هيئة الفضيلة بين مبررات القبول .. ودوافع الرفض
بقلم/ نايف المريسي
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 26 يوماً
السبت 26 يوليو-تموز 2008 09:00 م

مأرب برس – خاص

((ولتكن منكم امةٌ يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون )) صدق الله العظيم , وجاء عن النبي صلي الله عليه وسلم ((لتأمرن بالمعروف أو لتنهون عن المنكر او ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم))

وما نمر به من انحراف اخلاقي وانتشار فاضح للرذيلة بكل انواعها من محلات بيع الخمور الى دور الدعارة والمراقص والملاهي الليلية وفنادق الترويج الجنسي بالقنوات المشفرة ، كل ذلك وغيرها من المنكرات يستدعي ويوجب ويؤكد فرضية قيام كيان للتصدي لهذه المنكرات ، كما ان قيام هذا الكيان بحد ذاتة عمل نبيل لما فية من صون للاخلاق وحفاظ للكرامة الانسانية وابراز لمعاني العفة والشرف .

وانطلاقاً من هذا الهدف السامي والنبيل ، وبوجود هذه المبررات جاء تأسيس ما عرف بهيئة الفضيلة التي تم الاعلان عنها رسمياً منتصف الاسبوع الماضي بؤتمر تجاوز حضوره الفين من العلماء وشيوخ القبائل ، وفيه تم تزكية الشيخ / عبد المجيد الزنداني كرئيس للهيئة وبدوره دعى لتزكية الشيخ / صادق الاحمر كنائب له في الهيئة .

وقد حضيت هذه الهيئة بالكثير من التباين لدى القيادات السياسية والنقابية كما هو الحال بالنسبة للصحفيين وكتاب الرأي ، ولكلاً مبرراتة والتي قد تكون استدلالات قوية و دوافع مقنعة لرفض الهيئة .

المنظمات الحقوقية

دوافع الرفض اختلفت باختلاف الجهات التي اعلنت رفضها وقد بنيت جميعها على اساس أن انشاء مثل هذه الهيئة قد يؤثر بالسلب او بالايجاب من الناحية المصلحية او السياسية على تلك الجهات .

فجاءت ردود الأفعال بدوافع الرفض من المنظمات الحقوقية بحجة الطعن في عرض المرأة وكرامتها وعفتها - مع الاستدلال بآيات قرآنية كانت بعيدة عن المعنى ، وفق ما جاء في بيان اتحاد نساء اليمن - الذي جاء كرد على فتوى وزعت بكتيب صغير صادرة عن الهيئة تحرم فية الكوتا النسائية ،لتعارضها مع الدين ومع ما فطر الله علية الرجال والنساء ، وان الكوتا قد تفتح باب التسابق لخروج النساء من المنزل والاختلاط بالرجال الذي سيوصل الى الفوضى الجنسية وما يصاحبها من ضياع للعفة وانتشار للزناء.

ومنطقياً فان ما جاء في بيان اتحاد النساء لم يكون سوى استياء من أن مضي الهيئة في هذا النهج سيحد من الانشطة التي قوم بها الاتحاد وهذا بدوره سيؤثر على حجم المساعدات المقدرة بملايين الدولارات والتي يتلقاها الاتحاد من المنظمات الخارجية .

نكهة حكومية

يذهب بعض المعارضين من القيادات السياسية والدينية لإنشاء الهيئة من انها جاءت لتنفيذ مطالب حكومية مستدلين بأن الهيئة قد أهملت ضمن أهدافها جانب الإشارة الى منكرات عظيمة والتي ترتبط بها المصالح الكبرى والمصيرية للشعب ومنها ( الاخذ على يد الظالم - منكر الحكم بغير ما انزل الله - السعي الى منع تولية الظالم - انتهاك الكرامات الانسانية - منكر الترويج للربا والترخيص باقامة البارات والمراقص وغيرها ) كذلك منكر نهب خيرات الشعب واكل حقوقة والذي جاءت بسببها المنكرات الأخلاقية الدخيلة ، مثل الزواج السياحي وتجارة الاطفال ، والتي لم يتضمن بيان الهيئة حتى الاشارة اليها .

كما ان من دوافع الرفض لدى الجهات الحزبية المعارضة الحضور المكثف في بيان الهيئة لبند الدفاع عن الوحده ، وادانة الدعوات الانفصالية ، والتصدي لاي مبادرات) تؤدي الى تمزيق البلاد ) .

في ظل سوء الفهم لدى الجانب الحكومي لمعنى الوحدة وتفسيراته الخاطئة لمعنى الثوابت الوطنية .

وان هذا الروتين أصبح ذريعة للنظام لتصفية الحساب مع معارضية ، فأصبح كل من يطالب بالحقوق انفصالي ، وكل من ينتقد الفساد ويتصدى له مثير للفوضى ويهدد الوحدة الوطنية ، وبهذه الحجج الضعيفة جرى اعتقال فهد القرني والخيواني وقادة الحراك الجنوبي .

ومثل هذا النهج ان تم فسيصبح بمقام الفتوى الشرعية للممارسات العدوانية والمحاكمات الجائرة التي تنفذها الدولة .

وسيكون مبرراً للدولة في التمادي والقيام بالكثير من القمع والاعتقالات ومصادرة الحريات ، وقد ينتهي الامر الى فوضى عارمة تعصف بالجميع .

ارتباطات خارجية

كما ان هناك تكهنات عن ان انشاء الهيئة قد جاء ضمن الأجندة السعودية التي تفرضها وتصدرها الى اليمن ، خصوصاَ في ظل الضغوط الامريكية المتزايدة على العربية السعودية بشأن الهيئة وما تمارسة من تعسف وتقييد للحريات العامة .

مما دعى الحكومة السعودية محاولة تعميم فكرة الهيئة في دول اخرى حتى تشرعن لبقائها في السعودية ، وقد جائت الدعوات لتأسيس هيئة الفضيلة في اليمن متزامنة مع دعوة علماء كويتيين لانشاء هيئة لنفس الغرض في الكويت .

وهذا ان صح فلا شك انه سيجعل الهيئة ذات طابع سياسي مقيت ، مما يفقدها مكانتها ويجر الغالبية للتحالف مع القوى المناهضة لقيام الهيئة .