تنذر تطورات الأوضاع في صنعاء ومحيطها بانفجار الوضع عسكريا بين السلطات اليمنية ومسلحي جماعة الحوثي (شيعة) التي أعلنت تمردها على الدولة في عام 2004.

وأعلنت السلطات اليمنية السبت أن 17 جنديا بينهم ثلاثة ضباط اصيبوا اثر قيام مجموعات مسلحة تابعة لجماعة (أنصار الله) (الحوثيون) بالاعتداء بالأسلحة النارية على الدوريات الأمنية التابعة لأمن صنعاء أثناء قيامهم بواجبهم الأمني وتنفيذ الدوريات المعتادة لترسيخ الأمن والاستقرار بكافة أحياء العاصمة.

وذكرت اللجنة الامنية بالعاصمة أن الدوريات الأمنية في حي "الجراف الشرقي" تم اعتراضها من قبل مجموعات مسلحة من أنصار الحوثي بعد أن أغلقت الشارع ، وأمطرت الأطقم والأفراد بوابل من الرصاص بشكل مفاجئ من أسطح المنازل ونوافذها والشوارع والأزقة والمتاريس المستحدثة.

وبحسب اللجنة ، أصيب 17 من رجال الأمن منهم ثلاثة ضباط و14 فردا.

وتعد هذه الاعتداءات هي الاولى لجماعة الحوثي في العاصمة صنعاء ضد قوات الأمن اليمنية.

وتقع منطقة "الجراف" الى الجهة الشمالية من صنعاء وينتشر فيها مسلحو الحوثي بشكل كبير ، وهي منطقة استراتيجية على مقربة من مطار صنعاء الدولي ومن مقر قيادة سلاح الجو اليمني وقاعدة (الديلمي) الجوية ، وكذلك مقر وزارة الداخلية ومبنى التلفزيون الرسمي.

وأبلغ سكان محليون اليوم (الأحد) وكالة أنباء ((شينخوا)) أن المسلحين الحوثيين يتمركزون في مناطق عدة الى الجهة الغربية والشمالية الغربية المتاخمة للعاصمة صنعاء ، في مديريات همدان وبني مطر وغيرها،وان تعزيزات كبيرة تصلهم من المسلحين ومن العتاد العسكري.

وتأتي تحركات جماعة الحوثي الأخيرة في حين يخوض مسلحوها مواجهات عنيفة ومستمرة مع وحدات عسكرية بمناطق عدة بمحافظة عمران التي تبعد نحو (50 كم) شمال صنعاء.

وتعد جماعة الحوثي الشيعية أكبر جماعة يمنية مسلحة أعلنت تمردها عن الدولة في عام 2004، وخاضت ضد قوات الجيش ستة حروب حتى 2009، ولكنها انضمت الى الثورة اليمنية في 2011 ، وسيطرت من حينها على عشرات المدن والمناطق في الشمال اليمني بقوة السلاح.

وشاركت الجماعة في مؤتمر الحوار الذي اختتم اعماله بصنعاء مطلع العام الجاري ، ولكنها لم تلتزم بمخرجات الحوار الداعية الى انهاء الصراعات المسلحة والبدء في بناء اليمن الجديد.

وأكد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي نهاية الاسبوع المنصرم أن على الحوثيين الالتزام بمخرجات الحوار والتهدئة وعدم تجاوز الخطوط الحمراء.

وشدد هادي على ان "ما جرى ويجري في محافظة عمران من تحركات ومواجهات لابد من الوقوف أمامها بحزم ولا يجوز توسيع المواجهة أو تجاوز الاتفاقات المبرمة وعلى جميع الأطراف الالتزام بها".

وأضاف "لن نسمح أبدا بأي تهديد أو خروقات مهما كانت المبررات وعلى الحوثيين الالتزام بمخرجات الحوار والتهدئة وعدم تجاوز الخطوط الحمراء".

وجاءت تصريحات هادي على خلفية تجدد المواجهات في عمران بين وحدات عسكرية ومسلحي جماعة الحوثي بعد انهيار هدنة تم التوصل اليها لوقف إطلاق النار.

وترى السلطات اليمنية في تحركات مسلحي جماعة الحوثي "سوء نية" لتفجير الوضع في العاصمة ، في حين تؤكد الجماعة أنها ستواجه أي عدوان وفي أي مكان كان.

وقال مصدر مسؤول في مكتب وزير الداخلية اليمني لـ ((شينخوا)) ان ما حدث في منطقة "الجراف" تصرفات تنبئ عن "سوء نية" ومحاولة من قبل الجماعة لتفجير الوضع عسكريا في العاصمة ، مؤكدا ان السلطات الامنية لن تبقى مكتوفة الايدي تجاه هذه التحركات.

واضاف المصدر ، والذي فضل عدم ذكر هويته ، ان جماعة الحوثي والتي تتخذ من منطقة "الجراف" بالعاصمة مقرا سياسيا لها ، نشرت مؤخرا مسلحين في عشرات المنازل وأقامت متاريس عسكرية في المنطقة ، وهم بذلك يثيرون قلق السكان ، مشددا على ان الدولة ستتعامل مع هذه التحركات بحسم وفقا للقانون.

واشار المصدر الى ان الاجهزة الامنية لديها خارطة متكاملة عن التواجد المسلح للجماعة وانها ستواجه اي تحركات لهذه المجاميع وفقا للقانون.

ولا يزال المئات من انصار جماعة الحوثي في خيام الاعتصامات في "ساحة التغيير" امام جامعة صنعاء التي اندلعت منها ثورة الشباب ضد حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، ويطالب هؤلاء حاليا بإسقاط الحكومة ويخرجون بمظاهرات بين الحين والآخر تبعا لتوجهات الجماعة.

من جهتها ، قالت جماعة الحوثي انه لا نية لديها لتفجير الوضع عسكريا سواء في العاصمة صنعاء او غيرها من المناطق وان اي عدوان على انصارهم او السكان سيتم مواجهته في اي مكان سواء بالعاصمة او غيرها.

وقال علي القحوم من المكتب الاعلامي لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في تصريح لـ ((شينخوا)) ان بيان السلطات الامنية امس عن احداث الجراف فيه "تضليل للحقيقة" ، مشيرا الى ان حملة امنية قدمت لاقتحام المجلس السياسي للجماعة في المنطقة.

واضاف " السكان فقط يقومون بالرد على الاعتداءات المتكررة ، ولم يهاجموا أحدا ".

واكد القحوم انه " لا نية لديهم بتفجير الوضع عسكريا سواء في العاصمة صنعاء او غيرها من المناطق وان اي اعتداءات على السكان وأنصار الجماعة ستواجه بالرد في اي مكان سواء في العاصمة او غيرها".

ويحذر مراقبون هنا من ان الوضع يوشك على الانفجار عسكريا بالعاصمة صنعاء خاصة في ظل التطورات الأخيرة.

وقال المحلل العسكري اليمني حامد ابو البدرين لوكالة انباء ((شينخوا)) ان احداث "الجراف" الاخيرة نذير حرب وشيكة ومرتقبة في المنطقة الشمالية من العاصمة صنعاء.

واضاف " تفجير الوضع له عدة اهداف افتراضية ومحتملة لجماعة الحوثي لعل اهمها هو السعي للسيطرة على مطار صنعاء ثم قاعدة الديلمي الجوية والتي تشكل التفوق الوحيد الذي تمتلكه الدولة ازاء ما يمتلكه الحوثي من ترسانة عسكرية مكنته من السيطرة على مناطق عدة شمال البلاد.

وحسب المحلل العسكري ، فان " موقف الدولة تجاه تحركات الحوثي ضعيف .. حيث كان الاحرى بالدولة ان تضع حدا لهذه التحركات قبل فوات الأوان فالجماعة لا تحتل موقعا ولا تسيطر على جبلا جزافا .. الحوثي لديه مشروع يخدمه وكل ما يقوم به من اعمال عسكرية في الميدان تخدم نجاح هذا المشروع".

بدوره قال المحلل السياسي محمد الظاهري لـ ((شينخوا)) ، ان ما جرى في "الجراف" تجاوز للخطوط الحمراء التي تحدث عنها هادي ، وهي مؤشر لتفجير الوضع عسكريا من قبل جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء.