المعارضة اليمنية الحافية وخفي حُنين
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 14 سنة و 11 شهراً و يومين
الإثنين 21 ديسمبر-كانون الأول 2009 05:48 م

تعرفون جميعا المثل القائل :( عاد بخفي حُنين )وهو مثل يطلق على من لا يعود إلا بالخيبة والإخفاق ولا شيء غيرهما .

وللمثل قصة معروفة خلاصتها (( أن أعرابيا دخل في مساومة مضنية مع حنين ( الإسكافي ) لشراء خفين منه ولكن دون الوصول إلى نتيجة وقرر العودة إلى دياره بعد إن أغتاظ منه حنين ورفض بيعه الخف فخرج الأعرابي مغاضبا وقد أغلظ لحنين في القول .

سبق حنين الأعرابي من طريق مختصر ورمى أحد الخفين على قارعة الطريق ثم رمى الفردة الأخرى على مسافة منها ،فوجئ الأعرابي بالخف الأول على الأرض؛ فرفعه وعرف أنه الخف الذي أراد شراءه من حنين ولكن للأسف ماذا يفعل بفردة واحدة

فرماه على الأرض ومضى في طريقه، فعثر على الخف الآخر؛ فندم لأنه لم يأخذ الأول، وعاد ليأخذه، وترك راحلته ؛ فتسلل حنين وأخذها ، فلما عاد الأعرابي بالخفين لم يجد الراحلة، فرجع إلى قومه.

ولما سألوه: بماذا عدت من سفرك؟

أجاب: عدت بخفي حنين

لكن هذا الخطأ الذي وقع فيه الأعرابي لا يعتقد عاقل أنه من الممكن ان يكرره مرةً ثانية فيفقد راحلته ليعود بخفين فقط ، بل ربما لن يدخل الحيرة ( بلدة حنين ) مرة أخرى ..

لكن هذا كلام المنطق

أما الواقع فشيء أخر

وهذا الواقع غير مذكور في قصة المثل بل مذكور في حياتنا السياسية اليمنية ..

الأعرابي يذهب كل مرة إلى الحيرة ويقابل السيد حنين ويحاوره ويساومه ويحاول أن يتلطف له حتى لا يترك للخلاف منفذا لتتم عملية الشراء ويزيد في السعر الذي يطلبه حنين ولكن دون جدوى فحنين مزهو بما فعله بالأعرابي في المرة السابقة ويريد أن يكررها كل مرة …

وبسبب حرص الأعرابي على الخفين وإدراك حنين لذلك يفقد راحلته كل مرة ويعود لقومه بما عاد لهم به أول الأمر ...

هذه هي معارضتنا في اليمن التي لا يمر أسبوع إلا ونحن نقرأ عن حواراتها مع الحزب الحاكم ، ولكن النتيجة أنها تعود دائما بخفي حنين بعد أن تكون قد أضاعت راحلة الديمقراطية وراحلة القوم التي تحمل مطالبهم في توسيع المشاركة الشعبية ونزاهة الانتخابات وحرية الصحافة وراحلة الحراك الجنوبي ورواحل صعدة ورواحل اليمن كلها ..

البعض سيعتقد أن المعارضة قد استفادت من هذه الحوارات خلال السنين الماضية لكن شيئا من هذا لم يحدث ولم تتراكم خبرتها في التعامل مع الحزب الحاكم الذي أدمن على المراوغة وتجريد المعارضة من رواحلها وكل ما تراكم لدى هذه المعارضة هو أكوام من الأحذية ماركة حنين ولكن بمقاسات مختلفة وبجوده متباينة تختلف حسب ظروف المساومة التي تمت وحالة السوق، وإن كانت في أخر حواراتها مع حنين حول الانتخابات النيابية , لم تعد حتى بخفين بل جردها حنين حتى من نعالها وعادت حافية .

وفي كل مرة يعقد أعراب المعارضة مؤتمرا صحفيا يدينون فيه سلوك حنين وتعنته ومراوغته وسلبه إياهم رواحلهم .. ويصدرون بيانا شديدا يحذرون فيه الزبائن من التعامل معه ويدعونهم لمقاطعة بضائعه المغشوشة ، والتي يصيبها التلف سريعا ، رغم أسعارها الغالية ، ويكتبون المقالات التي تهاجم ( معرض حنين ) للأحذية .

بالمقابل فإن خبرة حنين تتراكم كل مرة فقد عرف زبونه الحافي وخبره وأدرك مداخل نفسه وولعه بالمساومة والتسوق، وعدم إجادته كيف يحافظ على الراحلة في مأمن وبعيدا عن متناوله بل عرف كيف يفقد الأعرابي إمكانية الرد على قومه حين يرجع اليهم ليقول لهم عدت " بخفي حنين " ليصبح رده لهم حين يتوجهون له بالسؤال

- بماذا عدت من سفرك ؟

فيجيب

لا شيء فقد جردني حنين من نعالي .

هذه المعرفة المتراكمة لدى حنين تدفعه الى أن يعلن بعد أيام عن تنزيلات هائلة وعن وصول ماركات جديدة وعروض مغرية من مثل ( اشتري فردة وأحصل على الثانية مجانا ) وعن تغيرات في إدارة المحل بإدارة جديدة لديها خبرة واسعة في خدمة الجمهور والتعامل مع الزبائن ..

فيهرع الأعرابي صوب المعرض مؤملا نفسه هذه المرة بالظفر والعودة براحلته وقد حملها الكثير من البضائع فيربط راحلته في أقرب عمود إنارة جوار قصر حنين أقصد ( حنين مول ) ويدخل للتسوق وبعد أوقات عصيبة وطويلة يقضيها في المساومة يخرج حافيا ويكمل طريقه مشيا على الأقدام فقد سرقت الراحلة كما هي العادة ..

وهكذا يستمر أعراب المعارضة في العودة من كل حوار يدخلونه مع حنين دون أن يستفيدوا شيء من فنون الحوار معه وحتى دون أن يعودوا بخفيه بل يعودوا حفاة كما ألفناهم ..

نحن بانتظار ردة فعلهم على إعلان حُنين عرض جديد

في هذا الموسم المتزامن مع بداية السنتين الميلادية والهجرية ..