حراك الجنوب وحراك المؤسسات وبينهما فاسد
بقلم/ مراد القدسي
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 7 أيام
الثلاثاء 17 يناير-كانون الثاني 2012 05:15 م

الحراك الثائر في أروقة مؤسسات الدولة أعتبره البعض حراك إيجابي يمهد لمرحلة إدارية جديدة تستوعب أمنيات وأحلام بل وطموحات الشباب من ذوي القدرات والطاقات التي ظلت باحثة عن من يستغلها الاستغلال السليم وليس الاستغلال الذي عرفناه في حياتنا اليومية,فكلٍ منا يسعى بكل ما أوتي من فكر وحنكة لاستغلال الآخر أسوء الاستغلال .. يا الله كم استغلوا قدراتنا وطاقاتنا وكل شيء كان يمكن أن يخدم اليمن أرضاً وإنساناً المهم.. فليذهب الماضي إلى الجحيم ونعود إلى البعض الذين لم يزالوا غير معترفين بحقيقة ما يجري في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية من رفض لتلك الممارسات غير المسئولة أو حتى الإنسانية التي ظل يمارسها الفاسدون منذ عقود حتى أصبحت هذه المؤسسات ومنتسبيها مجرد مزرعة خاصة لهم ولأسرهم .. يا الله كم ضيعونا؟!! نعم .. هناك البعض يذهبون بإصرارهم إلى حد العمى إن هذه الاحتجاجات في أغلبها مدفوعة من أطراف لديها بعض الأجندات من إثارة الفوضى حد زعمهم- وكأن لدى هؤلاء – أقصد أصحاب الأجندات – من يسحر الموظفين ويفرق بينهم وبين قيادات هذه المؤسسات ,يأتي هذا التنكر وعدم الاعتراف بالمطالب الحقوقية لمنتسبي هذه المؤسسات من بعض الفاسدين ليذكرنا ببداية تلك المطالب التي برزت للسطح في بعض المناطق الجنوبية نتيجة ما طالها من إقصاء وتهميش وتغييب للحقوق وهو الأمر الذي دفع بتلك المطالب إلى أن يعلو صوتها متجاوزة السقف ألمطلبي الحقوقي إلى أبعد من ذلك والمتمثل بمطلب الانفصال الذي لاشك يمس الوحدة اليمنية بكل مكوناتها السامية.

ورغم أننا لا نشك أن الوحدة اليمنية لا تزال تمثل مكانة قدسية لدى أغلب إخواننا الجنوبيين ومنهم الأطياف الداعية لفك الارتباط عن المحافظات الشمالية ,ولكن لسوء التجاوب والإمعان غير المبرر في إغفال تلك المطالب, بل والسير بتثخين الجراحات التي زادت توسعاً وألماً ..المشكلة الأكبر عدم الاعتراف بتلك المظالم التي غدت تشكل اليوم حجرة عثرة أمام استقرار الوطن اليمني وسلمه الاجتماعي ووحدته المصيرية.

اليوم نحن أمام مطالب المؤسسات المنتفضة ضد الفساد المستشري في أجهزتها وهي مطالب يجب الالتفاف إليها بعين الحكمة والإنصاف حتى لا تتكرر مأساة الفوضى كما حدث في بعض المناطق الجنوبية ,والتي هي أيضاً انطلقت شرارتها من داخل مؤسسات الدولة في الجنوب وبالذات المؤسسة الدفاعية والأمنية وصندوق التقاعد العسكري ثم تلتها عدد من المؤسسات في تلك المحافظات التي شُرد منتسبيها وأقصي البعض الآخر دون أدنى اعتبار لما سيترتب على تلك الإجراءات من عواقب نحن اليوم نحصدها بكل أسى.

إن المقارنة بين الحراك الجنوبي والحراك في مؤسسات الدولة لم يكن إلا مقارنة بين الأسباب والدوافع لكل منهما ولم تأتي المقارنة من أجل التهميش أو التقليل من مطالب إخواننا في المحافظات الجنوبية ,خاصة وأن قضيتهم تتجاوز من حيث أهميتها المطالب المشتعلة في مؤسسات الدولة إلاّ أن القضيتين بل وقضايا كل اليمنيين في مختلف المحافظات ناتجة بمجملها عن الفساد المالي والإداري الذي أراد الله تعالى أن يكشف وحوشه الذين حولوا هذا الوطن إلى إقطاعية خاصة بهم .. قاتلهم الله وما أحقرهم!! نعم .. نحن اليوم بكل شرائحنا وانتماءاتنا السياسية نراهن على إسقاط غول حيثما وجد وحل وهي القضية التي يمكن أن يلتف حولها الجميع شمالاً وجنوباً ويمكن لها أن تحقق مطالب الجميع ,وهي المطالب التي نأمل من حكومة الوفاق الوطني البدء بتنفيذها ,كون المواطن أي كان لا يريد غير المواطنة المتساوية ونيل الحقوق ليعيش حياة كريمة وآمنة ,وهي الدعوة التي نوجهها إلى إخواننا في الحراك الجنوبي الذين نؤمن بقضيتهم العادلة المتمثلة في استعادة الحقوق وليس بالدعوة إلى الانفصال التي لن تحقق غير الفوضى والتفتت ,إلى جانب دعوانا إلى اختيار نظام الحكم المحلي الواسع الصلاحيات أو الفيدرالية وهو المطلب الذي نلتقي عنده جميعاً.

إشارة حمراء

للأسف الشديد هناك من يسعى دون حكمة أو منطق ركب موجة الاحتجاجات التي تشهدها مؤسسات الدولة في تصفية حسابات مع قياداتها.. وهؤلاء لا شك يريدون إجهاض تلك المطالب وتحويلها إلى فوضى, وهو الأمر الذي سيقضي على قيادات مهنية تمثل للوطن ثروة علمية وسياسية وإعلامية وفكرية وثقافية فليس كل المؤسسات تقودها شخصيات فاسدة ,ولذا علينا أن نجعل قضايانا المطلبية نابعة من حرصنا للقضاء على الفساد وبؤره وليس للخراب والفوضى..هي أيضاً إشارتنا الحمراء لإخواننا في الحراك الجنوبي.