آخر الاخبار

هاشم يكتب.. قراءة في اتفاق عمران- الدولة

الأحد 22 يونيو-حزيران 2014 الساعة 11 مساءً / مأرب برس - خاص
عدد القراءات 5857

كتب الصحفي اليمني والمحلل السياسي، عدنان هاشم، قراءة تحليلية، خص بها "مأرب برس"، لاتفاق وقف اطلاق النار في عمران بين طرفي النزاع، الذي اعلنته اللجنة الرئاسية، مساء اليوم.

وقال هاشم: بداية كل اتفاق يوقف الدم اليمني مرحب به مهما كانت الخسائر، لكن أن يعطي الإتفاق تنازلات الدولة لـ"جماعة مسلحة" دون أن تكون ذا حلٍ جذري يؤمن حياة المواطنين فهي جريمة تنتقص من الدولة، وتشجع الجماعة المسلحة على العتو وترفع الاحتقان المجتمعي ضد الدولة والجماعة المسلحة ذاتها، ويساهم في توليد عُنّف مجتمعي، غير منظم داخل الدولة الواحدة، يؤسس للهويات الفرعية ويلّغي الهوية الوطنية الجامعة، لأن الأولى تحميه فيما مؤسسات الثانية تخذله.

هذه الفقرات هي قراءة لهذا القرار الذي صدر مساء اليوم (22يونيو):

- الاتفاق يدعو جماعة الحوثي المسلحة إلى استمرار توسعها بالقوة لتحسين شروط تفاوضها على الدولة، لم يُشّر إلى الاتفاق السابق في 4 يونيو الماضي الاتفاق على الانسحاب(أي انسحاب مسلحي الحوثي) من السجن المركزي ونقطة "سحب" واستلام الشرطة العسكرية لها. وقفز الاتفاق الحالي إلى "اتفاق التحكيم" الذي حدث في 27/3 ولتصحيح التاريخ حدث في 28/3 ، والذي يتضمن التحكيم وضع 12 بندقاً، مؤكدة التزام اللجنة بما سيتم الحكم فيه من قبل المعتصمين وتنفيذه -تقول منظمات محايدة أنهم مسلحين- وخاضوا اعتداءً على نقطة "الضبر" وقتل منهم ستة أشخاص، ووافقت الجماعة المسلحة عليه في مهلة لخمسة عشر يوماً.

- يعتبر الاتفاق انتكاسة لحديث رئيس الجمهورية " تجاوز الخطوط الحمر" يوم الخميس الماضي (19/6)، يعطي استماتة حوثية في رفض مخرجات الحوار الوطني الذي يلزمها بتسليم سلاحها للدولة، إذ من غير المنطقي أن تسلم الجماعة السلاح في ظل الاعتراف بقوتها ورضوخ الدولة لشروطها، إذا أشرنا إلى الفقرة السابعة من الاتفاق: "الشروع الفوري باستكمال التغيرات العسكرية والأمنية والإدارية(...) خلال شهر"، فهو تنفيذ للمطالب التي حملها الحوثي كمبرر لاحتلال عمران، فيما لم تشترط عودة الحوثيين إلى صعدة إذا اعتبرناها الندّية، فضلاً على عدم الإشارة إلى التزام الجميع بتسليم السلاح للدولة.

- من الغريب عودة حديث الاتفاق عن طريق صنعاء عمران وتأمينه من قبل الشرطة العسكرية، فيما أن اتفاق (4/6) يؤكد أن الشرطة العسكرية ستسيطر على الطريق، وهو ما أكده مصدر في موقع وزارة الدفاع في اليوميين اللاحقين لذلك نافياً انسحابها من المواقع وعودة التمركز الحوثي فيها.

- يشير الاتفاق إلى رفع الاستحداثات في عمران (بداية) في مناطق التماس بمعنى أن بقاء المقاتلين الحوثيين في الجبال والوديان مسموح به، باستثناء مناطق التماس التي تحددها اللجان الميدانية "غير منحازة لأي طرف"، لكن هذه اللجان مقيدة بعبارات مبهمة كتلك "الاستحداثات" فلم يحدد الاتفاق تاريخ الاستحداث هل هو من مارس 2014 أم من نوفمبر 2012، وهل يعني ذلك إزالة "قوات الجيش" من تلك المناطق". إذ وضعت الشرطة العسكرية فقط على خط عمران –صنعاء، فيما بقية المواقع لم يحدد من سيبقى في ظل رفع " الاستحداثات " وبقاء المقاتلين والعتاد في القرى والجبال.

- في الفقرة الرابعة يعتبر قتلى اشتباكات الاعتصام يوم 21مارس أنهم شهداء ويعتبرهم "سلميين" فيما عرضت وسائل إعلام الحوثي يومها العتاد العسكري و السلاح الذي سيستخدمه المعتصمون قبل الحادثة بيوم واحد، ونتيجة دخولهم المحافظة بالسلاح اشتبكوا من قوات الجيش، ويعتبر من الجريمة مقارنتهم بشهداء الثورة السلمية التي أسقطت نظام صالح، وقتل الشباب في الساحات والميادين.

- من الغريب تشكيل لجنة من وكلاء النيابة للتحقيق في الحوادث، إذ أن كل مطالب الحوثيين قد نفذت بموجب الاتفاق، والتحقيق يعطي انطباعاً بالتساوي في الندية بين قوات الجيش التابعة للدولة و جماعة الحوثي المسلحة التي يطلق عليها القانون الدولي أنها "متمردة" فكيف يمكن تواجد ندّيه فيها؟!!.

- من الجيد تشكيل لجنة حصر الأضرار وتحديد جدول زمني لها: لكن ما هي الضمانات في ظل بقاء جماعة الحوثي رافعة للاستحداثات وبقاءهم في المحيط وفي القرى المجاورة مع كل العتاد اللازم للحرب، كان يجب أن يتضمن الاتفاق ضمانات التنفيذ لهذه اللجنة من الأطراف، وبالنظر إلى الاتفاق "المنحاز" –بطبيعة الحال- ماهي الضمانات لتشكيل لجان "غير منحازة".

إجمالاً الاتفاق أعطى الجماعة "المتمردة" ما لم يعطه اتفاق أخر، وهو انتكاسة جديدة عقب تلك التي طبعت بـ"طابع التحكيم القبلي". بالفعل لقد تحولت الدولة إلى وسيط يظلم نفسه يهدد أمن شعبها. لا شيء جديد سيعطيه الاتفاق، وسيستمر الحوثي بالزحف نحو العاصمة لأنه وجد خضوعاً وخنوعاً من جانب الدولة، يعطي ذلك "نشوة" للجماعة المسلحة تدفعها لاستكمال السيطرة والخناق على دولة في مرحلتها الانتقالية تعاني الكثير من الأوجاع والثورات المضادة سواءً تلك القادمة بعد 26 سبتمبر أو تلك التي تثور بعد 11فبراير.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن