كيف طوّرت حماس قدراتها الاستخباراتية لمواجهة إسرائيل؟تقرير

الإثنين 19 فبراير-شباط 2024 الساعة 01 صباحاً / مأرب برس - الخليج أون لاين
عدد القراءات 2675

 

رغم القصف المدمر لغزة ووصول عدد الضحايا حتى السبت 17 فبراير إلى 98 ألفاً بين شهيد وجريح، فإن الاحتلال فشل في القضاء على قدرات حماس العسكرية، ووقف الرشقات الصاروخية نحو المستوطنات. 

 

أخفقت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في تقدير القدرة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام، فلم تنجح الحكومات المتعاقبة في إفراغ قطاع غزة من الترسانة الصاروخية والسلاح رغم المحاولات المتكررة.

ومن أبرز ما أغفلته قوات الاحتلال، القدرات الاستخباراتية المتطورة التي تمتلكها كتائب القسام، ولعل معركة "طوفان الأقصى" أبرز مثال على ذلك.

كما اعترفت "إسرائيل" بوجود تطور ملحوظ لدى جهاز الاستخبارات الحمساوي خلال العقد الماضي على الأقل، من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية حول نشاط وانتشار الجيش الإسرائيلي وقواعده العسكرية في الجنوب، وعلى طول السياج الأمني المحيط بالقطاع.

تطور ملحوظ

ولا تزال مشاهد "طوفان الأقصى" تسبب أرقاً لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ورغم القصف المدمر لغزة ووصول عدد الضحايا حتى السبت 17 فبراير 2024 إلى 98 ألفاً بين شهيد وجريح، فإن الاحتلال فشل في القضاء على قدرات حماس العسكرية، ووقف الرشقات الصاروخية نحو المستوطنات. 

وفي أثناء عملية "طوفان الأقصى" تم العثور على كتيب قصير باللغة العربية بالقرب من سياج مستوطنة "مفالسيم"، يحتوي على تعليمات وأوامر لشن هجوم على المستوطنة. يحمل الكتيب، الصادر في يونيو 2023، عنوان "سري للغاية"، ويوضح بالتفصيل معركة "طوفان الأقصى" وخطة الهجوم، باستثناء تاريخ الهجوم الذي تم تركه فارغاً.

ولم يقتصر الكتيب على توضيح خطة عمل "طوفان الأقصى" فحسب، بل تضمن أيضاً معلومات مهمة حول توزيع القوات الإسرائيلية في الميدان تحت عنوان "العدو"، فقد ذُكر أن مستوطنة "مفالسيم" تضم ما يقارب 1000 مدني، إضافة إلى نحو 20 فرداً في فرقة الاحتياط، و37 جندياً من الجيش الإسرائيلي، و27 مقاتلاً من فرقة المشاة.

ويُعد "الفشل" في رصد عملية "طوفان الأقصى" من بين أبرز الإخفاقات الاستخباراتية التي تعرض لها الاحتلال منذ عام 1948.

وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية في 11 فبراير الجاري، أن هناك مخاوف جدية داخل إسرائيل بشأن تعرض الجيش الإسرائيلي لعمليات تجسس مضادة عميقة من قبل حركة حماس قبل اندلاع الحرب المستمرة منذ أشهر.

وأقر ضابط بالاستخبارات الإسرائيلية في شعبة "أمان" للصحيفة بأن قوات النخبة بكتائب القسام كانت "لديها معلومات حول مواقع حساسة للغاية للجيش الإسرائيلي، تبقى سرية حتى داخل الجيش نفسه".

وأضاف: "سيتعيّن على لجنة التحقيق أن تسأل من أين حصلوا على كثير من المعلومات الداخلية حول ما كان يحدث في قواعد الجيش الإسرائيلي الأكثر سرية"، مشدداً على أنه "يتعين علينا معرفة كيفية وصول هذه المعلومات إليهم".

وأكد الضابط أن "هذا يعني فشلاً استخباراتياً مزدوجاً لجهاز الشاباك (الأمن العام)، الذي كان ينبغي له أن يجمع معلومات حول خطط حماس، لكنه وكما هو معروف، فشل في القيام بذلك".

ومن جانبه كشف يوسي يهوشع، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن وثائق مؤكدة تمتلكها كتائب القسام، تحتوي على تفاصيل دقيقة حول هيكلية وتكوين وحدة المظليين في الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى معلومات عن التركيبة الاجتماعية لهذه الوحدة، وتشمل الوثائق أيضاً صوراً لقادة الوحدة السابقين وضباط آخرين انتهت خدمتهم مؤخراً.

وحول منظومة الأنفاق التي استحوذت على اهتمام الاحتلال لسنوات طويلة بسبب أهميتها في تعزيز قدرات المقاومة الفلسطينية، وصفت الصحيفة هذه المنظومة بأنها "غير مسبوقة".

وأقر ضابط في الجيش الإسرائيلي بأن الأنفاق التي بنتها المقاومة شمال قطاع غزة، والتي تقع أقرب إلى الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، كانت "عميقة وطويلة وعملياتية بشكل يختلف جذرياً عمّا قدّرته الاستخبارات الإسرائيلية".

وسائل عديدة

ووفقاً لتحقيق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، استندت حماس إلى استراتيجية الخداع والتضليل لإرباك أجهزة المخابرات الإسرائيلية، التي تواجه صعوبة في اختراق ومراقبة وتتبع شبكات الاتصالات السرية لقوات النخبة التابعة لكتائب القسام.

كما استطاعت استخبارات "القسام" فك "شيفرة" الأجهزة اللاسلكية التي كانت تستخدمها وحدة "سييرت متكال" خلال اقتحام خان يونس في عام 2018، وهو ما فتح الباب أمامها لجمع معلومات استخباراتية شاملة حول جميع المواقع العسكرية للجيش الإسرائيلي.

وبفضل هذه المعلومات، تمكنت "حماس" من كشف الثغرات في السياج الأمني ونظام الإنذارات الإلكترونية الموجودة على طول الحدود.

وفي هذا السياق، يعتقد المحلل العسكري والاستراتيجي عبد الجبار العبو، أن "القدرات الاستخباراتية التي حصلت عليها حماس سواء في الفترة السابقة أو الحالية أو المستقبلية، قد تكون من خلال عدة وسائل"، مشيراً إلى أن "هذه المعلومات تبقى في طور التكهن، لأنه لا توجد وثائق أو تصريحات تؤكد ذلك".

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن "من الوسائل التي يمكن أن تحصل حماس من خلالها على المعلومات الاستخباراتية، المدنيين الذين يعملون داخل الأراضي المحتلة، حيث هناك كثير من الأيدي العاملة الفلسطينية سواء من غزة أو من الضفة يعملون في إسرائيل".

ويردف: "من الممكن أن يكون بعض العمال الفلسطينيين على تواصل مع حماس، ويوصلون لهم المعلومات أو يكلفون بجلب بعض المعلومات حول الداخل الإسرائيلي".

أما الطريقة الثانية، فيرى العبو أنها قد تكون "من خلال الحلفاء المتمثلين بالدول الداعمة أو المؤيدة لحركة حماس، مثل إيران أو تركيا وروسيا وغيرها، ومن الممكن أن تكون لدى إيران معلومات استخباراتية مهمة قد توصلها إلى حماس"،

ويشير الخبير العسكري إلى أنه "بعد الحرب الأوكرانية الروسية وتدخل إسرائيل ودعم أوكرانيا ضدّ روسيا، من الممكن أن تكون روسيا زودت إيران بمعلومات وبدورها نقلتها إلى حماس، وذلك بالوسائل المتطورة لدى روسيا".

ويوضح أن "لدى روسيا إمكانات استخباراتية متقدمة جداً، سواء بالأقمار الصناعية أو أجهزة التنصت أو الحرب الإلكترونية، أو حتى بعض الروس الذين يعملون داخل إسرائيل، أو اليهود من ذوي الأصول الروسية والذين قد تكون لهم علاقات أو ارتباط مع الاستخبارات الروسية".

وحول سر تطور استخبارات حماس، يرى العبو أنه "قد يكون من خلال الجواسيس المتعاونين مع إسرائيل، إذ تمكنت من الكشف عن كثير من المتعاونين مع إسرائيل، وتمكنت حماس من ردع أي فلسطيني يتعاون مع الاحتلال".

كما يتابع القول: "دخول حماس إلى بعض المعسكرات الإسرائيلية وإلى أحد المراكز الاستخباراتية التابعة للموساد خلال عملية طوفان الأقصى، مكن الحركة من الحصول على كثير من المعلومات والوثائق، وهكذا تمكنت من تطوير جهازها الأمني والاستخباراتي، ليكون محصناً ضد أي اختراق إسرائيلي وأيضاً يتمكن من الحصول على المعلومات".

ويلفت العبو إلى أن "حماس خلال العملية تمكنت من أسر العشرات من المستوطنين والعسكريين ضمن الجيش الإسرائيلي، وبكل تأكيد لديهم معلومات ثمينة، ويساعد ذلك الحركة على الحصول على معلومات جديدة أخرى قد تستخدمها في المستقبل وقد تغير من تكتيكها أو أسلوبها في العمليات المستقبلية".