القوات المسلحة والأمن !! .. أمنٌ ولكن لمن ؟؟
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و 9 أيام
الأربعاء 16 يناير-كانون الثاني 2008 11:11 م

مأرب برس - خاص

مما لاشك فيه أن جميع الدول وبدون استثناء لا تستطيع السيطرة على مقاليد الحكم إلاّ بهذه القوات ، وهذا أمرٌ حتمي لا فكاك منه باعتباره أهم مقومات الدولة في حفظ النظام والقانون ، فضلاً عن كونه الأداة الضرورية اللازمة لتعطيل أحكام الدستور والقانون بفرض الأحكام العرفية في بعض الحالات .

ومن هنا يصبح دور القوات المسلحة والأمن من أكبر الأدوار التي تفتخر بها الشعوب والدول باعتبارها قوات جماهيرية قوامها أبناء الشعب وثروته ومهمتها حماية الأرض والعرض ، ولكن تعالوا معنا لنستعرض مهام قواتنا المسلحة وقوات الأمن ولكن ليس من خلال الخطابات الرنانة واللقاءات والمؤتمرات المتلفزة والاستعراضات العسكرية والطوابير الصباحية ... الخ ، ولكن من خلال السلوك والممارسات اليومية فربما يأتي شئ من الإجابة على التساؤل المطروح في صدر هذا الموضوع .

من خلال قائمة الأسماء تتضح الكثرة العددية لأصناف القوات المسلحة والأمن ـ على افتراض أن الأمن تكوينات مدنية حسب نص الدستور مع أن البعض منها ينطبق عليه معنى القوات المسلحة نظراً لحيازتها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة واشتراكها في مواجهات مسلحة مع المواطنين - فهناك القوات البحرية والقوات الجوية والقوات البرية وما يلحق بها من المسميات الأخرى وهذه قوات مهمتها الدفاع عن الوطن من أي اعتداءات خارجية تهدد أمن وسلامة البلاد والعباد من أي كان ، بالإضافة إلى عدد كبير من المسميات الأمنية والتي تكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتعمل على حفظ النظام والأمن العام والآداب العامة وتنفيذ ما تصدره إليها السلطة القضائية من أوامر ، وهذه مهام عظيمة وجليلة تستحق الثناء والشكر وتستوجب النصرة من كل مواطن حتى بروحه ودمه وماله عند ما يتطلب الأمر لذلك .

لكننا ولله الحمد قد حسمنا موضوع الحدود البرية والبحرية مع الجيران ولم يعد هناك ما يهدد أمن وسلامة البلاد ، وتبعاً لهذا الحسم فقد حسم موضوع المجال الجوي ولم يعد ما يلزم لحشدها على الأطراف المتاخمة لجيراننا وذلك لفرط حرصنا على كسب الثقة والمودة وحسن الجوار ، حتى في ظل التحرشات والاستفزازات التي تتعرض لها بعض الأماكن والأفراد ، وهنا أود الإشارة إلى تطبيق هذا الإفراط في قضية احتلال جزيرة حنيش وكيف تعاملنا معها بعقلانية تامة وضبط نفس ورباطة جأش ، فلم نطلق رصاصة واحدة ، ولم نعمل طلعة جوية واحدة ...الخ ، وذلك التزاماً منا بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ولكننا حركنا القوات البرية والطائرات المقاتلة والعمودية في طلعات جوية ودوريات مستمرة ليلاً ونهاراً طوال سنة كاملة للبحث عن مواطن عادي (أبو علي الحارثي) حتى تم اصطياده بصواريخ الأباتشي ، هذا مثال ومثال آخر عند ما أمطرت الطائرات العمودية على أبناء محافظة عدن قنابلها لتفريق جموع المعتصمين لإجبارهم على التفرق ، وغير ذلك كثير بداءً بأحداث عدن والمكلا مروراً بمنصة ردفان ووادي بلحارث وعبيدة وآل سحاق والعوالق وخليفة وشرعب ... الخ ، بالإضافة إلى الاعتداءات المتكررة على الطلاب والصحفيين والباعة المتجولين ومنظمات المجتمع المدني .. ولا زالت قائمة الانتهاكات مفتوحة إلى ما شاء الله ، ولنتذكر تلك الحملات العسكرية المسنودة بالطيران والدبابات والمدفعية في كثير من مناطق الجمهورية والتي غالباً ما تنتهي بحصيلة دموية مؤلمة يتكبد الوطن نتائجها السلبية في الأرواح والعتاد .

والسؤال المطروح في هذا الجانب .. من الذي يصدر الأوامر لهذه القوات بإطلاق الرصاص على المواطنين وانتهاك حقوقهم في الحياة ؟؟

وقبل أن نخوض في هذا التساؤل نستسمح القراء باستعراض (نص دستوري) يتعلق بهذا التساؤل . حيث جاء في المادة (47) من الدستور : ((المسؤولية الجنائية شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلاّ بناءً على نصٍ شرعيٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍّّّّّّّّّّّ أو قانوني ، وكل متهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم قضائي بات ،ولا يجوز سن قانون يعاقب على أي أفعال بأثر رجعي لصدوره)) .

وبناءً على هذا النص الدستوري فإن الذين يصدرون الأوامر للقوات المسلحة وقوات الأمن ويوجهونها لمواجهة المواطنين ، إنما يرتكبون أفعالاً تعرضهم للمساءلة والتجريم وذلك من عدت أوجه :

الأول : أنهم يعطلون نصاً دستورياً نافذاً .

الثاني : أنهم يفرضون الاتهامات على الآخرين بدون وجه حق .

الثالث : أنهم يُخِلّون بحق سير العدالة المتضمن حق المتهم في الدفاع عن نفسه أمام القضاء إن وجد مبرر لاتهامه .

الرابع : أنهم يتدخلون تدخلاً سافراً في شؤون القضاء وينصِّبون أنفسهم خصوماً وقضاة في آن واحد ، بالإضافة إلى توليهم تنفيذ ما يفرضونه من إجراءات بدون وجه حق مع سبق الإصرار .

وهذا في حد ذاته دليل على إفراغ هدف إنشاء هذه القوات من محتواه ، وأما الدليل الآخر فقد جاء انطلاقا من توجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية (القائد الأعلى للقوات المسلحة) والتي تقضي بإعادة تفعيل قانون خدمة الدفاع الوطني التي أصدرها في سبتمبر من العام الماضي ، ولكن ليس لغرض مدّ هذه القوات بدماء جديدة يقع على عاتقها تنفيذ مهمة الدفاع عن حياض الوطن ومكتسباته الثورية ومنجزاته العملاقة ، ولكن لغرض استيعاب الشباب العاطلين عن العمل من أجل سد الفراغ الموجود لديهم وحشدهم في معسكرات التدريب لكي تملى عليهم التوجيهات والأوامر العسكرية للانتقال لمواجهة آبائهم وإخوانهم المواطنين تحت تأثير التعبئة الخاطئة لغرس عقيدة قتالية تنافي قيم ومبادئ وأهداف الدستور والقوانين النافذة .. وعلى كل حال فإن الواقع يشهد بتحويل هدف إنشاء هذه القوات إلى غير المسار المرسوم له وفق الدستور ، وأصبحت قوات لحفظ أمن ومصالح قلة قليلة من المتنفذين أصحاب المطامع والكسب الغير مشروع ، ودفاعاً عن الكراسي المنصوبة على أعمدة الفساد التي بداء الجمهور يقترب من هزّها من خلال الفعاليات الاحتجاجية المطلبية في إطار مشروع (النضال السلمي من أجل نيل الحقوق والحريات المسلوبة).

 وخلاصة القول .. نتوجه بالدعوة الحارة بل والمطالبة الشديدة لفخامة الأخ رئيس الجمهورية (القائد الأعلى للقوات المسلحة) وجميع من دونه من أولياء أمور القوات المسلحة وقوات الأمن بأن يتعاملوا مع مواطنيهم على أسا قاعدة ((لا ضرر ولا ضرار)) التي يتعاملون بها مع أعداء الوطن الطامعين في حدوده البرية والبحرية ويمارسون الأعمال الاستفزازية ضد المواطنين اليمنيين من الرعاة والصيادين العزل وامتهان كرامتهم وسلب ممتلكاتهم في غياب دور هذه القوات المفترض لتأمين الحدود أرضاً وإنساناً .

كما نرجو من قيادتنا السياسية والعسكرية أن ترقى إلى مستوى المسؤولية في التعامل مع المواطنين المظلومين الذين يرفعون أصواتهم بالمطالبة بحقوقهم المنهوبة ورفع الظلم عنهم الذي يمارس بشكل يومي من قبل كثير من الجهات التي لا هم لها إلاّ الحفاظ على مصالحها الشخصية فقط .

كما نرجو منهم التمسك بروح الدستور والقانون وعدم إصدار الأوامر الفورية التي من شأنها حصد الأرواح البريئة وتكبيد الوطن خسائر فادحة هو في غناء عنها ، في ظل وجود البدائل المتاحة بأقل التكاليف .. وطالما ونحن ندّعي بأن لدينا دولة نظام وقانون فإنه يجب الالتزام التام بروح الدستور وما دونه من القوانين .

كما نهيب بالإخوة رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى برفع أصواتهم عالية ضد جميع الممارسات اللا قانونية ، وإلاّ ما فائدة تلك القوانين وهي حبر على ورق لا هيبة لها ولا وقار من قبل أعلى سلطات الدولة إلى أدناها .. كما نطالبهم بالاعتذار للقاضي (أمذيب صالح البابكري) الذي قال كلمته الجريئة في حق من يخالفون النظام والقانون.. ونقول لهم أين استقلال القضاء إذا كان القضاة الذين يصدرون أحكامهم ضد الفاسدين العابثين بمقدرات الوطن والشعب سوف يحاكمون من قبل هيئاتهم القضائية تلبية لرغبات المتنفذين الفاسدين وأبعادهم عن ممارسة دورهم البارز في رفع هيبة القضاء بصورة قسرية .