نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل ''أكد أنه لا أحد فوق القانون''.. أول مسئول كبير يحيله رئيس الحكومة للتحقيق بسبب قضايا فساد ومخالفات الحكومة اليمنية تتطلع إلى شراكات استثمارية وتنموية مع الصين حضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مسئولية المنطقة الثانية في تأمين السواحل ومكافحة التهريب أوتشا باليمن: نحو 10 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية #لا_لتطييف_التعليم.. حملة على مواقع التواصل الإجتماعي تكشف عبث الحوثي بالمناهج وقطاع التعليم حماس توافق على تشكيل لجنة لإدارة غزة بشرط واحد عيدروس الزبيدي يستبعد تحقيق سلام في المنطقة بسبب الحوثيين ويلتقي مسئولين من روسيا وأسبانيا النقد الدولي: قناة السويس تفقد 70% من الإيرادات بسبب هجمات الحوثيين أول رد لتركيا بعد هجوم حوثي استهدف احدى سفنها
هل باتت الأمة العربية والإسلامية مقبلة على أندلس جديدة، لا تقوم هذه المرة على طرد العرب والمسلمين من القارة الأوروبية، ولكنها تخرج في هذه المرة من أدغال القارة الأفريقية التي طالما استقبلت القبائل العربية وأسست ممالك إسلامية.
هذا التساؤل وإن كان يبدو غريبا إلا أن دولة النيجر لم تترك شيء يدعوا للاستغراب بعد قرارها الأخير في أواخر شهر أكتوبر 2006 بطرد 100 ألف عربي من حدودها الشرقية إلى دولة تشاد ثم تراجعها عن هذا القرار بعد وساطة ليبية.
القرار الذي تم تبريره آنذاك وفقا لرؤى محلية ضيقة بدءا من الصراع على المياه نهاية بالحفاظ على الأمن الداخلي للبلاد، يمكن شم رائحة خطورته فقط إذا ما تم ربطه بما يحدث في دارفور وفي مناطق الأمازيغ بشمال الجزائر ثم الرجوع إلى الوراء قليلا إلى عام 1994 حيث مؤتمر "كمبالا" الذي ناقش ورقة تدعوا إلى صياغة وإنشاء كيانات أفريقية جديدة لها مقوماتها العرقية والدينية.
عرب المحاميد وتضارب الروايات
بالنظر إلى أصول عرب المحاميد الذين كانوا بؤرة الصراع ومحط الأزمة الأخيرة فهم ينتمون أساسا إلى بني سليم ، الذين وصلوا إلى القارة الأفريقية بعد الفتوحات الإسلامية في شمال القارة على يد القائد العربي عقبة بن نافع الفهري حيث أخذت هذه القبائل في الانتشار في عدد من البلدان الأفريقية خاصة في ليبيا والسودان وتشاد، وعندما شهدت الأخيرة حربا أهلية في ثمانينات القرن الماضي هاجر عدد كبير من عرب المحاميد إلى المناطق الشرقية من النيجر.
ومع مضى الوقت استقرت قبائل عرب المحاميد في النيجر وحصلت على جنسيتها بل وصل بعضهم إلى مناصب قيادية سواء عسكرية أو سياسية فضلا عن تمثيلهم في برلمان البلاد. واستمر الأمر على ذلك دون أن يكون هناك ما يعكر صفو هذه العلاقة حتى أعلنت حكومة النيجر في 25 أكتوبر 2006 طرد 150 ألف شخص من أصول عربية إلى تشاد.
ويبدو أن حكومة النيجر لم تعد نفسها جيدا لهذا القرار بحيث بدت التصريحات الصادرة من الحكومة متضاربة أو غير محددة، ففي البداية بررت الحكومة قرار الطرد بسبب مزاعم حول وجود توترات واشتباكات وقعت بين السكان المحليين والعرب حول مصادر المياه. حيث جاء على لسان وزير داخلية النيجر مونكايلا مودي أن "السكان الأصليون يشعرون بالاستياء من سلوك هؤلاء العرب، ولم يعد بإمكاننا التغاضي عن هذا الوضع"، مشيراً إلى أن الإبل التي يقوم العرب بتربيتها، تستنزف موارد الواحات المحلية في البلاد. فيما طالب محافظ ولاية "ديفا" الواقعة جنوب شرقي النيجر بالقرب من الحدود مع تشاد، "هؤلاء العرب بحزم حقائبهم والعودة إلى تشاد مرة أخرى، خلال خمسة أيام فقط" !!.
ثم ذهبت الحكومة خطوة جديدة إلى الأمام حيث اتهمت عرب المحاميد بحيازة أسلحة غير مرخصة وتهديد أمن المجتمعات المحلية. ثم التصريح بأنها قضية تتعلق بالهجرة مشيرة إلى أنها ستطرد فقط أولئك الذين ليس بحوزتهم أوراق قانونية تخولهم البقاء في البلاد. وأخيرا اتهام عرب المحاميد بارتكاب جرائم سرقة واغتصاب. وهي نفس الجرائم التي ألصقت بالقبائل العربية في دارفور.!!
تضارب الروايات يؤشر إلى أن الخطوة كان معد لها من قبل، وكان تنتظر فقط السيناريو والإخراج المناسبين لتبرير طرد القبائل العربية في النيجر.
ورغم الدور الذي لعبته ليبيا في إنهاء هذه الأزمة، إلا أن حكومة النيجر وضعت القبائل العربية التي استوطنت شرق النيجر في منزلة بين المنزلتين حيث قالت: "سنعامل العرب المحاميد على أساس أنهم رحل، وهي منزلة متوافقة مع القوانين المعمول بها".
وبعيدا عن تبريرات الحكومة النيجرية فإن الأمر برمته يمكن تلخيصه في تصريح المتحدث باسم عرب المحاميد الذي اعتبر "أن خطوة الطرد هذه اتخذت لأسباب سياسية".
إعادة صياغة أفريقيا
كانت وما زالت القارة الأفريقية أكثر البقع الجغرافية الهشة القابلة لإعادة التشكيل في العالم، حيث لا تحتضن بداخلها قوة كبرى قادرة على التصدي للمدى الاستعماري الغربي، مما جعل القارة مرتعا خصبا للقوى الغربية الصليبية.
وحتى يمكن التعاطي بصورة صحيحة مع قرار النيجر بطرد 150 ألف عربي إلى تشاد لابد من ربط هذا القرار بما يحدث في شمال الجزائر حيث الحملات على أشدها لتنصر المسلمين وطرد العرب والانفصال عن دولة الجزائر وتأسيس دولة الأمازيغ. مرورا باللعب على الوتر نفسه في المغرب حيث ثنائية البربر والعرب ثم دارفور حيث اللعب على ثنائية الأفريقي والعربي وأخيرا في تشاد حيث "المواطنون الأصليون" في مقابل العرب الأغراب.
هذه الثنائية وإن شئنا الدقة "القومية" الأفريقية الجديدة ولدت أساسا في مؤتمر كمبالا عاصمة أوغندا في عام 1994 الذي ناقش ورقة عنوانها " نحو خريطة جديدة لأفريقيا" والتي تهدف في الأساس إلى قيام 6 كيانات في أفريقيا هي:
1- جمهورية الصحراء وتضم: مصر، وبلاد المغرب العربي حتى موريتانيا، إضافة إلى الجزء الشمالي من السودان.
2- جمهورية أفريقيا الوسطى وتضم: أوغندا، كينيا، زائير، تشاد، الكاميرون، الكنغو، إفريقيا الوسطى، والجزء الجنوبي من جمهورية السودان.
3- جمهورية سنغامبيريا وتضم: دول الحزام السوداني من السنغال إلى نيجيريا.
4 -مهورية أريثوميا وتضم دول القرن الإفريقي: إثيوبيا إريتريا الصومال جيبوتي.
5 - الجمهورية السواحيلية وتضم الدول الناطقة باللغة السواحيلية.
6- جمهورية موزامبيا وتضم كل دول الجنوب الإفريقي.
وبالنظر إلى الكيانات الست السابقة فهي تدشن إلى تقسيم السودان وهو الأمر الذي دخل حيز التنفيذ فعلا حيث اتفاقية نيفاشا الذي تعطي جنوب السودان حق الانفصال، ثم حرب دارفور التي تمهد أيضا إلى استقلال الإقليم وضمه إلى الغرب الأفريقي.
كما أن بنود الاتفاقية السابقة تسعى أيضا إلى تنفيذ عملية غربلة حيث يقام كيان عربي في الشمال يبدأ من مصر إلى موريتانيا مرورا بشمال السودان، وهذا هو الجزء الهام الذي يخصنا في هذا المقال ، حيث أن عملية الغربلة هذه تقتضي إعادة توزيع القبائل العربية بعيدا عن الكيانات الأفريقية الخالصة سواء تحت تلك التي ستقام في الوسط أو الغرب أو الجنوب. وهو الأمر الذي بدأ في مسلسل جنوب وغرب السودان ثم أخيرا وليس أخرا في النيجر.
لكن يبقى السؤال لماذا النيجر الآن ؟
الإجابة على هذا التساؤل يجيب عليها القاموس الجغرافي فهذه المنطقة وإن كانت جدبة وتفتقر إلى المقومات الاقتصادية الضخمة إلا أنها استراتيجيا تمثل حلقة الوصل بين ساحل غرب أفريقيا المداري والصحراء الكبرى. كما أنها أكثر المناطق التي تضم تشكيلة متنوعة من القبائل العربية والأفريقية فضلا عن أنها تمثل المعبر الأساسي الذي يدخل منه الإسلام إلى بقية مناطق القارة في الوسط والجنوب.
ومن ثم فإنه يمكن القول إن مشكلة عرب المحاميد وإن كانت قد مرت كسحابة صيف عابرة للصحراء الأفريقية، إلا أن سحابة الصيف هذه التي جاءت في غير أوانها ربما تنتظر فقط تلك العواصف الشتوية والرياح الغربية المشغولة بمناطق أخرى من الصراع في غرب القارة هناك في دارفور.!!