مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل
جمعينا مهتمون بالجوانب السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية للوضع الراهن ، وقليل جداً اهتم بالجانب الإقتصادي وتكلفته العالية وتداعيته على مستقبل الوطن وحياة المواطنيين. وهي المشكلة القديمة الجديدة أو بالأصح التي تزداد استفحالاً يوماً بعد يوم. وقد بدأ المواطنون يعانون معاناة مُرّة من تدهور الأوضاع الإقتصادية والتي لم تكن بأية حالٍ من الأحوال وليدة الأربعة الأشهر الماضية بل تمتد جذورها إلى ما قبل انطلاق الثورة . وليس من نافلة القول الإشارة إلى أن المتغير الإقتصادي/ التنموي ذا العلاقة المباشرة بحياة الناس ووصول الخدمات إليهم كان من أهم الأسباب القوية والمباشرة لقيام الثورة. فحينما لا يستطيع المواطن الوصول إلى خدمات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والطريق ووسيلة المواصلات الميسرة والمياه والكهرباء والأمن والنظام والعدالة . فإنها كلها مقدمات ومؤشرات لثورة عارمة لن تستطع أي قوة على وجه الأرض إيقافها إلا بعد أن تحقق أهدافها.
لم تستطع اليمن تحقيق أي هدف من أهداف التنمية الألفية التي التزمت بها وتلقت دعماً سخياً من المجتمع الدولي لتحقيقها وأهم تلك الأهداف تخفيض أعداد الفقراء إلى النصف وتحقيق تعليم للجميع خاصة في المرحلة الأساسية وتحسين صحة المواطنين بما في ذلك تخفيض وفيات الأمهات.نستند بذلك على تقييم خطة التنمية الإقتصادية والاجتماعية الخمسية الثالثة والتي امتد تنفيذها ما بين عام 2005- 2010 . وعزت التقارير الحكومية عدم القدرة على تنفيذ تلك الالتزامات التنموية نتيجة لأسباب كثيرة أهمها الحروب في صعدة ومكافحة الإرهاب والقرصنة والأزمة المالية العالمية – ولا أعرف كيف أثرت هذه الأخيرة – على الوضع التنموي لليمن لأن اليمن كانت وما زالت خارج إطار المنظومة الإقتصادية العالمية ، وحتى الدول التي تأثرت مباشرة بالأزمة المالية العالمية صحيح أنها خفظت دعمها لليمن ولكنها لم ترفعه كلياً ، ولكن بسبب ضعف فعالية الإدارة الإقتصادية والفساد لم يتم استخدام تلك المساعدات بصورة صحيحة وهو ما لم يُشر إليه التقرير صراحةً . كما أن تلك الإدارة الفاسدة عجزت عن استيعاب تلك الأموال ولم تستخدم سوى جزء بسيط لا يتجاوز 6% مما كان مقرراً أن يُقدم لتنفيذ البرامج التنموية . وحينما تم مواجهة رئيس النظام بهذه الحقائق وأهمها الفساد وضعف القدرات المؤسسية والبشرية الإقتصادية في مؤتمر لندن في عام 2006 لم يستطع الرد سوى دعوة المانحين لتنفيذ مشاريعهم وبرامجهم بأنفسهم و بصورة مباشرة.
أما حروب صعدة والقرصنة ومكافحة الإرهاب المتذرع بها في تعطيل التنمية ، فكلها ملفات بحاجة إلى كثير من الدراسة والتحليل للوقوف على أسبابها الحقيقية وجذورها وتداعياتها وأقطابها المستفيدين من استمرارها والذين عطلوا استفادة البلاد من أموال طائلة كانت يمكن أن تُسخر لرفع مستوى حياة المواطن بدلاً من شراء الأسلحة ناهيك عن التدمير الذي خلفته تلك الأسلحة.
اليوم هناك تقدير أولي حكومي عن التكلفة المالية لحجم الأضرار في الحصبة للمنشآت الحكومية ، ولم يأخذ بعين الاعتبار المنشآت الخاصة حيث بلغ- حد التقرير- 170 مليون دولار. ونتساءل كم ستبلغ التكلفة إذا أخذنا بالحسبان ما تم تدميره في مناطق أخرى من العاصمة في حدة وفي محافظات ومناطق أخرى في أبين وعدن وتعز وأرحب ويافع وردفان والحبيلين والضالع وعمران والحديدة وشبوة .
وكانت دراسات قد أشارت إلى أن تكلفة حرب 1994 بلغت 13 مليار دولار خلال شهرين .فكم يا ترى ستبلغ حجم هذه الحرب المفتوحة الآن في اليمن ؟؟؟!!! وكل هذه الأموال تأتي على حساب الأولويات والأساسيات التنموية.
الخلاصة المفزعة والمرعبة أن الاقتصاد منهار انهياراً كلياً ولولا تدخلات إنعاشية من دول الجوار ومن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لظهرت ربما مجاعة في اليمن أسوء من المجاعة التي أصابت بعض دول الجوار الأفريقي. ولنكن أكثر صراحة فهناك مناطق وتجمعات سكانية وأسر تعاني فقراً مدقعاً ولا تستطيع الوصول إلى الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية بما في ذلك احتياجاتها للغذاء والماء والدواء. وإذا كانت الولايات المتحدة قد حررت شيكاً في الأسبوع الماضي وأعلنت عنه الدوائر الرسمية في اليمن بعشرة مليون دولار لنازحي صعدة التي توقفت أخر حرب ضدها في عام 2009 فمتى يمكن أن تحرر شيكها الثاني لنازحي أبين ، مع ان هناك وسائل إعلام أشارت بأنه للمحافظتين معاً وأنا لا اعتقد ذلك لأن ميزانياتهم مقيدة وتحتاج إلى إجراءات مطولة وليس فيها اعتمادات إضافية أومفتوحة كما هو الحال عندنا وحتى الدولار الواحد معروف أوجه صرفه ، وربما لا يوافق الكونجرس باعتبار أن أعدائهم في أبين هم القاعدة بغض النظر عن الأبرياء الذين تشردوا بسبب هذه التهمة التي أُلصقت افتراءً بالمحافظة ، كما أننا لسنا متأكدين حول الكيفية التي سيتم بها صرف هذا المبلغ وفيما إذا كان هناك ما زال نازحين أم أنهم قد عادوا إلى دورهم بعد أن وضعت الحرب آزارها وربما يتم توجيهه إلى إعادة الإعمار إذا حسُنت النوايا. ومن المفارقات أن الحوثيين هم من رفعوا شعار الموت لإمريكا ..الموت لإسرائيل ، ولكن ظلت الولايات المتحدة تعلم حق العلم أن الأمر لا يتعدى سوى " فش خلق" ولم "يهوبوا" من قريب أو بعيد للمصالح الأمريكية ، كما إن حسابات الأمريكان الاستراتيجية تقوم على تغيير صورتها النمطية لتحظى بالقبول لدى الشعوب العربية الكارهة لسياستها غير المتوازنة في المنطقة .
وعودة لما يواجهه الناس راهناً ، فلايحتاج المرء لكثير من المشقة أو الجهد لاستنتاج سوء الأحوال المعيشية للمواطنيين . فإذا كانت هذه الأوضاع قد أصابت الشريحة المتوسطة في المجتمع ونقلتها إلى دائرة الفقر بسبب الإرتفاع الجنوني وغير المعقول أو المبررللأسعار، فإن أوضاع الفقراء والذين يمثلون حوالي 40% من مجموع السكان حسب تقارير دولية ، مزرية وبائسة بكل معنى الكلمة. والمعيار الدولي للفقراء هم الأفراد الذين يعيشون على أقل من دولارين في اليوم . واقترح على القراء الكرام أن يقيس كل واحد منهم نفسه وأفراد أسرته على هذا المعيار . لاشك أن الجميع سيتفاجئون، ومن كان يعتقد بأنه ينتمي للطبقة المتوسطة سيجد نفسه قسراً ينتمي إلى شريحة الفقراء . فلو افترضنا بأن أستاذاً جامعياً يبلغ راتبه الشهري ما يعادل 500 دولار أمريكي ويعول أسرة متوسطة مكونة من 7 أفراد فإن متوسط ما سيحصل عليه الفرد في العائلة سيكون 2.3 دولار أي أقل من دولارين ونصف . علماً بأن الأسر اليمنية أكبر من ذلك ناهيك عن الاهتمام بالأسرة الممتدة من أب وأم وربما إخوة أو أخوات أو عمات أو خالات . وأقول ذلك بعد ما هاتفني زميل من عدن يعمل في منظمة ويقول لي أن أساتذة جامعيين طلبوا الدعم والمساندة بسبب لجوء أفراد من أسرهم ومعاريفهم إليهم نازحين من محافظة أبين ورواتبهم بالكاد تكفيهم. واتصور إلى أن شريحة الفقراء في المجتمع في هذه الظروف ومع ارتفاع الأسعار ستتسع لتصل هذه النسبة ربما إلى 80%. وحتماً يحتاج هذا إلى أدلة علمية بدراسات ومسوحات ميدانية لنستطلع الوضع ونتجاوز الشواهد الواقعية الملموسة إلى الدراسات الميدانية التحليلية لتقوم بها بيوت الخبرة والمستشارون الاقتصاديون.
التجار وأصحاب المال والأعمال هم الآخرون يقولون أن خسائرهم بملايين الدولارات وكثير من المؤسسات بدأت بتسريح بعض عمالها لأنها لا تستطيع أن تتحمل تكلفة تشغيلهم في ظل توقف دورة الانتاج. إذن الأزمة الإقتصادية وتأثيراتها وتداعياتها لم توفر أحد وألقت بظلالها على كل شرائح المجتمع.
في اعتقادي أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ظلوا حتى هذه اللحظة حذرين أو لاعبين متفرجيين على الشأن اليمني مستريحين في المقاعد الخلفية ورموا الكرة لدول الخليج لأنهم يعرفون بأن قيمة فاتورة إعادة تأهيل اليمن اقتصادياً عالية جداً جداً، وهم لا مصلحة أساسية لهم في صرف شيكاً مفتوحاً لليمن ، ولسان حالهم على ما يبدو يقول لماذا ندعمهم وقد تم ضخ أموال ومساعدات فنية كثيرة لهذا البلد دون أن تظهر أثارها على تحسن أوضاع الناس في هذا البلد بل إن أوضاعها كانت تزداد تردياً ، وجل اهتمامهم باليمن يقوم على أن تردي الأوضاع يمكن أن يؤثر على مصالحهم وأمن واستقرار حلفائهم في المنطقة ، وبالتالي لابد من الحد من تكلفة هذا التدهور بما يحفظ مصالحهم بدرجة أساسية . ويمكن رد القول لهم بأنهم كانوا يقدمون الدعم ويعرفون مدى استشراء الفساد فيه ويغضون الطرف، ومع ذلك كانوا مستمرين في ضخ هذه الأموال التي ستظهر قادم الأيام إلى أين كانت تتجه ومن كان المستفيد الحقيقي منها!!! كما أن جزء كبير من الدعم تحول للجانب الأمني الهاجس الدائم للغرب.
الأهم الآن أن يأخذ الثوار زمام المبادرة للمضي قدماً باتجاه تحقيق أهداف الثورة ليعود الطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم ، ويعود العمال والموظفون إلى أعمالهم ويعود أصحاب روؤس الأموال لتدوير تجاراتهم وأعمالهم وتستقر البلاد ويعم فيها الأمن والأمان لتعود عجلة الإنتاج بالدوران بوتائر عالية وبآساليب فعالة لأن حياة الناس صارت ضنكاً والبون بيننا وبين الآخرين شاسعاً وكبيراً ، ونحتاج إلى عقود لنستطيع أن نقف على عتبة الأستقرار والتنمية المستدامة المنشودة.