المراجعة بالصريمة تعني المزيد من الابتزازات والنثرات!
بقلم/ رياض الأحمدي
نشر منذ: 10 سنوات و 11 شهراً و 3 أيام
الثلاثاء 23 إبريل-نيسان 2013 03:56 م

نحن ثرنا لإنصاف المظلومين وإعادة الحقوق، فإذا بنا نرى مؤتمر الحوار وقد تربع فيه كل ذي ناب ينهش في الوطن وأصبح مفوضاً برسم مستقبله، ونرى تجاراً يصعدون على أكتافنا ويتحدثون باسم الضعفاء ويفرضون مصالحهم التجارية، وإلا فإن اليمن يجب أن يُقسم على اثنين، وسيصرفون القليل من أموالهم لإحراق ما تبقى من البلاد..

في اليمن المنكوب بالنخبة السياسية الآثمة التي تفرط بالوطن، لا يسمى التاجر تاجراً، ولا اللص لصاً، ولا المهندس مهندساً، بل تم غسيل دماغ للكثير من الأصوات ليكون التصنيف على طريقة "جنوب" و"شمال". وموضوعنا هنا رجل الأعمال الابتزازي أحمد بن فريد الصريمة الذي نفخت له القوى السياسية، من أين تأتي علاقته بالحقوق والمظالم والقضايا وهو من أصحاب المصانع والناقلات والأموال المتضخمة؟ وأين كانت هذه الأموال والسفن قبل 90 حتى نقول إن وحدة الوطن جلبت عليه المظالم؟.

قال لي الوزير المطالب بالانفصال رجل الأعمال المعروف سعد الدين بن طالب أثناء لقاء ونقاش سريع على هامش مؤتمر الحوار، إنه كان في العهد الشمولي قبل 90 مشرداً من قبل النظام الحاكم في جنوب الوطن لمدة 17 عاماً.. وفي العهد الجديد (بما فيه من أخطاء) أصبح بن طالب وزيراً في الحكومة، ويبرر دعوته لتمزيق البلاد، ويقول: اسأل إلى أين تذهب العقود والمناقصات".. فهل يبرر ذلك أن تدعو لتمزيق البلاد؟ أم أنك تستخدم هذه الدعوة من أجل الحصول على "عقد"؟! نحن لا ندافع عن الفساد، لكننا لا نعتبره إحدى الجهات الأربع!

الصريمة رجل أعمال يسمى "جنوبياً"!. يستدعي "جنوبيته" عندما لا تنجح مؤهلات شركته إلى تسلم قطاع نفطي لتكون صكاً للاستيلاء تحت غطاء الموجة المناطقية، يوصل بعضاً من النقود إلى القيادات والمكونات لابتزاز الشعب والقيادة، ويتحدث عن شعب وشعب وحرب ونهب، للضغط للمطالبة بتلك القطاعات تحت اسم "جنوب" أو "حضرموت"، وإما أن تمنحه تلك القطاعات والميزات الاستثمارية فوق القانون ليمهد أكثر لتفتيت البلاد ويتقوى بالنعرات المناطقية، أو تعترف بأن اليمن ليس واحداً، وتوقف مؤتمر الحوار والهيكلة.

لماذا يطالب الصريمة بإلغاء العقود التي تمت مع الشركات النفطية، ولا يطالب بلجنة تحقيق في معايير اختيار تلك الشركات.. ويوضح من ورائها وكيف تعمل، بدلاً من الابتزاز وإصدار 12 مطلباً على رأسها إلغاء وحدة البلاد، والتي هي الأساس الذي تقوم عليه دول وتحافظ عليه السلطات..

بقدرة قادر أصبح الصريمة يطالب بـ"الندية" وهو الذي دخل حواراً ليس فيه "ندية"، والعتب كل العتب على الرئيس هادي وعلى الأحزاب السياسية التي اتجهت نحو رؤوس الأموال التي تضخمت من أحشاء الشعب، ومن ثم تسلمها مصير بلاد، وجزء لا بأس به من التجار ليس لهم أخلاق ولا يعيشون مع الشعب وهمومه.. فكيف تساوي بين مواطن فقير في الضالع خرج ناقماً، وبين تاجر يستغل ذلك الصوت والتصنيف الجهوي ليجني ويضغط!... الفقير في صنعاء يمشي ويأكل مثل الفقير في لحج، والتاجر في حضرموت يأكل ويقود سيارة مشابهة لسيارة التاجر في صنعاء وتعز.. التصنيف الحقيقي هو: فقير وغني ومتوسط الدخل، ولص ونزيه، ووطني وعميل.. وليس كما تم استغلال أوجاع الناس من قبل نخب سياسية آثمة ومجموعات تجارية ومشاريع صغيرة أنانية لجعلها تصنيفات "جنوب" و"شمال" و"كائنات سماوية" و"كائنات أرضية"..

ليس كل تاجر "مبتز"، وليس كل مفرط بالبلاد "تاجر"، فهناك الكثير من العملاء وأصحاب الأهواء والمشاريع القروية لا تتحقق أحلامهم وثاراتهم بمصلحة البلاد.. والنخبة السياسية للأحزاب والقوى الرئيسية في البلاد آثمة ودائخة، محملة بأعباء ماضيها والتزاماتها وثاراتها، لا تسعى وراء المصالح العليا بقدر ما تتسابق على جلد الوطن واقتسامه. القضية الإنسانية اقتصادية بطبيعتها بين ظالم ومظلوم وفقير وغني.. مع ذلك تردد هذه النخبة أن القضية سياسية، والناس يصفقون لأقوالها.. مع عدم إنكار وجود القضايا السياسية التي تحتاج لمراجعات دون المساس بثوابت الشعب ووحدته الوطنية والسياسية.

قبل سنوات سمعنا عن قيام شركة مقاولات تابعة للصريمة بسفلتة طريق تهدم سريعاً فقامت الحكومة بتأخير مستحقاته فذهب الصريمة لرفع دعوى قضائية ضد اليمن في بريطانياً، واليوم يتجه إلى الجارة عُمان ويستقبل الوفود ويفاوض للحصول على المناقصات والعقود على حساب الشعب المغلوب.. أين عُمان والسلطان قابوس وكيف تسمح لمواطن عماني بممارسة السياسة من داخل أراضيها لبلد مجاور..؟.

صرخ الصريمة في الوقت الذي كان الشعب محتفلاً بقرارات الرئيس هادي بإزاحة بقايا النظام السابق المسؤول عن أوضاع ما بعد 94، ليقول للشعب إن مصالحه (والتيار الذي معه) تتقاطع مع مصالح الناس.. ثم رفع 12 مطلباً بإلغاء الوحدة وإلغاء فرق مؤتمر الحوار وووو.. وكأن مصير الشعب مرتبط بمزاج تاجر جشع وراءه أطراف وشخصيات مختلفة، رفعته القوى السياسية وأعطته أكبر من حجمه، من معارض على قنوات المشترك، إلى رئيس للمؤتمر الجنوبي الذي يقوده المناضل محمد علي أحمد، ثم اختاره الرئيس هادي نائباً له في مؤتمر الحوار، ثم بتوجيه الرئيس هادي تم اختياره رئيساً لفريق القضية الجنوبية، ليخرج بعد ذلك يطالب بهدم العملية السياسية والوحدة... والاستجابة لمطالبه وإلا فإنه سيحول ملايين الدولارات إلى بعض القيادات لتصعد من خطاب التحريض والتشطير.. وأدق ما يُقال عنه:

"إن أنت أكرمت الكريم ملكته.. أو أنت أكرمت اللئيم تمردا"

لا داعي للمراجعة به، واستبدال فساد بفساد، فما الفائدة إذا كنا نفرض معايير الابتزاز والاستقواء تحت عناوين جديدة.. هو مجرد تاجر تم إعطاؤه أكثر من حجمه.. وهناك أصوات معه، أمثال رجل الأعمال سعد الدين بن طالب، من المفترض أن تخرج أصواتهم ليتغربل الواقع المغشوش بهم.. تجار لديهم شوارع ومصانع يسعون للاستيلاء باسم البسطاء وسياسيون وأصحاب ثارات تاريخية ورجال مخابرات خارجية لا يتوقفون عن مراضاتهم..

لو كان في الصريمة خير، لما خرج في الوقت الحرج الذي فيه الرئيس الجنوبي هادي في مواجهة القوى التي تمت إزاحتها من النظام السابق، ولما عارض في الوقت الذي فيه كل الشعب يؤيد الرئيس ليضعه بكل هذا الموقف الحرج..

لا داعي للمراجعة بالصريمة ومفاوضته.. فعودته تعني أنه قد يصنع نثرات جديدة إذا لم يتم التجاوب مع مطالبه، مثلما فعلها بعد أن أعطاه الجميع لواء القضية الجنوبية في الحوار.. ولا يفترض أن يقدم الرئيس هادي أية تنازلات، فقيادات الدولة وأغلبية مؤتمر الحوار من جنوب الوطن، والمظالم والحقوق والأخطاء في طريقها إلى الحل..

فلماذا المزايدات وحمل السكاكين لذبح بلاد يعضونها ويبغون عطاها، ولماذا إغراق سفينة سلمهم الشعب قيادتها وأزاح المتهمون بالإساءة إلى الوحدة، والشعب سيقف مع من يدافع عن مصالح الوطن ويفشل زوابع شخصيات الفنادق والناقلات والأسهم.. فهاهو الصريمة كان يعتقد أن السفينة اليمنية ستنقلب وينهار الحوار بمجرد أن تغادر طائرته الأجواء اليمنية، وهاهي تسير، والمطلوب هو أن نبين للشعب أن هؤلاء لا يسعون وراء مصالحه، بل وراء مصالحهم. ذلك أن التقرب من المبتزين لن يفضي إلا إلى ابتزاز جديد وسقف جديد وحقل جديد. الشعب مع الدولة ضد المبتزين ولن يفعلوا شيئاً إلا حين يتم تجاهل الشعب والرضوخ لمطالبهم.

عودة الصريمة رئيساً لفريق القضية الجنوبية يعني إتاحة المزيد من الفرص لنثرات جديدة. مع الإشارة إلى أن الابتزازات والأهداف التجارية وراء دعوات التمزيق، لا تتوقف عند الصريمة، ولا تنتهي عند رجال أعمال في الداخل.