هولاء هم من ذبحوا الإصلاح سياسيا ؟
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 9 سنوات و 10 أشهر و 28 يوماً
الإثنين 05 يناير-كانون الثاني 2015 08:21 ص
 

سُئل اللواء علي محسن الأحمر في يوم من أيام العام2012 متى سوف تتخلى عن عملك العسكري ,فرد أتمنى أن أتخلى عنه اللحظة لكن لا يمكنني أن أقوم بذلك حاليا حتى أطمئن على نجاح ثورة الشباب .

قالها اللواء محسن في ذروة الدعم الهائل للرئيس هادي, والكل يومها كان ينظر إلى أن ثورة الشباب قد حققت جل أهدافها خاصة بعد الإطاحة بكل عائلة صالح من المؤسسة العسكرية , لكن اللواء محسن كان يدرك معني بقاء مناصري الثورة داخل مؤسسة الجيش .

صالح لم يبالي ولم تتحرك في رأسه شعرة ولم يأبه لأحد عشية قتله أكثر من خمسين شابا من شباب الثورة في جمعة الكرامة , بل ظهر اليوم الثاني وهو يتحدث للعالم عبر وسائل الإعلام أن من قتل الشباب هم سكان حي الجامعة , لكن بعد ايام من تلك الحادثة , ظهر اللواء علي محسن على شاشة الجزيرة وهو يعلن تأييده لثورة الشباب .

شاهدٌ داخل القصر الرئاسي يتحدث عن ذلك المشهد , لحظة مشاهدة صالح لعلي محسن وهو يتلو بيان تأييده لثورة الشباب , تلك اللحظة التي ُوصفت بأنها أنها أشد لحظة ألم تلقاها صالح في تاريخه السياسي والعسكري, يقول الشاهد " أنه شاهد الدم يقطر من شفتي صالح يومها لكثرة سهره وقلقله وفاجعته بموقف محسن..

كان عبدة بورجي هو أول من نادي صالح لرؤيته خطاب محسن على شاشة الجزيرة , لحظتها لم يتمالك الزعيم نفسه بل أرتمي على أقرب كرسي له ,وقال محدثا من حوله "لقد طعنني علي محسن من الخلف ,, نعم أنه يعلم معني انضمام رفيقه في مؤسسة الجيش لمطالب ثورة تشعل وتتقد كل لحظة ..

قائد عسكري كبير طالب قيادة الإصلاح في بدايات 2012 بعدم التساهل مع قيادات الجيش التي وقفت مع الثورة , وأخبرهم بالنص الحرفي أن أي تساهل في الجناح العسكري الذي أيد ثورة الشباب أو إقصائه من مواقعه في الوقت الحالي يعني نهاية لكل أحلام الشباب .

وشدد ذلك القائد العسكري الكبير طبعا لم يكن "اللواء محسن" بأنه يجب بقاء تلك القيادات في مواقعها العسكرية , كظمآنة لتنفيذ بنود وآليات المبادرة الخليجية.

وأضاف موضحا لهوامير الحزب "بعد البدء في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وانجاز الدستور على كل تلك القيادات العسكرية مغادرة مواقعها فورا وإتاحة المجال لغيرها داخل مؤسسة الجيش.

هكذا كان يتم الحديث من قبل القيادات العسكرية لقيادات التجمع اليمني للإصلاح , لكن يبدو أن ذلك الحديث لم يرق العديد منهم وفي مقدمتهم الأستاذ عبدالوهاب الأنسي, الذي أعلنها مرارا , أنه مع أي تغييرات ستطال قادة الجيش الموالين للثورة , ولا يمانع حتى إن أقال الرئيس هادي اللواء محسن من منصبه (الحديث كان قبل الإطاحة بعلي محسن من منصبه) الذي يبدو أن الإصلاح بارك خطوات هادي وقراراته الحكيمة يومها .

يبدو أن الإستاد عبدالوهاب لم يتعلم جيدا من نجاح الثورات وسقوطها , ولم يفكر عن القوة الحقيقية التي أطاحت بصالح .

لم يكن ضجيج الشباب يقلق صالح ونظامه أيام 2011م بقدر ما كان يتحصن شباب الثورة بقيادات عسكرية انشقت بسلاحها وعتادها معهم .

نجاح الثورات وسقوطها يعتمد على الشخوص الفاعلين في المشهد العسكري أكثر من المشهد السياسي خاصة عالمنا العربي وتلك حقيقة مؤلمة , قد نتجاوزها بعد عقود من الزمن .

صمت اليدومي والآنسي عما حدث لقصقصة جناح الجيش الموالي لثورة , ومباركتهم لقرارات هادي , خطيئة لن يغفرها التاريخ ولن تنساها الأجيال التي ذاقت مر الذل وتشريد الحال وغربة الوطن وسهر الليالي في بطون الجبال والوديان بعدما فجرت بيوتهم أو باتوا ملاحقين من عصابات الثأر .

هادي بدأ في مخططه باكرأً , ومضى في سحق تلك القيادات وإبعادها عن مواقع القرار داخل مؤسسة الجيش , وكان يتوقع أن يعترض عملاق الثورة عبر جناحه السياسي– حزب الإصلاح - الذي كان يخشاه ويخشى هدير مظاهراته وعنفوان مسيراته التي أبهرت العالم بنقائها وصدقها, لكن "طيور الجنة " في قيادة الحزب ظلت تبارك خطوات الإمام الهادي .

ليس ذلك فقط .. لكن فخامته كان يجد صبيحة كل أصدر فيه قرارات جمهورية أطاحت بقيادات الجيش الموالي لثورة ,الابتسامات العريضة من قيادات الإصلاح, بل كان البعض يهمس ان تلك القرارات حكمة وشجاعة للمضي في هيكلة الجيش .

أبتسم الخبيث وعرف حقيقة خصومة الذين دفعوا به إلى منصب الرئاسة وظل يدافعون عنه طيلة السنوات الماضية , وعرف حقيقة تلك القيادات "الناعمة في تعاملها السياسي" .

تمادي هادي وبدأ عملية منظمة في الإطاحة بكل الرؤوس التي ضحت بمستقبلها السياسي والعسكري والشخصي من أجل الثورة , دون اي اعتراض من هوامير الحزب وقادة الثورة الشعبية في حزب الإصلاح .

من هنا ضرب الإصلاح وضرب جناحه السياسي , وتحولت قيادات الإصلاح يوما بعد يوم في نظر هادي إلى مجموعة من الدراويش يمكن "كنسهم من المشهد السياسي عبر ضربة معلم كما يقال " ولا ينقصه لتنفيذ تلك المهمة سوى بعض الوقت ومن سيدفع الأجر مقابل تلك الركلة ,خاصة في وجود رغبة دولية وإقليمية إلى نفيهم من المشهد السياسي , وهناك فعلا من يستعد أن يدفع بسخاء لتلك الركلة الهادويه .

ثورة الشباب والانتقال إلى كراسي الحكم والسلطة "الوهمية" أفرزت قيادات أدمنت رغد العيش وباتت تنظر إلى المستقبل بعيون الواثق المطمئن, وبات القوم في أعلى الهرم التنظيمي يبحثون عن أرطب الحلول وأهونها , فيميلوا إليها , تحت مبرر ما خير صلى الله علية وسلم في أمر إلا إختار أهونه , , تركوا عزائم الأمور وأنغمسوا في مداراة هادي والدول العشر , راقبوا من في الأرض , ولم يراقبوا من في السماء , علقوا أمالهم على صنم أجوف يدعى هادي, حملوا أحلامهم الوردية , وغاياتهم بكل هدوء ورزانة , وبات القوم يشعرون بأنهم أحكم حكماء اليمن , خاصة وقد أطاحت الثورات المضادة بكل أشقائهم من الإسلاميين في بلدان الربيع العربي في حين أنهم ظلوا في مسار الحوار الوطني واستحقاقاته التاريخية كما كان يردد البعض.

أعتقد أن الخطأ في مجال السياسية ليس كالخطأ في مجال الأخلاق , فالأول عواقبه على كل المحيطين به وكل من سار في فلكه, لكن الثاني فهو مرتبط بممارس الخطيئة وفاعلها فقط .

لن يتجاوز السالكون بر الأمان بذات العقول والشخوص , يجب أن نعترف أن هناك قصورا , وليس من العار تخلي القادة عن مناصب الرياده .

لو علم عمر بن الخطاب الذي عزل خالد بن الوليد من قيادة الجيش رغم كفائتة وحنكته , وحال المسلمين قد بلغ بهم مبلغا وبلغت قلوبهم الحناجر لسبب كان في نفس الفاروق, ورأي القوم اليوم على هذه الحال لقادهم بعصاته وأوجعهم ضربا بدرته , ولصرخ فيهم قائلا, أتعطون الدنية في دينكم ودنياكم , ورضيتم بالشاه والبعير , ووقعتم على السلم والشراكة , وأنتم تقادون إلى دار الرئاسة كما تقاد الإبل, لا تملكون قدرا ولا أمرا .

عمر.. سيصرخ في كل من حوله "متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار .. ثقوا أن الحرية لا تمنح ولكنها تنتزع إنتزاعا ..