الضرائب بين البيع والشراء
بقلم/ د.عبداللطيف صيفان
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 11 يوماً
الإثنين 14 يناير-كانون الثاني 2013 11:59 ص

من المعلوم في كل دول العالم بان الضرائب من الأمور السيادية و الدستور اليمني ينص بأنه لا ضريبة إلا بقانون ولا إعفاء إلا بقانون ومالا يدركه الكثير بان الضرائب هي قوة السلطة التشريعية المخولة لفرض أعباء رسوم على الأشخاص والممتلكات لغرض زيادة العائدات لمواجهة النفقات العامة ومن الأمور المتأصلة في مفهوم الضريبة كونها سمة لسيادة للدولة .

وقد قيل أنه من المستحيل للدولة أن تدير أمورها من دون فرض ضرائب.

فالسلطة التشريعية هي التي تقوم بإصدار القوانين الضريبية والإشراف على تنفيذها فالضرائب هي مجموعة من القواعد التي تنضم ، حجم الضريبة التي يتعين دفعها، ومن المكلف بدفع الضريبة, ولمن ومتى يجب تسديدها .

إذا ففرض الضريبة مسئلة تشريعية ولا يحق لأي شخص أو مجموعة فرض أو إعفاء الضرائب إلا من خلال السلطة التشريعية وهي مجلس النواب في اليمن

فماذا يحدث في بلادنا ؟

إنني احد كوادر الضرائب الذي أعيش قرابة العشرين عام في هذه المؤسسة الهامة وأشاهد واسمع ما يحدث فيها والحقيقة انه لا يستطيع أي منصف إنكار الفساد التي تعيشه هذه المؤسسة الهامة إلا أن الفساد تطور وتدرج بشكل مخيف جدا حيث كان في الماضي يتمثل في اخذ مال معين مقابل تخفيض مقدار الضريبة المفروضة وهذا يشبه الفساد المعروف في العالم كله إلا أن الفساد تطور واخذ شكل أكثر خطورة ولم أجد مثيل له في الدول المتقدمة التي تعتبر الضرائب من الأمور السيادية التي لا يمكن المساس بها وان التهرب الضريبي جريمة عظمى كجريمة الخيانة العظمي أو اشد .

إما في بلادنا فقد تطور الوضع حتى صار التهرب الضريبي يأتي من المنبع أي من خلال إعداد القوانين الضريبية والتعديلات القانونية بحيث يتم استبعاد أو إعفاء سلع معينة من الضريبة مقابل أمور لا يعلمها الا الله .

فمثلا لقد حدث هذا أثناء إعداد مشروع تعديل قانون ضرائب الإنتاج والاستهلاك رقم (70) لسنة1991 والذي تم أدرج ضمن السلع المعفية الصابون والبسكويت والجيلي. التي كانت خاضعة للضريبة قبل التعديل بواقع 10% , ولا اعرف ما هي مبررات إعفاء تلك السلع التي كانت تدر لخزانة الدولة المليارات من الإيرادات سنوية فلو افترضنا أن الهدف كان تخفيض السعر للمستهلك المباشر لتلك السلع فهذا لم يحدث حيث ضلت أسعار تلك السلع ثابتة بعد التعديل بل وزادة بعد مدة قصيرة و أصبحت الضريبة التي كانت تحصل بواقع 10% إلى خزينة الدولة تذهب ربح صافي للمنتجين لتلك السلع واترك لكم التخيل ما هو المقابل ؟

واليوم الصراع بين مصلحة الضرائب والقطاع الخاص بخصوص ضريبة المبيعات تعدى الأربعة أعوام فلا مصلحة الضرائب استطاعت تطبيق القانون ولا القطاع الخاص أدرك ضرورة هذه الضريبة وانه لابد من تطبيقها وصارت المسألة شبيهة بأفلام الكرتون (توم وجيري) والحقيقة لقد فقدت الدولة الكثير من هيبتها من خلال عدم قدرتها على فرض وتطبيق قوانينها مما زاد من أطماع وجشع التجار وجرأتهم على التخلي عن الدور الاجتماعي والوطني من خلال الامتثال في دفع الضرائب و إدراكهم الأهمية الكبيرة والدور الكبير للضرائب في بناء الاقتصاد الوطني والبنية التحتية للبلاد

وما أردت أن أتكلم عنه بأن الفساد بلغ الذروة ولم يحدث في كل أنحاء العالم ما يحدث في بلادنا و كذلك لم نسمع بأنه قد تم التحكيم على تطبيق قانون ما شخص أو جهة كما تم من خلال التحكيم على قانون ضريبة المبيعات باختيار محكمان من الحكومة ومحكمان من القطاع الخاص والخامس شخص يكون له الفصل في الحكم بين الطرفين والمسألة واضحة بأنه يراد أن يصبح مصير القانون بيد شخص فقط وهذه منتهى المهانة للدولة والسلطة التشريعية والدستور وحكم الطرفين معروف مسبقا ويصبح مصير القانون بيد ذلك الشخص

إن هذه المسألة لو حدثت في دولة الصومال التي تعيش حرب قرابة العشرين سنة

لتم تقديم من قام بالتحكيم والمشارك بالتحكيم للقضاء ومحاكمتهم لعدة أسباب أهمها

1-مخالفة الدستور بإلغاء ضريبة فرضت بالقانون ويلغيها شخص

2- مخالفة الدستور والقوانين بإلغاء قانون خارج السلطة التشريعية

3-جريمة الخيانة للمسؤولية والأمانة بتعريض المال العام للإهدار والضياع

4-بتهمة الغباء الإداري من خلال التحكيم على الشكل القبلي وكأنهم يديرون شؤون قبلية أو مسائل قروية وليست امور دولة ووطن .

والسؤال الذي يحيرني هل سيتم التحكيم في أمور سيادية أخرى في المستقبل فاليوم التحكيم في ضريبة المبيعات وغدا في مصير الوحدة اليمنية وربا يصل بهم الأمر إلى التحكيم في بيع الوطن بالكامل فيا فخامة رئيس الجمهورية هل تستطيع أن تطهر البلاد من الذين يبيعون البلاد والعباد وإلا خرجنا من هذه البلاد قبل بيعنا كالعبيدِ وبدون ثمن .