توتر جديد يخيم على العلاقات اليمنية الأمريكية ومصدر أمني ينقلب على أخر .. " تقرير "

الأحد 28 أكتوبر-تشرين الأول 2007 الساعة 04 مساءً / مأرب برس – وكالات – محيط
عدد القراءات 5630

صرح اليوم مصدر مسئول بوزارة الداخلية أن جمال البدوي المتهم الثاني في قضية تفجير المدمرة الأمريكية " كول " عام 2000 قبالة سواحل عدن الذي سلم نفسه للأجهزة الأمنية هو حاليا محتجز لديها ورهن التحقيق من قبل الأجهزة المختصة لمساءلته حسب القانون.

جاء هذا بعد أن ذكرت تقارير إخبارية ان شبح أزمة جديدة بدأ يخيم مجددا على العلاقات بين اليمن والولايات المتحدة على خلفية قيام صنعاء بإطلاق سراح القيادي في تنظيم القاعدة جمال محمد البدوي المتهم الرئيسي في الهجوم الإنتحاري الذي استهدف المدمرة الأميركية "يو أس أس كول" في ميناء عدن عام 2000، بعد أيام من الإعلان عن استسلامه طواعية وتضارب المعلومات الرسمية في شأن الإفراج عنه.

وكان البدوي فر من سجن المخابرات اليمني في رفقة 23 من قيادات "القاعدة " واعضائها مطلع فبراير/ شباط 2006 بعدما حكم عليه بالسجن 15 سنة لتورطه في الهجوم على المدمرة "كول" في الحادث الذي استخدمت فيه "القاعدة" قارباً مطاطياً مفخخاً وأودى بحياة 17 من جنود البحرية الأميركية "المارينز" وجرح آخرين، وأدى إلى الحاق أضرار كبيرة في جسم المدمرة.

وفي الوقت الذي ظلت فيه أنباء الإفراج عن البدوي تتردد في ما يشبه الشائعات، بددت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" الشكوك بإعلانها نبأ الإفراج عنه بعد أسبوعين من استسلامه طواعية، ونسبت إلى مصدر امني يمني القول أن البدوي "إحتجز لأيام لدى السلطات المختصة، ووضع تحت المراقبة الشديدة والإقامة الجبرية في منزله بمدينة عدن".

وعززت الوكالة صدقية التقارير التي تحدثت عن أن البدوي سلم نفسه بعد مفاوضات أجراها جهاز الأمن اليمني مع قريبين من الجماعات الجهادية، انتهت باقناعه بتسليم نفسه الى السلطات في مقابل ضمانات رسمية بعدم الزج به في السجن أو فرض عقوبات جديدة عليه، وإعلانه التبرؤ من الإرهاب والانضواء تحت راية السلطات اليمنية.

ونقلت جريدة "النهار" اللبنانية عن سكان محليين في عدن قولهم: " إنهم شاهدوا البدوي في منزل أسرته بمحافظة عدن حراً طليقاً ويتنقل بين محافظتي عدن وأبين مسقط رأسه، فيما تحدثت مصادر أخرى عن استقبال البدوي للمهنئين بإطلاقه في منزله بمحافظة عدن حيث يقيم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح حالياً".

كذلك صرح ناصر البحري أحد أصدقاء البدوي وهو سائق سابق لزعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، بأن مفاوضات تجري لاستسلام ما تبقى من أعضاء القاعدة الفارين من سجن المخابرات طواعية، في مقابل ضمانات رسمية، مضيفاً: "ولعلنا نسمع أخبارا مفاجئة قريباً".

غضب أمريكي

أثار قرار صنعاء إطلاق البدوي غضب وانزعاج الأمريكيين، حيث عبرت واشنطن عن "استيائها العميق وانزعاجها وسخطها البالغ" من اقدام السلطات اليمنية على اطلاق البدوي.

ونقلت جريدة "الشرق الاوسط" اللندنية عن جوردون جوهندر المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي قوله: "قرار الحكومة اليمنية يتناقض مع التعاون بين البلدين في مكافحة الارهاب... عبرنا صراحة عن عدم ارتياحنا للمسؤولين اليمنيين وسنعمل مع الحكومة اليمنية للتأكيد على ان البدوي سيعاقب على افعاله الارهابية".

وكانت مسؤولة في مجلس الأمن القومي قد زارت قبل الاعلان عن اطلاق سراح البدوي صنعاء، ولا يعرف ما اذا كان هذا الامر تم التطرق اليه اثناء تلك الزيارة. في حين قال شين ماكورماك الناطق الصحافي باسم الخارجية الاميركية إن سفارة بلاده في العاصمة اليمنية تتابع الامر مع السلطات اليمنية، وقال "الامر مزعج للغاية".

وفيما تجاهلت صنعاء ردود الأفعال الأميركية الغاضبة، اشارت دوائر ديبلوماسية يمنية الى اتصالات مكثفة بين صنعاء وواشنطن للخروج من هذه الأزمة. وذكرت تقارير صحفية ان تضارب البيانات والمعلومات والمواقف اليمنية حيال هذه التطورات، عكس إلى حد كبير ضبابية العلاقات القائمة بين صنعاء وواشنطن، كما عكس المخاوف من أن تؤدي هذه التطورات إلى انهيار علاقات التعاون اليمنية - الأميركية في مكافحة الإرهاب، خصوصاً بعد مطالبة دوائر أميركية بمعاقبة النظام اليمني وإيقاف المساعدات الأميركية لليمن.

المطالبة بعقاب الحكومة اليمنية

ويأتي رد الفعل الأمريكي ، الذي عبرت عنه وزارة العدل ، بالإضافة الى مطالبة عمدة نيويورك السابق ومرشح الرئاسة الاميركية المقبلة رودي جولياني بمعاقبة الحكومة اليمنية وإلغاء المساعدات الأميركية لليمن بعد أيام على رسالة تلقاها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح من الرئيس الأميركي جورج بوش عبر فيها عن ارتياح إدارته لمستوى التعاون مع اليمن في مجال مكافحة الإرهاب، ودعم بلاده للديموقراطية في اليمن.

وسلمت الرسالة فرانسيس تاونسند سكرتيرة الأمن القومي لشؤون مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض التي زارت صنعاء الأسبوع الماضي والتي كانت وصفت فرار جمال البدوي العام الماضي مع رفاقه الـ22 من سجن (الاستخبارات) بأنه "لا يسبب خيبة أمل فقط، إنما هو مثير للقلق".

ويُعد جمال واحداً من أهم المطلوبين لواشنطن، ويطالب الادعاء الأميركي في ولاية نيويورك بتسليمه ومحاكمته في نيويورك على خلفية الهجوم على "كول".وتناولت الصحف الأميركية أمس تصريحات لقائد المدمرة "كول" السابق الأدميرال كيرك ليبولد وصف فيها خطوة الحكومة اليمنية لجهة إطلاق سراح البدوي بأنها مخيبة للآمال.

من هو جمال البدوي؟

وجمال البدوي (44 سنة) هو مساعد العقل المدبر للهجوم على المدمرة "كول" عبد الرحيم الناشري المعتقل في الولايات المتحدة، وقد وصف خلال محاكماته بالمتهم الرئيسي في حادث الهجوم على المدمرة.

ووجهت الى البدوي الذي أدرجته واشنطن ضمن لائحة أكثر المطلوبين لمكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي أي"، وخصصت مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يساعد في القبض عليه، تهم بـ"القتل والتآمر لقتل أميركيين وعاملين في المؤسسة العسكرية الأميركية، واستخدام أسلحة دمار شامل والتآمر لاستخدامها وإتلاف وتدمير الممتلكات الحكومية والمنشآت الدفاعية، وتوفير الدعم المادي لمنظمة إرهابية".

وفي عام 2004 مثل البدوي وآخرون أمام المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب بتهمة التخطيط والتنفيذ للهجوم على المدمرة "كول". وجاء في صحيفة الاتهام إن القيادي في "القاعدة" عبد الرحيم الناشري كلفه الإعداد للهجوم.

واعترف البدوي خلال محاكمته بالسفر إلى أفغانستان للإعداد والتدريب، وأنه اتفق مع الناشري على شراء القارب من منطقة جازان جازان في المملكة العربية السعودية بتسعة آلاف ريال سعودي و نقله إلى المنزل الذي استأجره الناشري في عدن براً عبر الحدود اليمنية - السعودية.

وأصدرت محكمة أمن الدولة اليمنية حكماً ضد البدوي قضى باعدامه لدوره في تفجير المدمرة "كول" غير أن الحكم خفف تالياً عبر محكمة الاستئناف إلى السجن 15 سنة. 

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن