو هلال الأمين العام لحركة فتح الياسر مباشرة كناطق إعلامي باسم وزارة الداخلية تحت إشراف سعيد صيام وزير الداخلية السابق والقيادي البارز في حركة حماس.

ولكن مع ذلك فالواضح أن الحركة إذا كانت حقا تنتهج المنهج الديني فهي بحاجة إلى لجنة شرعية متخصصة في الأمور الشرعية ومكونة من علماء على مستوى عال لقيادة الحركة نحو المنهل الشرعي.

اتهامات وتهديدات فتحاوية!!

لكن هناك العديد من وسائل الإعلام وخاصة التابعة لحركة فتح بقيادة عباس التي تتهم حركة فتح الياسر بأنها وليدة لحماس وتأتمر بأمرها وهذا ما نفاه بصورة قطعية الناطق الرسمي باسم حركة فتح الياسر لمراسل مفكرة الإسلام.

وأوضح القانوع بان قرارات الحركة مستقلة تماما ولا علاقة لحركة حماس في التأثير على قرارات الحركة.

وكانت ردة فعل قيادة حركة فتح التي يتزعمها عباس عنيفة جدا حيث أكد الناطق الإعلامي حسن القانوع لمراسل مفكرة الإسلام أن هناك عشرات التهديدات التي تصلهم يوميا وذلك بهدف ثنيهم عن مواصلة تكوين حركتهم.

ويرى الكثيرون أن حركة فتح الياسر إذا نجحت في استقطاب أكبر عدد من عناصر حركة فتح وتثقيفهم فإن ذلك سيضعف حكومة عباس وسيؤثر بصورة سلبية لحد بعيد على قدرتها على التفرد بالقرار الفلسطيني وهو ما تعيه حكومة عباس جيدا التي بدأت تشعر بخطورة حركة فتح الياسر عليها أكثر من خطورة حماس وتنظيمات المعارضة الأخرى وخاصة بعد مهرجان الانطلاقة الأول الذي عقد يتاريخ 7-8-2007 والذي أعلن فيه أبو هلال عن أن عدد المنتسبين لحركته فاق العشرة آلاف عضو في فترة لا تتجاوز شهر من تاريخ الإعلان عن تأسيس الحركة وهو ما يعد انجازا قياسيا لهذه الحركة الناشئة .

وشنت حركة فتح بقيادة عباس هجوما لا ذعا على خالد أبو هلال الأمين العام لحركة فتح الياسر متهمة إياه بالخائن تارة والمعتوه تارة أخرى.

حيث وصف أحمد عبد الرحمن الناطق باسم حركة فتح في الضفة الغربية في تصريحات نقلتها وكالة فلسطين برس التابعة لحركة فتح بان خالد أبو هلال معتوه وكرر سخريته من قراره بتكوين حركة «فتح الياسر».

الخاتمة

وتبقى التساؤلات مطروحة وهي هل ستنجح فتح الياسر في استقطاب أكبر عدد ممكن من عناصر فتح الأم ؟ وهل ستصمد أمام التحديات الفتحاوية خاصة وأن فتح تعلم جيدا أن عناصر فتح الياسر يعرفون فتح جيدا وعلى إطلاع أكثر من أي جهة أخرى بخفاياها ونقاط الضعف فيها. أم أن هذه الحركة ستكون تجربة كسابقاتها حيث أن العديد من الحركات انشقت عن حركة فتح ولم يتجاوز عدد عناصرها المئات وبقيت مسميات خالية من المضمون........ أم أن أسلمة حركة فتح وقيادتها نحو المنهل الإسلامي سيكون سببا في نجاح هذه الحركة.