آخر الاخبار

الإعلام اليمني بين فكيّ كماشة

الثلاثاء 30 إبريل-نيسان 2019 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس-متابعات
عدد القراءات 2591

 

فضّل الصحافي اليمني فايز بن عمرو الذي كان يعمل في صحيفتي «البيان» و«اليمن اليوم» اعتزال مهنة الصحافة منذ اندلاع الحرب في بلاده، وقرار جماعة الحوثي منع إصدار الصحيفتين اللتين كان يعمل لمصلحتهما منذ سنوات.
وفيما غادر صحافيون كثر اليمن بعد أن تغير المشهد الاعلامي وانقسم إلى كتلتين، إحداهما مؤيدة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والأخرى ناطقة باسم جماعة الحوثي، دفع آخرون حياتهم ثمنا للصراع الذي لا يزال يفتك باليمنيين.
يقول الصحافي فايز بن عمرو لـ القبس إن المشهد الإعلامي اليمني يعكس واقعا مريرا.
ويضيف: «الصحافيون يعانون من الترهيب والعنف والسجن أثناء تغطياتهم لوقائع الحرب، فيما تراجع تأثير مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية». وتسبّبت الحرب بتوقف العديد من العناوين الصحافية في اليمن بسبب انقطاع التمويل والدعم وفق بن عمرو، الذي يؤكد دور المواقع الالكترونية المستقبلة في فضح الفساد والكشف عن الوضع الإنساني في اليمن. غياب الصحافة المستقلة ويقول الصحافي أحمد داوود الذي يعمل مراسلا لراديو سوا الأميركي منذ سنوات، انطلاقا من العاصمة اليمنية صنعاء، إن الصحافة فقدت في اليمن حريتها، وبات الصحافي مجبراً على تبني وجهة نظر معينة، تخدم أحد الأطراف المتنازعة، فإما أن يكون الصحافي تابعاً للحوثيين في صنعاء، وإما تابعاً للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته. وتوقفت كل وسائل الاعلام المستقلة في العاصمة صنعاء التي لم يعد تصدر بها سوى الصحف التابعة للحوثيين، وكذلك الحال في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية.
ويقول داوود إنه ينتهج سياسة التوازن والحياد في نقل الاخبار لمستمعي الاذاعة الأميركية في العالم العربي، ولكنه يعاني من انعدام الكهرباء والأمن، وصعوبة التنقل من محافظة إلى أخرى.
ويضيف لـ القبس: أجد صعوبة كذلك في الحصول على المعلومات من المصادر الرسمية الخاصة في صنعاء، لأن المعنيين أحيانا لا يتفهمون أنني أعمل في إذاعة مستقلة، وربما يتم تصنيفي على أساس أنني أعمل لمصلحة أميركا المكروهة جداً في صنعاء، لذا يقل حضوري في الفعاليات والندوات وغير ذلك كما كان مألوفاً قبل الحرب، أو قد لا أجد التجاوب الكافي عند أخذ التصريحات».
ويعاني الصحافيون مثلهم مثل المواطنين أيضا في تأمين المعيشة. وأكد داوود أنه يقضي أحياناً ساعات طويلة في طوابير بحثاً عن أسطوانة غاز، أو أمام محطات الوقود للحصول على البنزين. انتهاكات صارخة وتراجعت اليمن مرتبة واحدة عن العام الماضي في ترتيب منظمة «مراسلون بلاحدود» حول الحريات الصحافية، لتحتل المرتبة 168 عالمياً بين 180 دولة.
ووفق التقرير ذاته، أصبح السجن قاتلا للصحافيين في اليمن، فبعد يومين فقط من إطلاق سراحه توفي الصحافي أنور الراكان متأثرا بالمرض وسوء المعاملة التي تعرض لها خلال فترة اعتقاله التي امتدت الى عام كامل من قبل ميليشيات الحوثي.
وأشار تقرير الحريات الصحافية في اليمن الذي أعده أشرف الريفي سكرتير لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحافيين اليمنيين الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي إلى رصد 226 حالة انتهاك طالت صحافيين ومصورين وعشرات الصحف والمواقع الإلكترونية والمقار الاعلامية وممتلكات صحافيين منذ مطلع 2018.
وأوضحت النقابة أن جماعة الحوثي ارتكبت 136 حالة انتهاك مقابل 68 انتهاك من قبل الحكومة اليمنية، فيما تصدرت الاختطافات والاعتقالات هذه الانتهاكات تلتها الاعتداءات والتهديد والتحريض.
ورصدت النقابة 10 حالات قتل طالت صحافيين ومصورين وعاملين في وسائل الاعلام، ارتكب الحوثي 5 منها، كما وثقت 5 حالات تعذيب وسوء معاملة في السجون. وأشارت الى تخلي الحكومة عن صرف رواتب المئات من الصحافيين الذين يعملون في وسائل الاعلام الحكومية بحجج غير قانونية واغلاق مكاتب 3 وسائل اعلامية.
محي الدين الشوتري أحمد داوود فايز بن عمرو ثماني صحف فقط منذ بدء الحرب، غادر الكثير من الصحافيين اليمنيين بلادهم، بعضهم استقر في السعودية، والبعض الآخر انتقل الى مناطق أخرى من العالم، بعد ان توقفت العديد من الصحف الحزبية والاهلية عن الصدور، بسبب ارتفاع كلفة الورق وأسعار الوقود اللازم لتشغيل المطابع وركود سوق الاعلانات الذي ارغم الكثير من ملاك الصحف الورقية للتحول الى صحافة الكترونية.
وتلفت التقارير إلى أن عدد الصحف الورقية التي لا تزال تصدر في اليمن انكمش الى حد كبير ووصل الى 8 صحف، هي الثورة والجمهورية و26 سبتمبر، بالاضافة الى المسيرة والميثاق ولا والحقيقة ويمن أوبزرفر. حذر شديد يقول الصحافي أحمد داوود إنه يعمل بحذر شديد جدا منذ اندلاع الحرب، بعد ان بات الصحافيون عرضة للحبس من دون محاكمة أحيانا.
غير أن الصحافي محيي الدين الشوتري يرى ان وضع الصحافيين والصحافة اليمنية لم يكن جيدا قبيل اندلاع الحرب، لكنه تدهور بعدها.
ويضيف: «فقد الكثير من الصحافيين اليمنيين مصدر دخلهم، لذلك لجأ عدد منهم الى تغيير المهنة. واما من بقوا، فيفكرون مليا قبل ان يكتبوا تحسبا لتبعات ما يكتبون».
«بوليتزر» يمنية سمحت سلسلة تحقيقات صحافية عن اليمن بفوز ثلاثة صحافيين عرب بجائزة البوليتزر، وهي أرقى الجوائز الصحافية في العالم لهذا العام. ويعمل الفريق الصحافي الفائز والمكون من الصحافية المصرية ماجي ميشيل ومواطنتها المصورة ناريمان المفتي بالإضافة الى المصور الصحافي اليمني معاذ الزكري في وكالة أستوشييتد برس الأميركية. وسافر الثلاثة عبر عدة مناطق خطرة انجزوا عنها عدة تحقيقات ميدانية عن الظروف التي يعيشها اليمنيون. وتأثرت عدة قطاعات في اليمن منذ اندلاع الحرب قبل خمس سنوات بينها قطاع الاعلام.
50 مراسلاً للإعلام الموالي لإيران أكد الاعلامي أحمد غيلان أن 150 اعلاميا يعملون الآن في وسائل الاعلام الموالية للحوثيين والمؤسسات الاعلامية الحكومية التي سيطرت عليها، حيث تم انتقاؤهم بدقة، فيما يكابد اكثر من 5000 اعلامي وفني واداري العناء بعد تسريحهم وتوقيف مرتباتهم. ويتواجد وفق غيلان نحو 300 اعلامي واعلامية في المحافظات المحررة، وهؤلاء أوضاعهم ايضا ليست بالمثالية، فيما ظهر بالمقابل في صنعاء نحو 50 مراسلا اعلاميا وصحافيا لقنوات ووكالات وصحف ايرانية او موالية لايران في المنطقة، وأغلبية هؤلاء تم اختيارهم من قبل ميليشيات الحوثي.
15 صحيفة وعشرات المجلات والمواقع قبل الحرب كانت تصدر في اليمن وفق إحصائيات أعدها المركز الإعلامي التابع لحزب المؤتمر الشعبي العام نحو 15 صحيفة حكومية، ومثلها حزبية، بالاضافة الى 33 أسبوعية، و42 صحيفة نصف شهرية، والعشرات من المواقع الالكترونية.
وكانت في اليمن 12 اذاعة حكومية، و10 اذاعات محلية أهلية، فيما وصل عدد القنوات التلفزيونية التي كانت تبث من اليمن إلى 14 قناة، منها 5 قنوات حكومية، و5 قنوات حزبية، و4 قنوات اهلية، وكان العمل جاريا لاطلاق 6 قنوات جديدة، منها 2 حكومية، و3 أهلية.
والى جانب وسائل الاعلام اليمنية، كانت هنالك اكثر من 70 وسيلة اعلامية عربية وعالمية لديها مكاتب في اليمن، مما شجع على تأسيس وانشاء نحو 12 شركة ومكتب انتاج اعلامي وخدمات اعلامية مختلفة. وكان يعمل في هذه المؤسسات الاعلامية ما يزيد على 3000 اعلامي واعلامية، بالاضافة الى ما بين 5 و6 آلاف من الفنيين والاداريين والموظفين وعمال الخدمات الاعلامية المساعدة في وسائل ومؤسسات الاعلام والمطابع ومكاتب الانتاج والخدمات الاعلامية.
ويقول الصحافي اليمني أحمد غيلان الذي كان يشغل في وقت سابق رئيس تحرير جريدة «الجمهور» الاهلية في مقابلة مع القبس إن الحرب دمرت المؤسسات الاعلامية الحكومية والحزبية والاهلية، فأغلقت ابوابها وانشطتها بسبب الحصار والوضع الاقتصادي وفقدان الامن.
ويضيف «في نهاية 2016، اوقفت الميليشيات الحوثية مرتبات موظفي المؤسسات الحكومية، كما اغلقت وسائل الاعلام الحزبية والاهلية، وانتجت وسائل اعلام تابعة لها او موالية لها وبلون واحد وتوجه واحد، ولم تعد هنالك من وسائل اعلام تعمل في مناطق سيطرة الحوثيين سوى 4 قنوات حكومية، جميعها تعمل بطاقم محدود واحد، وتبث ما ينتجه طاقم واحد من اتباع الحوثيين، وكذلك صحف الحكومة تصدر منها ثلاث صحف، اثنتان منها يومية، وواحدة اسبوعية، وجميعها تخضع لسياسة وانتاج الدائرة الاعلامية للحوثيين، ومثل ذلك اذاعة صنعاء الحكومية، فيما تم تعطيل بقية الاذاعات المحلية، ومثلها القنوات والصحف والمواقع ومكاتب الانتاج أغلقت تدريحياً.
كما سيطرت ميليشيات الحوثي أيضاً وفق غيلان بعد احداث ديسمبر 2017 ومقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على وسائل اعلام حزب المؤتمر الذي كان يرأسه صالح، كما اغلقت ما تبقى من المؤسسات الاعلامية الحزبية والاهلية عدا الوسائل الاعلامية التي تناصرها. 

*المصدر المصدر صحيفة القبس 

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن