هجرة رؤوس أموال وطنية تتجاوز مئات المليارات دولار خلال العشرين سنة الماضية

الخميس 18 إبريل-نيسان 2013 الساعة 05 مساءً / تقرير: خاص
عدد القراءات 5705
جرت العادة أن تصدر عدد من وسائل الاعلام العالمية والعربية قوائم سنوية لابراز شرائح مجتمعية مؤثرة في العالم، سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي، أو الفني.
ومن أشهر تلك القوائم السنوية، قائمة مجلة فوربس لأثرياء العالم التي تصدر عن مجلة فوربس الأمريكية.
وعادة ما تتضمن تلك القائمة رصد لأكثر 100 شخصية من رجال الأعمال امتلاكا للثروة، بالاضافة إلى أماكن تركز الثروة حول العالم.
وتتضمن قائمة اثرياء العالم، شخصيات عربية كدليل على تواجد الثروة في المنطقة العربية ومنطقة الخليج تحديدا، فيما تخلو هذه القائمة من أي شخصية يمنية رغم معلومات مؤكدة عن حصول شخصيات يمنية على ثروة تتجاوز ثروات شخصيات دخلت قائمة فوربس لأثرياء العالم.
ويرجع عدد من الاقتصاديين عدم تضمن هذه القائمة لأي من الشخصيات اليمنية إلى أن اعمال رجال الأعمال اليمنيين لا تخضع لمعايير الادارة المؤسسية الرشيدة، وطغيان الاقتصاد غير المنظم على حركة الاقتصاد اليمني.
وفي هذا السياق لفت الخبير الاقتصادي فؤاد القاضي إلى أن قائمة أثرياء العالم تضمنت عدد من رجال الأعمال ذوي الاصول اليمنية والتي يمارسوا انشطتهم التجارية في بلدان أخرى تطبق معايير الادارة الرشيدة على أنشطة الأعمال وعلى الحركة الاقتصادية والتجارية،
وأكد القاضي في تصريح لمارب برس أن أغلب أنشطة رجال الأعمال اليمنيين وتجارتهم غير مسجلة في الدورة المستندية لحركة النشاط الاقتصادي الرسمي, ابتداءا من تسجيل بدء ممارسة أنشطة الأعمال مرورا بجميع بيانات الاستيراد والانتاج والفحص والمطابقة وكذا البيانات الضريبية والجمركية وفواتير البيع والشراء، ما يجعل أغلب حركة النشاط الاقتصادي في البلد غير منظم.
وحذر القاضي من خطورة استمرار مثل هذه الحالة لما يكتنفها من عمليات مشبوهة تستغل في التهرب الضريبي والجمركي وكذا عمليات غسل الأموال وتهريبها إلى الخارج.
وأكد أن مقاومة القطاع الخاص لتطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات في ظل تساهل حكومي خلال السنوات الماضية شجع على تنامي الاقتصاد الوهمي، مقابل انحسار الاقتصاد الرسمي.
بالمقابل أرجع الاكاديمي الاقتصادي، عبدالله باذيب خلو قائمة اثرياء العرب من أي شخصيات يمنية إلى ضعف الاستثمارات الكبيرة لاسباب ومخاوف تتعلق بمدى استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية ومدى تأثيرها على الاقتصاد الوطني، الذي يعاني من تحديات متزايدة يوما بعد آخر.
وأشار إلى أن خلو قائمة أثرياء العرب من اي شخصيات يمنية إلى طبيعة الأعمال والأنشطة التي يشتغل بها رجال الأعمال والتي تتسم بالغموض، ويرافقها عدم الافصاح عن أي بيانات تتعلق بأنشطتهم نظرا لمخاوف تتصل بمدى شرعية الثروات التي يمتلكونها، ومصادر الحصول عليها.
فيما أكد الناشط السياسي، كمال المطري أن جزء كبير من الثروة في البلاد تكون نتيجة استغلال الوظيفة العامة في ظل غياب الرقابة الجادة ومؤسساتها الرسمية، وانتشار الفساد والمحسوبية لتكوين ثروات ضخمة تتحول عبر شركات وهمية بأسماء مستعارة وتحت عناوين غير حقيقية لممارسة أنشطة غير موجودة على أرض الواقع ولايوجد لها غرض سوى تطهير الأموال وتحويلها الى أموال شرعية.
ولفت إلى أن ضعف الدور الرقابي لمؤسسات الدولة فضلا عن اشتراك بعض اعضاءها في أنشطة تجارية واقتصادية مشبوهه، ساهم في تنامي الاقتصاد غير المنظم، مشيرا إلى أن البيانات تظهر تنامي الشركات الشخصية والعائلية مقابل انحسار الشركات المساهمة.
ونوه المطري إلى غياب أي توجه حكومي جاد منذ عشرات السنين لإنشاء سوقا للأوراق المالية في اليمن، رغم تواجدها في أغلب البلدان العربية، حتى تلك التي تعاني من تحديات سياسية وأمنية مثل فلسطين والعراق وغيرها.
وأكد أن غياب سوق الأوراق المالية يساهم في انتعاش نمو رأس المال غير الشرعي وتركز الثروة في أيادي مراكز قوى معينة، فضلا عن استمرار هذه الثروة خارج النطاق الرسمي وعدم خضوعها للقوانين الرسمية أو الاستحقاقات الضريبية والجمركية القانونية.
بالمقابل يرى الخبير الاقتصادي علي الوافي ان عدد من الشركات العريقة ورجال الأعمال اليمنيين يقومون بتحويل أموالهم وثرواتهم إلى الخارج، لإقامة مشاريع استثمارية في بلدان اخرى نتيجة مخاوفهم من الأوضاع في البلاد في ظل غياب سيادة القانون واستشراء الفساد والمحسوبية.
ولفت إلى تدني حجم الاستثمارات المسجلة رسميا في الدورة المستندية للاقتصاد اليمني، مثل الاستثمارات في البنوك ومؤسسات التأمين، والتي لا تتجاوز اجمالي ارباحها في العام، ارباح أصغر مؤسسة مالية في احدى دول الخليج.
وأشار إلى أن الاقتصاد غير المنظم يمثل ما نسبته 90 بالمائة من حجم حركة النشاط الاقتصادي في اليمن وهذا ما ساهم بشكل كبير في تمرير عمليات غير شرعية في الدورة الاقتصادية.