السوريون وجحيم النظام الطائفي
بقلم/ مصطفى راجح
نشر منذ: 10 سنوات و 9 أشهر و 26 يوماً
الجمعة 31 مايو 2013 06:42 م

يتعدى الحدث السوري كل معقول. يفقدك القدرة على الكتابة وتفلت من بين أصابعك كل ممكنات التعبير.

 هل يعقل ان يبقى العالم كله ، أوله وثالثه ، متحضريه ومتخلفيه ؛ يتفرجون على ذبح الأطفال واغتصاب النساء وهدم المساكن على رؤوس ساكنيها وقصف المدن والأحياء السكنية عشوائيا فوق المدنيين كإجراء عقابي على كل السكان دون تمييز كونهم تجرأوا ورفعوا أصواتهم مطالبين برحيل الوريث الغاشم لكرسي السلطة الطائفية هناك.

 تتحول دماء السوريين وأجسادهم الممزقة ومأساة أطفالهم الى ما يشبه مهرجان فرجة يومية أمام عالم فقد جُل روابطه الإنسانية.

تتوسع وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي على المستويين الواقعي والافتراضي فيما تبهُت وتتوارى قيم التضامن الإنساني ، وتتفكك حتى القيم والقواعد الأخلاقية والقانونية التي صاغها البشر في عهود يفترض أنها كانت أكثر همجية وتخلفاً مقارنة بسمات العصر الذي نعيشه الآن ويوصف - زوراً وبهتاناً - بالتحضر والتطور.

حتى الحروب المعلنة بين الدول والجيوش سَنت لها الأمم أخلاقا وضوابط ؛ لا تقتل أسيرا ، ولا تقصف المدن ، ولا يستهدف المدنيين ، وتجريم قتل الأطفال والنساء ، ولا ولا ولا حتى نصل إلى جذور الأخلاق التي بدأها العرب والمسلمين بتوصية رسولهم وقائدهم لجيوش الفتح ان لا تقطع شجرة !!!

ما حدث في البوسنة والهرسك أقل بكثير مما يحدث في سوريا الآن فلماذا لم يتحرك الغرب وأمريكا ؟؟

 هل لأن السياسة القذرة وحساباتها تغمض أعين الطبقة السياسية هناك لمقتضيات تدمير ضلع آخر للعرب بعد تكسير عظامهم الذي ابتدأ من العراق في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي وأم يتوقف حتى الآن !!!

نتحدث عن العالم وفضاءاته المفتوحة وليس فقط العرب لان كل سكان الأرض معنيين بما يحدث في سوريا.

 المجازر والقتل الشامل في دمشق وحلب وحمص وأدلب والرقة وبانياس وكل شبر في سوريا إدانة للبشرية كلها التي تتفرج على مجنون السلطة وبنية نظامه الطائفي الهمجي الغاشم تقصف المدن وتسوي الأحياء السكنية بالأرض وتهدم البيوت فوق ساكنيها.

****

بقي ياسين الحاج صالح نافذة مضيئة على بلده سوريا طوال السنوات الماضية ، واستمر طوال سنوات الثورة وما تلاها من عنف وحرب يكتب من مكان مجهول في سوريا إلى ان توقف نسبيا بداية الشهر الجاري عن كتابة مقاله الأسبوعي في صحيفتي الحياة والنهار مكتفيا بكتابة سير ذاتية للمقاتلين في الميدان بين صفوف الجيش الحر والتواصل عبر صفحته على الفيسبوك. 

الأحد الفائت دون ياسين الحاج صالح في صفحته ملخصاً بلوحات عالمية وأشعار متنوعة لمأساة أطفال سوريا التي هي جوهر المأساة السورية : "

 " هذه رحلة خيالية رمزية الى الجحيم السوري الذي خلقه النظام السوري للسوريين بمساعدة العالم. ان سكان هذا الجحيم معظمهم من الأطفال، ولهذا فهو جحيم لا يكاد له مثيل. ففي هذه الجهنم يعذب الأبرياء، لا أصحاب الخطيئة، لا القتلة، لا السفاحون، لا المجرمون، لا المغتصبون، لا الجيوسياسيون، لا أمراء الحرب الإقليميين وحتما ليس مجلس الأمن. وجدتني اضطر للاحتماء بجهنم أخرى لكي استطيع خلق هذه الجهنم التي تعكس الجحيم السوري الأرضي. وبناء عليه وكما هو متوقع سعيت لنشدان بعض العزاء في صحبة دانتي مؤلف جحيم الكوميديا الإلهية . لدانتي حضور دائم، حتى ولو كان مختفيا في رحلتي هذه، ومملكة العذاب والويل التي خلقها تطل علينا بين الحين والأخر."

****

ثمن الكرسي ثمن فادح ندفعه من دمنا وحياتنا ومستقبلنا ومصير بلداننا في كل موضع من خارطة الثورة العربية. أما إذا كان الكرسي ممزوجاً بالطائفة والمذهب فالفاتورة مائة ألف قتيل في "ضيعة " النظام الطائفي العلوي في سوريا،ومفتوحة على كل الاحتمالات وقابلة للزيادة.

أما وقد اكتمل مثلث القبح بالنفوذ الإقليمي فالجحيم يفتح أبوابه أمام الشعب الثائر في سوريا وبدعم ومباركة إيران وفرقتها في لبنان وميليشياتها في اليمن ونظامها العميل في العراق ، وبينهم عصبويون برداءات ثقافية وصحافية وعلمانية ينشطون بدأب للتمويه وخلط الأوراق والتحريض على توسيع الجحيم السوري ليشمل المنطقة العربية كلها ابتدائاً من سوريا مرورا بلبنان والعراق وصولا الى اليمن. 

***

إضاءة من صفحة ياسين الحاج صالح :

لدى الطبيب السبعيني 3 شهادات شكر من حسن نصر الله، ودعوة واحدة لزيارة إيران. كان استضاف 6 أسر من جنوب لبنان في مزرعة له في الغوطة الشرقية في صيف 2006، وداوم حتى بعد بداية الثورة السورية على إرسال 4 ألاف ليرة شهريا لصندوق دعم شهداء حزب الله.

لا يحتقر الرجل اليوم أحدا أكثر من حسن نصر الله وحزبه.