اقتراع من نوع خاص
بقلم/ إلهام محمد الحدابي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 24 يوماً
الثلاثاء 28 فبراير-شباط 2012 08:47 م

ملكتنا الدهشة ونحن نرى المثلث الأزرق متربعاً فوق العلم اليمني بنجمته الحمراء،يتمايل فوق أحد المراكز الانتخابية في أحد محافظات الجنوب،وبعض الأفراد يباركون برقصات عشوائية فوق صناديق الاقتراع،وآخرين تبرعوا بتمزيق الورق و الدوس على وجه عبد ربه الجنوبي في مشهد يدعوا للرثاء أكثر من الاستغراب!

السلمية البحتة تصل على أهدافها طالما التزمت بمبادئها،وإن طالت لبعض الوقت إلا أن رقعتها تتسع إن كانت قضيتها عادلة،والسلمية هي الوسيلة الأنجع لاسترداد الحقوق المدنية،وقضية الجنوب هي خير مثال على ذلك، فإخوتنا في الجنوب لا ينكر أحد أنهم مظلومين ومضطهدين،وأنهم أرباب حق،بل وأنا كشعب يمني وقفنا وقفة إجلال وإكبار لهم على نضالهم السلمي الذي بداء منذ 2007 حتى وقت قريب،وما أدهشنا حقاً صبرهم الجميل لاسترداد حقوقهم المغصوبة، ضاربين أروع الأمثلة لمفهوم المدنية السلمية.

الحراك عندما بدأ ،بدأ بأهداف ومبادئ واضحة ،على رأسها استرداد الحقوق وتطبيق مبدأ المواطنة،وقياداتهم في الداخل والخارج حرصوا على زرع هذا الوعي في الجيل الفتي ليحمل راية السلمية ويحصل على حقوقه،وكثير من أولئك القادة لم يلجأوا إلى التلويح بورقة الانفصال إلا بعد أن ضاقوا ذرعاً من تعامي صالح وزمرته عن تنفيذ حقوقهم أو حتى الالتفات لهم، تلك القيادات هي من ضمن القيادات التي طالبت بالوحدة مسبقاً،ولكنها وبعد مرور الوقت وعدم تغير الحال إلا إلى الأسوأ وجدوا أنفسهم مضطرين لتذكير إخوانهم في الشمال بأن هذه الأرض ما زالت أرضهم، والتذكير بأن الوحدة ما قامت إلا للتكامل وإعطاء الناس حقوقهم المختلفة،أما أن تصبح الوحدة فخ آخر ينزلق فيه شعب بأسره وتصادر كل حقوقه من أجل الوطن!!

تلك القيادات ساهمت في خلق الوعي المعتدل بين صفوف أبنائها،وأولئك الأبناء بدورهم بدأوا بالتساؤل وهل يمكن أن يكون الوطن مجرد فرد،يبسط نفوذه على شعب بأسره! وأي وحدة تلك التي طالب بها الأجداد والأباء؟! وأين هي! وما الذي قدمته لهم! وأين هي من مصير موانئهم وثرواتهم وأراضيهم المنهوبة باسم الوطن! وأي وطن ذلك الذي يعيشون فيه وهم لا يجدون أدنى حقوقهم فيه! وما الجديد في الجنوب بعد الوحدة،وأين الإنجازات والمشاريع التي سردت في جسد الوحدة قبل التوقيع!! مثل تلك التساؤلات هي التي جعلت من الجنوب كتلة غضب مستعدة حتى للانفصال من اجل حقوقها.

السؤال الذي يطرح نفسه،هل بالفعل تحولت سلمية الحراك إلى إرهاب تحت ذريعة استرداد الحقوق!!كفئة واعية في المجتمع يجب ألا ننساق للتصديق بمثل هذا الكلام،فالحراك الذي حافظ على سلميته لسنين سينجر إلى مربع العنف في اللحظات الأخيرة! ولماذا! هل عُدمت الوسائل إلا العنف!!لكن الرأي الأرجح أن الحراك قد تشظى بفعل اختراق من قبل صالح،أو غيره من الجهات المستفيدة من الانفصال لخدمة مصالحها دون أن تراعي هموم شعب أثقله الظلم،وإما أن بعض القيادات كالبيض وغيره رأوا أن الوقت مناسباً لركوب الموجة،موجة الثورة نحو المصالح،متناسين حماقاتهم السابقة التي زجت بوطن في أتون حرب أهلية،لكن يبقى الحيز الوحيد لإعادة النظر فيم حدث في الجنوب التفكير بحسن ظن،باعتبار أن ما حدث لم يكن بالتحريض من قبل قيادات جنوبية،وإنما بتصرف عشوائي من قبل السكان الغاضبين،أو بالتبرير بأن جهات إرهابية ما هي التي نفذت تلك الاحتجاجات اللاسلمية،وذلك حتى لا نخسر إخوتنا في الجنوب.

لم يمر عام بعد على تشظي السودان،وهاهو يرزح تحت المشاكل اللامنتهية بسبب تشاطر المصالح على حساب الشعب،وبسبب تدخل جهات خارجية لا ترى إلا نصيبها من الكعكة بغض النظر عن مآسي سكان البلد،ونتمنى من إخوتنا في الجنوب أن يطبقوا مبدأ (السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه) فليس بالضرورة أن يصبح اليمن سوداناً آخر لنقول(الآن فهمنا)!!! لا بل علينا أن نرى بعين الواقع،وما الذي سيؤول إليه مصيرنا في حال قبلنا بالتشظي، ونقول لهم نحن كشعب يمني –وليس شمال- معكم في سلميتكم ومطالبتكم بحقوقكم،ومستعدون للوقوف والاعتصام معكم من أجل أن تستعيدوا حقوقكم وحقوقنا،تحت أي مسمى تريدوه فيدرالية أو مركزية بصلاحيات جنوبية،المهم أن تبقى الوحدة، لسبب بسيط كنا ندرسه منذ الابتدائية(في الإتحاد قوة).