الحركة الاسلامية ..بين سيف قتيبة بن مسلم واصبع محمد بن واسع
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 14 سنة و 7 أشهر و 14 يوماً
السبت 10 إبريل-نيسان 2010 05:49 م

الإخوان المسلمون كبرى الجماعات الإسلامية في العالم ,, الجماعة المؤهلة بجدارة لإقامة الدولة الإسلامية وإعادة منهاج الخلافة المفقود .. وذلك ليس كلاما عاطفيا .. ولكنه كلام نابع من رؤية منطقية وقراءة حقيقية.. وفقا للمقومات التي تتمتع بها هذه الجماعة .. من منهاج علمي وعملي واضح وشامل لجوانب الحياة .. وخطط مستمرة ومتجددة توافق تحديات العصر ومتطلباته .. ومؤهلات علمية في شتى المجالات و نوابغ في مختلف العلوم والتخصصات .. وقد نجحت بعض أجنحتهم بدول أخرى في تسيير شئون الدولة بجدارة واستحقاق , بينما تسير بقية الجماعات على خطاهم ووفق وسائلهم برغم إنكارهم ورفضهم ذلك ولكن الحقيقة أنهم عالة عليهم في مجال العمل الإسلامي والفقه الدعوي فإذا ما وضعوا قدما على الطريق كان الإخوان قد سبقوهم بمئات الخطى .. وهو الاسم الذي عرفت به في مصر والأردن بينما تنوعت المسميات في بقية الأقطار العديدة المنتشرة في أنحاء العالم ..

في مقال سابق بعنوان : (الحركة الإسلامية في اليمن ( التجمع اليمني للإصلاح ) إلى متى ؟) كانت خاتمة المقال تساؤلا : (( فتصبر دائما ولا تتمنى الشر وتسأل الله العافية مواصلة العمل السلمي السليم وتربي شبابها وأبنائها الغيورين المتحمسين للمواجهة على هذه الصفات المجيدة والأخلاق الحميدة ولكن .. إلى متى ؟! )) واليوم أبداء من حيث انتهيت .. عسى ألا يظل تساؤلا لوقت طويل ...

( وأعدوا ) شعار الحركة الإسلامية ( الإخوان المسلمين) في نسختها العالمية وهو موضوع يحتاج وقفة جادة أمامه .. ( وأعدوا ) إلى متى سيطول هذا الإعداد ؟هل هو محدد بسقف زمني ؟ فبعد أكثر من سبعين عاما على تأسيسها إلى أين وصل هذه الأمر؟ هل وصل إلى مرحلة القدرة على التغيير الفعلي وانتزاع الحقوق من فم الطغاة ؟ هل وصل إلى الحد الذي يمنع العدو من النيل منهم والزج بهم في السجون والمعتقلات مجددا ؟ لا أظن ذلك !! فما زال شريط الأخبار يوميا يتحدث مع كل صباح عن القبض على العشرات منهم في مصر .. وهم في تونس وسوريا وغيرها حدث ولا حرج .. وفي السودان على تخوف يحكمون .. وفي اليمن بين البين يتراوحون.. لا هم بالذين قاموا بتلك الخطوة الجريئة التي ستبين حجمهم الفعلي في الميدان ولا بالذين تفرغوا تماما للدعوة لبناء جيل جديد لا يضيع في سراديب سياسية .. فإلى متى ستظل الحركة تتلقى الصفعات والويلات .. وتطأطئ برأسها بأعذار وحجج واهيات ؟ وان كانت أحيانا منطقية كالحفاظ على منجزاتها وأبنائها .. إلا أنها قد تؤدي إلى وهن وتفلت في الصف التنظيمي للحركة وتؤدي إلى لين وتراخي في التماسك وربما إلى تفكك وشروخ من جراء طول المدة وبعد المسافات وعدم وضوح الرؤية في حسم مسائل عالقة لا تحتمل التأرجح ومسك العصا من الوسط تحت مسمى فقه الموازنات , كما أنها تنسى سنة الله في الأرض أن لا تمكين إلا بشهداء ولا نصر إلا بدماء .. وان الشعار الذي نردده :( الموت في سبيل الله أسمى أمانينا ) لا بد أن يتحقق على ارض الواقع .. فحين نقرأ قصص الرجال العظماء وسير الأوفياء وندرسها في مناهجنا وحلقاتنا العلمية .. حتما سنراه يوما حقيقة عملية ؟! .. فأين وصل مستوى الإعداد له ؟! متى ينتهي حلم اليقظة ليأتي صدق الواقع بأي شكل كان ..ورديا أو كابوسيا ..

وما عرفت الحركة قوتها وتماسكها إلا في رحم المعاناة والمحن .. في سجون عبد الناصر وحافظ والتونسي بن علي وغيرهم .. فلماذا تغرس في أبنائها أنها خطوات خاطئة قاموا بها وأنها استعجال في غير محله .. وكأنما لن يصيبنا مكروه لو ظللنا ندور في فلك الموازنات ورهبة المواجهة وعقدة من سبقنا .. وما بلغت أوج مجدها إلا في بطولات كابول والبوسنة وما سطره التاريخ في فلسطين من أساطير العزة أم أن حماس كذلك أخطأت واستعجلت بمواجهة إسرائيل وطرد عباس من غزة ! فتكون النتيجة أننا نزيد الجيل القادم تثاقلا إلى الأرض وحبا في حياة الظل ودائرة السكون .. كيف سنعرف صدقنا إن لم نبتلى بتجربة حقيقية .. كيف سنتيقن من ثباتنا وتشبهنا بسعد وخالد إن لم نقدم الروح تضحية واقعية .. إن لم يتحقق الابتلاء فكيف كنا سنحب حسن البنا .. كيف كنا سنفخر مع سيد قطب ونتمنى حياته واستشهاده .. كيف كنا سنسمو مع عبد الله عزام وجهاده .. كيف سنحوز المعادلة الصعبة السهلة ( سيف قتيبة وأصبع بن واسع ) .. تقوست الظهور من الكراسي وتصلبت المفاصل من المجالس والإحتباء .. فلا نامت أعين الجبناء!

وأعدوا .. ولكن إلى متى ؟ حتى تتآكل الحركة .. أو حتى يأخذ الراية منها من لا يقيم دولة إسلامية صحيحة .. أم حتى يقوم عليهم طاغية من جديد بالقتل والتنكيل وتأخير المسيرة سنينا عديدة .. وقد نجحت الخطوة الجريئة في فلسطين الحبيبة ونجحت المناورات اللطيفة في تركيا العظيمة .. فأثمر الإعداد ثمرته .. فإلى متى سيطول عند البقية ؟ فقد انقضى الليل وشارفت شمس النهار على المغيب تساؤل يحتاج إجابة بدون الاستشهادات المألوفة .. فاللقاء قادم لا محالة .. ولا يذهب الورم الخبيث حبة أسبرين .. فهل شعار ( واعدوا ) بعد هذه السنين الطويلة والتجارب الحسنة والمريرة فعال حقيقة لهذا اليوم .. أم نحن في حاجة لمحنة جديدة تنتج عنها فئات أخرى تعيد قراءة ( معالم على الطريق ) برؤية عصرية .. كتائب القسام نجحت في فلسطين فهل هناك ضرورة لإنشاء أخواتها في المعمورة ؟ الأقصى يستنجد وصنعاء تستصرخ والقاهرة تتوسل ودمشق تتسأل بألم : أين صلاح الدين وأين المعتصم ؟! وليس هذا الكلام تحريضا لفتنة ولا تحضيرا لثورة ولا خروجا عن منهج الأحبة ولكنه التساؤل الذي يعتمل ويتردد في صدور الشباب أبادر بالبوح به انطلاقا من التجرد والتضحية وبثبات على السمع والطاعة وتمسك قوي بركني الأخوة والثقة .. ولنا في عمر ( رضي الله عنه ) قدوة في حياتنا : ( علام نأخذ الدنية في ديننا ) وكما قلت سابقا (( نحن للحاكم المسلم العادل وزراء ونعم الرعية )) ولكننا نتمنى ألا يضطرنا الطغاة بظلمهم وجبروتهم إلى غير ذلك !

وحينما يتحول الإعداد إلى عمل حتما ستشرق شمس الصباح يوما .. بيضاء نقية كإشراق صبح ليلة القدر ... وسترفرف على العالم راية موحدة .. مصحف يحيط به سيفان وبأسفلها عبارة جديدة ( واعتصموا ) ...