مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحيفة أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات اليمن تسجل أول حالة إصابة بـ ''جدري الماء''.. ماذا نعرف عن هذا المرض؟
تحول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات لدى المشترك إلى أزمة، ومن خلالها يقود حملة سياسية لا تناقش مسألة التشكيل، بل فجرت المكبوت السياسي كله في وجه المؤتمر والنظام السياسي الحاكم، ولوحت أحزابه مؤخرا بتهديدات خطيرة، هذه التهديدات ليست جديدة في جوهرها بل متوافقة مع إستراتيجية المشترك الأساسية منذ تشكيله، والتي تدور حول نفي شرعية الحاكم وإضعاف الدولة وإدخال الناس في معمعة صراعات سياسية هدفها تعطل حركة المجتمع والدولة، والوصول بالجميع إلى حافة الهاوية.
ومصدر خطرها في الراهن أنها متطابقة مع إستراتيجية الفئة الباغية في صعدة، وهذا يفسر تصريحات المتمرد الحوثي المؤيدة لطرح المشترك.
فاللجنة العليا للانتخابات أصبحت أزمة مركبة وعقدة العقد، وكأن حل مشاكل اليمن كلها تكمن في أن يتم تنفيذ ما يراه المشترك، والمتابع للحياة السياسية في اليمن لابد أن يصل إلى نتيجة أن تشكيل اللجنة ليس إلا مبرر ومشجب لأهداف أخرى، والأزمة هي نتيجة لطبيعة المشترك والتآمر البيني بين قياداته وأحزابه، وأيضا نتيجة أن الإستراتيجية التي تحكم كل طرف في المشترك مختلفة عن الآخرين، فلو سلّم المؤتمر للمشترك بما يريد فان المشترك بحكم تكوينه وأهدافه سوف يفجر قضايا وملفات في وجه المؤتمر ليس هدفها أصلاح وبناء البلاد، وإنما دفع المؤتمر إلى أتباع سياسات منفردة حتى وأن توافقت مع الدستور والقانون، ولكنها ستكون مبرر للمشترك لتنفيذ الأجندة الحقيقية.
والملاحظ أن سياسي المشترك يمارسوا انتهازية مقيتة وسياسة قذرة، فبينما الحاكم يواجه خطر كبير يهدد وجود الجمهورية والسلم الاجتماعي ومستقبل اليمن، نجد أن اللقاء التشاوري للمشترك وبيانات كتلته البرلمانية وخطابه الإعلامي، يلقي بيانات ثورية كلها تهدد وترغي وتزبد بنفي الشرعية، وتحريك الشارع وتكوين لجان للإنقاذ الوطني،....الخ، وكل هذا لان المؤتمر يتحدث عن تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفق خيارات كثيرة هي في جوهرها تنازلات حقيقية لو قورنت بما يحصل في تشكيل لجان مماثلة في الدول العربية وفي العالم الثالث أو حتى في الدول الديمقراطية العريقة.
ويحاول المراقب بجد أن يبحث عن منطق يحاول من خلاله فهم مواقف أحزاب المشترك، ولكنه يظل في حيرة من أمره، فالشعار مناقض للفعل، والهدف المعلن غارق في هدف خفي، والإستراتيجية المؤسسة لأحزابه غير منسجمة مع التكتيك، فالمشترك مع الدولة المدنية الحديثة ولكن سياساته ضدها، مع النضال السلمي وخطابه السياسية وسياساته تقودنا نحو العنف، مع الوحدة الوطنية وأفعاله ترسيخ نقائضها، مع الدستور والقانون وإذا تناقضا مع أهدافه ومصالحه ومطالبه فالتوافق أصل، مع الديمقراطية وضدها، مع الرئيس وكل خطابه وسياساته ضد الرئيس، مع الحوار وضده، مع الحوثي وضد الفتنة، مع الجيش وضد الجيش، مع الشعب وضد أمنه واستقراره.
ما هو التفسير؟
مشكلة المشترك أن تعدد الأهداف وتناقضها بين أطرافه أمر طبيعي بحكم الاختلافات العقدية والفكرية والمصالح، ومن جهة أخرى يبدو المشترك في الظاهر ككتلة متماسكة تعمل بانتظام وفق رؤية واضحة لصالح الشعارات المرفوعة، وتكمن البلية أن الشعارات هي الوهم الذي يعتقد الكثير أنها ما تجتمع عليه تلك الأحزاب.
الحقيقة التي يخفيها صانعي الصراع والمواجهة في المشترك، والتي لا يمكن الحديث عنها، رغم الوعي الكامل بها لدى الأطراف الأساسية المسيرة للعبة في أحزاب المشترك، أن كل طرف يدرك أهداف الطرف الآخر وإستراتيجية ولكنه أدرك غامض ومشوش.
ولأنهم مجمعين على عرقلة مسيرة بناء الدولة ومحاربة النخبة الماسكة بزمام السلطة، وتشتيت كل مسارات الفعل الإيجابي الخادمة لقوة الدولة ومن يحكمها، وتشجيع كل فعل سلبي يهدد الدولة ويزعزع شرعية الحكم، فأنهم متفقين في الشعار ولغة الخطاب وهذا أيضا جعل التكتيك لديهم شبه متقارب رغم تناقض الإستراتيجية والغاية.
ويمكن القول أن الصراع بين أحزابه يكمن في تناقض الأهداف النهائية لكل طرف، واختلاف طبيعة الفهم والإدراك للتحالف القائم، وكيفية توظيفه في الصراع من أجل الفوز بالغاية. مع ملاحظة ان الجماهير وحتى القيادات الوسطية وأصحاب النزوع الوطني يمارس عليهم الخداع باسم الشعارات مثلهم مثل عامة الناس.
والمشكلة العميقة لدى أحزاب المشترك والمركبة أن كل طرف يخادع الآخر، من خلال توافق مرحلي على دعم قضايا الآخر، فكل طرف يقدم تنازلات جزئية للآخر وهي تنازلات أشبه بالطعم الهدف منها إثبات المصداقية وخلق توحد في مرحلة الانتقال الراهنة.
والمشكلة الأخرى أن الجميع يلعب لعبته بخفاء وكل طرف يخدع الآخر ويحاول توريطه بما يُفشل أهدافه لصالحه، وفي المقابل يلعبون لعبة خبيثة تجمع بين الماء والنار مع الرئيس ومع قيادات المؤتمر ومع مراكز القوى المختلفة الحاكمة أو الداعمة للحكم.
ومشكلة اللاعبين في تناقضاتهم أن جميعهم تحركهم فرضية أن منظومة الحكم لا تدرك على وجه اليقين أهدافهم النهائية بحكم أنها مؤلفة من قوى مختلفة، المصلحة المادية المباشرة هي لحمة تماسكها، وأن بالإمكان توظيف جزء من النخبة الحكمة في لحظات الحسم النهائي للمعركة، مع ملاحظة أن لحظة الحسم لابد أن تكون عنيفة ودموية وقد تتضمن فرق الموت والإرهاب بأعلى صوره البشعة.
ما هي الإستراتيجية الفعلية التي تحكم كل طرف؟
لنبدأ بالإصلاح التجمع السياسي الديني واجهة الأخوان المسلمين السياسية في اليمن، هذا التيار يدير صراعه باحتراف، وإستراتيجيته تقوم على خطوط متعرجة قد تبدو متناقضة ولكنها تسير في مساقات واضحة متجهة نحو عرش اليمن، فهي مثلاً تدفع بالنظام لكسر شوكة العدو القادم من صعدة، وهي على قناعة تامة أن الجيش يحاصر عدو شرس يحارب الدولة ولكن عينه مركزة على الإصلاح.
وبينما ترتفع الدعوات في الخلوات بهزيمة الحوثي وأعوانه، وأيضا العمل بدقة متناهية على تحريض الجمهور وتحريض النخبة على قهر التمرد وهزيمته، فان الخطاب المعلن متعاطف مع الحوثي بطريقتين:
الطريقة الأولى: تشجيع الحوثي على القتال ونصب الشباك الخادعة من خلال الإيحاء أن صراعه ليس مع الإخوان وإنما مع السلفيين أعداء الإخوان، بل ويتم تسريب المعلومات عبر الحوارات الثنائية للقوى المتعاطفة مع التمرد الحوثي بإمكانية التحالف المستقبلي، فالحركة الاخوانية العالمية متوافقة مع خطاب الملالي في طهران، وزعيم الحركة في مصر مؤيد لحزب الله ومعجب بالتجربة الخمينية ومؤيد لسياسات إيران الإقليمية، والاخواني لبناني فتحي يكن هو الحليف الأوثق لحزب الله، والحركة في فلسطين والأردن والعراق متوافقة مع إيران.
إلى ذلك تطرح الحركة الاخوانية في لقاءاتها مع أنصار الحوثي ان السعودية تمد السلفية بالدعم والمساندة، وأن السلفية هي من يهدد فكرها السياسي من داخل المنظومة السنية نفسها، ويؤكد البعض أن الشيخ عبدالله كان يملك القوة التي لكبح جماح الاخوان في الهجوم على السعودية وانها قد تحررت في الراهن، مما يسهل لها بناء تحالف مع الحوثي لمواجهة أعداء الأمة، ويطرح بعض الأخوان الإيرانيين أن الوجود الحوثي مهم لمحاصرة المد السلفي وأن الفكر السياسي المناضل للطرفين متقارب بل أن شكل بناء الدولة قريب من جوهر الحكومة الإسلامية التي تحدث عنها الخميني.
الطريقة الثانية: وهي فتح جبهات صراع متعددة للنظام في الداخل من خلال توريطه مع الحوثية لإنهاك الجيش والأمن والدولة ومن خلال التعبئة الرافضة للشرعية والتهديد بالثورة من خلال تحريك الشارع وتشكيل لجان للإنقاذ الوطني ومجالس للحكماء بمعزل عن المؤتمر والنخبة الحاكمة لخلق سلطة بديلة منافسة للدولة ومتحدية لها، ويتحدث بعضهم عن تجربة حزب الله في تأديب العملاء .. ويمثل اللقاء التشاوري السنوي للمشترك الذي عقد مؤخرا نموذجا مثاليا لفلسفة المشترك وطبيعة الإستراتيجية المخفية.
الملاحظ ان سوء الإدراك لدى الزعامة الاخوانية للوضع المحلي والإقليمي والدولي هو من يقودها إلى اتخاذ قرارات خاطئة.
وفي المقابل يعمل الجناح الخفي للحوثية والقوى المعادية للوحدة الوطنية في المشترك وخارجه على توريط الإصلاح من خلال الاستجابة لطرحهم، وهم يمارسوا على الأخوان إيحاءات تؤكد لهم أن حكمهم والتحالف معهم مهم جدا لإنقاذ اليمن من أزماته، وفي ظل الحماس السياسي المهيمن على عقول بعض الأخوان وفي ظل للهوس السلطوي الذي يشكل وسواس قهري لدى أغلبهم فأن الخدعة قد أنطلت عليهم.
كل ما سبق ربما يفسر اتجاه الإصلاح في الراهن لتفجير الحياة السياسية من خلال اللجنة العليا بتفاصيلها المختلفة، ويلقى الإصلاح تأييد منقطع النظير من أعدائه المتحالف معهم، والسبب أن تفجير الحياة السياسية سيخفف الضغط على الحوثية، ويقوي من موقفهم السياسي، بل ان هذا الجناح الحوثي يعتقد ان النخبة الحاكمة في حالة تحرك الاخوان نحو تحريك الشارع وبناء لجان للانقاذ الوطني ربما تعيد بناء إستراتيجية مواجهة الحوثية، ليس بتخفيف الضغط العسكري بل بمنحهم مطالب ثقافية وفكرية، وبناء تحالف عميق مع جناحها السياسي المنفتح، والسعي من أجل أخراج الأخوان من اللعبة كلها والعمل بقوة في مسارات منظمة لمواجهتهم في كل مكان، والجناح السياسي يطرح أن لديه قدرة على سحب الاشتراكي وفكفكت المسألة الجنوبية، بما يعني تحويل الاخوان إلى فريسة للجميع.
وهذا الجناح في المقابل يتبني خطاب فوضوي وتعبوي ضد النخبة الحاكمة وداعم للحوثية وهدفه من ذلك تشجع الحوثية على الاستمرار في القتال وتشويه دور الدولة وإضعافها والهدف الجوهري هو إغراء الاخوان نحو الحركة ومفاجأة النخبة الحاكمة بحركة انقلابية، وهذا حسب تصورهم سوف يسهل اتجاه النظام الحاكم نحو الحوثية وجناحها السياسي، وأيضا مد اليد لكل القوى المختلفة لعزل الاخوان وإعلان الحرب عليهم.
من الواضح أن جناح الحوثية والقوى المعادية للوحدة الوطنية لديها أيضا إدراك مشوش للواقع السياسي اليمني والإقليمي والدولي، وسوء إدراك لطبيعة التشابك في المصالح في السياسية اليمنية.
الخطير في الأمر أن الصراع بين القوى الوطنية الجمهورية في الحكم والمعارضة وتناقضاتها كما يؤكد محترفي المؤامرات هو الطريق الوحيد لدخول فرق الموت الحوثية إلى صنعاء، ويؤكدون أن مذبحة مجلجلة في أمانة العاصمة كافية لزعزعة القلوب، وطريق لفتح أبواب صنعاء للقبائل المحيطة بها لنهبها، لتصبح العمامة السوداء هي الفيصل النهائي لكل المعارك.