جهاز الأمن القومي وهزيمة أنصار الله في اليمن
بقلم/ اكرم الثلايا
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر
الأحد 23 يونيو-حزيران 2013 04:23 م

لم يجرؤ تجمع أحزاب اللقاء المشترك أثناء الثورة , الإقدام على التجمهر والاعتصام أمام مقر الأمن القومي يوما , أبان حكم الرئيس السابق السيد علي عبدا لله صالح , برغم معرفة قيادات اللقاء المشترك أن جهاز الأمن القومي يكن كامل الولاء للرئيس السابق صالح , واحد أهم أعمدة حكمة آنذاك.

- وبعد الثورة ونجاح أحزاب اللقاء المشترك وشخصياته النافذة من جماعة الإخوان المسلمين , من استغلال الثورة وتجييرها بأسمائهم ولصالحهم على حساب دماء اليمنيين عموما , وتخلفت جماعة الحوثيين (أنصار الله في اليمن) عن السرب الجديد , برغم تمثيلها في حكومة الوفاق الوطني بوزير بدون حقيبة , ومشاركة الحوثيين في مؤتمر الحوار الحزبي الخاص , ليسموا بعد ذلك بأنصار الله , لتحس الجماعة بالنشوة والقوة , ويتجلى ذلك في الصورة القوية التي ظهرت في تشييع جثمان مؤسس الجماعة السيد حسين بدر الدين الحوثي , والتي ساهم خصوم أنصار الله بالترويج لها وتضخيمها لأسباب إستراتيجية , أهمها تحقيق ما لم يجرؤ عليه من النيل من الجهاز , واستخدام أنصار الله للتقدم نحو جهاز الأمن القومي.

- لقد كان التشييع الإعلامي لجثمان السيد الحوثي , الذي أدارته الجماعتان , في حضور لافت لأجهزة الدولة الأمنية متعددة المهام , وتضخيمه ليظهر أنصار الله وكأنهم ماردا ,لا يمكن رده أو صده , قد حقق أول أهدافه النفسية في أذهان جهاز الأمن القومي اليمني , وخلق صورة ضخمة أكبر من الواقع.

- في يوم الأحد 9 يونيو 2013م , تقدم أنصار الله نحو جهاز الأمن القومي , لممارسة حق ديمقراطي معلن , للتجمهر وللاعتصام أمام الجهاز في خطوة تعد شجاعة مقارنة بغيرهم من مغتصبي ثورة الشباب , للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين في سجون الأمن القومي , أسوة بمعتقلي الثورة من أحزاب اللقاء المشترك الذين أطلقوا سابقا, وفيما يبدو أن الأخير يقوم بدور سياسي فاعل كي لا يتم إطلاق المعتقلين من أنصار الله , وخاصة ما أطلق عليها رسميا خلية إيران المتهمة بالتجسس على اليمن لصالح إيران الإسلامية , وهو ما يصر عليه أنصار الله , ويعد حقا مكتسبا في هذه الظروف الاستثنائية وفقا لحق المواطنة المتساوية والعدالة والمعاملة بالمثل لكل مستفيد سياسي من ثورة الشباب من وجهة نظرهم المعلنة.

- محاولة الاعتصام والتخييم من قبل جماعة أنصار الله أمام مقر جهاز الأمن القومي , وما سبقه من تهويل إعلامي من الجماعتين , جعل رئيس الجمهورية , وقيادات جهاز الأمن القومي ومنتسبيه , يخرجون من معركة المواجهة مع أنصار الله قبل أن يدخلوها , بسبب الخوف تبعا لوضعهم النفسي الذي استطاع طرف ثالث زرعه في وجدانهم وتأجيجه في عدم إدراكهم .

- في حين شرع أنصار الله بإقامة خيامهم , كانت الأنفس قد بلغت حناجر الموت , فشباب أنصار كانوا عزل من السلاح , بينما قوات وعناصر جهاز الأمن القومي قد تمكن منهم الخوف , فكانوا مسلحين بأحداث الأسلحة الأمريكية المتوسطة والخفيفة وعدد من العربات المصفحة وكاسحات التجمهر , وما أن بدء شباب أنصار الله بنصب أول خيمة بعد أن أمهلهم الأمن القومي مدة ساعة لإخلاء المنطقة , حتى قامت قوات خاصة بضخ خراطيم المياه المضغوط على المعتصمين , وتفريقهم بقذف القنابل المسيلة للدموع , وأثناءها تدخل طرف ثالث , وبادر بإطلاق أعيرة نارية في عدة اتجاهات , من بعض أسطح المنازل المجاورة , كما أطلقت أعيرة نارية من بعض دراجات نارية عابرة , وأطلقت أعيرة نارية من أحدى المدارس المجاورة , كما أطلقت أعيرة نارية من بعض صوامع المآذن القديمة للمساجد , وتفرق جمع المتظاهرين العزل هاربين هنا وهناك , وحوصر نحو مائة إلى مائة وعشرون منهم , داخل مقبرة المشهد التي تزيد مساحتها عن واحد كيلو متر مربع , وقد اتقوا بسورها الغربي من قنابل الغازات المسيلة للدموع , وضخ خراطيم المياه , لنحو عشرة إلى عشرون دقيقة , وبين ضخ المياه وقنابل الغازات , ورد الشباب بما تيسر من أحجار مقبرة المشهد , أزداد تدخل الطرف الثالث بأعيرة نارية من رشاشات آلية , كما أطلقت عدة طلقات رشاشة متوسطة نحو المنازل الغربية المطلة على المقبرة على جانبها الشرقي , وتضررت عشرات المنازل , وجرح أثنين أحدهما طفل في الخامسة في منزله , فيما يبدو انه استعدادا لحسم المعركة , لإرهاب المواطنين ومنعهم من التصوير من الأسطح , وهو ما يؤكد النية النفسية المبيتة لقيادة جهاز الأمن القومي وعناصره , مما أصابه من رعب مسبق من شباب أنصار الله , لا مبرر له مهنيا لقادة وضباط وأفراد دربتهم الولايات المتحدة الأمريكية , وفعلا تم لهم ما أرادوه من إخلاء المنطقة من الشهود , ونكلوا بالشباب داخل مقبرة المشهد , وتعاملوا معهم بمنتهى الوحشية , حتى أنهم ضربوا الجرحى ممن أصيبوا بأعيرة نارية أثناء معركة التصفية , وهرب من الشباب من هرب قفزا من على الأسوار , وأسر من أسر , وأسعف من أسعف من قبل المارة من المواطنين في الشارع , بينما كانت صفارات سيارات الإسعاف تسمع وتجوب الشوارع فارغة.

- بكل حال لقد هزم جهاز الأمن القومي في اليمن , من شباب عزل لا يتجاوز عددهم الثلاثمائة في اعتصام سلمي , لأنه جهاز كبقية الأجهزة القمعية التي زرعتها القوة الأمريكية في المنطقة العربية , يحمي مؤسسة الرئاسة , ولا يحمي مؤسسة الدولة المدنية وأمن المواطن كما يفترض , كما أن تدخل عدة أجهزة أخرى في المعركة , وعدم التنسيق بينها , أفشلها لأنها بالأساس أصبحت أجهزة غير وطنية وحزبية لا مهنية , كما أخفق أمن أمانة العاصمة بجمع التحريات لفعالية معلن عنها منذ عدة أيام من جانب , وكان تدخله في المعركة غير محمود من جانب أخر , فهو لم يوفر الأمن للمتظاهرين منذ البداية , ولا حتى للسكان والمواطنين المارة من منطقة الاعتصام وحولها , حيث كان يفترض بالأمن العام للعاصمة صنعاء الانسحاب فور وصول قوات مكافحة الشغب كما أعلن , وترك المهمة لهم بحسب الاختصاص , برغم تشكيك الكثير بوصول قوات مكافحة الشغب , وتولي قوات جهاز الأمن القومي مهمة صد شباب أنصار الله في ملابس قوات المكافحة , كما أظهرت بعض صور الفيديو , وأثار قصف منازل المواطنين واتجاهاتها , وباقي الطلقات الفارغة للذخيرة المستخدمة في المعركة , وصور اتجاهات هروب الشباب العزل من مقبرة المشهد الذي أدعى الجهاز فيما بعد أنهم مسلحين , على غير حقيقية الواقع , التي التقطتها عدسات كاميرات الفيديو للشباب الهاربين والمسعفين وهم عزل تماما , والسؤال يطرح نفسه هل يعقل أن يهرب شباب مؤمنين عقائديين غاضبين متشنجين من أنصار الله وهم مسلحون ويعلمون علم اليقين مسبقا , أنهم سيواجهون أقوى جهاز أمن أمريكي يمني في المنطقة العربية مدرب ومجهز بأحدث الأسلحة والاتصالات والكاشفات الضوئية , ونحوها من الأجهزة الأمريكية الخاصة من غير أن يصيب شباب أنصار الله شخص واحد من الطرف المهاجم ؟ وحتى اليوم لم تعرض أو تعلن أي أصابه من قوات جهاز الأمن القومي اليمني في تلك المعركة ,, لابد أن إجابة المنطق ترد على هكذا سؤال ليس بمحير.

Althulaia75@gmail.com