خلطة باسندوة تجبر صالح على التنحي
بقلم/ عبدالقوي الشامي
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 29 يوماً
الأحد 25 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:34 م

تابع ما يدور في المحافظات تابع إدارة شئون البلد .. كانت هذه الكلمات عبارة عن وصية وداع صالح العلنية لباسندوة, جاءت في سياق مؤتمر الوداع الصحفي الخافت شكلآ ومضمونآ, الذي عقد الاحد في دار الرئاسة والذي اعلن صالح خلاله تنحيه عن ممارسة السلطة وانسحابة من المشهد السياسي عندما قال "انا اريد اختفي عن الأنظار او من امام الكاميرا التلفزيونية واتيح الفرصة لحكومة الائتلاف وللسلطات المحلية ان تعد الاعداد الجيد للانتخابات, وانا اريد ابتعد قليلا عن الانتخابات, بحيث ان فشلت قالوا على الرئيس وان نجحت قالوا على الرئيس انا اريد ان ابتعد قليلا عن الانظار" كلمات تنحي معللة قالها صالح عشية خروجه ليس من القصر الرئاسي وانما من السلطة والبلد كخطوة استباقية حتى لا يوصف سفره بالهروب, اذ يبدو ان عقدة هروب بن علي اكثر ما يؤرق صالح وهو يشد الرحال الى بلاد العم سام . 

وتأتي هذه الخطوة المتوقعه من رجل يحار المرء في توصيف موقعه من الاعراب, بعد ان اصبح عالة على الجميع, تأتي في ظل احتدام معركة كسر العظم بين نظامه القديم ونظام جديد قديم خرج من عباءته ويسهم في هذا الاحتدام أسماء جديدة (لنج) دخلت معترك الحكم من خلال بوابة الثورة لتطعم هذه الخلطة غير المتجانسة التي يديرها السيد/ محمد سالم باسندوه, وربما تكون هذه الأسماء مثل الدكاترة واعد باذيب, حورية مشهور, عبدالله عوبل و جوهرة حمود, ربما تكون العنصر الأساس في الفروق العلمية والقانونية وحتى الاخلاقية, بين طرفي صالح الباقي او الخارج من عباءته, المتمسكان بتخلف الاداء بمظاهره المتجسدة على ارض الواقع, قد لا نجد في عناق رئيس البرلمان لرئيس الوزراء الاقرب الى الخناق, خلال التئام المجلسان لمناقشة البرنامج الحكومي قد لا نجد ابلغ من ذلك دليلآ على الاداء المخاتل, المخادع والرخيص لهؤلاء القوم القابلين للضغط والتمدد في في جميع الاتجاهات. 

  اما الجديد الـ (لنج) فقد ادخل المعمعة السياسية, ليلعب ذات الدور الذي توسمه صالح في عبدربه ولكن لصالح الطرف الاخر, وان كان من المبكر القول: بان السحر قد انقلب على الساحر, الا ان هناك بعض المؤشرات بأن هناك محاولات جادة للأخراج البلد من دائرة التجويع المعيبة التي مارسها نظام الاسرة, وان كانت لا تملك من مقومات الأستمرار سوى عوامل الاضعاف التي يتبادلها طرفا الحكم اللذين تناحرا وما زالا في سبيل الحكم, الى جانب رغبة التغيير التي يفيض بها الشارع, وفوق هذا وذاك, مصلحة الجوار وبقية دول العالم. 

وفي الجبهة الخلفية تحتدم تقديرات مصالح, وتتشابك خيوط وسبح ولحى وشعارات عابرة وأخرى مستكينة, فصالح الذي اصبح من الماضي مازال اسير شهوة السلطة وتتملكه رغبة عارمة في الانتقام ما زال يمتلك اوراق فاعلة, وان كان قد بدا في آخر مؤتمراته الصحفية في حيره من أمر استخدامها, ومع هذا يبقى عنصري المال والسلاح المتكدسان في جعبة الرجل عباره عن احزمة ناسفة, وان كانت الرقابه الدولية والمتابعة الاقليمية قد عوقتا توظيفهما خلال الشهر الاول الذي انقضى من تزمينات الآلية, الا ان الامر لا يخلو من مخاطر, فقد يدمر الرجل نفسه ومن حولة ويلحق الاذى بالاخرين ويعطل عجلة التغيير عن الدوران.

وفي الخلفية الاخرى يقف شركاء صالح الذين قفزوا من سفينة حكمة في مارس الماضي يقفون في حيرة من امرهم ففي الوقت الذي يحتكمون فيه على الجزء الاخر من السلاح والمال نجدهم يتعثرون بفخاخ اشتراطات صالح التي اوقعتهم في ذات المطب الذي اوقع فيه نفسه, فبالاضافة الى الرقابة والمتابعة الدولية والاقليمية هناك رقابة يتبادلوها مع مجاميع صالح, الامر الذي خلق نوع من توازن الرعب, مانع لاي خروج عن الالية والمبادرة التي تستمد قوتها من اسمها ومكان توقيعها وليس من قوة الاطراف الموقعة عليها.

 ويجد ضلع ثالث كامن في هذه الخلفية والمتمثل بجماعة اخوان اليمن يجد نفسه الاحق وفق مقتضيات الربيع العربي في تسنم زمام الربيع اليمني, فشعورهم بانهم اقل اخوان الجماعة استفاده من هذه المتغييرات قد يدفع بهم للخروج عن الشراكة غير المتجانسة بعد ان عمد صالح على تحييد الدور القطري, مما حرمهم من تدفق الدعم المادي والأعلامي, ومؤشرات هذا الحتمال تبدو تفاعلاتها المذهبية جلية في دماج, بطريقة لم نالفها في حروب صعد الماضية, فالخيام التي تشاركت الحصير والعصير في ساحة التغيير تتبادل القتل والحصار اليوم في ساحة التكفير.

اجمالآ وبعد مرور شهر على بدء العد العكسي لمرحلة التوافق ذات الاشهر الثلاثة يبدو ان الحذر من الوقوع في المحذور هو سيد الموقف, فالكل يتجنب التصادم قدر الأمكان ليس من اجل انجاح الفصل التوافقي بل حتى لا يتهم من اصحاب المبادرة ورعاتها بأنه الطرف المعطل, ومن خلال هذا الوضع الهش يبدو ان قوتي المال والسلاح المعطلتان الى حين, وترنح صحة الرئيس هما وراء تهدئة الاوضاع, وفيهما يكمن السر في تعايش خلطة باسندوة غير المتجانسة مع فخاخ صالح التي زرعها خلال سنوات حكمه المديدة, ويبقى الرهان على حضور الشارع وفاعلية الدماء الجديدة التي دخلت الحكم من بوابته!