نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب أوتشا باليمن: نحو 10 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية #لا_لتطييف_التعليم.. حملة على مواقع التواصل الإجتماعي تكشف عبث الحوثي بالمناهج وقطاع التعليم حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة بشرط واحد عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين أول رد لتركيا بعد هجوم حوثي استهدف احدى سفنها
لم تكن مصادفة التزامن بين بيان المجلس الانتقالي الجنوبي وإعلان الحكومة (الشرعية) الذي وصفته بأنه موازنة للعام ٢٠١٨ في يوم واحد (الأحد ٢١ يناير)، ومن الواضح أن الطرفين دخلا في مرحلة جس نبض لقوة كل منهما وقدرته على تمرير مشروعه الخاص وتحقيق مبتغاه.
كان البيان الذي ألقاه رئيس المجلس الانتقالي اللواء عيدروس الزبيدي واضحا في مفرداته السياسية الحادة وتعبيرا لا لبس فيه عن انتقال في توجهاته ومخططاته ولم يترك مساحة للتأويل والتفسير ووضع سقفا مرتفعا في مواجهته مع الحكومة (الشرعية) التي وجه إليها كل مفردات النقد القاسي والاتهامات التي نالت من نزاهتها وقدراتها، وفي المقابل تقدم رئيس الحكومة ببيان غير مفصل وضع فيه رقمين (المصروفات والإيرادات) دون التطرق إلى مصادر التمويل وأبواب المصروفات والموارد النفطية (على شحتها)، فكان أقرب ما يكون إلى براءة ذمة لن تتمكن أي جهة من التحقق من دقتها ولا من متابعة أوجه صرفها، في ظل غياب كل مؤسسات الرقابة والمتابعة وتعثر قدرات البنك المركزي الذي كان بن دغر أحد أكبر المتحمسين لنقله إلى عدن لرغبة سياسية لم تكن ترتيبات تنفيذه اللوجستية جاهزة وما زالت.
المواجهة الحالية أثارت موجة من القلق عند المواطنين خاصة في مدينة عدن التي ما زالت أحداث يناير ١٩٨٦ حاضرة بقوة في ذاكرتهم، إذ إنها أعادت إلى السطح صراعات السلطة في ذلك العام وراح ضحيتها الآلاف من الأبرياء الذين قتل الكثير منهم بفرز جعل الحزب الاشتراكي الحاكم (الأممي حينها) يتحول إلى فصائل متناحرة ببعد قبلي شديد المناطقية، وقد تبدو مصادفة تدعو للتأمل أن الفريقين الجنوبيين المتضادين يقف على قمتهما قادة من المناطق التي انفجر بينها الصراع في ١٩٨٦، لكن الملاحظة الأهم هي غياب أي تعليق من أحزاب (الشرعية) التي يبدو أنها تفضل إبقاء الأزمة حكرا على الجنوبيين واعتبارها شأنا (داخليا) لا يخص بقية اليمنيين، وهو فاضح لانتهازية هذه الاحزاب وانعدام تأثيرها وقلة حيلتها.
المؤسف في الأمر أن كثيرا من القيادات التي أوجدتها الصدفة المحضة في موقع المسؤولية لظروف استثنائية جعلت المشهد غاية في الارتباك، لأنها لم تكن مؤهلة للتعامل مع الأوضاع التي تتطلب معايير مختلفة للاختيار، كما أن انعدام المحاسبة جعلهم يتعاملون مع الوظيفة العامة كحق مكتسب يمنحهم وسيلة لتأمين مستقبلهم دون مساءلة، خشية انتهاء الحرب وعودة الأمور إلى طبيعتها، وفي نفس الوقت فإن الانقلابيين في صنعاء يعيشون في نفس القلق، لأن الحرب بالنسبة لهم ليست أكثر من مورد للكسب والتسلط وترسيخ وهم أحقيتهم في الحكم اعتمادا على مبدأ الانتماء السلالي المذهبي، مستندا على القوة المفرطة والقمع.
هذا المشهد المثير للإحباط يدفع ثمنه اليمنيون البسطاء وضحايا الحرب الأبرياء الذين لم تعد الحياة تعني الكثير بالنسبة لهم، وفقدوا الثقة في كل نخبهم السياسية التي تدير المشهد، ويجب الاعتراف أن الذين يتضورون جوعا ويموت أطفالهم بالأمراض لا يعنيهم أسباب الصراع الدامي المدمر، ولا يهمهم شكل الحكم ومن يحكمهم ويرونها قضايا ترفيه متروكة للأحزاب والقيادات السياسية التي تزعم أنها تمثلهم وتعبر عنهم.
في وسط كل هذا الركام من الشعور بانعدام الثقة وقلة الحيلة وفقدان الأمل يعتقد بعض الناس أن تغيير المبعوث الأممي سيجلب معه آفاقاً جديدة للسلام، ولكن الواقع أكثر تعقيدا وتتحكم في مخرجاتها مصالح ضخمة تشكلها الحروب فتسيطر على مساراتها وتسعى القوى المسيطرة عليها أكثر، حرصا على استمرارها، ولعل في ممارسات الحوثيين في صنعاء دليل كاف لهذا، كما أن تجارا ارتبطوا بمسؤولين حكوميين وأقاربهم صارت كلمتهم هي النافذة في القرارات والتعيينات ويعينهم استمرار النزيف على الأرض اليمنية مهما بلغت الكلفة البشرية والأحزان والدماء.