ساعات لـ يمن جديد بدون السبعيني صالح.. لـ يمن موحّد برئيس جنوبي

الإثنين 20 فبراير-شباط 2012 الساعة 11 مساءً / مأرب برس – خاص:
عدد القراءات 11939
 
 

آخر ساعات الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في حكم اليمن. السنوات الـ 33 ونيّف وصلت إلى نهايتها, أو قدّر لها أن تصل كذلك بفضل ثورة الـ11 من فبراير 2011. ساعات وفقط ويتجه أكثر من عشرة ملايين يمني ويمنية إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد في الانتخابات الرئاسية التي تأتي كحل توافقي بين القوى السياسية اليمنية ووفقًا لما تضمنته المبادرة الخليجية التي وقّع عليها المؤتمر الشعبي والعام وحلفاؤه واللقاء المشترك وشركاؤه في الـ23 من نوفمبر في العاصمة السعودية الرياض, والتي رعاها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

الرئيس علي عبدالله صالح الذي سيكمل في الـ21 من مارس القادم عامه السبعين, حرص اليوم على دعوة الشعب اليمني إلى المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها غدًا الثلاثاء.

علي صالح, الذي تولى السلطة في الـ17 من يوليو عام 1978 في الجمهورية العربية اليمنية, وترأس اليمن الموحد منذ العام 1990 وحتى الآن, تفصله أقل من 24 ساعة فقط عن لقب الرئيس السابق.

الكلمة التي وجهها اليوم الاثنين من مقر إقامته في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يستكمل علاجه هناك إثر محاولة الاغتيال التي استهدفته في جامع النهدين في الـ3 من يونيو 2011, دعا فيها الناخبين والناخبات اليمنيين إلى المشاركة والتوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب المشير عبدربه منصور هادي رئيسيًا للفترة الانتقالية, مشيرًا إلى أن هذه الانتخابات ستخرج اليمن مما هي فيه الآن. كما دعا إلى تغليب مصلحة الوطن فوق كل المصالح الحزبية والذاتية؛ لأن اليمن يجب أن يكون فوق الجميع, حسب تعبيره.

وفيما ذكّر بأن «الإيمان يمان والحكمة يمانية», وبأن «السلطة مغنمًا لا مغرمًا», كان قد أشاد بصبر وصمود الشعب اليمني العظيم والأسطوري خلال فترة الأزمة, مبيّنا أن الأحداث أفرزت قوى سياسية جديدة أفشلت كل المخططات التي أرادت النيل من اليمن وأمنه واستقراره. مجددًا دعوته لكل اليمنيين «لتثبتوا للعالم أنكم شعب الحضارات والمجد والشورى». شاكرًا دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء دولة قطر, كما شكر حزبه المؤتمر الشعبي العام الذي وصفه بصانع التحولات العظيمة منذ العام 1982.

وقال: «سأظل معكم مواطنًا مخلصًا لوطنه شبعه وأمته».

ثورة الـ11 من فبراير ودورها في الإطاحة بنظام صالح

بعيد الإطاحة بنظام الرئيس المصري حسني مبارك مساء الجمعة الـ11 من فبراير من العام الماضي, عمّت التظاهرات والاحتفالات كبرى المدن اليمنية؛ تزامنًا مع الاحتفالات التي شهدتها العواصم وكبرى المدن العربية, بعد أن كان الجميع ينتظرون تنحي الثمانيني حسني مبارك بعد حكم لجمهورية مصر استمر ثلاثة عقود. إلا أن التظاهرة التي قادها عشرات الشباب في مدينة تعز, جنوب غرب اليمن, كان لها أن تؤسس لأول ساحة نضال ثوري سلمي أسميت فيما بعد بـ ساحة الحرية. وهي بذلك, وحسب رأي كثيرين, تكون قد فجّرت ينبوع الثورة اليمنية الراهنة في الـ11 من فبراير 2011, لتستمر ينابيع أخرى بالانفجار مما كون نهرًا جارفًا أدى إلى مآلات كثيرة سيتوجها معظم اليمنيين غدًا الثلاثاء بإنهاء حكم صالح رسميًا, ولكن قائمة المطالب ومهام المرحلة المقبلة لا تزال تنوء منها الجبال, وستكون محطات ليس من السهولة بمكان اجتراح حلول لها إبان مرحلة الرئيس القادم.

ويحسب لـ الثورة الشبابية أنها أتت بأول رئيس جنوبي إلى سُدّة الحكم في اليمن في التاريخ اليمني الحديث.

وكانت اليمن محط أنظار العالم أجمع, إذ أن البلد الذي يعج بـ أكثر من 70 مليون قطعة سلاح على الأقل والذي يتمتع تركيبه الديموغرافي بالتقليدية, فضّل نهج الخيار السلمي للمطالبة بإسقاط النظام على أي نهج آخر, غير أن أنهارًا من الدماء سالت ابتداء من مدينة عدن, جنوب اليمن, حيث سقط أول شهيد في الثورة السلمية في الـ16 من فبراير, فيما كان أول شهيد قد سقط في تعز, جنوب غرب البلاد, وفي أول جمعة يحتشد فيها المتظاهرون في الـ18 من ذات الشهر, في حين شهدت مدينة صنعاء, العاصمة, سقوط أول شهيد في الـ22 من الشهر نفسه.

ولن تنسى الذاكرة الجمعية لـ اليمنيين جرائم القتل الشنيعة التي حدثت في عدن فبراير 2011, وصنعاء 18 مارس و23 مايو و18 سبتمبر, وتعز 27 مايو, وغيرها من المدن اليمنية, مع الإشارة هنا إلى أن الجرائم لم تنحصر عند في أشهر فبراير ومارس ومايو وسبتمبر فقط, بل كانت متسلسلة منذ بداية الثورة في أكثر من مكان وفي أكثر من زمن.

لكن معظم اليمنيين وقواهم السياسية البارزة اجمعوا مؤخرًا حول التوافق السياسي وفضلوا إنهاء ما تمر به البلد عبر انتخابات رئاسية هي الأولى من نوعها في تاريخ الديمقراطية, بمرشح واحد فقط هو المشير عبدربه منصور هادي الذي ظل نائبًا للرئيس السابق علي صالح منذ العام 1994, كما ظل برتبة فريق حتى يناير المنصرم حيث أصدر صالح قرارًا قضى بترقيته إلى رتبة مشير أو مارشال وهي أعلى رتبة عسكرية.

ولم تأت الثورة السلمية اليمنية كامتداد للربيع العربي بقدر ما كنت سبّاقة على هذا الأخير الذي تبركن في تونس, وربما صانعة له, بحدثين استثنائيين, أولهما الانتخابات الرئاسية التي شهدها العام 2006, والتي تنافس فيها صالح – مرشح المؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم حينها – مع مرشح أحزاب اللقاء المشترك – المعارضة الرئيسية حينها – المهندس فيصل بن شملان, وإن كان كثيرون بعد انطلاقة الثورة السلمية, وفي مقدمتهم اللواء علي محسن الأحمر قد قالوا إن المرشح الفائز في انتخابات 2006 كان فيصل بن شملان, إلا أن اللجنة الانتخابية حينها أعلنت صالحًا فائزًا فيها بنسبة فاقت الـ77%. وثانيهما الحركة الشعبية السلمية التي انطلقت في جنوب اليمن والتي كوّنت ما أضحى يعرف بـ الحراك الجنوبي الذي انطلق مع بداية العام 2007 وقاده متقاعدون عسكريون والذي رفع في البدء قضايا مطلبية وحقوقية قبل أن ترتفع سقف مطالبه سياسيًا إلى درجة المطالبة بـ فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية السابقة. (كان جنوب اليمن – جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية - قد توحد مع شماله – الجمهورية العربية اليمنية - في الـ22 من مايو 1990). للمزيد انقر هنــــــــــــــــــــــــــا.

من هو علي عبدالله صالح؟

لم يُكتب تاريخ الرجل حتى الآن كما تريده المهنية التاريخية. ولقد عاصر مراحل لا شك أنها مهمة إن لم تكن الأبرز في تاريخ اليمن, والتي تأتي في مقدمتها تحقيق الوحدة اليمنية والذي كانت إلى جانبه في تحقيقها رجالات كثيرة أبرزها الأمين العام السابق للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني علي سالم البيض الذي يتزعم حاليًا في دول الشتات الأوروبية والعربية مكونًا في الحراك الجنوبي يدعو إلى فك الارتباط.

ويعد علي عبدالله صالح سادس رئيس لـ الجمهورية العربية اليمنية (1978 - 1990), وأول رئيس لـ الجمهورية اليمنية (1990 - 2012). وتعد فترة حكمه أطول فترة حكم لرئيس في اليمن خلال أكثر من ستة عقود, وحتى الآن يعد صاحب ثاني أطول فترة حكم من بين الحكام العرب - الذين هم على قيد الحياة حاليًا – بعد السلطان العماني قابوس بن سعيد.

تولى السلطة في الجمهورية العربية اليمنية خلفًا للرئيس المؤقت عبدالكريم العرشي في الـ17 من يوليو 1978, بعد أحداث دامية شهدها الشمال اليمني والتي أدت إلى مقتل رئيسين في أقل من عام.

أسس في العام 1982 حزب المؤتمر الشعبي العام, والذي أضحى الحزب الحاكم في اليمن الموحد في المدة ما بين 1997 إلى 2011, ولا يزال حاليا مشاركًا في نصف مقاعد حكومة الوفاق الوطنية التي يرأسها محمد سالم باسندوة.

في العام 1989 وقع صالح اتفاقية الوحدة في عدن مع قيادة الشطر الجنوبي في اليمن وفي مقدمتهم علي سالم البيض, وابتداء من الـ22 من مايو أضحى صالح أول رئيس لليمن الموحد والذي توحد لأول مرة في التاريخ.

في المدة ما بين 1990 وحتى العام 1990 كان منصب صالح رئيسًا لمجلس الرئاسة, وبعد قيادته لحرب صيف 1994 سيئة الصيت والتي أدت إلى طرد شريكه في الوحدة واحتلال جنوب اليمن أضحى يلقب برئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة إضافة إلى رئيس هيئة القضاء الأعلى المنصب الذي تنازل عنه لصالح القاضي عصام السماوي.

دخل في حروب ستة ضد الحوثيين في شمال الشمال اليمني ابتداء من العام 2004 وحتى العام 2010, وهي الحرب التي قادها بالنيابة عن النظام اليمني قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية اللواء الركن علي محسن الأحمر الذي أعلن انشقاقه عن الجيش اليمني وموالاته للثورة السلمية في الـ21 من مارس, بعد ثلاثة أيام من حادث جمعة الكرامة في العاصمة صنعاء.

واجه الرئيس صالح ثورة شعبية عارمة عام 2011 أدت إلى توقيعه على المبادرة الخليجية في الـ23 من نوفمبر 2011 بالعاصمة السعودية الرياض, والذي بموجبها سيترك منصب الرئيس في الـ21 من فبراير الجاري لصالح نائبه عبدربه منصور هادي أي غدًا الثلاثاء.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن