رمضان في تعز .... بين الم المعاناة وأوجاع المعيشة الصعبة

السبت 05 يوليو-تموز 2014 الساعة 10 مساءً / مأرب برس - تقرير / محمد الحذيفي
عدد القراءات 5527
  
 

حل شهر رمضان المبارك هذا العام على مدينة تعز وعلى أبناء الحالمة محملا بآلام كبيرة مثخنة بجراحات متعددة لا يقل الم احدها عن الم الآخر أوضاع بئيسة ومعقدة لا يلوح أي حل لها في الأفق الطاغي عليه اجواء السياسة الملبد بالغيوم والمحاط بانعدام الخدمات الأساسية في اليمن ككل ناهيك عن محافظة تعز عاصمة اليمن الثقافية التي تحاول الصمود في وجه الآلام الكبيرة المثخنة بالجراحات الأليمة والتي تأتيها من كل حدب وصوب وكلما ودعت الما كبيرا ويوما اسودا وحلمت بغد أجمل ليكون ما بعده اكثر الما وأكثر قاتمة من سابقه.

ظلام مفروض وقمامة تكسو الشوارع

كانت تعز عاصمة الثقافة والفن والجمال والنور واليوم اصبحت بلا منازع عاصمة التجهيل والنسيان والظلام يسيطر عليها ظلام مفروض معظم اوقات وساعات ليلها وتسكوا شوارعها التي كانت تزينها الأشجار وتحتضنها النظافة باستمرار القمامة في كل شارع والروائح التي تشعر المشاء فيها أنه بالقرب من احد المسالخ أما الخدمات الأساسية فيها والتي تجعل الإنسان يعيش بأبسط المقومات فلا محل لها في واقع المدينة وابنائها فالمنشآت الصحية والمستشفيات الحكومية في المدينة خرجت عن الخدمة حتى أن البعض تفيض روحه وهو في انتظار جرعة دواء كما حدث الأسبوع الماضي في قسم الحروق التابع للمستشفى الثورة حيث غادرت أسرة بكاملة الحياة واحدا تلوى الآخر وهم في انتظار العلاج وكما يحدث في كل أيام واسابيع الشهر حتى اصبح رمضان مؤلم لأهل المدينة وخاصة الفقراء وبعضهم يصعب عليه الحصول على الماء نتيجة لشحته والمبالغ الباهظة التي فرضها أصحاب سيارات نقل المياه بحجة عدم توفر الديزل وبالتالي تكاد الحياة تنعدم في مدينة ينعدم فيها الماء.

اما ازمة المشتقات النفطية فتلك قصة وحكاية أخرى من قصص وحكايات مدينة تعز التي القليل فيها يثري ثراء فاحشا بسبب هذه الأزمة والكثير فيها يعاني الويلات ويدفع ثمن ازمة حاكها اصحاب النفوس المريضة والضمائر الميتة وغابت فيها رقابة الحكومة والسلطة المحلية فعلى الرغم من توفر الحصص الخاصة بالمحافظة من المشتقات النفطية غير أن منظر المحطات ومن حولها طوابير السيارات الذي يمتد لمسافات طويلة يبعث بالنفس الحسرة ومما يزيد من الألم النفس وحسرتها أن اناس يتاجرون بالمشتقات النفطية امام تلك المحطات ووسط المدينة وأمام اعين الملاء مما يؤكد أن هناك أيادي خفية تسعى جاهدة للعبث بعاصمة الثقافية اليمنية كما يؤكد العديد من ابناء المدينة.

اوضاع معيشية متدهورة

استقبل ابناء الحالمة تعز والتي اصبحت تدعى أو يطلق عليها " عاصمة اليمن الثقافية " شهر رمضان المبارك بهموم لا حصر لها وأوجاع لا مثيل لها ازمة المشتقات النفطية وغلاء الاسعار وانعدام المياه وعدم توفر السيولة المالية وانتشار الأوبئة التي خلفتها اكوام القمامة المترامية على اطراف الشوارع وعلى الرغم من اعلان الحكومة توفير السلع الغذائية في الأسواق وتشديد الرقابة على المتلاعبين بها إلا أن ذلك لم يخفف من معانات المواطنين وتذمرهم وشكواهم من ارتفاع الاسعار وعدم قدرتهم على شراء احتياجاتهم الرمضانية كما كانوا يفعلون بسبب عدم توفر السيولة المالية ولاسيما السلع الأساسية المدرجة أصنافها ضمن الموائد الرمضانية، إذ ضيّع هذا الواقع الطارئ فرحة اللقاء بهذا الشهر بعد وصول الأسرة لحالة عجز حقيقي في إدارة نفقاتها لتبقى الدعوة لترشيد استهلاكها غير منطقية.

الكثير من المواطنين الذين التقى بهم " مأرب برس " لاستطلاع أرائهم حول شهر رمضان هذا العام اشاروا إلى انه شكل عبئا إضافيا عليهم، وخاصة لذوي الدخل المحدود من خلال الأزمات المتلاحقة وانعدام الخدمات التي افسدت عليهم روحانية وفرحة الشهر الكريم.

فالموظف في القطاع الحكومي خليل محمد سيف يرى أن رمضان هذا العام لا يختلف كثيرا عن الأعوام السابقة سوى في رؤية الهلال والذي اعتبره دلالة واضحة على استقلال الإرادة السياسية اليمنية وخروجها من مرحلة التبعية وإلى مرحلة الندية معتبرا ذلك بفضل ثورة الشباب الشعبية السلمية.

أما من ناحية الأوضاع المعيشية فمن وجهة نظره فإن الأسعار تكاد تكون شبه مستقرة في معظم المواد عدا بعض المواد التابعة لمجموعة هائل سعيد والذي قال : حدث فيها ارتفاع في الأسعار مشيرا إلى ان القدرة الشرائية له كمواطن ليست بالشكل المطلوب وهي ضعيفة حيث لم يستطع توفير ما تحتاجه اسرته من متطلبات رمضان وأضاف : ثق أن قادم اليمن مبشرا بالخير رغم كل هذه الغيوم والمخاضات.

رمضان يكلؤنا بحنانه لولا لؤم المحتكرين

الإعلامي والشاعر احمد الجبري فقد وصف شهر رمضان بالكهف الذي نلوذ إليه هربا من متاعب الحياة وهموم الدنيا وقال : رمضان هو محرابي الذي يستقبل جبهة روحي وتدلف إليه نفسي بيقين وحب لا يوصفان ورمضان هو من يستقبلنا وهو من يكلؤنا بحنانه وتحنانه وأشار إلى انه لولا لؤم المحتكرين وطمع الجشعين وخبث صناع الأزمات لاكتملت لوحة الجمال لشهرنا الجميل.

واعتبر أن الأزمات التي يفتعلها من وصفهم بأمراض النفوس واصحاب القلوب الخبيثة التي تحمل الحقد للوطن وتدمر مصالحه العامة وتخنقه بالأزمات المفتعلة ستنتهي بالفشل أمام صلابة واصرار الشعب اليمني على مواصلة التغيير الذي قال أنه سمة بارزة من سمات الشهر الكريم.

جشع التجار وغياب رقابة السلطة

اجمع كل الباعة التي التقينا بهم في العديد من اسواق تعز أن سبب ارتفاع الأسعار في الكثير من المواد وخاصة الخضروات هو ازمة المشتقات النفطية وجشع تجار الجملة وغياب الضمير الأخلاقي والوطني في نفوسهم والأهم من كل ذلك هو غياب الرقابة الحكومة وغياب دور اجهزة السلطة في متابعة وملاحقة الجشعين والمخالفين وهو ما اكده المواطن عبد المعز الشرعبي الذي قال شركة النفط والغاز حددت في بيان رسمي لها سعر اسطوانة الغاز بـ " 1200 " لكن وكالات بيع الغاز واصحاب المحلات لم يلتزمون بتلك التسعيرة ويبيعونها ما بين 1800 – 2000 ريال للأسطوانة الواحدة متسائلا من سيعاقب هؤلاء ومن سينصفنا نحن البسطاء وكذلك تجار الخضروات والفواكه كلهم يمارسون الجشع تحت ذريعة ازمة المشتقات النفطية وهو ما اكده بائع الخضروات مهيوب العديني والذي قال تصور عندما نضطر لشراء كيلو الكوسا بثلاث مئة ريال والبسباس الأخضر بخمس مئة ريال وباقة البقدونس والنعناع بمائتين ريال فبكم سنبيعها نحن الباعة البسطاء؟ وكم سيكون ربحنا كي لا نخسر؟ وأضاف: ارباحنا بسيطة جدا وتكاد تكون معدومة والسبب هي في تجار الجملة البعيدة عن عيون الرقابة التموينية.

اجهزة الرقابة خارج التغطية

اجهزة الدولة المختلفة المعنية بمراقبة السوق وحركة البيع والشراء وضبط المخالفين والجشعين والمستغلين لحاجات الناس خارج التغطية ولا وجود لها ولا محل لها على ارض الواقع حاولنا التواصل مع مدير شركة النفط لا استفساره عن ازمة المشتقات النفطية والحلول التي وضعتها الشركة لمعالجة الأزمة ومعاقبة المخالفين من اصحاب المحطات الذين يتهمهم المواطنون بالمتاجرة بحصص تلك المحطات بالسوق السوداء وسبب عدم التزام اصحاب وكالات الغاز بالسعر المحدد رسميا لكن حراسة الشركة منعتنا من الدخول بحجة صدور أوامر من قبل مدير الشركة بعدم السماح بدخول أي شخص إلى الشركة حاولنا التواصل معه بأرقام تلفوناته المختلفة لم يرد علينا وتهرب آخرون بإعطائنا وعودا تلو الأخرى وهو ما تسبب بتأخر نشر هذا التقرير الذي كان من المفترض نشره في اليومين الأولى من هذا الشهر الكريم.

وللأمانة والإنصاف فإن الجهة الوحيدة التي تفاعلت معنا هي الجهات الأمنية ممثلة بإدارة شرطة محافظة تعز والتي أوضحت لنا أنها لم تصلها أي شكوى من الجهات المعنية بالرقابة حتى تتحرك لضبط المخالفين والمتلاعبين بالأسعار وغيرها.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن