صحيفة (كرسيتيان ساينس) الأمريكية: رئيس اليمن الجديد يربك توقعات المتشائمين بقدرته على التغيير ببلده الفقير

الأحد 29 إبريل-نيسان 2012 الساعة 04 مساءً / مأرب برس - تحرير وترجمة خاصة- بقلم: ادم بارون
عدد القراءات 8108
 
 

قالت صحيفة "كرسيتيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن رئيس اليمن الجديد، عبدربه منصور هادي أربك توقعات المتشائمين، بقدرته على جلب التغيير إلى بلده الفقير الذي قالت أنه يواجه تحديات لا تعد و لا تحصى، تؤثر على أمنه و استقراره, ليس اقلها خطر القاعدة في شبه الجزيرة العربية، واعتقد كثيرون أن العملية السياسية في البلاد ستستمر كما كانت في الماضي.

وقالت الصحيفة في تقرير صحفي لها أن "هادي الذي يبدو أكثر ثقة في منصبه الذي تولاه قبل شهرين، شرع في القيام بما يصفه الكثيرون بعملية إصلاحات حذرة، بعد أن تولى الحكم من على عبدالله صالح" الذي قالت أنه "أمسك بحكم البلاد 33 عاما، من خلال المناورات الذكية و شبكة المحسوبية المتجذرة بعمق".

وأشارت إلى أن "هادي الذي شغل منصب نائب الرئيس فترة طويلة وعرف نسبيا بالغموض، وصل إلى الحكم أواخر شهر فبراير بموجب اتفاق تم برعاية غربية لإنهاء الاحتجاجات التي استمرت لمدة عام" وانه منذ ذلك الوقت قد قام بإقالة العديد من المحافظين الذي كان قد عينهم صالح، كما بدا بإصلاحات في القطاعين العام و الخاص. لكن ربما أن أبرز ما قام به هادي هو دخوله الحذر في عملية إعادة هيكلة الجيش بالغة الحساسية.

هادي بتلك الخطوات فاجأ العديد من المراقبين. في حين أكدت أن الكثير كانوا ينظرون الى هادي على انه جزء مخلص من النظام السابق، وأن الكثير من اليمنيين يعتقدون انه شخص لا يستطيع و ليس لديه رغبة في معالجة المشاكل التي تواجه اليمن".

"التمثال المنصوب"

وحسب التقرير الصحفي لصحيفة "كرسيتيان ساينس مونيتور" فقد "أصبح هادي رئيسا عبر انتخابات المرشح الوحيد بموجب اتفاق نقل السلطة الذي اشرف عليه مجلس التعاون الخليجي، لارغام صالح الذي كان هدفا لاحتجاجات شعبية استمرت لمدة عام، على التنحي عن منصبه".

مشيرة إلى أن "فترة العقد ونصف التي قضاها هادي نائبا لصالح أكسبته سمعة بأنه عاجز إلى حد كبير، و انه شخصية غامضة. كان العديد من المثقفين اليمنيين يطلقون عليه بسخرية اسم "التمثال المنصوب"، بسبب حضوره الصامت دائما خلف صالح في المناسبات العامة.

وأوضحت الصحيفة إلى ان النظرة الى هادي الرجل العسكري الذي ينحدر من جنوب اليمن المضطرب، كانت على انه من المخلصين لصالح. كما كان ينظر على نطاق واسع إلى تعيينه كنائب للرئيس على انه مكافأة لدعمه لصالح خلال الحرب الأهلية التي قامت في 1994 بين شمال اليمن وجنوبه، بل وحتى عندما تم قمع المتظاهرين، الأمر الذي دفع العشرات من أعضاء المؤتمر الشعبي العام الى الخروج عن الرئيس السابق، في الوقت الذي وقف فيه الرئيس هادي الى جانبه.

وأكدت الصحيفة أن القليلين هم من توقعوا أن يأتي هادي بشيء جديد، عندما جاء الى السلطة بدعم كل من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه صالح و أحزاب المعارضة.

صالح يلعب دور المخرب؟

وأكدت صحيفة "كرسيتيان ساينس مونيتور":" ان هادي يبدو عازما على إجراء الإصلاحات بالرغم من التحديات الماثلة أمامه". معتبرة بالمناسبة "أن إعادة هيكلة الجيش المنقسم يعد من اكبر المهام التي تواجه هادي و حكومة الوحدة الوطنية، التي من المتوقع أن تشرف على عملية الحوار الوطني و إعادة صياغة دستور البلاد".

وقالت:"الجيش الذي كان يمثل أساساً لحكم صالح، يقوده على نطاق واسع أفراد من عائلة الرئيس السابق و حلفائهم القبليين، لكن خلال العام الماضي أدى انشقاق عدد من قادة الجيش الاقوياء الى تصدع في الدائرة المحيطة بصالح".

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن"الاشتباكات التي دارت بين القوات الموالية لصالح والقوات التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، حولت مساحات في وسط صنعاء الخريف الماضي إلى منطقة حرب فعلية"، وفي وقت قالت فيه أن " خطر عودة العنف بين الفصائل تبدد مؤقتا، لكن الانقسام الحاصل داخل الجيش أحبط الجهود المبذولة لاستعادة النظام في اليمن".

الحوار الوطني قد يمهد الطريق لإعادة صياغة دستور اليمن

ووفقا لتقرير الصحيفة فقد "لقيت الخطوات التي اتخذها هادي استحسانا بين بعض الدوائر ، حيث قالت أن "ناطق باسم الحكومة وصف بحماس مجموعة القرارات التي اتخذت في 6 ابريل بأكبر تغييرات عسكرية في تاريخ اليمن الحديث" – إلا أنها قالت ان "ردود فعل بعض الشخصيات المقالة أكد على الطبيعة الشائكة لعملية إعادة هيكلة الجيش".

وأكدت الصحيفة أن "اثنين من القادة العسكريين الذين تم إعادة تعيينهم (إقالتهم) في 6 ابريل – قائد القوات الجوية المقال و هو الأخ غير الشقيق للرئيس السابق، و قائد الحرس الرئاسي، طارق محمد صالح، ابن شقيق الرئيس السابق – رفضوا أوامر هادي"، غير أنها عادت لتأكد أنه "بينما رضخ قائد القوات الجوية اخيرا للضغوطات الدولية التي مورست عليه لقبول الأمر، لا يزال مصير ابن شقيق صالح غير واضح".

وقال تقرير الصحيفة أن "صالح الذي لا يزال باقي داخل البلاد و يترأس حزب المؤتمر الشعبي العام، بدا و كأنه يتغاضى عن تمرد أقربائه في البيانات العامة، مما يثير مخاوف أن يلعب دور المخرب (المعطل) للعملية الانتقالية التي تمر بها اليمن".

وأكدت على "أن العلاقة الودية التي جمعت هادي و سلفه في السابق، أصبحت اليوم متوترة على نحو متزايد".

في حين قالت لن "العديد من أقربائه لايزالون "يسيطرون على مناصب قيادية في الجيش و الاستخبارات، كما هو الحال ايضا مع المنشق القوي علي محسن"- وفق تعبير الصحيفة.

ووفقا لتقرير الصحيفة فإنه "وفي ظل بقاء خصوم مدججين بأسلحة ثقيلة كهؤلاء في مناصبهم ، سيكون هادي مجبرا على الاستمرار في أعمال التوازن بكياسة، بينما يستعد اليمن لعملية الحوار الوطني، و الذي قد يمهد الطريق لإعادة صياغة دستور اليمن".

باني الدولة الذي تحتاجه اليمن؟

وذهبت الصحيفة في تقريرها إلى التأكيد على "أن مهام المرحلة الانتقالية تمثل مجرد جزء بسيط من التحديات التي تواجه يمن ما بعد حكم صالح. في وقت قالت أن فيه "تخوض القوات الحكومية معارك ضارية مع المسلحين التابعين لتنظيم القاعدة الذين استولوا على عدد من البلدات جنوبي البلاد، بينما دفعت الآثار العالقة بعد عام من الصراع و انعدام الرؤية، دفعت اليمن التي تعاني أصلا من ضعف الاقتصاد إلى شفا الانهيار".

وأوضحت أنه "وبينما يصف المحللون الشهرين الأولى لهادي في منصبه الجديد بأنها كانت سببا لتفاؤلهم الحذر، الا أنهم يقولون أن أعمال الرئيس الجديد بدأت الآن فقط".

ونقلت الصحيفة في تقريرها عن عبدالغني الارياني - المحلل سياسي من صنعاء، قوله "أن هادي اظهر حتى الآن مصداقية و قيادة، لكنه لم يظهر الا قليلا من الأدلة الملموسة على أن حكمه يختلف حقيقة عن سلفه" وفقا لقوله. مشيرا إلى أن تصرفات هادي حتى الآن تمثل خطوة صغيرة في الطريق الصحيح.

وأضاف الارياني:"ما زلنا ننتظر ظهور الإشارات التي تدل على انه باني الدولة الذي تحتاجه اليمن بشدة."

   ترجمة مهدي الحسني

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن