آخر الاخبار

بتوجيهات مباشرة من أبو خرشفة.. عناصر حوثية تقتحم صالة اعراس وتعتقل 3 فنانين تحرك خارجي جديد للشرعية سعياً لدعم الاقتصاد اليمني والإصلاحات المالية والمصرفية في اليوم العالمي للصحافة مؤسسة الشموع تكشف عن خسائر بالمليارات و تدين تجاهل المجلس الرئاسي عن تعويضها وتدين احتلال ونهب ممتلكاتها في صنعاء وحرق مطابعها في عدن وزارة الداخلية تكشف عن احصائيات الحوادث غير الجنائية في المناطق المحررة صحفي يطالب الحوثيين بتسليم طفله المخفي قسراً منذ عشرة أشهر. عاجل : اتفاق سعودي أمريكي في المجال النووي .. وواشنطن تسعى للملمة المنطقة المضطربة بعد انفرط عقد الأمور أردوغان يعلن عن تحرك يهدف لإجبار إسرائيل على وقف عدوانها على غزة اليمن.. طوفان بشري في مدينة تعز تضامنا مع غزة وحراك الجامعات الأمريكية 41 منظمة إقليمية ومحلية تطالب بوقف الانتهاكات ضد الصحفيين في اليمن .. تزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة نقابة الصحفيين اليمنيين: تكشف عن اثار مروعة للصحافة في اليمن ...توقف 165 وسيلة إعلام وحجب 200 موقع الكتروني واستشهاد 45 صحافيا

محلل أمريكي : يقوم حكم الرئيس اليمني على الفتنة الداخلية وبقاؤه في السلطة سيؤدي انقسامات وأعمال عنف

الإثنين 24 أكتوبر-تشرين الأول 2011 الساعة 06 مساءً / مأرب برس ـ متابعة خاصة
عدد القراءات 7842
 
  

تعمد قوى النظام اليمني إلى إطلاق النار على المتظاهرين بينما بدأ الاقتصاد المحلي ينهار، مع أنه يُعتبر الاقتصاد الأفقر في المنطقة أصلاً، فمع اشتعال الوضع في المدن، تتصارع مجموعات من الأجهزة الأمنية والميليشيات القبلية والمقاتلين المتطرفين لسد الفراغ الذي يغرق فيه البلد.

غالباً ما يُتّهم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بالمراوغة بينما يحترق بلده، لقد واجه صالح، طوال أشهر، حركة احتجاجية واسعة تفوق تلك التي شهدتها مصر، فضلاً عن حصول انشقاقات عسكرية وقبلية على نطاق أوسع من تلك التي وقعت في ليبيا، تماماً كما يحصل في سورية، تعمد قوى النظام إلى إطلاق النار على المتظاهرين بينما بدأ الاقتصاد المحلي ينهار، مع أنه يُعتبر الاقتصاد الأفقر في المنطقة أصلاً. مع اشتعال الوضع في المدن، تتصارع مجموعات من الأجهزة الأمنية والميليشيات القبلية والمقاتلين المتطرفين لسد الفراغ الذي يغرق فيه البلد.

اليمن مجتمع قبلي غني ببعض الموارد القيمة، ويشهد العدد السكاني فيه نمواً متسارعاً، وتفرض هذه الظروف القاسية- لا الحكومة بحد ذاتها- أثقل الأعباء الوشيكة على المواطنين العاديين، لكن يؤدي حكم صالح إلى تفاقم هذه المشاكل وتهميش معظم شرائح الشعب. نتيجةً لذلك، ارتفع عدد خصومه وتعززت رغبته في التمسك بالسلطة، مع أن تنحيته لن تساهم فعلياً في معالجة التحديات الكامنة ولا في سد الثغرات القائمة في هذا البلد.

هذا هو الوضع الذي ترافق مع عودة صالح من المملكة العربية السعودية في 23 سبتمبر، بعد أن تلقى هناك الرعاية الطبية اللازمة غداة محاولة اغتياله في شهر يونيو، فكان هذا الرئيس قد حكم البلد لفترة أطول من عهود أسلافه الستة مجتمعين، وتحديداً من خلال استغلال موارد اليمن المحدودة وتعزيز الانقسامات القبلية والمناطقية والطائفية.

 وترتكز حنكته السياسية على ثلاث أدوات:

 أولاً، هو يعتمد على شبكة دعم قوية تستند إلى عائدات النفط والغاز الطبيعي، فمن خلال توزيع غنائم الحكومة على أبرز القبائل، والأحزاب السياسية، وقوى الأمن، والعاملين في الخدمة المدنية، هو يشتري ولاء هذه الجماعات ويحرضها على بقية السكان .

ثانياً، يحرص صالح على إحكام قبضته على الجيش، فلم تحتكر الدولة اليمنية يوماً السلطة في أراضيها المضطربة، لذا يتكل صالح على تعيينات قبلية استراتيجية، وعلى الإنفاق السخي، وعلى شبكة من المؤسسات المتداخلة لاحتواء أي انشقاقات محتملة وضمان أن تبقى أكثر الوحدات الموثوقة الجهة الأقوى في البلاد.

أخيراً، هو يضمن الحصول على مساعدات عسكرية ومالية عبر استغلال مخاوف القوى الخارجية من التهديدات النابعة من اليمن، وتحديداً من الماركسيين الذين كانوا يدعمون السوفيات في الحقبات التي سبقت ظهور “القاعدة” وحركة الحوثيين اليوم.

تكمن المفارقة في أن هذه الممارسات هي التي بنت أكثر الأنظمة استقراراً في تاريخ اليمن الحديث، تزامناً مع زعزعة استقرار هذا البلد الذي بُني النظام على أنقاضه. تؤدي أنظمة الرعاية والدعم إلى تعزيز الفساد وإعاقة الحرية الاقتصادية والسياسية، تقوم الأجهزة الأمنية بقمع موجات الاستياء المحلي واستنزاف خزائن الدولة.

على صعيد آخر، توافق الحكومة على تقديم المساعدة في مجال مكافحة الإرهاب لكن من دون معالجة مشكلة تنامي قاعدة دعم المتطرفين وزيادة إمكاناتهم، إذ شهدت الأشهر الثمانية الأخيرة فوضى عارمة وحملة دموية مشينة، لكن دائماً ما يلجأ صالح إلى المراوغة تاركاً اليمن يحترق.

ظهرت هذه المشاكل الكامنة على شكل صراعات مع المجاهدين والانفصاليين وبين الطوائف المختلفة في اليمن قبل فترة طويلة من أحداث الربيع العربي التي دفعت الناس إلى النزول إلى الشوارع. لا يشكل هذا الواقع صدمة كبرى، فربما ما يدعو إلى التعجب فعلاً هو أن إصرار المعارضة على تنحي صالح يقابله إصرار صالح على البقاء في السلطة على الرغم من الانشقاقات الحاصلة، والانتقادات الدولية بحقه، واستفحال أعمال العنف، ومحاولة اغتياله التي دفعته إلى مغادرة اليمن طوال أربعة أشهر تقريباً. لذا لا مفر من طرح السؤال الآتي: ما الذي يدفع صالح إلى التفكير بأنه يستطيع البقاء في السلطة؟

ببساطة، يظن صالح أن العوامل التي قادت نظامه إلى خوض الحروب الداخلية وسمحت له بالصمود خلال العقود الثلاثة الماضية لا تزال قائمة.

على المستوى السياسي، تهدد الانتفاضة المستمرة شبكة الدعم التي يتكل عليها من خلال وقف تصدير موارد الطاقة، وإضعاف قيمة العملة، وتراجع حجم الواردات والمساعدات الخارجية، ودفع شيوخ القبائل والحلفاء السياسيين إلى سحب دعمهم. في الوقت عينه، يكشف هذا الوضع عن الانقسامات الحادة في صفوف المعارضة، ما يمنح صالح الفرصة اللازمة لمتابعة حكمه القائم على مبدأ “فرّق تسد”.

لم يسبق أن رفض صالح خطة مجلس التعاون الخليجي المدعومة من الولايات المتحدة والتي تقضي بأن يسلم السلطة إلى حكومة وحدة انتقالية، ولكنه عمد إلى المماطلة طوال أشهر وأثار المشاكل بسبب أحكام الاتفاق وطرح اقتراحات كان يعرف أنها ستُرفَض حتماً، وقد كسب في الوقت نفسه عداوات جديدة من خصوم متنوعين

لقد نجحت استراتيجيته هذه حتى الآن، فمن المعروف أن المعارضة البرلمانية- وهي نظير صالح في مفاوضات مجلس التعاون الخليجي- هي ائتلاف هش من الإسلاميين، والاشتراكيين، والانفصاليين، والديمقراطيين، وشيوخ القبائل، والمنشقين عن الحزب الحاكم، وفئات أخرى، وخوفاً من أن يسرق هؤلاء السياسيون إنجازات ثورة الشعب، أسس المحتجون المنادون بالديمقراطية مجلساً انتقالياً، ما دفع المعارضة الرسمية إلى إنشاء مجلس منافِس له، وسرعان ما أسست الجماعتان حكومة هشة مع وقف التنفيذ بعد انتشار خبر عودة صالح، حتى إنهما استعانتا ببعض القادة العسكريين المتمردين لحراسة المتظاهرين.

ما يثير السخرية هو أن هذا الوضع صب في مصلحة الرئيس أيضاً، إذ تسمح خطة مجلس التعاون الخليجي بعقد اتفاق على تقاسم السلطة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، وبعد أن رجع صالح إلى وطنه الآن، يمكنه العودة إلى إظهار نفسه بصورة المفاوِض المنبوذ.

سيساهم هذا المأزق في تعزيز مكاسب صالح العسكرية أيضاً، فبعد أن تراجع عن قبول خطة مجلس التعاون الخليجي بشكل متكرر في الربيع الماضي، اندلعت المعارك في صنعاء بينما كانت قبائل المعارضة النافذة تحاول ممارسة الضغوط على النظام. بينما كان صالح يتعافى من إصابته في الرياض، أدت المراوحة السياسية إلى انتشار هدوء حذر في المدن في منتصف الصيف، لكن سرعان ما تأججت مشاعر الغضب بسبب عودته إلى اليمن فسُفكت الدماء مجدداً بعد أن اشتبك المسلحون الموالون له مع المحتجين الشجعان والجنود المنشقين الذين طالبوا بحماية الشعب.

في غضون ذلك، تواجه جيش الثوار والوحدات القبلية في مناوشات وقعت مع الجهاز الأمني التابع لصالح، لكن كانت هذه الأطراف حكيمة بما يكفي لتجنب المعارك الضارية ما إن أغلقت القوات المسلحة صفوفها، فمن المعروف أن عدداً كبيراً من المنشقين ينتمي إلى وحدات المشاة، ويتابع الحرس الجمهوري والألوية المدرعة ومكاتب الأمن الداخلي حماية معاقل سلطة النظام، وحتى في أوقات السلم، يبقى اليمن مجموعة من الفصائل المسلحة، حيث تنجم التسوية السياسية حصراً عن اتباع سياسة حافة الهاوية، فلا يزال صالح مقتنعاً بأن خصومه سيستسلمون قبله.

أخيراً، لا تزال فرصة استعمال النفوذ الدبلوماسي قائمة، فيستعين النظام بالقوات البرية لوقف إراقة الدماء موقتاً في المدن الكبرى، وهو يكلف القوات الجوية والقبائل النافذة بمعالجة الصراعات القائمة أصلاً في المحافظات. سارعت فروع “القاعدة” إلى الاستيلاء على مفارق الطرق والبلدات الاستراتيجية في مناطق الجنوب، وانتشرت حركة تمرد الحوثيين سريعاً في الشمال الغربي.

على صعيد آخر، يبدو أن واشنطن والرياض قررتا أخذ المبادرات من تلقاء نفسيهما، فقد كثفت الولايات المتحدة الضربات الجوية الأحادية الجانب والاعتداءات بالطائرات بلا طيار ضد “القاعدة”، ومنحت دعماً مباشراً للهجمات اليمنية المضادة للاعتداءات.

في المقابل، تقوم المملكة العربية السعودية، التي لم تَنْسَ الحرب التي خاضتها ضد الحوثيين في عامي 2009 و2010، بإرسال الأموال والأسلحة لاحتواء جماعة تشتبه في أنها مدعومة من إيران، كما أنها توفر مركبات مدرعة لمحاربة “القاعدة”. هذا ما يمكن صالح من الحفاظ على أفضل وحدات النخبة محلياً، وتقييم التداعيات الأمنية الواسعة في حال سقوط نظامه، والتأكيد على قيمة استمرار التعاون. على سبيل المثال، يقول صالح إن أجهزة الأمن اليمنية وفرت المعلومات الاستخبارية اللازمة لضمان نجاح العملية الأميركية التي أدت إلى مصرع أنور العولقي في 30 سبتمبر.

كيف ستنعكس هذه المعطيات كلها على مستقبل اليمن؟ لا يشعر صالح بحاجة كبرى إلى التراجع والاستسلام، لذا يكثر الحديث عن احتمال وقوع حرب أهلية. من أجل تجنب هذه النتيجة،

لا بد من معالجة مشكلتين:

 أولاً، يقوم حكم صالح على الفتنة الداخلية، ما يؤدي اليوم إلى بروز مجموعة المحاور المتداخلة للصراع، في أفضل الأحوال، سيؤدي بقاؤه في السلطة إلى توسيع نطاق هذه الانقسامات وأعمال العنف المرافقة لها، لكن في بلدٍ شهد ثمانية انقلابات منذ عام 1948، لا تعني تنحية الرئيس (مهما كانت الظروف) زوال التحديات الكامنة.

ثانياً، كانت الحروب الأهلية الستة التي شهدها اليمن منذ عام 1962 وحشية للغاية، ولكنها للأسف لا تختلف كثيراً عن الصراعات الأقل مستوى التي تشوه معالم هذا البلد. عدا بعض الاستثناءات القليلة، يبدو أن معطيات الحرب في اليمن تميل إلى التراكم بدل أن تنفجر دفعةً واحدة، ما يؤدي تدريجاً إلى إشراك لاعبين محليين وخارجيين في الصراع القائم، ويبدو أن الأحداث الراهنة تؤكد استمرار هذه النزعة.

  • محلل سياسي كبير في مركز سياسات الحزبين الأميركيين.
  • نقلا عن القوة الثاليه
 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن