نذر مواجهة أمريكية مع إيران؟
بقلم/ محمد كريشان
نشر منذ: 5 سنوات و 6 أشهر و 15 يوماً
الأربعاء 08 مايو 2019 01:08 ص
 

نادر جدا أن يخرج مثل هذا الكلام على لسان معلق أمريكي في أحد التلفزيونات الأمريكية في أعقاب ما صرح به مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون أن هناك مؤشرات واضحة على وجود تهديد إيراني وشيك ضد مصالح أمريكية في المنطقة استدعى إرسال حاملة الطائرات الضخمة «إبراهام لنكولن» إلى مياه الخليج الدولية.

يقول ريتشارد أنجل مراسل الشؤون الخارجية في تلفزيون «أن بي سي» الأمريكي إن الأمريكيين يواجهون حاليا على الأرجح «تهديدا غير محدد بشكل دقيق، وليس وشيكا بالشكل الذي تحدث عنه بولتون» متسائلا عن الهدف المحدد من وراء إرسال حاملة الطائرات هذه «هل هو للتعامل مع تهديد لا يبدو جديا بالشكل الذي صوره لنا مستشار الأمن القومي، أم لسبب آخر؟ وإذا كان هناك سبب آخر، فهل هو استفزاز إيران؟».

وبعد أن ذكـّــر هذا الصحافي الأمريكي أن «وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تحدث قبل فترة لوسائل إعلام أمريكية عن مؤامرة تحاك ضد بلاده، وهو ليس الشخص الوحيد الذي يقول ذلك إذ أن عددا كبيرا من خبراء السياسة الخارجية في واشنطن يرون أن ظريف كان مصيبا في طرحه هذا»، نراه يمضي إلى القول إن «هناك بنيامين نتنياهو وهناك محمد بن زايد وهناك محمد بن سلمان، وهؤلاء الثلاثة كلهم يدعون إلى تغيير النظام في إيران وإلى ممارسة الضغوط ضدها، وكلهم مقربون من الرئيس ترامب، وإذا ما أضفنا إليهم جون بولتون على رأس مجلس الأمن القومي، نكون إزاء صورة واضحة تدعم نظرية المؤامرة».

وفي النهاية يخلص أنجل إلى القول إن الإيرانيين على ما يبدو أدركوا أن «هناك فخا يجري العمل على نصبه لهم، فقرروا ألا يأكلوا الطعم، ولذلك قللوا من أهمية التحرك الأمريكي الحالي، ولم يصدر عنهم أي بيان ناري كما اعتادوا أن يفعلوا دائما، لأنهم فهموا أن الولايات المتحدة تسعى لافتعال مواجهة معهم».

إرسال واشنطن حاملة الطائرات العملاقة إلى مياه الخليج لا ينظر إليه في الولايات المتحدة كما ينظر إليه هذا الصحافي الذي يبدو مغردا خارج السرب عند استعراض بعض ما يقال هذه الأيام من قبل أغلب المعلقين الآخرين، فهذا مثلا جاك كيان مدير «معهد دراسات الحرب» ومحلل الشؤون الاستراتيجية لدى قناة «فوكس نيوز» يقول إن «إيران على ما يبدو تريد أن ترد على تصنيف الولايات المتحدة الحرس الثوري منظمة إرهابية وعلى إنهاء العمل بالإعفاءات التي مُنحت لبعض الدول من منع استيراد النفط الإيراني، ومن المرجح أن تكون قد استعدت للقيام بعمل ما ضد قواتنا بالمنطقة». أما زميله بنفس القناة ريان مورو محلل شؤون الأمن القومي الأمريكي فيرى أن «هناك من يعتقد أن إرسال الولايات المتحدة حاملة الطائرات إبراهام لنكولن إلى الخليج تصرف اعتيادي، لكنه في حقيقة الأمر ليس كذلك، لأن إرسال حاملة الطائرات المذكورة هو في حقيقته حركة مفاجئة ورد فعل إزاء تطور ما لا يعرف عنه الرأي العام شيئا».

ويدعم مورو تقديره هذا بالقول إن مسؤولين في واشنطن، اشترطوا عدم الإفصاح عن هوياتهم، ذكروا أن هناك مؤشرات استخبارية توحي أن إيران ووكلاءها يخططون لشن «هجوم من نوع ما على القوات الأمريكية»، معتبرا أنه من المحتمل أن تكون تلك المعلومات تم الحصول عليها من منشق إيراني ذلك أن بعض التقارير، حسب كلامه، «تحدثت عن وقوع انشقاقات بين مسؤولين كبار في الحرس الثوري الإيراني، وأن المنشقين كانت لديهم بعض الوثائق، وبالتالي من غير المستبعد أن تكون الوثائق لها علاقة بتلك المعلومات التي تصرفت الولايات المتحدة على أساسها».

وعلى غرار عدد من المحللين الأمريكيين ذكر مورو أنه في حال تعرضت بعض القواعد العسكرية والأهداف الأمريكية إلى هجمات ما خلال الأسابيع المقبلة ولم تثبت لها علاقة مباشرة بإيران، فهذا «لا يعني أن إيران ليست متورطة فيها، لأن البعض ينسى أن تنظيم القاعدة لديه فروع مزدهرة وقيادات داخل إيران، وأن النظام الإيراني يستخدمها كأدوات لتنفيذ مخططاته».

الملفت أن موضوع إرسال حاملة الطائرات حفّز أغلب المعلقين الأمريكيين، خاصة في المجالين العسكري والأمني، للإدلاء بآرائهم وبعضها يعكس ميولاتهم المسبقة سواء تجاه إيران أو تجاه سياسات ترامب بشكل عام، فيما يلتزم أغلب المسؤولين الأمريكيين الصمت أو الغموض المقصود تجاه هذا التطور ما عدا مستشار الأمن القومي جون بولتن المعروفة مواقفه من إيران.

ربما يكون الكلام الأكثر قربا من التوازن، بعيدا عن أي تهوين أو تهويل، هو ذلك الذي قاله مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق الجنرال مارك كيميت من أن «الولايات المتحدة الأمريكية ليست بصدد إعلان حرب ضد إيران، والهدف من التعزيزات الأمريكية في الخليج هو الردع، فقد تُقدِم إيران نتيجة لخطأ في الحسابات وتحت ضغط العقوبات، على تصرف غير محسوب وفي هذه الحالة نحن هناك للرد». إذن ليس أمام أبناء هذه المنطقة الساخنة من العالم سوى الانتظار وأيديهم على قلوبهم.