قانون العزل.. اسقاط للحصانة أم ابتزاز سياسي!

الأحد 22 سبتمبر-أيلول 2013 الساعة 10 صباحاً / تقرير – نايف الجرباني :
عدد القراءات 4018
 
في تصعيد جديد يشير إلى احتدام الخلاف بين الرئيس عبد ربه منصور هادي والرئيس السابق علي عبدالله صالح أقر فريق «الحكم الرشيد» في مؤتمر الحوار الوطني موجها دستوريا يقضي بضرورة إسقاط الحصانة القانونية عن كل من شملتهم بعد منحها عن أي جرائم تم ارتكابها بعد حصولهم عليها. 

حيث أقر الفريق بالتوافق موجها دستوريا يجيز «العزل السياسي لكل من شملتهم الحصانة بالقرار رقم 1 لسنة 2012 والمبادرة الخليجية وتسقط الحصانة عن كل من شملتهم بعد منحها عن أي جرائم تم ارتكابها، مستهدفا بذلك الرئيس السابق وجميع أركان نظامه ».

وصوت أعضاء الفريق لصالح القرار بنسبة تسعين بالمائة في جلسة سادها الكثير من الجدل.

وعلى اثر ذلك انسحب ممثلو حزب المؤتمر الشعبي من الجلسة احتجاجا على مناقشة الفريق موجها دستوريا يتعلق بالحصانة والعزل السياسي، نظرا لما قد يتعرض له رئيس الحزب علي عبدالله صالح وأعضاء بارزون في الحزب من ملاحقات قانونية وقضائية جزاء جرائم القتل والانتهاكات التي حدثت أثناء حكمه على مدى 33عاما وبالذات ما حدث خلال ثورة فبراير2011 التي أطاحت به.

وظل قانون العزل السياسي وإسقاط الحصانة عن الرئيس السابق وأركان نظامه مطلبا ملحا لأنصار الانتفاضة الشعبية منذ التوقيع على المبادرة الخليجية قبل عامين.

تأتي هذه الخطوة في تصعيد جديد يشير إلى احتدام الخلاف بين الرئيس عبد ربه منصور هادي والرئيس السابق علي عبدالله صالح بُعيد اتهام صالح بالسعي لعرقلة أعمال مؤتمر الحوار الوطني – حسب مراقبين.

من جانبه قال جمال بن عمر، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن إن "أية محاولات لإفشال الحوار الوطني وعرقلته أو مماطلة أو لعب على عامل الوقت سيكون مصيرها الفشل"، مذكرا بأن "مجلس الأمن حذر أكثر من مرة المعرقلين للتسوية السياسية، وذكر البعض بالاسم في بيان رئاسي أصدره في فبراير/ شباط 2012 الماضي".

ويرى ناشطون تصاعد المخاوف من احتمال تفجر الوضع سياسيا وأمنيا مع استصدار هذا القانون والذي قد يعيد البلاد إلى المربع الأول.

ردود أفعال

وامتنع حزب “المؤتمر” عن توقيع التقرير النهائي لفريق “الحقوق والحريات” احتجاجاً على محاولات إصدار مشروع بقانون العزل السياسي. فيما تحفظ ممثلو الحركة الاحتجاجية الشبابية، التي قادت انتفاضة 2011 ضد الرئيس السابق، على التوقيع على التقرير النهائي لفريق “الحقوق والحريات” حتى يتم إقرار “مبدأ” العزل السياسي.

وسارعت اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية والشعبية، إلى إعلان مباركتها لقرار فريق “الحكم الرشيد”، الذي اعتبرته “خطوة أولى نحو إسقاط الحصانة” عن صالح، الذي تتهمه بالتورط في قتل مئات المحتجين المدنيين إبان احتجاجات العام قبل الماضي.

إلا أن أمين عام مؤتمر الحوار الوطني، أحمد عوض بن مبارك صرح لاحقاً بأن “موضوع الحصانة والعزل السياسي ليس من مهام فريق الحكم الرشيد، وإنما ضمن اختصاص فريق العدالة الانتقالية”.

وشدد بن مبارك على ضرورة الالتزام بالضوابط واللوائح المنظمة لمؤتمر الحوار الوطني، داعياً في الوقت ذاته إلى “الابتعاد عن التفاصيل الصغيرة حتى لا تبعدنا عن هدفنا الأساسي” في إخراج اليمن من أزمتها المتفاقمة منذ بداية 2011.

النائب الأول لفريق الحكم الرشيد الدكتور محمد السعدي بدوره رد على تصريحات بن مبارك بالتأكيد ان قانون العزل السياسي من صلب مهام الحكم الرشيد كون الفريق يناقش ثلاثة محاور ذات صلة مباشرة بالعزل السياسي (مكافحة الفساد _ سيادة القانون _ العدل والمساواة) ومن خلال المناقشات التي دارت داخل الفريق توصل الجميع أنه لابد من إقرار مادة العزل السياسي لمنع تكرار الفساد وتعزيز النزاهة وترسيخ مبدأ العدالة والمسائلة ومبدأ سيادة القانون بما يؤسس حكم رشيد لبناء اليمن الجديد.

واعتبر د.السعدي أن تصريحات الأمين العام تعتبر تدخلًا غير مقبول من الأمانة العامة في أعمال الفريق وأن دور الأمانة يقتصر على تيسير عمل الفرق وليس الإملاء عليها بما تفعله وتقرره في جلساتها.

من جانبه اعتبر رئيس منتدى التنمية السياسي، علي سيف حسن، تصريحات بن مبارك “لغم” في طريق التسوية السياسية المتعثرة بسبب القضية الجنوبية، أهم أجندة مؤتمر الحوار الوطني.

المؤتمر الشعبي العام في أول رد له على إقرار القانون ندد بما اسماه بالمحاولات الاستفزازية التي يقوم بها البعض لتعطيل مؤتمر الحوار .

وأوضح المؤتمر نت نقلاً عن مصدر مؤتمري بأن طرح قضايا على مؤتمر الحوار خارج مهام وأهداف مؤتمر الحوار أو القيام بأعمال استفزازية الهدف منها الانحراف بالمؤتمر عن أهدافه وغاياته وخلق مناخات جديدة من التوتر والصراع لخدمة أجندات معروفة تضر بمصلحة اليمن وأمنه واستقراره وجهود التسوية السياسية التي ارتكزت عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

وكان حزب “المؤتمر”، قد حذر من إقرار مسوغ دستوري يختص بالعزل السياسي لكل من شملهم قانون الحصانة الممنوح للرئيس السابق، أواخر يناير 2012، مقابل تنحيه عن السلطة تحت ضغط احتجاجات 2011، وبموجب خارطة طريق قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي.

خطوة في سبيل تحقيق أهداف الثورة

عضو مؤتمر الحوار الوطني بفريق الحكم الرشيد عن شباب الثورة فؤاد الحميري أكد أن قرار العزل السياسي لا يتعارض مع المبادرة بل يتوافق مع روح المبادرة وأهدافها، مشيرا إلى انه مجرد طلب الحصانة اعتراف بالجرم لذلك لا يحق لمرتكب جرائم أن يبقى في الساحة السياسية.

واعتبر الحميري في حديث خاص لـ"مأرب برس" القرار ت خطوة متقدمة في سبيل تحقيق أهداف الثورة عبر مؤتمر الحوار الوطني الذي اعتبروه كشباب ثورة طريق لتحقيق أهداف الثورة، مشددا على ضرورة ان تتفق مخرجات الحوار مع أهداف الثورة.

وأوضح أن أبرز الشخصيات التي سيطالها قرار العزل السياسي هو الرئيس السابق وأبناؤه وأبناء أخيه، مؤكدا أن القرار لم يتخذ من باب المماحكة السياسية وان القرار جاء أخلاقيا وإنسانيا وثوريا وقانونيا.

واستبعد فؤاد الحميري أن يعيق القرار الحوار الوطني كون القرار جاء تأكيدا لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني الذي يعتبر مرحلة من مراحل التغيير السلمي، منوها إلى ان القرار عزل حاكم سابق ولم يعزل حزب كان حاكم.

ولفت الحميري في سياق حديثه لـ"مارب برس" إلى العزل السياسي يحمي المؤتمر الشعبي العام من توغل صالح ومعاونيه الذين ضحوا بالحزب، مشيرا إلى أن القرار تم متوافقا مع اللائحة الداخلية لمؤتمر الحوار وبنسبة تصويت كافية.

ورقة سياسية

من جانبه أكد الناشط الحقوقي خالد الآنسي أن القرار سيعزل المشمولين بالحصانة سياسيا ولن يعزلهم عن التخريب، بل سيزيد المشكلة تفاقما، مشيرا إلى أن ما حصل من اختلالات أمنية عقب إقرار القرار يعطي مؤشرات بأن العزل السياسي لن يكون حلاً بل يكمن الحل في معاقبة صالح عن جرائمه التي ارتكبها.

وأوضح الآنسي في حديث خاص لـ"مارب برس" أن توقيت إعلان القرار ليس بريئا في ظل صراع بين الرئيس هادي وسلفه للسيطرة على حزب المؤتمر، والقرار ورقة سياسية لتخويف صالح ، مشيرا إلى ان المطالبة بإلغاء الحصانة يستخدمها السياسيون للابتزاز السياسي.

واستغرب الآنسي من إقرار العمل السياسي في الوقت الذي لا زالت ألوية بأكملها تمول من الخزينة العامة للدولة تحرس صالح، موضحا انه يجب رفع الحماية عنه قبل عزله.

وأشار إلى أن وقوف رعاة المبادرة الخليجية وراء إعلان القرار غير مستبعد، لافتا إلى أن المجتمع الدولي لا زال يلوح بالتحقيق في انتهاكات 2011م، وان هذه الخطوة تمثل مشكلة في كونها تشير إلى ضعف في أداء هادي وهذا ما يسعى إليه صالح – حسب قوله - .

وأكد الناشط في الثورة الشبابية خالد الآنسي أن القرار لن يفشل الحوار لأن الورقة التي يستخدمها صالح لإفشال الحوار واضحة، مشيرا إلى ان صالح يدعم الحراك الانفصالي من جانب واستفزاز الجنوب بأن الوحدة خط احمر من جانب آخر ، في محاولة منه لتحريض الحراك على حمل السلاح وإفشال الحوار الوطني.

إلى ذلك أشار عضو فريق العدالة الانتقالية بمؤتمر الحوار الوطني منير الماوري إلى أنه أول من طرح موضوع العزل السياسي في وقت مبكر، ومن أجل الإنصاف طرح أن يشمل العزل السياسي أعضاء مؤتمر الحوار الوطني أنفسهم، كي يتفرغوا لرسم خارطة طريق للبلاد وليس لأنفسهم، ولكن الاقتراح فشل حيث استنفرت الأحزاب والمكونات السياسية الممثلة في فريق العدالة الانتقالية وصوتت ضد كل الصيغ الساعية لفرض العزل السياسي لمن تم منحهم الحصانة.

وأوضح الماوري في حديث خاص لـ"مارب برس" أن أمين عام الحوار وآخرين من المستقلين الذين كشفوا الستار عن ولائهم للمؤتمر الشعبي العام وحلفائه يعارضون في معظم الطروحات التي يعارضها حلفاء المؤتمر من المنتمين لحزب البعث وغيره من الأحزاب الصغيرة.

ولفت إلى أن توقيت القرار ليس له علاقة بتطورات الأحداث وإنما توقيت معارضته هو الذي يأتي في ظل مخاوف من خسران بعض القوى السياسية لفرصة الترشيح لانتخابات الرئاسة والتنافس على المناصب السيادية .

وأشار الماوري إلى أن القرار لم يعلن بعد وإنما من المتوقع وليس من المؤكد أن يكون ضمن مخرجات الحوار الوطني، وإذا تم ذلك فسيكون ضمن الأوراق القوية بيد الرئيس هادي في صراعه مع صالح، مضيفا "لا أعتقد أن للرئيس هادي أي يد في اقتراح القرار لأنه نابع من مؤتمر الحوار الوطني ومن فريق الحكم الرشيد على وجه التحديد، أما الرئيس هادي فمن المعروف أنه ينأى بنفسه عن التدخل في مسار الحوار وإن كان هو صاحب القرار الأخير في حال حدوث الاختلاف بين المكونات السياسية على أي مشروع قرار أو توصية من توصيات مؤتمر الحوار".

وتابع الماوري "نناشد رئيس الجمهورية أن يلبي طموحات الشعب اليمني في ألا يرى أيا من المشتبه بهم في قتل الشباب مرشحين للرئاسة سواء أحمد أو يحيى أو الزوكا أو زعفران، أو خالتي زهور، ولن يتم منع هؤلاء وغيرهم من المحصنين إلا عن طريق قانون للعدالة الانتقالية ينص صراحة على عزل هؤلاء سياسيا لمدة خمس أو عشر سنوات أو أي فترة يراها رئيس الجمهورية مناسبة.

وأكد أن الاختلالات الأمنية تتحمل مسؤوليتها حكومة الوفاق الوطني ولا يجب تحميل عمار أو طارق أو صالح أي مسؤولية فالمسؤولية هي مسؤولية الحكومة التي لم تلقي القبض على هؤلاء إن كانوا مشاركين، أما إلقاء التهم بدون سند قانوني فهو دليل على فشل هذه الحكومة التي يجب استبدالها في أقرب فرصة بحكومة جادة تتحمل المسؤولية.

وأردف قائلا " ان نجح المتحاورون في إقرار العزل السياسي كتوصية أو قرار فإن علينا انتظار تضمينه في قانون العدالة الانتقالية بقوة القانون عقب مصادقة رئيس الجمهورية عليه، وحتى ذلك الحين لا يجب أن نتفاءل كثيرا ولا يجب أن نعتبر قانوناً كهذا بأنه إسقاط لقانون الحصانة ففي أحسن الأحوال فإنه سوف يربط الحصانة بعدم ممارسة العمل السياسي ولكنه لن يسقطها ولن يلغيها والشيء الوحيد الذي يمكن أن يسقط الحصانة هو استمرار المتمتعين بها في عرقلة مسيرة التغيير وإيذاء المجتمع اليمني في حياته وفي الخدمات الضعيفة التي تقدم لهذا الشعب المسكين من كهرباء متقطعة وماء متقطع وخدمات صحية سيئة وتعليم رديء، وأمن غائب وعدالة ظالمة وقضاء غير محمي وغير مستقل.

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن