«مأرب برس» ينشر الصور والسير الذاتية لشهداء جمعة الكرامة

الإثنين 19 مارس - آذار 2012 الساعة 02 صباحاً / مأرب برس/ محمد الجماعي
عدد القراءات 20168
 
 

في رحلة الكتابة عن الشهداء يغدو الترحال وارتياد المسافات جزءا من أرواحنا، وسنظل نحلم أن تكون لنا بأولئك الرجال قرابة.. أولئك الشهداء الذين يسكنون أحلامنا ووجداننا.. الذين رحلوا ليبقوا.. واستشهدوا ليحموا ويحنوا ويسندوا.. لم يتركوا خلفهم سوى الحنين الهادر لحضورهم الآسر..

السير الذاتية للشهداء هنـــــــــــــــــــــــا

كلما طاف خيالنا بساحات الثورة وذكرياتها، أخبرتنا جمعة الكرامة وأخواتها أننا لا نشفى من ذاكرتنا، كلما توقفنا طويلاً عند ذلك الجدار، نبحث فيه عن ذكرى جراحنا الأولى.

مأرب برس وبالتزامن مع الذكرى الأولى لمجزرة جمعة الكرامة، ينشر دراسة مصغرة جدا، لتلك الأرقام والتصنيفات والتنوع الذي شهدته جمعة الكرامة من خلال أسماء الشهداء ومناطقهم وتخصصاتهم وأماكن إصاباتهم..

46 شهيدا هم الذي سقطوا في مجزرة الثامن عشر من مارس 2011، ولقد شكل هذا الحدث منعطفا هاما في التسلسل الزمني للثورة، وتحولا فاصلا في الذاكرة الجمعية للشعب اليمني الذي لم يألف مثل هكذا جرائم يخطط لها النظام ضد شعبه في محاولة فاشلة لقمع الاعتصامات التي لم يكن قد مر عليها سوى شهرين.

بغباء كبير كان النظام يتعامل مع الأساليب الحديثة لإسقاط الأنظمة، ونظرا للحالة السيئة التي مر بها اليمنيون وغيرهم من شعوب الربيع العربي، فقد صار من السهل على المواطنين الثوار مواجهة آلات القمع بصدور مفتوحة أو عارية كما يقال، بسبب الاطمئنان الكبير إلى نتائج هذا العمل ومعرفة لمن الغلبة من خلال تجارب سابقة لشعوب الأرض..

وعليه فقد كانت جمعة الكرامة بالنسبة لنظام عصبوي ممزق تمثل نهاية النهاية لذلك النظام، بسبب تقليدية الوسيلة التي يستخدمها وعدم نجاعتها في العصر الحديث..

لذلك كان من الطبيعي أن نشاهد من خلال المشاهد المعروضة في الفضائيات لعمليات القتل والقتل المتزايد، كيف أن الشباب كانوا صامدين أمام ذلك الدخان المتصاعد وما يأتي من ورائه من حمم وبراكين تقتل فيهم عن اليمين وعن الشمال..

وبنظرة فاحصة لأسماء الشهداء وبلدانهم وتخصصاتهم وأعمارهم وتوجهاتهم، يتبين للقارئ الكريم كيف أن أصحاب هذه الأسماء والفئات العمرية والبلدان والتخصصات والتوجهات، كانوا يدينون بذات الولاء لمبدأ، لئن كسر مدفعهم سيفي فلن يهزم باطلهم حقي. كما يكشف هذا التنوع الديموجرافي عن هوية واحدة للثورة اسمها السلمية، إذ أن أكثرهم من أسر وعائلات لها باع قديم في النضال. وإننا إذ نرصد مثل هذا الكلام في هذه الزاوية، لا نعني قطعا الترويج لإعادة إنتاج ذات المكونات والقوى مهما يكن، غير أنه يمكن القول أن التاريخ يحضر من جديد، في أسماء وصور ومواقف جديدة، وهو ما يؤكد نظرية تغذية التاريخ للحاضر بما لديه من مخزون وإرث حضاري مدافع عن المظلومين وعن حقوقهم المهدورة..

يأتي مثلا في الصدارة الشهيد محمد حسين الثلايا، والشهيد منيب يفوز الحكيمي بعد أكثر من نصف قرن على سقوط كل من الشهيد أحمد يحي الثلايا والشهيد عبدالله الحكيمي شهداء في سبيل الثورة السبتمبرية، ومثله الشامي والشرعبي والشاهري، إلى آخره..

مواقف في الذاكرة..

أم الشهيد علوي الشاهري

تحكي أم الشهيد علوي الشاهري أن ولدها حاورها حوارا جميلا قبل أن يفارقها إلى الساحة ثم إلى الأبد، قال لها وداعا يا أم الشهيد، قالت: ما دام وقد فيها شهادة والله ما تخرج من عندي. قال لها يا أمه أنا أشتي أسقط النظام، قالت يا ولدي ليش ما فيش في صنعاء إلا أنت، قال أيوه ما في إلا أنا!!..

-يا ابني أنا خايفة عليك..

-أنا أشتي أكون شهيد..أشتي تلبسي تاج الوقار

-أيشوه تاج الوقار؟

-اللي يلبسوه مثل التاج

-ما اشتيش قدني طافحة من هذا (تقصد الشرشف)

-يامه أشتي أشفع لسبعين من أهلك..

-ياإبني عادهم ما ماتوا سبعين!!

وهكذا استمر الحوار حتى اقتنعت الأم بذهاب ولدها راضية عنه..

والد الشهيد ربيش الحاكم

كان يطالبنا كل يوم في قناة سهيل أن نسجل حلقة ولده، وكانت الظروف تمنعنا من ذلك، وظل التواصل بيننا عدة أشهر وإذا بنا نفاجأ أن والد الشهيد قد استشهد في حي الحصبة، إنا لله وإنا إليه راجعون..

أرملة الشهيد خالد الحزمي

تقول إنه بموت زوجها الشهيد خالد الحزمي انطفأ العالم، وأنها تعمل الآن على تجهيز متحف يحتوي على مقتنيات زوجها، كل ما كان يخصه..

الشهيد أسامة الأشول (16 عاما)



كانت أمة تحكي لنا آخر ما دار بينها وبينه قبل توجهه إلى ساحة التغيير بصنعاء، يوم خرج أسامة من بيته بعد أن ودعها، لآخر مرة منذ بدأت الثورة حيث كان يذهب إلى البيت لكي يغير ملابسه ويسلم على أمه ثم يعود إلى الساحة.

كان طموح أسامة كبيرا من خلال حديثه مع أمه، فالبلاد من وجهة نظره سوف تتغير للأفضل وسوف يتحسن وضع المواطن ويأخذ الموظفون راتبا أكبر..

أسامة علي يحي الأشول، هو الأخ الثالث من بين ستة إخوة ذكورا وإناثا، وكان ملتحقا بمؤسسة اليتيم التنموية في الصف الأول الثانوي، ويحلم بأن يكون مهندسا من خلال دراسته في مجال الألمنيوم مع اثنين من إخوته في مؤسسة اليتيم ويسكن عند أعمامه حيث البيت الجامع للأسرة..

في نظرات والدته حزن كبير، غير نبرتها في الحديث كانت تنبئ عن مخزون للشجاعة والحنكة، كان ولدها الشهيد أسامة يتزود منه كلما عاد إلى البيت للسلام عليها وتغيير ملابسه..

أسامة الأشول يبلغ من العمر 17 عاماً وكان شاباً حماسياً ومحبوبا من الكل حتى أن زملاءه وأحبابه صاروا يسمون الحارة بحارة الشهيد أسامة الأشول..

وسجلت له قناة الجزيرة مشهدا قبل استشهاده وهو يصيح بصوته رافعا أصبعين من أصابعه ويحلف: سيرحل والله إنه سيرحل..

أنور عبد الواحد الماعطي (17) الشهيد الفاتح

كان يمكن أن تمر جمعة الكرامة وهو يتجول في الحديقة.. أو في قريته مسور الحجلة بخولان الطيال مع الأهل والأصدقاء..أو في استقبال أصدقائه في منزله الجميل..

لكن ملامح الفتى تكشف عن غرامه بالتأمل، والتصالح مع النفس إلى حد كبير.. مع هدوئه وقلة كلامه، ومبادرته وحبه للانجاز..

في منطقته الواقعة شرقي العاصمة صنعاء، ومن تلك المنازل الطينية استقى أنور عبد الواحد الماعطي نكهة التاريخ وأصالة الانتماء.. وفي مدرسة الشيخ حسين بن علي الصلاحي، درس حتى الصف الثاني الثانوي العلمي وهي ذات المدرسة التي درس فيها شيخه في القرآن ورفيقه في الثورة والشهادة الشهيد الحافظ محمد قناف غنيم..

الثامن عشر من مارس ألفين واحد عشر.. جمعة الكرامة.. كان القناصة يعتلون منزلا محصنا لأحد سدنة النظام العائلي.. كانت الأجواء معدة سلفا لتنفيذ أبشع مجزرة شهدتها العاصمة صنعاء.. كانت الأرض تفترش النيران الكثيفة والسماء تعصب وجهها بالدخان..وتمطر رصاصا..

الوقت بُعيد صلاة جمعة الكرامة.. المكان أمام بوابة ذلك المنزل الذي ينطلق الرصاص من كل نوافذه وشرفاته من قبل محترفين على أعلى مستوى من الإعداد والتدريب..

كان لأنور ذي الستة عشر ربيعا، ومن في حكم سنه، أن يرتاع من كثافة النيران، أن يخشى على حياته وهو يرى الإصابات المتتالية توقع الواحد تلو الآخر بين يديه ومن خلفه..

قرابة ثلاثين شهيدا سقطوا في دقائق معدودة.. والشباب يبحثون عن ممر مناسب لإيقاف القتل الممنهج، لكنهم لم يجدوا الطريق.. فجأة، ومن بين الرصاص الكثيف يندفع فتى وضيء الوجه، باتجاه المكان الذي أعد للموت المحتم.. يصعد على أكتاف الشباب المحاصر.. يقفز إلى الجانب الآخر ويرمي بثقل جسمه كله صوب الباب فيفتحه.. ليطلق عليه القناصة رصاصة الغدر من الخلف.. وبالتالي يترك المجال لغيره ليكمل المهمة..

وإزاء الأعداد التي كنا سنشهدها إزاء عمليات القتل الممنهج.. وجميع الشباب هدف للقتل والرصاص.. بادر أنور فنال عن جدارة وبطولة لقب الفاتح.. يرفع أصابعه بإشارة النصر وهو محمول على أيدي من بادروا إلى إسعافه من رفاقه في الثورة..

لم يكن مقيما في ساحة الاعتصام بسبب التزامه في مقعد الدرس بمدرسته، لكنه كهؤلاء كان يؤمن بالحق في التغيير.. بالثورة.. بالحق في الحرية والعيش الكريم.. حتى ولو قطع المسافة من خولان إلى صنعاء يوميا..

هو شبل مبادر.. يحمل هما بحجم حلم شعب وإرادة أمة.. انطلق من حلمه الحق.. وجسد في حياته اليومية أخلاق حلمه الجميل.. ومثلما قدم رسالة في حياته قدم أيضا رسائل كبرى يوم وبعد شهادته.

 


جدول 1








































عرفات محمد أحمد الحمزة محافظة البيضاء 2011.3.18م الامانة
معاذ عبد الرحمن عبد الرقيب .الصبري محافظة تعز 2011.3.18م الامانة




 
إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الثورات الشعبية