مذكرات الشاب الطيب (1)
بقلم/ سام عبدالله الغباري
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 18 يوماً
الجمعة 07 يناير-كانون الثاني 2011 07:20 م

* بادلني الكثير من قراء المحبة بود التفاعل المثمر ، وسيم الطويل : تكهن بسفر الرئيس و مرافقيه إلى \\\"ذمار\\\" لشراء سيارتي المحتجزة بالمرور تعسفاً ، و أبو يافع تكرم بدافع أخلاقي نبيل تحفيزاً لفتح باب التبرع الكريم تعويضاً لأذى سيارتي المُدمرة بمرور \\\"ذمار\\\" منذ 100 يوم.

* آخر ما سمعته نقلاً عن مصدر شامت القول أن إطارات مركبتي مُزقت بمعاول حادة ، كان أحرى بهذه المعاول حراثة أرض \\\"جهران\\\" المنهوبة كي تصير سلة اليمن الغذائية .. لا أن يتم تحويلها لتمزيق إرادة شاب بريء قال كلمة حق عند \\\"محافظ\\\" جائر ..!!.

* تمنيت أن يأمر \\\"يحيى العمري\\\" بحجز سيارتي و تدميرها بلغة لا تنم مطلقاً عن تهذبية مسؤول لا يعرف التأنق ، مُطلقاً العنان لوحشية الحقد المتراكم نيلاً من سخرية كاتب أراد أن يُـوصل رسائله النقدية لمجتمع تعود على قراءة الصحف ، و تفريغ كبت المصالح المتضاربة في حلول الكلمات المتقاطعة دون أن يُحدد هذا المجتمع يوماً حاراً لاعتصام حازم يُصحح تقاطع الطرق ، و مطبات الشوارع الخلفية ، و يرفع لافتات الاحتجاج الصادق بباحة الشارع المقابل لمنزل المحافظ ، و قد تكون ساحته ملائمة لإعلان مطالب الحرية الدائمة ، على غرار \\\"هايد بارك\\\" إنجلترا الحرة .

* تمنيت لو ارتكبت جرماً يهدد حياة الناس لأستحق معه عقوبة \\\"اللواء\\\" القاسية ، فإن كنت لصاً سطا على خزائن آخر العام و غزا أبواب الموازنة العامة بمئات الشيكات المفتعلة ، سيصمت لساني و ينتهي أمري ، و إن كنت شيخاً مضمخاً بالدماء و الرصاص و الأراضي المشرعة ، سألعن نفسي و أقول \\\"أستاهل\\\" ، و إن كنت قاتلاً حوّل حياة الأبرياء لجحيم مُدمر ، و هتك أعراض الآمنين بلا وازع ضمير أو رادع دين ، سأبكي آخرتي و مماتي و أرضى بإعدامي .. و أما و أنا شاب يخجل من حمل سلاحه الشخصي .. و يرتدي الجينـز و قمصان الكافيرا ، و ربطات عُنق الباريسيين ، و يسبغ رأسه بدهان الفاتيكا ، و لمعة الجل المثبت ، يضحك بسبب و بلا سبب .. يبتسم للحياة كأنه عاشق في سن مراهقة فتية ، يكتب ببراءة لا يزيفها احتيال القلوب الراكدة ، و يمتشق قلمه كأنه سيف علي ذو الفقار ، يعتقد أنه سيُبرأ العالم من لصوصه و فاسديه ، من أمراضه و قاتليه .. فما الضير في أحلام لا تقفز إلى الواقع ، و في مقالات تُنفس كرب الناس العاجزين عن الظلم ، و قد حولهم العجز و الوهن إلى فضاء واسع لتلقي بصقات الفاسدين الغلاظ .

* يا \\\"يحيى\\\" لم أنهب سيارة أحد ، و لم أسرق جيب أحد ، لم أسطو على أرض بشر ، و لم أطعن قلب بريء ، أو أقذف شرف عزيز ، أو ألعق ساق فتاة ، لم أكتب لأنافق فرداً ، لم أذهب لأناور مسؤوليك و أستلم رشوة مال كي أصمت ، لم ألهث يوماً وراء مكافئتك و عطاياك ، أمسكت على نفسي حاجتها ، و جمعت المال سنين العشرينيات الفائت ، حرمت حياتي من لذة رغبتها ، و أكلت قليلاً كي لا أشبع .. بنيت مصيري بعفة من يركع لله و يخشع .. و رُزقت بسيارة واحدة فقط ، و غيري يملك أسطولاً أكبر و أوسع .. كنت أحلم و أرفل ، أهيم في فراغ الله البهي ، و فجأة إقتحمت أحلامي .. شوهت صورة القائد الذي يجب أن يكون ، و كياسة المحافظ ، و دهاء الكبار ، تركت كل مشاريع المدينة و الريف ، و خدمات الناس و الفقراء لتتفرغ لملاحقتي ، لإشباع غرورك المتكئ على سلطة القرار ، و رعب قادة الأمن الجُدد و قد سلبتهم قرارهم و وعودهم و جعلتهم تابعين لا يقيمون أمراً و لا ينقضون ؟!.

* بئس ما فعلت ..!! فذلك الشرف الذي ترفعه حجاباً أمام أعين الجاهلين ، و تلك النزاهة التي حسبناها ، ليستا ما تمنينا ، فليس الشرف أن لا تفسد بمال الدولة ، و ليست النزاهة صفة الشريف .. إن الشرف الحقيقي متصل بمنظومة أخلاق متكاملة ، فيها الحب و التسامح و السمو و الأدب و المكارم و العفة و حسن الجوار و المعاملة و الاستقامة و حُسن التلفظ و نقاء السريرة ، و إن انتفت أحداهن اختل ميزان الشرف و تداعت صورة الشريف المدعي ..!!.

* يا \\\"يحيى\\\" لا أحسب أن لك من أسمك نصيب ، فثلاثة الآف شهيد في صعدة ، و خمسة عشر ألف جريح ، و مئات الآف النازحين ، و دمار المنازل و البيوت ، و تشريد الأسر و العائلات ، و فقدان الأعزاء و الخلان .. يؤكد أنك لا تصنع الحياة و لا تنشد الأمل !!.

* في 2004م أنتخب الممثل الأميركي الشهير \\\"أرنولد شوازينغر\\\" عمدة كاليفورنيا .. و بعد أشهر حقق بطولة فيلم (المدمر) عن رجل آلي من فصيلة \\\"السيرياليون\\\" ، و هم فصيل جاء من المستقبل للقضاء على الحياة الآدمية ، و تدمير قيم البشرية الفضيلة ..!!.

* في نفس العام اشتعلت حرب صعدة و أنت محافظها بكل ما وراءها من أسباب تؤكد أنك فتيل اشتعالها ، و مُذكي شراراتها الأولى .. فهل ترى أن ثمة إختلاف بين \\\"أرنولد\\\" و \\\"يحيى\\\" .. إن تدمير حياة الناس بكل قسوة أمر يتفهمه البعض فقد يكون رد فعل طبيعي على فاعل قوي ، لكن الإستمرار في القسوة و التلذذ في التدمير يحول فطرة ردة الفعل الطبيعية إلى مرض نفسي و تأزم أخلاقي و كراهية لا تطاق .

* لقد أحسنت جامعة ذمار بتأسيس أولى مراكز الإرشاد النفسي لعلاج حالات الكثير من الأمراض النفسية و منها \\\"الشيزوفرينيا\\\" مرض \\\"فصام الشخصية\\\" ، تحت رعاية طبية أكاديمية متخصصة ، و لا ضير في زيارة مثل هذه المراكز الإرشادية ، فهناك الكثير من نجوم العرب و العالم لا يخجلون من الإفصاح عن زيارتهم للطبيب النفسي و مراكز العلاج الإرشادية ، فالواقع لا ينكر الحاجة بضرورة اللجوء إلى مثل هذه المراكز ، و قد يستطيع المرء معرفة مكامن الوحشية التي تدعوه للسادية الإدارية ، فتتحسن أوضاعه و تستقر حالته ، و يبدأ بالتعافي حتى يحين موعد انتخاب المحافظين القادم ، عندها سنبحث عن بديل يستحق أن يكون محافظاً عظيماً.

و إلى لقاء يتجدد.