حاشد والحوثيون بناء مجتمع "الإخاء" عبر إباحة الدم والمال والحال!
بقلم/ سامي الكاف
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 6 أيام
الإثنين 11 أكتوبر-تشرين الأول 2010 05:34 م

على الرغم من أن رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح قال في خطابه السنوي الأخير بمناسبة "الوحدة" أنه يعمل على "ترسيخ السلام وإعادة الإعمار في محافظة صعدة ومواصلة السير قدماً بجهود الإصلاحات المالية والاقتصادية وبما يحقق كافة الأهداف المنشودة"؛ ثمة من يعتقد ان حرباً سابعة ستندلع قريباً بين الدولة والحوثيين؛ فاتفاق الدوحة الأخير ما زال حتى الآن ينتظر من يقوم بتطبيقه على الأرض، لكن على هذه الأخيرة تتفاقم الأمور بل وراحت تتعقد على نحو جلي يوماً وراء أخر.

لاحظوا أنه في حين كانت تجري مفاوضات عقد اتفاق بين الدولة والحوثيين في قطر، كان الحوثيون والقبائل في الوقت ذاته يخوضون معارك طاحنة في منطقة حوث بمحافظة عمران، وحسبما يرى عدد من المتابعين فان ذلك يأتي في إطار السيطرة التدريجية للحوثيين على مناطق الصراع ومحاولة كسب أراض جديدة.

لكن تذكروا جيداً أنه قبل اندلاع الحرب في نسختها الأولى كان الحوثيون مجرد مجموعة صغيرة ليس لها أي سيطرة على بقعة ما في صعدة؛ والآن تتحدث تقارير على أن الحوثيين يسيطرون على نحو ثلاث محافظات دفعة واحدة..!

من قال أن الأمور تبقى على حالها دائماً..؟ حسناً.. ان مثل هذا الطرح ببساطة: مستحيل.

يقول نائف حسان الذي زار صعدة أخيراً أن "الحوثيين يسيطرون اليوم على قُرابة 90 في المئة من محافظة صعدة وحرف سفيان، ومديريات في الجوف، وهذه مناطق لم يعد بإمكان السلطة دخولها".

ولقد قال شيوخ قبائل في صعدة وعمران في تقرير نشرته "الخليج" كتبه صادق ناشر أن المتمردين الحوثيين "لم يظهروا أي تجاوب مع مبادرات الدولة أو القبائل لإنهاء العنف ونزع السلاح وتطبيع الأوضاع بصعدة وحرف سفيان، ويشيرون إلى أنه في الوقت الذي سافر ممثلوهم إلى الدوحة للمشاركة في الحوار مع ممثلي الحكومة، كان أتباعهم في صعدة وحرف سفيان يواصلون انتهاكاتهم واعتداءاتهم على الناس والعساكر والقبائل".

لكن هل سأل أحدكم لماذا تتنامى شعبية الحوثيين في عدد من المحافظات في ظل التأكيد على أن الحوثيين "يواصلون انتهاكاتهم واعتداءاتهم على الناس والعساكر والقبائل"..؟

الشيخ ربيع العكيمي- الذي ينتمي إلى قبيلة (دهم) التي تعد واحدة من أشرس القبائل اليمنية- يقول لـ"مأرب برس" أخيراً أن "أهم الأسباب التي أدت إلى تنامي النفوذ الحوثي في محافظة الجوف وغيرها من المحافظات التي سيطر عليها الحوثيون هو استعانة الدولة بالضعفاء في إدارة حكم الناس، وعندما يكون المحافظ أو الوزير ضعيفاً فإنه لن يعيّن تحت مسئوليته إلا أضعف منه وهكذا حتى تصل إلى أصغر مسئولية، وغاب مسمى الدولة في حياة الناس، حتى أنها لا تكاد تذكر"..!

والآن هل سأل أحدكم ماذا يفعل هؤلاء الحوثيون في هذه المحافظات غير حكاية "مواصلة انتهاكاتهم واعتداءاتهم على الناس والعساكر والقبائل"؛ فمن غير الطبيعي أن تقوم جهة ما بمثل هذه السلوكيات، ومع ذلك تتنامى شعبيتهم.. أليس كذلك؟

حسناً.. يرى العكيمي أن الحوثيين "قاموا بتنفيذ عدد من المسؤوليات التي هي أصلاً من مهام الدولة لكنها غابت أو تناست القيام بذلك الدور طيلة سنوات الثورة حتى اليوم.. كإقامة الحدود، وملاحقة اللصوص وتأديب ممارسي التصرفات اللا أخلاقية"؛ بل وصل الأمر - طبق معلومات- إلى حد أن قام عبدالملك الحوثي بمنع التدخين في صفوف أتباعه..!

من الواضح أن الحوثيين يريدون اقامة دولة خاصة بهم؛ فمن غير المعقول وسط كل هذه التداعيات يمكن الحديث عن (معنى ما) له علاقة بما يدور على الأرض له ارتباط بالشعار الذي رفعوه مبتدأ الأمر في العام 2004م منادين فيه بـ"الموت لأمريكا والموت لاسرائيل". سيبدو الأمر أقرب إلى العبط منه إلى الهزل خصوصاً في ظل التعاطي على أن الولايات المتحدة الأميركية إنما تنظر إلى ما يقوم به الحوثيون ضد الدولة اليمنية على أساس أنه شأن داخلي أكثر منه صراعاً إقليمياً يجتذب أطرافاً أخرى..!

يقول د. سمير العبدلي "أن الولايات المتحدة الأميركية عبّرت أكثر من مرة على لسان متحدثها الرسمي في البيت الأبيض والخارجية الأميركية على ضرورة حل المشكلة من خلال الحوار، وأنه لا تدخلات خارجية مؤثرة إيرانية في الصراع الدائر، بل إن ساسة الولايات المتحدة الأميركية والغرب يعتقدون أن الحروب الحوثية الست التي اشتعلت وهدأت تخدم بشكل مباشر توسع نشاطات وتمدد تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية واليمن والذي تعتبره واشنطن مصدر التهديد والإرهاب الرئيسي لهم، وبالتالي فإن الولايات المتحدة الأميركية والغرب مع ضرورة إعمال الحوار والاحتواء لجماعة الحوثيين بإدماجهم في العملية السياسية، وضرورة تنمية مناطقهم، وإطلاق حرية التعبير عن معتقداتهم في إطار الحريات العامة".

غير أن قبيلة حاشد ترى عبر حسين الأحمر أن الحوثيين "يجب استئصالهم" وذلك في اللقاء القبلي الكبير الذي تم عقده أخيراً لمشائخ وأعيان وأبناء قبيلة حاشد الذي احتضنته مدرسة السلام بمدينة خمر، محافظة عمران. لقد دعا حسين الأحمر كافة مشائخ وأبناء القبيلة إلى الوقوف في وجه المد الحوثي الذي وصفه بالسرطان الذي يجب استئصاله قبل أن ينتشر في بقية مناطق محافظة عمران ويكون مصيرها مثل مصير مديرية حرف سفيان.

والعبرة بما تمخض عنه هذا اللقاء؛ إذ أن الذين حضروا هذا اللقاء القبلي وافقوا على وثيقة (الإخاء والترابط) التي تنص "على إباحة دم ومال وحال أي فرد من قبيلة حاشد يحاول الانتماء للحوثيين أو ينشر أفكارهم أو يتعاون معهم"..!

ولقد راحت قبيلة حاشد تتصرف كدولة هي الأخرى - مثل الحوثيون في المناطق التي يسيطرون عليها- بحيث سمحوا لأنفسهم بتشكيل هيئة قضائية من ثلاثة حكام في مدينة خمر للفصل في كافة القضايا الشرعية والعرفية بالتعاون مع المشائخ والمحاكم الموجودة في المحافظة..!

ولقائل أن يقول - بعد أن يعود إليه وعيه!- أنه من غير المستبعد الآن أن يذهب الحوثيون إلى خلق وثيقة مماثلة كأن يسموها مثلاً (الإخاء والتعاضد) كرد فعل على (الإخاء والترابط)؛ فـ"كله كذا على بعضه: إخاء في إخاء"..!

من الواضح حد الجزم الآن ان حرباً سابعة ستندلع قريباً بين الحوثيين والدولة بمشاركة قبيلة حاشد، وفق معطى ما تقدم؛ بيد أن السؤال الذي بدأ فعلاً يُطرح هو: "هل بدأت دولة الحوثيين تدق الأبواب حتى وإن على شكل حكم ذاتي للمناطق التي يسيطرون عليها"..؟!؛ وماذا يعني مثل هذا الأمر بالنسبة إلى باقي القوى في الساحة.....؟!.