نساء التغيير.. ثورة الرند
بقلم/ سارة عبدالله حسن
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 6 أيام
الخميس 21 إبريل-نيسان 2011 06:22 م

ما يجعلني أشعر بمودة كبيرة نحو أخواني المعتصمين في ساحة التغيير بصنعاء ذلك الفيض الهائل من الاحترام و الرحمة اللتين يغمرونا بهما ..

وقد تحدثت مع كثير من المعتصمات في هذا الموضوع بالذات – شعورهن داخل الساحة – أجمعن على أنهن لا يشعرن بالأمان بعد أن يخرجن من بيوتهن إلا عندما يصلن إلى الساحة ، أتذكر في إحدى المرات ذهبت إلى الساحة وحدي وكنت قادمة من مدخل جولة مذبح وما إن وصلت إلى الخط المؤدي إلى المنصة حتى توقفت ولم أستطع السير من الازدحام فوقفت جانبا ممسكة بحبال إحدى الخيام ،عندها انتبه لي بعض الأخوة فأفسحوا لي الطريق بسرعة حتى وصلت إلى المكان الذي تجلس فيه الأخوات قرب المنصة خلال بضع دقائق...أخلاق – هي موجودة في الأساس - وقيم أفرزتها الثورة على السطح لا نستطيع أمامها إلا أن نومئ برؤوسنا إعجابا وفخرا بإخوتنا الذين لا يعاملون المعتصمات في الساحات كأخوات لهن فحسب بل كأميرات لأن البعض من الرجال للأسف لايعرفون بعد معنى احترام شقيقاتهم .

المرأة في الساحة أيضا تعبر عن رأيها بصراحة..تشارك في اعتلاء المنصة ..تخرج في المسيرات ..تشارك في صنع الثورات ..إنها معهم تبني يمنا جديدا ولن تهمش بعد اليوم و هي أيضا في قيادة الثورة وفي مقدمة الصفوف .

في حين نسأل ما الذي قدمه نظام صالح للمرأة التي تشدق دوما بالوقوف إلى جانبها ..لا زالت المرأة تعاني بنسبة 80%من الأمية وحدثت انتكاسة في المحافظات الجنوبية حيث كان تعليم الإناث إلزاميا قبل الوحدة ، اليوم تراجعت نسبة المتعلمات هناك أيضا وصار مستوى الأمهات أفضل من بناتهن اللواتي زادت نسبة تسربهن من المدارس .

في الجانب الصحي ..أستطاع نظام صالح أن يقدم أكبر منجز للمرأة عندما نافست المرأة اليمنية على المراتب الأولى عالميا في نسبة وفيات الأمهات ،واليوم نحن ننافس على نفس المراتب بالنسبة لوفيات الأطفال وندعو الله أن تنقذ الثورة أطفال اليمن قبل أن يصلوا إلى هذه المرتبة خاصة وأن النظام زاد في ظلمه لهم وقتل الكثيرين منهم خلال هذه الثورة إذ بلغ عدد ضحاياه حتى الآن وبحسب اليونيسيف أكثر من 24 قتيلا فإذا ما أضيف لهم ضحايا انفجار مصنع الذخيرة من الأطفال أصبح العدد73 إضافة إلى 693 طفل مصاب .

ماذا عن السياسة .. لم يستطع الحزب الحاكم أن يدعم المرأة في البرلمان وهو الذي كان ينتقد معارضيه لاستغلالهم أصوات النساء كناخبات والمقعد الوحيد الذي حصلت عليه مرشحة النظام مشكوك في صحة صناديقه ولم تستطع صاحبته و لا نواب المؤتمر جميعا أن يقدموا للمرأة انجازا يذكر سوى بعض القوانين التي فرضتها عليهم المنظمات الدولية والتي لا تنفذ عادة على أرض الواقع .

اليوم وبعد أكثر من ثلاثين عاما عانين فيها منه جاء ليكافئ النساء بقتل المعتصمين سلميا من أبنائهن وأزواجهن وإخوانهن ويضيف على ذلك حديث أفكه ، فإذا ما خرج رجال التغيير الأبطال الأحرار تنديدا بفعلته المثيرة للاشمئزاز – كما أجادت وصفها إحدى أخواتنا المعتصمات على قناة الجزيرة – زاد في تنكيله وكافانا نحن النساء وكافأ المدافعين عنا بمذبحة جديدة كالتي حدثت في شارع الجزائر يوم الأحد 17-4 وكأنه يؤكد برده العنيف على هذه المظاهرة مجددا أن نساء التغيير بل نساء اليمن كله لا يستحقن أن يخرج أحد للدفاع عن كرامتهن .

سيتغير كل هذا عن قريب إن شاء الله..و ستنتشل الثورة المرأة من هذا السجن الذي وضعت فيه منذ عهود طويلة والتغيير اليوم سيكون من صنعها من صنع ثورة الرند وناتج عن قناعتها و طموحاتها وأحلامها التي كبلها النظام في أدراج المكاتب و طيات المشاريع الوهمية والشعارات الزائفة .

لقد أعجبني كثيرا تسمية ثورتنا بثورة البن ، فكثير من الثورات اتخذت تسميات مشابهة ...ثورة البرتقال ، الياسمين ، اللوتس ونساء ثورتنا يستحقن أيضا تسمية خاصة بهن و أنا أشبه نساءنا ب ( الرند ) والرند شجر جميل طيب الرائحة أتخذه الأقدمون رمزا للنصر..

و هكذا هن نساء ثورتنا جميلات طيبات الرائحة بأخلاقهن العالية وسمعتهن الطيبة ، و هن أيضا سيكن رمز النصر لهذه الثورة التي تعد أول ثورة يمنية تشارك فيها المرأة بمثل هذه القوة ..و كل امرأة وفتاة و طفلة هي رندة - مفرد رند – في هذه الثورة سواء حضرت إلى ساحات التغيير والحرية أو منعتها الظروف فاكتفت بصنع الطعام والحلوى لإخوانها وأخواتها الثائرات وأرسلتها محملة بالدعاء.

لقد كنت أنوي ذات يوم أن أكتب عن نساء التغيير ، وكانت في بالي بعض الأسماء وتداركت أن في ذكرها ظلم للأخريات خاصة أني سمعت عتب بعضهن على إحدى الصحف عندما ذكرت النساء اللواتي هززن عرش صالح فأهملت كثيرات وذكرت من لا يعتبرنها حتى مجرد معتصمة بينما أشارت الصحيفة أنها في مقدمة الصفوف .

كل النساء في ساحات الحرية والتغيير يستحقن ا لف تحية و وسام وهن كثيرات ..كثيرات بالآلاف ..و هن جميعا رائدات يحق لآبائهن و أزواجهن وأبنائهن أن يفخروا بهن ،ومن المشاهد التي شدتني في الساحة ..امرأة كبيرة في السن تجاوزت السبعين ..شاهدتها يوم جمعة الرحيل ،كانت تضع سجادة الصلاة فوق رأسها وفي يدها الكارد الأحمر المكتوب عليه - ارحل- ..كانت تلوح به وعندما حاولت أن أصورها ابتعدت خجلي ...لا زالت هذه الرائعة تشعر بالخجل من التصوير رغم كبر سنها و أنا أستمحيها عذرا هنا لاني وضعت هذه اللقطة العابرة على صفحتي في الفيسبوك ، ذلك لاني أفخر بهذه الأم العظيمة التي حضرت إلى الساحة لتشاركنا هذا التحول التاريخي الحضاري العظيم فعن ماذا يتحدث هؤلاء الذين أفلسوا خارج الساحات.

المثير للاشمئزاز كما ذكرنا أن هناك من لا يخشون في الله أعراض ولا حرمات كانوا يرمون النساء في الساحات بأحاديث افك كثيرة كنا نستنكر حقا كيف تجرؤوا أن يلصقوها بأخواتهم بنات بلدهم ..واليوم لم نعد نستغرب عندما عرفنا كبيرهم الذي علمهم السحر و إذا كان رب البيت بالدف ضارب فشيمة أهل البيت الرقص.. ...العبث لكم والرقص واللعب على الذقون ..و هتك الأعراض سيمتكم ..

أما إخواننا في ساحات التغيير والحرية ..نعم إنهم يرقصون ،لكنهم يرقصون بكل رجولة للحرية والعزة ..إنها رقصة التحدي فهل تستطيعون ترقصوا مثلهم ، و يا من تتملقون النساء بحسب مصالحكم هل تستطيعوا أن تخرجوا يوما واحدا نصرة لهن كما فعل أبطال الثورة في شارع بغداد ، مواجهين دون سلاح و بشجاعة وبسالة - أتحدى أن تملكوا ذرة منها - رصاصكم الحي و مدرعاتكم ومياهكم القذرة قذارة أنفسكم وأفكاركم ، هذا هو حالهم في المواجهات لا يخشون أحدا غير الله وهم يذكرونه في كل لحظة حتى وهم يرقصون على إيقاعات أناشيدهم التي تؤجج الحماس فيهم وفينا بكلمات الاستعانة بالله على هزيمتكم وقهر ظلمكم وإزالة فسادكم ..كلمات تزيد من عزيمتنا ..تزيد ثورتنا اشتعالا أما صلاتنا ..فليست كأي صلاة فهل تعرفون أنتم معنى صلاة المودع ؟ 

نحن نعرفها ..رجالا ونساء ..نصليها في الساحة فهل تستطيعون أن تخشعوا مثلنا وتثقوا أن الله معكم وأنكم منتصرون مثلنا ..اعلم أنكم لا تستطيعون لأنكم لستم مثلنا ..لن تخشعوا ولن تثقوا بالله لان الله لا ينصر القوم الظالمين ..أنتم لستم مثلنا لذلك أفلستم و ليس لديكم عمل اليوم إلا الانتقاص منا وقذفنا بكل حجر نحن خير النساء رند الثورة ..امكروا كما تشاءون إذا .. لن يحيط المكر السيئ إلا بأهله.