عدم الاعتراف بالقضية الجنوبية يعني العودة إلى ما قبل الوحدة
بقلم/ كاتب/رداد السلامي
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 9 أيام
الأحد 15 مارس - آذار 2009 06:36 ص

كان يفترض بالرئيس صالح أن لا يعرج في كلمته بمؤتمر نقابة الصحافيين أمس السبت عن الحديث عن القضية الجنوبية ، بصيغة لا إعترافية ، ولا تعبر عن احترافية سياسية في الحديث عن مثل تلك القضايا .

لا يضير الرجل لو أنه أعترف أن هناك قضية ، واعترف بها كواقع موجود ، كما لا يعني أن الاعتراف بها معناه العودة إلى ما قبل 22 مايو1990م، تلك هواجس سياسية لليس لها ما يبررها.

العكس صحيح ، عدم الاعتراف بقضية بهذا الحجم ، هو العودة إلى ما قبل 22مايو بحد ذاته ، وفي اعتقادي كيمني أن الإصرار على عدم الاعتراف بالقضية الجنوبية من قبل صالح ، أمر يتعلق بكون الرجل لا يريد الاعتراف بعيوب نظامه السياسي ، فالرجل لا يريد أن يقول أن الحرب وما أعقبها من أزمات تراكمت كمصادرة حقوق الآخر وإلغاء الناس من خارطة وجودهم المكاني حتى ، هي نتيجة سياسة نظامه واستفراده ، كما لا يريد أن يلزم نظامه ونافذيه ، إعادة حقوق الناس المادية والمطلبية والسياسية ، أي عدم الاعتراف بأنه انتزع شراكة وطنية واسعة ، أنتجتها وحدة 22 مايو ، وانتزعتها حرب 1994م.

التعامي عن الحقائق ، والقضايا الوطنية ، وتحقير وجودها ، واستصغارها ، لا يلغيها ، بل بداية لشر أكبر ربما ، هي موجودة ، والمكابرة على أنها ليست كذلك ، وأنها مجرد حركات مأزومين لا يقود بالمحصلة إلى نتيجة إيجابية ، وتشكيل رؤية حقيقية تشخيصية لها.

في ملتقى التشارو الوطني قلت في مداخلة لي تحت عنوان جذر الأزمة ك"تستمد القضية وطنيتها من خلال تعبيرها عن ذاتها بأرقى صور النضال ، فقد انتهجت منذ بروزها كنضال وليس كأنين صامت، منتصف مايو 2007م ،خطا نضاليا وسلميا راقيا ، ليعيد بذلك حملتها إلى الأذهان الاعتبار لدستور الوحدة الذي أقصي تماما ، لتقصى معه الشراكة الوطنية برمتها ، بعد حرب لم يكن فيها النصر حليفا لأحد ، فالخلل ليس في الوحدة ، والقضية وجودا لا يمكن تجاهله والتعامي عنه وتحقيره، فهي وجود يعبر عن خلل في شيء ما حقيقي وموجود ، كان سببا في جعلها تتنامى وتتراكم ، وترحل إلى أن تصبح بهذا الحجم تيارا غاضبا لن تثنيه بعدها إرادة القوة وتعمد السلطة تجاهلها وقمعها ومحاولة تشتيت حملتها، عملا لا يحل أزمة ولا يصلح وضعا بقدر ما يزيد من تأجيج صوت التجزؤ وتخليقه وهو ما تريده السلطة أصلا ، قد تكون رفعت شعارات تجاوزت في مضامينها مفهوم الوحدة اليمنية ، لكن ذلك لا يبرر القمع لمجرد أن شعار رفع ، لأن السلوك ظل سلميا ، والنضال كان وفق الدستور والقانون.

ولأن صالح يدرك أن نظامه السياسي ، هو جذر الأزمة ، ومحاولة التعامي عن ان نظامه هو السبب يعني محاولة منه تحميل الوحدة سبب ذلك ، أي انه يريد أن يقود الشعب إلى قناعة مفادها أن الخلل في الوحدة ، وهو ما يردده بعض الذين رفعوا شعارات تجزيئية في الحراك الجنوبي.

إمكانية تفويت أن الخلل في الوحدة ، هو عمل إيجابي يتطلب اعترافا ذاتيا من قبل النظام بان سياساته هي السبب ، ويؤدي إلى أن يمكنه من إنتاج حلولا حقيقية لها ، ليس أقلها إعادة الاعتبار لمضامين الوحدة ، وشروطها السياسية والدستورية التي قامت على أساسها .

القصد أن على نظام صالح أن يتصالح مع ذاته ، بجدية ، والتصالح مع الذات يبدأ بالاعتراف بأنه مكمن الخلل ، وأن السلوك الاقصائي في سياساته لن تنتج غير خيارات ضارة بالبلاد ووحدتها واستقرارها وأمنها ، هذه مسلمة من البديهية بحيث أنها لا تحتاج إلى إثبات.

كما ان عدم الاعتراف بأن هنا أزمة في صعده سقط فيها ما يقارب 12 ألف جمجمة كما سمعنا ، لا يلغي أن هناك أزمة ، وإذا كانت الحرب قد التهمت هذه الجماجم ، بقصد أن سبب تلك الحرب هو محاولة العودة إلى ما قبل الثورة كما قال ، فلماذا لا يسأل ذاته لماذا عاد الحنين إلى تلك الحقبة بعد 48 عاما من قيام الثورة..!