الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب أوتشا باليمن: نحو 10 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية #لا_لتطييف_التعليم.. حملة على مواقع التواصل الإجتماعي تكشف عبث الحوثي بالمناهج وقطاع التعليم حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة بشرط واحد عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين أول رد لتركيا بعد هجوم حوثي استهدف احدى سفنها 49 فيتو أمريكي في مجلس الأمن ضد قرارات تخص الاحتلال مصادر تكشف عن قوات عسكرية في طريقها إلى اليمن
ثمة مشكلات وكوارث اجتماعية تحيط بمجتمعاتنا العربية والإسلامية ، جرتها إلينا حضارة الغرب وتقنياته التي لم تهتد بهدى الله ، وعلاها البغي والطغيان والعدوان والاستكبار ، بيد أنّ الأكثر كارثية هي تلك الحلول والمعالجات المعلبة التي تطرحها التيارات العلمانية أو تلك التيارات التي تحظى بعلاقات \"صداقة ومودة لا أكثر\" للغرب .
ومَثَل هذه المعالجات العلمانية ، وليعذرني الجميع لهذا المثل القبيح، ولكن أقبح منه ما تريده التيارات العلمانية بمجتمعاتنا وأخلاقها ودينها ، إن مثل هذه التيارات كمثل فتاة ظلت تعلمها أمها أهمية الحجاب والستر والحشمة وضرورة تغطية الوجه ، ومرة خرجت الفتاة من بيتها ، وفجأة قابلت رجلا ، فلم تجد ما تغطي به وجهها ، إلا إزارها ، فنزعته ، وغطت وجهها ، فسترت العورة المخففة وكشفت المغلظة!!!.
على أنني هنا أزعم أنّ التيارات العلمانية ومن سار في ركبها ، لا تتمتع بحسن النية أو البراءة، أو نقاء السريرة ، أو العفوية ، كما يظن البعض ، بل هذه التيارات إنما تجاهد بكل ما أوتيت من قوة لتفرض على شعوبنا ، التي طحنها الجوع والفاقة والاستبداد ، ثقافة اجتماعية وافدة من وراء البحار والمحيطات .
إنّ الأمر لا يحتاج إلى كبير أو كثير جهد لمعرفة هذه الحقيقة المرّة ، فتلك هي سنة الله في كل الأمم والشعوب والحضارات ، أن يوجد من أبنائها من يغيّر ويبدل جلده كل يوم كالحرباء ، أو الحية الرتقاء ، حسب الأجواء وهبوب الرياح والظروف والمصلحة .
لا غريب في الأمر إنما الغريب هو انجرار بعض الحكماء والعقلاء وبعض العلماء إلى بعض جزئيات هذه الثقافة من حيث لا يشعرون ، والأدهى والأمر أن تنسب بعض هذه الجزئيات إلى الشريعة السمحة .
أود هنا أن أعرج على بعض كوارثنا الفكرية التي تسببت فيما نحن فيه من مشكلات اجتماعية وأزمات واختناقات سياسية .
ففي الوقت الذي تتحدث فيه الإحصائيات عن ملايين النساء العوانس في الجزيرة العربية والخليج ، وملايين المطلقات والأرامل ، وما تعيشه المرأة العربية من ظلم وقهر بسبب القوانين القبلية والقوانين السياسية الاجتماعية الوافدة ، كحرمانها أو تعقيد زواجها ممن ترغب أو تحب ، لأنه مثلا ليس من وطنها ، ويلزم لزواجها به عشرات الإجراءات المعقدة ، ثم تأتي القوانين القبلية كوجوب تزويج البنت بأحد أقاربها ، على درجات معروفة معلومة لديهم ، فإن لم تجد فلا يجوز لها أن تتزوج إلا بأحد أفراد قبيلتها ، فإن لم تجد فمن أبناء مدينتها ، ثم تأتي بعد ذلك إجراءات الحفل والزفاف والأموال الباهضة التي تنفق ، على الأقارب والأهلين ، هذه الإجراءات المعقدة لا يتجاوزها في واقع الحال إلا الفدائيون أو الانتحاريون ، وقليل ما هم ، ثم قد تجد المسكينة زوجاً ، يقبل بتلك الشروط الجائرة من غلاء المهور والمكوس والشروط الباهضة التي ما أنزل الله بها من سلطان ، إن كان ذا ثراء فاحش ، أو ربما ظل طوال عمره رهينة لديون الزواج ، فيظل أسيراً للديون حتى يشب أبناؤه أو يشيخون ، وفي الغالب يتجه الميسورون في الجزيرة والخليج للزواج من البلدان خارج الجزيرة لأغراض مختلفة ، وهكذا ففي الغالب بل الأغلب الأعم بات الزواج في غاية من التعقيد والصعوبة ، الأمر الذي نجم عنه كل هذه الملايين من العوانس ، بفضل السياسة الاجتماعية الوافدة ، بالدرجة الأولى ، وبسبب الموروثات الجاهلية التي ما أنزل الله بها من سلطان .
وبدلاً من البحث عن أسباب تيسير الزواج نجد الكثير يتشدق بسن قوانين تحظر على المرأة الزواج إلا بعد سن ال 18 عاماً ، ولا يخفى ما في هذا من العنت الشديد والتحريم لما أحل الله، وما فيه من الظلم الفادح في حق المرأة والرجل، بالدرجة الأولى .
وبالطبع قولهم بتحديد هذه السن أي سن ال 18 ، بالذات ليس من فراغ بل لأن المنظمات الدولية تضغط على الأعراب الذين بيدهم القرار السياسي في أمتنا أن يسايروا الغرب في شئونه وأحواله الشاذة ، فاضطر الأعراب نتيجة هذه الضغوط ، أو نتيجة الهوى والمزاج الفاسد ، أن يركبوا ، موجة الغرب المدمرة .
ما احتج به بعض المشايخ وفقهم الله ، كالشيخ د./ محمد النجيمي عضو المجمع الفقهي بمكة المكرمة ، والنائب الشيخ / شوقي القاضي ، وغيرهم من القول بجواز تحديد سن الزواج ، واستدلالهم لذلك بقوله تعالى : {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ }النساء6 ، وبعض الأدلة الأخرى ، التي جمعوها ، لا نجد فيها أي دلالة على تحديد سن الزواج ب 18 عاما ، بل قصارى ما فيها تحديد الزواج بسن البلوغ ، وسن البلوغ يعلم الجميع أنه يختلف من بيئة إلى أخرى ، فقد يبلغ أو تبلغ الفتاة في 13 أو 14 عاما ، وتحديد سن الزواج بالبلوغ هو ما ذكره فقهاء الإسلام ، لما لا يخفى من وقوع أضرار نفسية واجتماعية من الزواج قبل سن البلوغ ، وبالتالي لا نجد دليلا واحداً من الشريعة السمحة ، ونتحدى أن يوجد دليل شرعي واحد ، يحدد سن الزواج بالثامنة عشرة عاما، إلا اللهم الاستئناس بالقوانين الغربية أو القوانين المستوردة من وراء البحار والمحيطات ، والتي لا تناسب أوضاعنا الاجتماعية بحال.
أيها الشيوخ ، إن الشارع الحكيم لم يكن عاجزا أن يحدد سناً معينة للزواج ، ب 15 ، أو 16 ، 17 ، أو 18 ، عاماً بل ترك الخيار للأحوال والظروف الشخصية ، فتأمل إلى عدل ربك ورحمته بعباده ، وأنظر بعين الشفقة والرأفة إلى أولئك الذين يلوون أعناق النصوص الشرعية ، لهوى أو مزاج فاسد ، أو قصور في الفهم ، وسبّح معي بكمال علم ربك وحكمته جل في علاه.
ثم أنظر رحمك الله إلى ما يحيق بالملايين من المسلمين والمسلمات من جراء هذه الاستنباطات الغير واقعية ، والمعالجات التي تصطدم مع واقع الدين والشريعة والحياة ، وانظر إلى الظلم الفادح والجرم الكاسح ، وقل معي لا حول ولا قوة إلا بالله.
أيها الشيوخ ، بين أيديكم عشرات الأمثلة من أوضاعنا الاجتماعية المضطربة بل الملتهبة ، لو أمعنا النظر في أسبابها ومسباباتها ، لرأينا أنها تعود في الأغلب الأعم إلى الحلول المستوردة ، على غرار منع تزويج الفتاة البالغة حتى تصل سن الثامنة عشرة ، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل .