آخر الاخبار

عرقلة سياسية لـ "مو" صلاح بالمونديال تثير غضبا بريطانيا وجدلا مصريا (تقرير)

الخميس 28 يونيو-حزيران 2018 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس ـ الاناضول
عدد القراءات 4867

حزن وعدم احتفاء بالتهديف في مونديال روسيا، أثارته صور ومشاهد عدة للاعب المصري المحترف في ليفربول الإنجليزي محمد صلاح خلال الساعات الماضية، كانت مثار جدل بمصر، وغضب في بريطانيا.

وجاء ذلك بالتوازي مع تقارير صحفية لا سيما بريطانية، تتحدث عن عرقلة مبكرة لـ "مو" (لقب صلاح) بإقامة بعثة منتخب بلاده في العاصمة غروزني، واحتفاء رئيس الشيشان رمضان قديروف مرات عدة بشكل "مسيس"، ينفيه الأخير المقرب من روسيا التي تواجه أزمة سياسية مع بريطانيا.

وفي مارس / آذار الماضي، اتهمت لندن روسيا بالتورط في تسميم العميل الروسي سيرغي سكريبال وابنته يوليا، وقررت عدم التمثيل البريطاني الرسمي في المونديال، رغم النفي الروسي.

و"مو" الذي يعد أحد أيقونات التشجيع لدى الجمهور البريطاني، ظهر بهذا الحزن والجدل بقوة قبل مباراة السعودية، الاثنين، التي هزمت فيها مصر بهدفين مقابل هدف، حيث انتشرت صور لـ "صلاح" في التدريبات يقف ووجهه للأسفل، يحمل ملامح انكسار بعيدا عن باقي زملائه بالملعب.

هذه الملامح الحزينة سبقتها بيوم مفأجاة نقلتها "سي إن إن" الأمريكية، لم ينفها اللاعب رسميا حتى الآن، عن نيته الاعتزال الدولي عقب ما اعتبر "استغلالا سياسيا ودعائيا" له من جانب الرئيس الشيشاني، ونفى الاتحاد المصري لكرة القدم ذلك.

وزادت وتيرة الحزن والجدل عقب تسجيل "صلاح" هدف منتخب بلاده دون أي مظاهر احتفال. وعقب خروج المنتخب المصري بـ "صفر" من المونديال عقب 3 هزائم، تجدد الحديث عن أن الخاسر الأكبر هو "مو"، وليس المنتخب فقط، خاصة مستقبله الرياضي في بريطانيا.

"لعنة" السياسة التي تطارد "صلاح" بشأن حلمه في الاستمرار في الاحتراف واللعب الدولي ليست الأولى، فسبق أن لاحقت لاعب المنتخب المصري والنادي الأهلي السابق محمد أبو تريكة الملقب بـ "الماجيكو"، اتهامات سياسية في بلاده، حيث أدرج في "قائمة إرهاب" لم تلغ بعد.

ويرى خبيران عراقي ومصري في حديثين منفصلين مع الأناضول، أن مستقبل صلاح سيلقى دعما كبيرا من جماهيره، وسيستمر مع منتخب بلاده والفريق الإنجليزي، وستمر تلك الأزمات بسلام.

ولفت أحدهما إلى أن تلك الأزمة السياسية ستكون لها تداعيات نفسية يحتاج اللاعب تجاوزها، بخلاف تداعيات الإصابة التي يبدو أنه بحاجة إلى تجاوزها أيضا.

** غضب بريطاني

منذ الظهور الأول للرئيس الشيشاني في 10 يونيو / حزيران الجاري بملعب تدريبات منتخب مصر في عاصمة بلاده غروزني، وانتهاء بمنحه المواطنة الشيشانية الفخرية لصلاح، لم تتوقف وسائل إعلام بريطانية عن إبداء الملاحظات والانتقادات، دون أن يصرح اللاعب أو ناديه "ليفربول" بمستقبل تلك التداعيات.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "BBC" في 12 يونيو الجاري، عن بيارا بوار الأمين العام لمنظمة "فير"، المعنية بقضايا التفرقة في الرياضة قوله: "لقد رفعنا شكوى للفيفا حول اختيار الشيشان مقرا للتدريبات (..) ولو كنت تعرف قديروف، فستكون متأكدا أنه سيحاول تحقيق مكاسب سياسية من هذا الملف وهو الأمر الذي حدث فعلا"، وهو ما نفاه قديروف كلية في تصريحات لاحقة آنذاك للمصدر ذاته.

وآنذاك، قالت منظمة "العفو الدولية" (مقرها لندن)، إن ما حدث لصلاح واستضافة قديروف عبارة عن "عملية غسيل سمعة بشكل رياضي"، وفق المصدر ذاته.

ونشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية مقالا للكاتب بينيدكت سبنس بعنوان "اعتزال محمد صلاح سيكون مؤلما له ولمحبيه، ولكنه سيكون أيضا القرار الصحيح".

وقال سبنس، إنه ما من شك أن صلاح قد أصبح وجها عالميا في مجال الرياضة، وواجهة للإسلام الحديث، لكن الطريقة التي استُخدم بها من قبل بعض الحكومات لأسباب دعائية وسياسية تركته دون خيار، نافيا أن يكون صلاح سعيدا بهذا الأمر.

وأشار الكاتب أن الموسم الذي بدأه صلاح بسرعة وخيال وذكاء، انتهى بهزيمة محبطة مع فريق بلاده أمام المنتخب السعودي، بخلاف ما يجري تداوله عن نية اعتزاله اللعب الدولي، مستنكرا "استغلال قديروف لوجود صلاح لغسل سمعته المتهمة بالانتهاكات".

وانتقدت صحيفة "تليجراف" البريطانية مؤخرا حصول صلاح على المواطنة الشيشانية من قبل حاكم متهم بانتهاك حقوق الإنسان".

** جدل بمصر

في مصر، اعتبر الرياضي والإعلامي المصري أحمد شوبير في برنامجه التلفزيوني، أن تكريم رئيس الشيشان كان عاديا، وتحول عكس ذلك بعد الهجوم الإنجليزي.

وقال: "بمجرد أن هاجمت الصحافة الإنجليزية مقابلة محمد صلاح رئيس الشيشان بدأ الهجوم من الصحافة المصرية".

وأضاف: "محمد صلاح ظهر بمباراة السعودية في ضيق، وليس لديه مزاج وكأنه ليس هذا محمد صلاح الذي نعرفه، وبعد أن أحرز هدف في السعودية لم يحتفل، وكأنه في جنازة".

وفي أعقاب جدل بمصر على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لتصدير "صلاح" في أزمة سياسية، تصدر الساعات الماضية هاشتاغ (وسم) #معاك_يا_صلاح، المرتبة الرابعة في الأكثر تداولا بمنصة "تويتر" محليا، بعد ساعات من تصدر هاشتاغ #أنا_مع_صلاح، مراتب متقدمة أيضا.

ونفى اتحاد الكرة المصري في بيانات وتصريحات صحفية لمسؤوليه، أن يكون المنتخب المصري طرفا في أي مسألة سياسية، مؤكدا أن اختيار غروزني لتكون مقرا للإقامة والتدريبات بالتنسيق مع الاتحاد الدولي لكرة القدم.

** أزمات ستمر

من جانبه، قال الخبير الكروي العراقي مجبل فرطوس في تصريحات للأناضول، "الكل يعرف أن محمد صلاح مستقيم، وأي كلام خارج عن هذا الإطار مرفوض، ولا يؤثر عليه ولا على شعبيته، أو مستقبله الرياضي".

وأوضح أن "صلاح" ذهب إلى الرئيس الشيشاني بحسن نية، وهو لاعب كبير يتمنى الجميع استقباله أو التحدث معه، مستدركا: "لكن لا أعتقد أن هناك أي تأثير سلبي على مستقبله الكروي في بريطانيا".

وأشار إلى أنه "لو بريطانيا ـ وهذا مستبعد ـ أقدمت على أي موقف ضد صلاح بسبب رفضها زيارته للرئيس الشيشاني، فهناك أندية كبرى تتمنى أن يلعب لها".

ودعا فرطوس إلى دعم صلاح نجما عربيا ومصريا كبيرا له مستقبل، قائلا إنه "سيستمر مع منتخب بلاده" دون أي توجه لاعتزال اللعب الدولي.

أما الناقد الرياضي المصري طارق عوض فقال للأناضول، إن "أي مشكلات يمر بها نجم في أوقات حساسة مثل كأس العالم، لا شك تؤثر على مشواره الكروي، لكن مع محمد صلاح نتمنى أن يتجاوز تلك المشكلات، فهو اللاعب الأكثر التزاما، ومكانة ويجب الحفاظ عليه".

وأضاف أن الأزمات التي أثيرت بشأن صلاح مؤخرا "أحدثت مشكلتين، إحداهما نفسية جراء الضغوط المتوالية، وأخرى بدنية متعلقة بإصابته التي تحتاج فترة زمنية من أجل عودة قوية من جانبه، ونتمنى أن يعود بسلام وقوة".

وبشأن اعتزال اللعب الدولي، استبعد عوض أن يقدم صلاح على تلك الخطوة قائلا: "صلاح يدرك قيمة بلاده وحب جماهيره، ولن يقدم على هذه الخطوة، وسيعود مع منتخب بلاده الفترة المقبلة للظهور بشكل قوي".

يذكر أن منتخب مصر ودع بطولة كأس العالم 2018 بعد خسارته 3 مباريات أمام أوروغواي وروسيا والسعودية، وتذيله قائمة المجموعة بإجمالي هدفين من إحراز محمد صلاح.

وأثار "الصفر المصري" في المونديال أجواء حزن كبيرة، ومطالبات بفتح تحقيق حول أسباب مستوى المشاركة بكأس العالم الذي تم بعد غياب 28 عاما، منذ مشاركة 1990.