فضائية (سهيل) .. كبديل أسوأ
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 23 يوماً
الأحد 04 إبريل-نيسان 2010 12:13 ص

بدايةً: أؤكد أن فضائية سهيل هي قناة خاصة ولا تتبع حزب الإصلاح حتى وإن كانت إدارتها وطاقمها في غالبيتهم منتمين له.

والموضوعية والمنطق دائماً يفرضان علينا تقييم أي حزب أو مؤسسة أو جهة من خلال مؤسساته/ها أو الوسائل الإعلامية الناطقة باسمه/ها أو مسئوليه/ها المخولين بالحديث كناطقين والبيانات والبلاغات والوثائق الصادرة عنه/ها.

ورغم انتمائي الإصلاحي, أؤكد أني صحفي أولاً ثم تأتي بقية الانتماءات, وقد أضطر لخلع قميص الحزب لأجل المهنة, وليس العكس, للبقاء في صف الحق والموضوعية والمصداقية, وهو ما لم أجد تعارضاً بينه وبين انتمائي الحزبي حتى الآن على الأقل.

فقط, وبسبب انتمائي الحزبي هذا أجد الكثيرين من الوسط الإصلاحي ذاته يجلدونني بتذمرهم والتعبير عن إحباطهم وخيبة أملهم من فضائية (سهيل) التي اعتقدوا أنها ستكون البديل الأفضل للإعلام الرسمي وانتظروها سنوات كحلم ثم كفكرة وكمشروع أعلن وقناة ببث تجريبي قبل تدشينها رسمياً.

أتعرض للجلد هذا وأتلقى اللوم والعتاب كإعلامي ظهر وعُرف وأشتهر بانتمائه للإصلاح, وأقف أمامهم عاجزاً عن التوضيح أو الدفاع عن آخرين (إدارة القناة).

فأنا الآخر متذمر ومحبط ومصاب بخيبة أمل من البديل الذي انتظرناه طويلاً, ليس الإصلاحيين فقط, بل مئات الآلاف من اليمنيين داخل الوطن وخارجه الذين ملوا من إعلام النظام وخُطب (الزعيم) وتوجيهات (الفندم) وتصريحات وتنظيرات (موظفيه).

أتلقى كل ذلك في صنعاء وتعز وعدن وكثير من المحافظات التي أزورها, أو الاتصالات التي تصلني ممن أعرفهم فيها, بل حتى المغتربين في المملكة الذين ألتقيتهم في صنعاء وتعز, أو آخرين ألتقيتهم في بلدان قليلة زرتها خلال الأشهر الأخيرة.

طبعاً, ما دفعني للكتابة هو قد يكون ثأرا شخصيا وأعترف بذلك, تسبب به مقال ناقد كتبته في رمضان المنصرم حينما منعت الحكومة الكويتية بث القناة من داخل بلدها تلبية لطلب يمني.

وبالتأكيد ما زلت عند موقفي وما احتواه مقالي ذاك, فكيمنيين نريد قناة تكون بمثابة مرآة لليمن شعباً ووطناً تعكس ثقافته وفنونه وتكشف (دماميله) وأوجاعه وهمومه وأوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والثقافية والفنية وتستخدم كل فنون وألوان العمل الصحفي التلفزيوني.

وأكرر أننا لسنا بحاجة لقناة دينية خالصة؛ لأن ديننا الإسلامي الحنيف أشمل من (القوقعة) التي حصرناه فيها, والمشروع الإصلاحي هو مشروع حضاري وواقعي متميز وكبير وليس بالصورة المصغرة الذي عكسته قناة سهيل.

فالإصلاح اليوم يقود مشروعاً وطنياً كبيراً من خلال اللقاء المشترك وحضوره, لا يتنكر للدين بالتأكيد, لكنه يستمد منه الحياة والقوة للانطلاق والإنقاذ وممارسة مقصود الخلافة في الأرض.

مشكلة القناة كإدارة, مع احترامي للأشخاص الذين منهم أصدقاء وزملاء وإخوة عزيزين علي, هي في الاعتقاد أنها (أتت بما لم يأتِ به الأوائل) ووصلت حد الكمال.

لقد صدقت ومن منحها الثقة – للأسف الشديد- أن حاملي الألقاب الأكاديمية سيصنعون إعلاماً تلفزيونياً - أو حتى المطبوع - يحقق حضوراً شعبياً عبره يتيسر توجيه رسالة هادفة والتوعية والتوجيه وتعبد الله بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر مكافحة الفساد (ليس الأخلاقي فقط) والانتصار للمظلومين في مواجهة الظلمة وحماية الحقوق والحريات وأيضاً بما يعكس اليمن وشعبها سلباً وإيجاباً.

ولنفتش معاً في ملفات قناة الجزيرة عن حجم حملة الدكتوراه والماجستير (خاصة في مجال الإعلام) الذين أسسوها والذين يقودون ركبها الناجح حتى اليوم, فرغم قلتهم, لكنهم أيضاً ممن احترفوا العمل الصحفي والإعلامي في أكبر المؤسسات الإعلامية الغربية كالـ BBC , على عكس أصحابنا من الدكاترة والماجستيرات الذين لا يتقن غالبيتهم تحرير خبر أو تحقيق أو إعداد برنامج و يفتقدون للوعي السياسي واستيعاب الوضع الاجتماعي و..و....و..إلخ.

والحقيقة أن ثأري الشخصي لا يرتبط بالمهنية والقدرات والمهارات المفقودة في أداء القناة حتى اليوم فقط, لكن بتكرار ذات النفوس المريضة التي نعاني منعها في (إعلام الرئيس وموظفيه), فبسبب مقالي, وخلال تغطية القناة لندوتين كنت متحدثاً فيهما أصرت نفوس مريضة وقلوب ضيقة على التعامل معها بطريقة ليست مهنية وموضوعية فقط, بل لا تتفق مع رحابة الصدر وتقبل الرأي والنقد المعلن عنها في القناة مع تدشين بثها التجريبي.

ففي الندوتين, وإحداهما طلب مني مندوب القناة تسجيل تصريح خاص كباحث رئيسي في موضوع الندوة, لكن عند بث التغطية ظهر المتحدثين والحاضرين والضيوف– ماعدا خصم القناة –, بل تعرضت صورتي للإقصاء تماماً كشأن إعلام الرئيس في إقصائه لشركاء الوحدة, طبعاً مع الفرق الكبير في حجم الشخصيات وأهمية الأحداث للمثالين, لكن العبرة في عقلية الإقصاء وإلغاء الآخر والخصم.

وأعتقد - ورأيي قد يكون قاصراً – أن اليمنيين عموماً والإصلاحيين والمعارضة وأنصارها خصوصاً, لم يكونوا ينتظروا قناة تتوزع ساعات بثها برامج للخطباء بعد إقصاء بعضهم من المساجد, ففي قنوات متخصصة كالرسالة واقرأ والفجر وغيرها الكثير مما هو الأفضل بحكم ليس حرفيتها فقط, ولكن أيضاً إمكانياتها المادية والبشرية.

ولذلك أرثي لحال مالك فضائية (سهيل) الذي قال أحد الخبثاء إن (شطارته) في التجارة والسياسة افتقدها تماماً في مشروع الفضائية, حيث نرى أموالاً تُهدر بسبب غياب التخطيط المدروس والواقعي والافتقاد للحرفية والمهنية وعدم الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والتقنيات المتوفرة بصورة متكاملة تصب جميعها في صناعة إعلام هادف ومنافس وجاذب يؤسس لفضائية تحقق حضوراً شعبياً في الداخل والخارج, وليس نخبوياً أستهدف جمهوراً بعينه, هو ذاته لم يجد فيها سوى خيبة الأمل و(البديل الأسوأ).