آخر الاخبار
البيان في الرد على شمسان
بقلم/ حارث الشوكاني
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 26 يوماً
الأحد 26 سبتمبر-أيلول 2010 07:48 م

طالعت مقال الأخ حسن شمسان الذي إنتقد فيه مقالي الذي كتب بعنوان (من هم آل البيت ولمن الولاية في القرآن) وتعجبت من إقحام الأخ حسن لنفسه في علوم الشريعة وواضح من مقاله أنه لا يملك الحد الأدنى من الفهم الشرعي الذي يؤهله لفهم مقالي فضلاً عن الرد عليه وصدق الإمام محمد بن علي الشوكاني بقوله:

يا ناقداً لمقال ليس يفهمه

من ليس يفهم قل لي كيف ينتقد

وقد وجدت في مقاله الكثير من الحماسة والخروج عن اللياقة في عباراته ولكنني لن أهبط إلى مستواه لأن كل أناء بالذي فيه ينضح وهناك مثل صيني يقول (الأواني الفارغة لها ضجيج) وهناك حكمة تقول (لا تضع حكمتك في أذني جاهل)، وصدق الشاعر القائل:

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني

أو كنت أجهل ما تقول عذلتك

لكن جهلت مقالتي فعذلتني

وعلمت أنك جاهل فعذرتك

وسأرد عليه رداً موضوعياً بأن أدلل على كل كلمة إنتقدها في مقالي بآية قرآنية جلية لتفنيد كل الشبهات التي أثارها على النحو التالي:

يقول شمسان في مقاله: (أما الرسالة الأولى فهي إلى الموقع المتميز والرائد الذي لا يكذب أهله (مأرب برس) ومفاد رسالتي إليه هي لا تعدو أن تكون تنويها مفاده أن في مقال الشوكاني عبارة كانت كافية لرفض نشر المقال في موقعكم المتميز ولا أدري كيف فاتكم ذلك وهذه العبارة التي تقول أو يقول فيها كاتب المقال: "وبسبب هذا الخلاف إنقسم العالم إلى ميدان للصراع السياسي بين الله والشيطان"

إن طبيعة الصراع أخوتي تقتضي وجود أرضية للصراع ووجود فريقين متصارعين كل منهم يملك القوة نفسها، وما عدا ذلك فلا يمكن أن يكون صراع؛ بل استسلام فريق لآخر، وهو ما يسمى –خطئا- الآن بالصراع العربي الإسرائيلي إذ هو – بتصوري - ليس صراع بل خنوع الأول للثاني؛ إذ إن مقتضى هذه العبارة يفهم بأن الكاتب جعل الشيطان ندا لله يصارعه، ولا نفهم منها غير ذلك وقد كانت هذه العبارة لوحدها تكفي لعدم نشر المقال وتكفي لأن يشطب بعد نشره).

أقول من الواضح أن نقده للمقال في هذه الفقرة من مقاله قد تركز على عبارة في المقال وهي: (وبسبب هذا الخلاف إنقسم العالم إلى ميدان للصراع السياسي بين الله والشيطان) وقد إنتقد في هذه العبارة إستخدامي كلمة صراع بين الله والشيطان واعتبر كلمة صراع غير لائقة لأنها تعني أن الشيطان بهذا التعبير قد وضع في موضع الند لله

فالملاحظ عليك إبتداء عدم مناقشتك للموضوع المطروح في سياق هذه العبارة وإنما إنتقادك أسلوب التعبير الذي إستخدمته في العبارة نفسها مما يدلل أنك لم تقرأ الموضوع قراءة موضوعية وإنما قرأت المقال بنفسية متحاملة رافضة لموضوع المقال إبتداء وهذا بحد ذاته دليل يقدح في موضوعيتك من جهة كما أن إنتقادك لأسلوب التعبير في جملة معينة وعدم تناولك للموضوع المطروح دليل على سطحيتك في النقد لأن علماء الأصول يقولون العبرة بالمعاني لا بالمباني ولا مشاحة في الألفاظ

وطالما إنصبت ملاحظتك على أسلوب التعبير الذي إستخدمته في هذه الجملة فسأبين لك بأدلة قرآنية صريحة الدلالة أن كل عبارة إستخدمتها في هذه الجملة لها أصل شرعي وسأرد عليك من عدة زوايا على النحو التالي:

أولاً:

أول عبارة أوردتها في الجملة محل إنتقادك هي إنقسام العالم والدليل القرآني المؤكد لإنقسام العالم إلى قسمين ما ورد بصريح القرآن عن إنقسامه إلى حزبين حزب الله وحزب الشيطان:

- قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }المائدة56، فصريح هذه الآية يدل على أن هناك حزب يسمى حزب الله والدلالة الأخرى في الآية هي الربط بين حزب الله وموضوع سياسي وهو الولاية لله ورسوله وللمؤمنين بما يؤكد المشكلة السياسية التي أشرت إليها في الخلاف بين الله والشيطان حول خلافة آدم.

- وقوله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ }المجادلة19، وصريح هذه الآية دل على وجود الحزب المقابل لحزب الله وهو حزب الشيطان بما يؤكد بأدلة قرآنية قطعية إنقسام العالم إلى قسمين حزب الله وحزب الشيطان والذي يؤكد ويعزز أن طبيعة الصراع بين الحزبين مرتبط بأمر سياسي إلى جوار الدليل السالف قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً }الكهف50، فقوله تعالى: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي) دليل قرآني أن مدار الصراع بين الحزبين هو الولاية وهو موضوع سياسي، وقوله تعالى: (وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) أي رفضوا خلافة آدم ونبيه وفسروا الدين تفسيراً عنصرياً إستكبارياً لأن الشيطان جعل من مادة غوايته وهي الخلاف على خلافة آدم باشتراط الأفضلية العنصرية للخلافة إلى جوار العلم جعل من مادة غوايته هذه مادة غواية للآخرين بقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ }الحجر39، فمدخل شيطان الجن إلى شياطين الإنس هو التفسير العنصري للولاية والخلافة وبهذا أكون قد دللت دلالة قاطعة على إنقسام العالم إلى ميدان للصراع السياسي بين حزبين (حزب الله – وحزب الشيطان)

وحزب الشيطان هم الذين يحصرون الولاية والخلافة في نسب وعنصر معين ولا يؤمنون بالحقوق المتساوية لكافة بني آدم.

ثانياً:

أما رفضك إستخدامي لكلمة الصراع بين حزب الله وحزب الشيطان (بين الله والشيطان) فسأورد لك أدلة من القرآن تؤكد صحة إستخدامي لهذا المصطلح لغوياً بما يؤكد عدم فهمك لقواعد اللغة ولا بالدلالات اللغوية للمصطلحات القرآنية.

فأقول في هذا الموضوع كلمة صراع في اللغة كوسيلة تقتضي المغالبة والمصارعة بين فريقين أو حزبين بحيث يكون لأحدهما الغلبة وللآخر الخسارة كنتيجة بما يمكننا معه القول أن العلاقة بين الصراع والغلبة والخسارة هي كالعلاقة بين الوسيلة والنتيجة، فنحن بحسب قواعد اللغة لا يمكننا أن نقول: حارث تغلب على حسن وحسن خسر أمام حارث إلا إذا دخلوا في صراع .. صراع السنان أو صراع اللسان والحجة، صراع العضلات أو صراع العقول، إذاً فمقتضى الغلبة المغالبة أي الصراع ومقتضى الصراع الغلبة أو الخسران.

 وفي هذا السياق لنتدبر قوله تعالى {فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}المائدة56، فصريح هذه الآية الذي يشير إلى تغلب حزب الله كنتيجة دليل على وجود الصراع مع حزب الشيطان كوسيلة، وقوله تعالى {أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ }المجادلة19، تأكيد قطعي على وجود الصراع بين حزب الله وحزب الشيطان وبأن نتيجة الصراع بين الله والشيطان وبين حزب الله وحزب الشيطان تؤدي إلى خسارة الشيطان وحزبه كوعد من الله.

ويتعزز هذا الفهم بقوله تعالى {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}المجادلة21، بما يؤكد أن الوعد الإلهي بالغلبة لله ورسوله وعد لا يتخلف.

ولكن بالمقابل لا يعني هذا أن الشيطان وحزبه لا يملك أي تأثير على العالم أو إذا إستخدمنا التعبير السياسي (ميزان قوى) بدليل قوله تعالى في سياق الحديث عن الشيطان {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ }يس62، فصريح هذه الآية يؤكد بدلالة قطعية أن للشيطان وحزبه تأثير خطير بدليل هذا التعبير القرآني الصارخ (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً) ولم تقل الآية جبلاً قليلاً.

فهل أدركت الآن أنك تجهل قواعد اللغة وأصول الشريعة ونصوصها وقواعد التفسير وضوابطه.

ثالثاً:

أما قولك بأن مقتضى الصراع بين الله والشيطان بين حزب الله وحزب الشيطان يقتضي القول بندية الشيطان له وهذا التعبير غير لائق.

فأنا أؤكد لك مجدداً بأن القرآن بصريح آياته قد أكد أن هناك أنداد لله وعلى رأسهم الشيطان وعدم إدراكك لهذه المصطلحات القرآنية التي يفهمها أي قارئ للقرآن دليل أكيد على هجرك للقرآن وعدم تلاوتك له في صغرك وكبرك لخلو هذه المصطلحات القرآنية من ذاكرتك.

والدليل القرآني على أن مصطلح الند والأنداد موجود في القرآن هو قوله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}البقرة22، وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ }البقرة165، ويبدو أنك واحد من هؤلاء الذين إتخذوا من دون الله أنداداً حيث تحب بني هاشم كحب الله أو أشد حباً مصدقاً الشعار الذي رفعه دعاة العنصرية (حب آل البيت) وصدق الله العظيم القائل في سياق المستكبرين على الطريقة الشيطانية الذين يخدعون المستضعفين {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً}سبأ33.

وإذا كان هذا المصطلح القرآني (ند) و (أنداد) يطلق على كل ما يعبد من دون الله بشكل عام إلا أنها وردت في الشيطان بصورة خاصة بصريح القرآن في قوله تعالى (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ{60} وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ{61} وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ{62}) يس، فصريح هذه الآية قد رفع ندية الشيطان لله إلى درجة الندية في الربوبية بدليل النهي عن عبادته، فهل أدركت الآن أنك تهرف بما لا تعرف وأنك لا تعرف أبسط قواعد اللغة العربية، ولم يتضح جهلك بالشريعة الإسلامية فحسب بل إتضح أنك لا تقرأ القرآن حتى في المواسم كما يفعل البعض بدليل عدم حضور المصطلحات البديهية الواردة في القرآن كعبادة الشيطان واتخاذ أنداداً من دون الله.

بقي أن أوضح لك حقيقة هامة وهي من البديهيات هذه الحقيقة هي (أن القوة لله جميعاً) وبالتالي فعندما نقول أن هناك صراع بين حزب الله وحزب الشيطان وبين الله وبين الشيطان لا يعني هذا أن هذا الصراع خارج عن مشيئة الله بل شاءت مشيئته أن يمنح الإنس والجن حرية إختيار ، وبموجب حرية الإختيار هذه إستحقوا الجزاء الحسن بالجنة إذا سلكوا طريق الهداية والجزاء السيئ في النار إن سلكوا طريق الضلال، وبالتالي على هذه القاعدة (حرية الإختيار) طلب الشيطان من الله أن ينظره (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{79} قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ{80}) فرحمة الله ومشيئته شاءت أن يكون لبني آدم وللجن مشيئة (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) وعلى قاعدة حرية الإختيار في القرآن (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا{7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا{8}) شاءت المشيئة الإلهية القبول بالرأي والرأي الآخر حتى ولو كان رأي الشيطان نفسه ومن هذه الزاوية مما يعاب عليك في مقالك إلى جهلك باللغة والشريعة مطالبتك بعدم نشر مقالي هذا في موقع مأرب برس والمطالبة بشطبه بما يؤكد لنا وجود صفات إضافية سلبية وهي الروح العدوانية التي لا تقبل بالرأي والرأي الآخر وكان يفترض فيك كصحفي أن تتعلم أول ما تتعلم مبدأ الحرية والقبول بالرأي المخالف لأن الإبداع في العلوم والمعارف والمناشط الحياتية مرهون بمبدأ الحرية فلا حضارات ولا إنجازات في أجواء القمع والإرهاب لكن القائمين على الموقع أدركوا من أول وهلة مدى جهالتك في المقال لأنهم يميزون الغث من السمين بسهولة والدليل هو الشهرة لهذا الموقع وحجم الزائرين له.

رابعاً:

أما قولي بأن الإمامة والولاية والخلافة من أصول الدين فهناك الكثير من الأدلة القرآنية في هذا الأمر لكن المقام لا يتسع وسأكتفي بإيراد دليل قاطع وهو أن العلماء متفقون على أن للدين أصولاً وفروعاً وأن الخلاف في الفروع مما يجوز الإختلاف فيه ولا ينبني عليه كفر وخروج عن الإسلام أما القضايا الأصولية فلا ينبغي الخلاف فيها ويكفر مخالفها، ولذلك قال العلماء (من أنكر معلوماً من الدين بالضرورة فهو كافر).

والذي يؤكد أن موضوع الخلافة والولاية في القرآن من أصول الدين طرح قصة الخلاف بين الله والشيطان على خلافة آدم بهذا الحجم في القرآن، وتكفير الله للشيطان من أجل هذا الموضوع (خلافة آدم)، فهذا دليل قطعي على أن الخلافة من أصول الدين ولو لم تكن كذلك لما إستحق الشيطان التكفير ولما تحول من رئيس للملائكة إلى شيطان بسبب هذا الموضوع.

خامساً :

وأما قولك بأننا نصلي على محمد وآله في كل صلاة فأقول لك عندما نقول في الصلاة على الآل (اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)، ليس المقصود بالصلاة على الآل هنا الصلاة على آله بني هاشم وإنما الصلاة على آله أتباعه من المؤمنين والدليل القطعي من القرآن في هذا الصدد هو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً{41} وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً{42} هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً{43}) الأحزاب.

فالآية بصريح مدلولها وجهت الخطاب فقالت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ولم تقل يا بني هاشم .. هل أدركت الآن مدى جهلك بالقرآن وأنك تهرف بما لا تعرف وعلى الرغم أن هذه الآية السالفة تكفيك إلا أنني سأزيدك فأقول:

لو إفترضنا أن المقصود بآل محمد هم بني هاشم فإن المقصود بآل إبراهيم هم بني إسرائيل ومعنى هذا أن هذه الصلاة أخرجت المؤمنين الموحدين وهؤلاء المؤمنين المساكين يلهجون بالدعاء ليلاً ونهاراً لبني هاشم برّهم وفاجرهم ولبني إسرائيل المغضوب عليهم بصريح القرآن، وقد جاءت الآية القرآنية {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ }آل عمران68، في سياق الرد على بني إسرائيل المدعين أنهم آل إبراهيم وبموجب هذا النسب زعموا أنهم أولياء لله من دون الناس فجاء القرآن وقرر أن الآل هم الأتباع وسحب البساط العنصري من تحت أقدام اليهود وجعل آل محمد وآل إبراهيم هم المؤمنون، وأنت مصمم على تقديم البساط العنصري تحت أقدام الزاعمين أنهم آل بيته نسباً وطيناً لا إيماناً وديناً.

كما أن الآية التي سبقت قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً }الأحزاب41، جاءت لتنفي وجود أبوة لمحمد (ص) أبوة طينية وتثبت أبوته الدينية بقوله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الأحزاب40، فصريح هذه الآية نفى أبوة محمد لأحد وهذا معلوم لأن كل أولاده الذكور ماتوا وبالتالي فالقائلين أنهم آل محمد بالنسب مخطئين لأنهم أبناء علي وليسوا أبناء محمد وإن كانت أمهم فاطمة لأن النسب عند العرب يكون للأب وليس للأم وليس هناك من ينسب الأصل للأم إلا اليهود وبني هاشم.

وليس هناك من يفسر الدين تفسيراً عنصرياً على طريقة الشيطان إلا اليهود الزاعمين أنهم آل إبراهيم والشيعة الزاعمين أنهم آل محمد، وليس هناك من يرتب على النسب حقوق سياسية بادعاء أن لهم الولاية إلا اليهود: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }الجمعة6.

ومعلوم أن كل مذاهب الشيعة يعتبرون أن بني هاشم أولياء لله من دون الناس بحصر الولاية العامة في الإمام علي وأولاده ، وصدق الشاعر القائل:

حصروا الإمامة في علي معشر

هم لليهود أحق بالإلحاق

جهلاً كما حصر اليهود ضلالة

إرث النبوة في بني إسحاق

سادساً:

أما إنتقادك لي عندما أوضحت بأن إبليس كان مؤمناً بالله وأن مشكلته لم تأتي من هذه الزاوية وإنما في رفضه وتمرده على الله في موضوع خلافة آدم فسياق القرآن في كل الآيات الواردة في هذا الموضوع واضح بأن إبليس كان مؤمناً وليس ذلك فحسب بل رئيساً للملائكة وأن كفره ومروقه إرتبط برفضه للقرار الإلهي بتعيين آدم خليفة في الأرض، فإيمان إبليس بالله كان سابقاً وكفره جاء لاحقاً بسبب موضوع الخلافة.

كما أنني أردت بهذا بيان ما قرره القرآن بأن هناك من المنافقين وشياطين الإنس ملاحدة لا يؤمنون بوجود الله أما شيطان الجن فهو يؤمن بوجود الله (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، وأقرأ معي قوله تعالى في وصف المنافقين وشياطين الإنس (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ{8} يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ{9} فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ{10}) البقرة.

فصريح هذه الآية يؤكد أن المنافقين الذين إخترقوا الإسلام من داخله ملاحدة لا يؤمنون باليوم الآخر ولا بالله وهؤلاء هم الملاحدة الذين يقولون بقدم العالم وقد وصفهم القرآن بالدهريين في قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }الجاثية24، وهؤلاء المنافقين وصفهم القرآن بالشياطين وبإختراق المسلمين في قوله تعالى: (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ{14} اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ{15}) البقرة.

وقد وصف القرآن هؤلاء المنافقين الشياطين الذين نهجوا نهج شيطان الجن في تأويل الإسلام تأويلاً عنصرياً بأنهم يخدعون المؤمنين (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا).

وإلى معنى الخداع والنفاق هذا أشار علماء اليمن وأحرارها في وصفهم للأئمة الذين حكموا اليمن كذباً وخداعاً باسم الدين بقول القاضي عبد الرحمن الإرياني رئيس اليمن سابقاً:

يا ابن همدان أنت بلغت لكن

خادعونا وأظهروا الإستكانة

خادعونا بالله بالرسل بالقرآن

بالزهد بالتقى بالديانه

بعد ألف من السنين رأينا

قولك الحق واضحاً في الإبانة

قم تجد أمة فروها بأظفار

حداد وجرعوها الإهانة

قم تجد شعبك الكريم لديغاً

وعلى عنقه ترى ثعبانه

ليس في الدين سيد ومسود

فاقرأوه وحققوا قرآنه

إن دين الإسلام دين التساوي

ليس فيه تعاظم واستهانة

لا تقولوا سيدي لشخص

ومن ينطق بها فاقطعوا بحد لسانه

قد خلقتم يا قوم في الكون

أحراراًً ولستم للهاشمي أقيانه

وبكم لا بغيركم أيد الدين

وكنتم مصقوله وسنانه

وبإقدامكم توطد في الدنيا

وكنتم في فتحه فرسانه

إنما السيد الإله وكل الناس

حقاً عياله في مكانه

آل قحطان مجدكم لم يضاهى

لم جهلتم يا آل قحطان شأنه

إن تاريخ مجدكم صفحة الدهر

به دون غيره مزدانه

قد سبقتم إلى الحضارة في العالم

من قبل أن يرى إيوانه (إشارة إلى الأصل الفارسي للأئمة)

منكم مجد آشور

ومنكم إهرام أرض الكنانة

فانبشوا أرضكم ففيها تراث

رائع صنع أمة فنانة

ثابت لا يناله طول عهد

خالد فنه سيبلى زمانه

غدر الضيف بالمضيف وسل

السيف ليلاً معربداً بالخيانة

آل قحطان آن أن يوثق المجرم

هذا ويودع الزنزانة

إن تاريخكم رهيب مليء

بالمآسي فيه تحار الإبانة

ألف عام وأنتم في متاهات

خضم جهلتم شيطانه

كما يقول عالم اليمن وشاعرها أبو الأحرار الشهيد الزبيري في وصف الإمام يحيى حميد الدين الذي يتظاهر بالإسلام ويبطن النفاق في قصيدته بعنوان (في محراب الإمام يحيى) :-

أيها الظالم الذي يتباهى

أنه إبن الوحي أو سبط طه

تشهد الناس يركعون حواليك

دهوراً ويخفضون الجباها

تتوخى بأن تكون شريك الله

فيهم أو أن تكون الله

وإذا جئت للمصلى رأيناك

نفاقاً موحداً أواها

إن تكن أنت مؤمناً بإله

فلماذا تكون أنت الله

وأختم هذا المقال بفتوى الإمام محمد بن علي الشوكاني في الرافضة الذين تظاهروا بالإسلام وطعنوا فيه من داخله حيث طعنوا في القرآن الكريم وقالوا بتحريفه وتبديله وطعنوا في السنة النبوية وطعنوا في عرض رسول الله (ص) بالطعن في نسائه (أمهات المؤمنين) وطعنوا في الصحابة وكفروهم وهم الذين نقلوا إلينا القرآن والسنة فماذا سيقول أعداء الإسلام من خارجه أكثر من هؤلاء الذين طعنوا في الإسلام وهم يلبسون لبوسه.

يقول الإمام الشوكاني في كتابه (أدب الطلب): (( لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه في مذهبه ويدين بغير الرفض بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصه تلوح له ، لأنه عنده مباح الدم والمال وكل ما يظهره من المودة فهو تقية يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصه ، وقد جرّبنا هذا تجريباً كثيراً فلم نجد رافضياً يخلص المودة لغير رافضي وإن آثره بجميع ما يملكه ، ولم نجد في مذهب من المذاهب المبتدعة ولا غيرها ما نجده عند هؤلاء من العداوة لمن خالفهم ، ثم لم نجد عند أحد ما نجد عندهم من التجرّي على شتم الأعراض المحترمة ، فإنه يلعن أقبح اللعن ويسب أفضع السب كل من تجري بينه وبينه أدنى خصومه وأحقر جدال وأقل إختلاف ، ولعل سبب هذا والله أعلم أنهم لما تجرأوا على سب السلف الصالح هان عليهم سب من عداهم ، ولا جرم فكل شديد ذنب يهون ما دونه ، وقد يقع بعض شياطينهم في علي كرم الله وجهة حرداً عليه وغضباً له حيث ترك حقه ، بل قد يبلغ بعض ملاعنيهم إلى ثلب العرض الشريف النبوي صانه الله قائلاً أنه كان عليه الإيضاح للناس وكشف أمر الخلافة ومن الأقدم فيها والأحق بها .

وأما تسرّع هذه الطائفة إلى الكذب وإقدامهم عليه والتهاون بأمره فقد بلغ من سلفهم وخلفهم إلى حد الكذب على الله وعلى رسوله وعلى كتابه وعلى صالحي أمته ووقع منهم في ذلك ما يقشعر له الجلد ، وناهيك بقوم بلغ الخذلان لغلاتهم إلى إنكار بعض كتاب الله وتحريف البعض الآخر وإنكار سنة رسول الله (ص) ، وجاوز ذلك جماعة من زنادقتهم إلى إعتقاد الألوهية في ملوكهم بل في شيوخ بلدانهم ، ولا غرو فأصل هذا المظهر الرافضي مظهر إلحاد وزندقة ، جعله من أراد كياد الإسلام ستراً له فأظهر التشيع والمحبة لآل رسول الله (ص) إستجذاباً لقلوب الناس لأن هذا أمر يرغب فيه كل مسلم وقصداً للتغرير عليهم ، ثم أظهر للناس أنه لن يتم القيام بحق القرابة إلا بترك حق الصحابة ثم جاوز ذلك إلى إخراجهم وصانهم الله عن سبيل المؤمنين ، ومعظم ما يقصده بهذا هو الطعن على الشريعة وإبطالها ، لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم هم الذين روو للمسلمين علم الشريعة من الكتاب والسنة .

فإذا تم لهذا الزنديق باطناً الرافضي ظاهراً القدح في الصحابة وتكفيرهم والحكم عليهم بالردّة بطلت الشريعة بأسرها لأنهم حملتها الراوون لها عن الرسول (ص) ، فهذا هو العلّة الغائية لهم ، وجميع ما يتظهرون به من التشيع كذب وزور ، ومن لم يفهم هذا فهو حقيق بأن يتهم نفسه ويلوم تقصيره ، ولهذا تجدهم إذا تمكنوا وصارت لهم دولة يتظاهرون بهذا ويدعون الناس إليه ، كما وقع من القرامطة والباطنية والإسماعيلية ومن نحى نحوهم ، فإنهم لمّا تمكنوا أظهروا صريح الكفر والزندقة وفعلوا تلك الأفاعيل من الإستهتار بمحارم الله وما عظّمه كنقلهم للحجر الأسود من الحرم إلى الهجر وكقول رئيس القرامطة اللعين لمّا سفك دماء الحجاج بالبيت الحرام وفعل به من المنكرات ما هو معروف:

ولو كان هذا البيت لله ربنا

لصب علينا النار من فوقنا صبا

لأن حججنا حجة جاهلية

محللة لم تبق شرقاً ولا غربا

ثم قال لمن بقي في الحرم سالماً من القتل : يا حَمِير أنتم تقولون ( ومن دخله كان آمناً ) وقد كان أول هذه النحلة القرمطية ، التظهر بمحبة أهل البيت والتوجع لهم والعداوة لأعدائهم ثم إنتهى أمرهم إلى مثل هذا .

وهكذا الباطنية فإن مذهبهم الذي يتظهرون به ويبدونه للناس هو التشيع ولا يزال شياطينهم ينقلون من دخل معهم فيه من رتبة إلى رتبة حتى يوقفوه على باب الكفر وصراح الزندقة.

وبالجملة فإذا رأيت رجلاً قد إنتهى به الرفض إلى ذم السلف الصالح والوقيعة فيهم وإن كان ينتمي إلى غير مذهب الإمامية فلا تشك في أنه مثلهم فيما قدّمنا لك ، وجرّب هذا إن كنت ممن يفهم فقد جرّبناه وجرّبه من قبلنا فلم يجدوا رجلاً رافضياً يتنـزه عن شيء من محرمات الدين كائناً ما كان ولا تغتر بالظواهر فإن الرجل قد يترك المعصية في الملأ ويكون أعفّ الناس عنها في الظاهر وهو إذا أمكنته فرصة إنتهزها إنتهاز من لا يخاف ناراً ولا يرجو جنة .

وقد رأيت من كان منهم مؤذناً ملازماً للجماعات فانكشف سارقاً ، وآخر كان يؤم الناس في بعض مساجد صنعاء وله سمت حسن وهدى عجيب وملازمة للطاعة وكنت أُكثر التعجب منه كيف يكون مثله رافضياً ثم سمعت بعد ذلك عنه بأمور تقشعرّ لها الجلود وترجف منها القلوب ، وكان لي صديق يكثر المجالسة لي والوصول إلي وفيه رفض يسير وهو متنـزه عن كل محظور ثم ما زال ذلك يزيد به لأسباب حتى صار يصنف في مثالب جماعة من الصحابة ، ثم صار يمزّق أعراض جماعة من أحياء أهل العلم والأموات وينسبهم إلى النصب بمجرّد كونهم لا يوافقونه على رفضة . ثم صار يتصل به جماعة ويأخذون عنه من الرفض ما لا يتظاهر بمثله أهل هذه الديار وكنت أعرف منه في مبادئ أمره صلابة وعفّة فقلت : إذا كان ولا بد من رافضي عفيف فهذا ، ثم سمعت عنه بفواقر . نسأل الله الستر والسلامة)).

وفي الحلقة القادمة بإذنه تعالى سأرد على عبدالله الشامي مفنداً للأدلة التي إستشهد بها دليلاً دليلاً ومبيناً هشاشة رده حيث هرب من مناقشة كافة الأدلة القرآنية التي أوردتها وإستشهد بأحاديث من السنة سأبين معانيها.

والله الهادي إلى سواء السبيل.

*مسئول التخطيط السياسي سابقاً في التجمع اليمني للإصلاح