الحوثيون والقاعدة... إخوة في الإرهاب
بقلم/ علي العنزي
نشر منذ: 15 سنة و أسبوع و يومين
السبت 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 07:15 م

منذ بداية التمرد الحوثي في اليمن الشقيق، والعلاقة بين هذه الجماعة وتنظيم القاعدة تنمو وتتطور بشكل كبير، ظهرت نتائجها الأولى في حادثة الاعتداء الفاشل على مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، مما يعزز الاعتقاد بأن الهدف للتنظيمين مشترك تجاه اليمن والمملكة العربية السعودية، وهو زعزعة الاستقرار والأمن في البلدين، ومحاولة استغلال الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية لليمن الشقيق، في النفاذ إلى المملكة وزرع الفتنة والرعب بين مواطنيها بعد أن دحروا وفشلوا في مخططاتهم السابقة جميعها.

لقد بدأت العلاقة بين جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة منذ ظهور هذه الجماعة، على رغم اختلاف التوجهات العقائدية بينهما، ما يعزز الاعتقاد بأن الهدف للتنظيمين ليس مثلما يروجون له من إصلاح ديني، بل الهدف سياسي بحت، والبحث عن الاستيلاء على السلطة ومن ثم نشر الرعب والفوضى في المنطقة كلها، لا يستطيع أي عاقل أن يستوعب ادعاء الفريقين حرصهما على المصلحة العامة وعلى حياة الناس، فيما هم يستخدمون الأطفال كقذائف للتفجير في عملياتهم الانتحارية، وهو ما شاهدناه ورأيناه في جميع عملياتهم الانتحارية، سواء في المملكة أو في اليمن، فتشابه عملياتهم يؤكد ارتباطهم في التدريب والدعم اللوجستي، وإيواء جماعة الحوثيين لعناصر «القاعدة» في اليمن، وكذلك اختيار اليمن مقراً لقيادة تنظيم قاعدة الجزيرة العربية، ما يؤكد العلاقة بين الجماعة وتنظيم القاعدة.

لقد تبين منذ بداية عمليات القاعدة في المملكة العربية السعودية، أن لديها خططاً للتعاون مع أي جهة كانت في سبيل تحقيق أهدافها، وإلا ماذا نسمي تعاونها مع إيران واللجوء لها بعد تعرضها للقصف في أفغانستان، وسقوط نظام طالبان الذي كان يحميها، وتوجه الكثير من عناصرها وقيادتها إلى إيران العدو اللدود لطالبان، وأحد العناصر الأساسية التي ساعدت في سقوطها وهزيمتها أمام التحالف الغربي؟

إن اختيار القاعدة حدود المملكة الجنوبية للتسلل ونقطة انطلاق لعملياتها الإرهابية، كان بناء على جغرافية الحدود الجنوبية الوعرة، واستغلال وجود بعض القرى المتقاربة من بعضها البعض، والتداخل السكاني الذي جعل التقاء سكان البلدين شبه يومي، خصوصاً في بعض الأسواق على الحدود وتبادل السلع ومزاولة التجارة بينهم، وكذلك استغلال أماكن التمرد الحوثي الواقعة على الحدود قاعدة لهم للتدريب والتعاون بين الفئتين الضالتين، خصوصاً بعد انحسار نشاطها في العراق في السنوات الأخيرة. أعتقد أن المملكة يجب أن تعزز حدودها الجنوبية بالتنسيق مع الشقيقة اليمن لمنع استغلال الحدود والطبيعة الوعرة في عمليات القاعدة ومنع انتشار هذا التمرد واستغلال القاعدة له، بالتعاون الأمني بين البلدين وتضافر أجهزتهما الأمنية في هذا المجال، وتبادل المعلومات لإنهاء مشكلة التمرد الحوثي في اليمن، علماً بأنه المملكة لا زالت وستبقى تعتبر التمرد الحوثي شأناً يمنياً داخلياً من حيث التعامل معه وطريقة إنهائه، وتؤكد القيادة السعودية بشكل دائم على عدم التدخل في الشؤون اليمنية الداخلية، مع احتفاظها بحق الرد على أي اعتداء تتعرض له أراضيها.

يجب ألاّ تنجح إيران في اختراق الجزيرة العربية من الجنوب وزرعها شوكة في الخاصرة الجنوبية لها، من خلال سيطرة الحوثيين على أجزاء من محافظة صعده اليمنية وبعض المناطق الحدودية المتاخمة للمملكة، واستغلالهم في إثارة المشكلات للبلدين، كما يجب عدم السماح لها بتكرار استغلالها الأوضاع في المنطقة، كما استغلتها في العراق، ما يستدعي الحيطة والحذر مما يحاك لليمن. ويجب أن تكون من أولويات دول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية، الاستفادة من الدرس الذي تعرض له العرب في العراق من نكسة كبيرة بسبب الغزو الأميركي، واستغلال إيران لهذا الاحتلال بتعزيز نفوذها في هذا البلد العربي، والبدء في السيطرة السياسية عليه.

لا بد من الحذر من الأيدي الخفية التي تسلح الحوثيين، التي قد تكون إسرائيلية أو إيرانية، وتستخدم تجار السوق السوداء العالمية للسلاح، عن طريق دول القرن الأفريقي المجاورة سواء بالتسليح أو التدريب، علماً بأننا نعرف أهداف هذه الدول تجاه أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، واستغلالها القرصنة في الصومال لتكثيف الوجود العسكري لهذه الدول عن طريق إرسال قطع بحرية عسكرية لحماية سفنها من القرصنة، فيما تقوم هذه السفن بأعمال أخرى كتزويد تنظيم القاعدة والمتمردين الحوثيين في اليمن بالسلاح، أو نقل بعض عناصر هذه المنظمات من منطقة إلى أخرى. ما لم يعرفه الحوثيون وتنظيم القاعدة هو أن أمن واستقرار الخليج بشكل عام، والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، مطلب عربي وإسلامي ودولي، فكل الشعوب العربية والإسلامية والمجتمع الدولي لا يقبل أي عبث في استقرار وأمن دول المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، لمكانتها السياسية والاقتصادية والروحية في العالم، رسمياً وشعبياً. لذلك فإن ردود الفعل الشعبية والرسمية، العربية والإسلامية وحتى الدولية، كلها جاءت منددة مستنكرة لاعتداء هذه الشرذمة على حدود المملكة الجنوبية، وأعلنوا تأييدهم المطلق للإجراءات التي تتخذها المملكة لردع اعتدائهم الآثم.

إن القوة الحقيقية التي تملكها المملكة العربية السعودية في وجه أعدائها، هي قوة شعبها والتفافه حول قيادته القوية المؤمنة بالحق، وتمسكه بخياره السياسي، إضافة إلى القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تتمتع بها وتجعلها قادرة، ليس فقط على ردع أي اعتداء على أراضيها، بل سحق هذا الاعتداء وجعله عبرة لغيره، وهو ما أكده قائدها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقوله: «السعودية قوية وقادرة على ردع ودحر المعتدين»، معبراً فيه عن موقف المملكة تجاه ما يجري على حدودها الجنوبية، وأكد الموقف نفسه مساعد وزير الدفاع للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان من أن حدود المملكة وسيادتها لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال وذلك بقوله: «سيادتنا خط أحمر... سنقطع اليد الآثمة التي تمتد لها».

*أكاديمي سعودي.

نقلاً عن الحياة اللندنية