جيش صالح ليس جيش اليمن
بقلم/ ريناد سلام
نشر منذ: 9 سنوات و 9 أشهر و 12 يوماً
السبت 14 فبراير-شباط 2015 10:13 ص
من جيش وطني مفرط الوطنية إلى جيش نظام مناطقي منزوع السياسة، أو أداة منفعلة للسياسة، وعملياً حرس بريتوري للطغيان. والنقطة المهمة هنا أن وصف نظام صالح بالعسكري غير صحيح. الصحيح، مؤقتاً، وصفه بالنظام الأمني أو المتمركز حول الوظيفة الأمنية، والقائم على أجهزة المخابرات وعلى وحدات عسكرية ذات وظيفة أمنية، شن بها 450 حملة على شعبه.
بنى صالح تشكيلات عسكرية وظيفتها أمنية، مثل حدات مكافحة الارهاب والحرس الجمهوري والقوات الخاصة، ورأّس عليها المقربين، ابناءه وأخوته ، فكان على الحرس ابناؤه وابناء اخوته، وعلى القوات الخاصة ابن اخيه.
الأجهزة الأمنية ترتبط مباشرة بالرئيس حصراً، وليس بأية سلطة مدنية، وليس لها أن تقيم صلات مستقلة فيما بينها أيضاً. الرئيس هو القائد الأعلى لأجهزة أمنية متنافسة، وهو وحده من تلتقي عنده المعلومات القادمة من هذه الأجهزة، والذي يطلع على الصورة الأكثر كمالاً لأي وضع بعينه. قادة الأجهزة أنفسهم يحوزون معلومات أقل شمولاً، أما عموم اليمنيين فهم موضوع المعلومات الأساسي.
هذه الأجهزة والتشكيلات كان لا بد من تمييز رؤسائها بعطايا وامتيازات مباشرة أو غير مباشرة، ومنها شراكات إجبارية مع وجهاء محليين، وكل على مقياسه: الكبار يشاركون الكبار والصغار يشاركون الصغار، أو تفتح لهم علاقة القوة التي بين النظام، ومكونه المناطقي بخاصة، وعموم السكان باب الابتزاز والرشوة. منطق السيطرة الأمنية الذي وضع البلد عملياً تحت الاحتلال، ووضع أدوات الاحتلال الأمنية في الموقع الأقوى للتحكم بالتفاعلات الاجتماعية، ومنها المبادلات الاقتصادية، وجعل منهم شريحة السادة التي تحظى بالثروة لكونها تملك السلطة
وعدا ما يقال عن أن ميزانية الجيش تستهلك نسبة عالية من الميزانية ، فالأرجح أن أكثرها يذهب إلى الأجهزة والتشكيلات ذات الوظائف الأمنية، فإن معظم دخل كبار رجال هذه الأجهزة ومتوسطيها وصغارها يأتي من ابتزاز قطاعات واسعة من السكان، وتحويل الدخل لمصلحة هذه الانكشارية الأمنية المرهوبة. وهذا ما يسوغ الكلام على استعمار داخلي، أو على علاقة استعمارية شكلت إطاراً لاستيلاء المفارز الصالحية المسلحة، الموزعة في كل أرجاء البلد، على موارد خاصة وعامة بالقوة، وتشكلت بالمحصلة طبقة جديدة، عمادها كبار رجالا ت النظام. جزء كبير من الميزانية يذهب رواتب لجنود وهميين بالآلاف وعمولات مشتريات وعقود يحصل عليها اركان الدولة الباطنة من الضباط مقربي الأسرة الصالحية وموثوقيها وشركائها.
لهذا كله لم يعد للوطن جيش، انه كان ولا يزال جيش صالح ، يجيره لمن يشاء، لايران او حتى لاسرائيل. ولا بد لاستعادة اليمن للشعب من التخلص منهما معا، و بناء جيش وطني جديد واع اساسه الخدمة العسكرية الالزامية لخريجي الثانوية والجامعات.