حزب الرشاد اليمني في ذكراه الرابعة
بقلم/ فتحي منجد
نشر منذ: 8 سنوات و 8 أشهر و 5 أيام
السبت 19 مارس - آذار 2016 01:45 م
بقلم : فتحي منجد
أحدثت ثورات الربيع العربي تحولاً كبيراً في المفاهيم والتصورات عند سلفيي الجمعيات والمؤسسات الخيرية في اليمن , نتج عنه صراعاً فكرياً مريراً انتهى باقتناع بعض الفصائل السلفية بضرورة المشاركة في العمل السياسي تحت ذرائع ومبررات شتى منها مزاحمة العلمانيين وعدم إخلاء الساحة لهم , ومحاولة تحكيم الشريعة من خلال العمل الديمقراطي والحزبي , وبعد مخاض عسير ظهر حزب الرشاد اليمني الذي تم اشهاره في منتصف مارس 2012م , وقد استطاع خلال فترة قياسية أن يبرز بقوة وأن يشارك في الحوار الوطني الشامل ويحصل على حقيبة وزارية ومازال حاضراً بقوة على المشهد السياسي اليمني , على الرغم من إحجام الكثير من الفصائل السلفية عن دعم الحزب أو الانضمام إليه ولعل هذا ما دعا الحزب إلى تغيير اسمه من اتحاد الرشاد السلفي إلى حزب الرشاد اليمني ليظهر أنه حزباً منفتحاً وليس خاصا بالسلفيين إلا أن هذه التسمية لم تغير من مسار الحزب شيئاً كون الشارع اليمني يعرف توجه الحزب وقياداته.
ولعل من أهم الأسباب التي ساعدت على بروز الحزب هي الحالة التي كانت تعيشها اليمن بعد سقوط نظام علي عبدالله صالح , ورغبة بعض الأطراف الداخلية والخارجية في إيجاد حزب إسلامي يكون منافساً لحزب الإصلاح صاحب العمق والتأثير الكبير على الساحة اليمنية ,ولعل هذا ما جعل المعهد الديمقراطي الأمريكي يصف الحزب كأبرز القوى الصاعدة على الساحة مقارنة بالأحزاب التي ظهرت بعد 2011م .
ومع مرور أربع سنوات من تاريخ تأسيسه الا أن الحزب لايزال يعاني من نقاط ضعف وتقابله عقبات ومشاكل كثيرة لعل أبرزها عدم قدرة الحزب على جمع شتات السلفيين والتنسيق بين فصائلهم الذي ظهر كالمتبني لقضاياهم ولعل أبرزها قضية دماج حيث حاول أن يظهر بالوجه الحقيقي للسلفيين سياسياً وإعلامياً أثناء مؤتمر الحوار الوطني .
ولم تقتصر نقطة الضعف عند هذا الحد بل تجاوزت ذلك إلى عجز الحزب عن المحافظة على كيانه بعد التأسيس حيث انسحب بعض قياداته في الأيام الأولى من تأسيسه بعد ظهور خلافات حول الهيئات العليا للحزب حول ما أسموه بمركزية الإدارة بالقرار, وأعلنوا عن البدء في تشكيل حزب السلم والتنمية الذي تدعمه قيادات ومشايخ جمعية الحكمة , وإن كان حزب السلم والتنمية لم يظهر كالحزب المنافس للرشاد .
وأما على مستوى الساحة الوطنية فلم يتمكن الحزب من اضافة شيئاً له بريق حيث يغلب على قياداته غياب الخبرة كونها انتقلت مباشرة من العمل الدعوي والخيري إلى العمل السياسي, وكذلك غياب المعايير والخطط الواضحة المبنية على أرقام، كما أن أهدافه يغلب عليها السطحية والمثالية ولعل أبرز مثال هو أن أهم أهداف الحزب "تطبيق الشريعة "، ثم نجد غياباً حقيقياً عن العمق والرؤية المتعلقة بكيفية هذا التطبيق وهذا انعكس على واقع الحزب فلم يُظهر جديداً في البرامج السياسية أو الإعلامية أو اللوائح التنظيمية الداخلية للحزب ولم يتح المجال للتغيير أو المنافسة, والأهم من ذلك أن مشاركات أعضاء الحزب في القضايا الهامة مثل مؤتمر الحوار ومؤتمر الرياض واللقاءات الكبيرة أقتصر على قيادات محددة لم يتم التناوب فيها , بالإضافة إلى أن الحزب حاول أن يضفي قداسة على قياداته بحكم أنهم من أهل العلم والفضل , وهذا سبب إفراطاً في الولاء للقادة , وبالتالي لم يُفتح المجال للنقد من الداخل, فضلاً على أن قيادات الفروع في المحافظات تم تعيينها بناءً على معايير غامضة دون اجراء انتخابات ولو شكلية كشأن بقية الأحزاب, وبعد إقالتها لم يتم إعادة انتخابها حتى الآن .
كما ظهر تناقض الحزب في مواقف أخرى كثيرة منها على سبيل المثال التعامل مع قضية المرأة على الرغم من وجود دائرة باسم دائرة المرأة, ومن الأمثلة الحية تجاه هذه المسألة تحديداً أن أحد قيادات الحزب العليا عند إعادة بث مقابلة له على قناة الحزب الرسمية "قناة يسر " كانت القناة تحجب صورة المرأة عن المشاهدين وكانت حديث المجالس حينها , كيف يحل للقيادي ما لا يحل للمشاهدين .
وللإنصاف فإن لحزب الرشاد جهوداً بارزة في مشواره القصير وكل ما نصبوا إليه أن يسعى لرأب الصدع في الوسط السلفي وليفسح المجال لجيل الشباب المفعم بالحيوية والنشاط , وأن يفعّل كل هيئاته كالهيئة القضائية والشرعية ومجلس الخبراء والتي قد تحدث تطوراً في أداء الحزب مستقبلاً .
ومهما يكن سيظل الحزب النموذج المتطور والمنفتح للتيارات والفصائل السلفية الأخرى حتى هذه اللحظة .
وما نريد تأكيده في الختام أننا في معرض النقد للأداء السياسي وليس لقيادات الحزب فهم من أهل العلم والفضل ولكن هناك فرق بين احترام العالم وتبجيله كعالم ومربي وبين نقد دوره السياسي كقيادي في حزب ما حيث يظل التقصير هو السمة البارزة في طبيعة البشر .