لا خُصُوْمَةَ بَيْنَ أنْصَارِ العَدَالَة!
بقلم/ محامي/احمد محمد نعمان مرشد
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 11 يوماً
الإثنين 11 فبراير-شباط 2013 02:06 م

القُضاةُ إخوةٌ للمحامين والعكس أيضا كذلك لأنهم جميعا يسعون إلى تحقيق العدالة ويتعاونون فيما بينهم على إنصاف المظلومين وتطبيق الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة من خلال الفصل بين الخصوم يوميا أمام المحاكم ,فالمحامون يبذلون الجهد الجهيد ويسهرون الليل ذا البرد الشديد وهم يكتبون المرافعات والدعاوى والردود والدفوع والاعتراضات وغير ذلك بوقائع وأسباب وأوجه وأحوال ونصوص قانونية ويقدم كل محامي مذكراته بحسب مركز موكله في القضية إلى فضيلة القاضي العلامة المختص بنظر القضية فيُسِهِّل عليه البحث ويكفيه التعب والعناء الذي كان سيلاقيه في حالة ما إذا كان المترافع أمامه غير محامي وينحصر دور القاضي بالوزن والترجيح بين الأدلة فيُكَوِّن حيثيات حكمه وأسبابه ومنطوقه بكل سهولة على ضوء الدليل الصحيح الذي قدمه المحامي وإذا كان القضاء فهم وإدراك وفطنة فان مهمة القاضي الوزن والترجيح وبالمقابل تكون مهمة المحامي هي مساندة القاضي ومساعدته في إصدار حكم القانون وذلك من خلال الخلق والإبداع والتكوين الذي يقوم به في مرافعاته الشفوية أو التحريرية أي أن القاضي والمحامي مشتركان في تحقيق العدالة والإنصاف بين الناس ولا حياة للأمة ولا تقدم للشعوب ولا ازدهاء ولا رقي للحضارات إلا بالحكم الرشيد والعدالة التامة والإنصاف بين الناس وحماية نفوسهم وحقوقهم وأموالهم وأعراضهم وإذا كانت العدالة لا تتحقق إلا بتعاون القضاة ومساعديهم المحامين فانه يجب عليهم جميعا أن يتعاونوا بكل شفافية واحترام وأخوة ووفاء وصدق ومحبة وليس في اختلاف الرأي ما يفسد للود قضية فإذا شابت العلاقة شائبة ما أو حصل خلاف بين قاضي ومحامي فينبغي أن تكون صدورهما واسعة وقلوبهما صافية والتسامح هو سَيِّدُ الموقف بغض النظر عمن كان السبب المهم أن على من اخطأ أن يُبَادر إلى الاعتذار وخيرهما الذي يبدأ به لان كلاهما بشر والعصمة للأنبياء وكم نكون مغمورين بالسعادة عندما نرى ونشاهد الاحترام المتبادل بين المحامين والقضاة وهذا يزيدنا فخرا واعتزازا فالقضاة خلفاء الله في أرضه بدليل قوله تعالى (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ( ولقد عجبت كثيرا عندما بلغني تحسس بعض القضاة مما كُتِبَ في المقال السابق المنشور في صحيفة أخبار اليوم بعنوان (المُحَامُونَ يَنْتَصِرُونَ لِمِهْنَتِهِم!)لأنه وبغض النظر عن الاعتذار سواء كان من قاضي محكمة شرق اب أو من الزميل المحامي/عبده ناشر الشجاع أو منهما معا فعودة العلاقة بينهما انتصارٌ للعدالة وقوة ومتانة لان الفجوة والخلاف يكون قد انتهى بين الأخوين بمجرد اعتذار كلٍ منهما للآخر , فالخصومة قد تستمر بين أي فرد وآخر من شرائح المجتمع إلا بين الأخوين القاضي والمحامي فهما وجهان لعملة واحدة وهي العدالة ومهما صدر خطأ من احدهما فانه يبادر بسرعة الاعتذار إلى الأخر لان الاستمرار في إساءة العلاقة لا تضر بهما فحسب بل تضر المجتمع والعدالة ولذلك فان استمرار الخصومة بينهما محال والتاريخ اكبر شاهد على ذلك وشريعتنا الإسلامية دعت إلى التسامح والتصافح والتعافي والتحابب قال تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين )ودية الذنب في مجتمعنا الإسلامي وبين مثقفيه هو الاعتذار قال الإمام الشافعي :

قيلَ لي قَد أَسى عَلَيكَ فُلانٌ

وَمُقامُ الفَتى عَلى الذُلِّ عارُ

قُلتُ قَد جاءَني وَأَحدَثَ عُذراً

دِيَةُ الذَنبِ عِندَنا الاِعتِذارُ