في اليمن ... السلطة بين المسئولية.. والطموح السياسي
بقلم/ عبدالوهاب العمراني
نشر منذ: 10 سنوات و 4 أسابيع
الإثنين 27 أكتوبر-تشرين الأول 2014 11:29 ص

يبدو ان الحكومة اليمنية  لن ترى النور قريبا ، وأن أعلنت فأنها ولادة متعسرة لحكومة متعثرة ، ذلك لان أنصار الله يرفضون المحاصصة في الحقائب الوزارية والمشاركة في الحكومة. رغم المشاورات الشاقة منذ أكثر من شهر بموجب اتفاق (السلم والشراكة) الذي وقعه أنصار الله والأحزاب السياسية مع رأس الدولة الذي يمثل مدى هشاشة الدولة اليمنية التي تآكلت بفعل تأمر أركانها ، فالإشكال في اليمن بأن الدولة انهارت بفعل سوء إدارة أدواتها  فالنظام السابق وخلال أكثر من ثلث عقد من الزمن كان همه وشغله الشاغل هو إرضاء الخارج الإقليمي والدولي وقمع الداخل ومهادنة المعارضة وإسكاتها بالترغيب والترهيب.

ما يسمون اليوم بأنصار الله وهم طليعية ميليشيأ مذهبية تتطلع للسلطة في غفلة من الزمن وبتواطى أركان الدولة ذاتها ، ففي اتفاق السلم والشراكة الذي غدا هو الآخر مجرد حبرا على ورق والذي تضمن تشكيل حكومة تعتمد على مبادئ الكفاءة والنزاهة. لكننا لم نرى لا سلم ولا شراكة بل فتوحات وإسقاط مدن ، وإيحاء باستحواذ السلطة كلها فلا عجب فهم يحملون فكر شمولي على غرار الأحزاب الشمولية الكلية التي تتحكم في حياة المواطن من ابسط مفردات تفاصيل حياة المجتمع إلى قمة السلطة.

كما أن أحزب اللقاء المشترك تهدد وتوحي بأنها هي الأخرى لن تشارك  طالما لم تشارك كل المكونات .. السؤل هنا لما رفض أنصار الله المرشح السابق للحكومة ورضوا بالمرشح الحالي؟

الأمر الآخر هل السلطة مغرم او مغنم في الفكر السياسي لهذه الحركة الجهادية التي ترتكز على الفتوحات وإسقاط المدن ليس إلا .!

لاشك يدرك أنصار الله بأن أحزاب اللقاء المشترك غدت ورقة محروقة في نظر اليمنيون ، فهم من مرروا المبادرة الخليجية سيئة الصيت ، حيث اعطى من لا يمك حق منح الحصانة إلى من لا يستحق والنتيجة ما نراه اليوم من تواطئ زعيم الفساد مع الفاتحين الجدد ، ومن هنا فهم يخشون محرقة السلطة فالمعارضة شئ والسلطة شئ آخر انها المواجهة الحقيقة مع هموم وأوجاع الشعب ومشاكلة .

السلطة مغرم وليس مغنم ولهذا فيفترض على أنصار الله الذي اسقطوا دولة بقوة السلاح وفرض أمر واقع ان يكونوا على مستوى المسئولية ، فيتقلدون الوزارات التي لها علاقة بهموم الشعب أليس أنصار الله شنوا حملتهم على الحكومة الفاسدة تحت ذريعة إسقاط الجرعة وتسلقوا للسلطة على أوجاع المواطنين ، فإذاً هذا هو الفرس وهذا الميدان وعليهم ان يثبتوا بأنهم أهل للسلطة . عليهم ان يستملون الوزارات التي تتعلق بهموم وشكوى المواطنين مثل التموين والكهرباء والماء والعدل والأمن ، ام ان سياستهم فقط إسقاط المدن والاستيلاء على المعسكرات..؟

ما حدث ووفقا لعلم الاجتماع السياسي بل ومنطقياً لاهو بثورة ولا هو حتى بتظاهرات سلمية ، فصور عناصر تلك ( الثورة) مدججين بالسلاح يمضغون القات ، بل وحتى الأطفال يحملون السلاح وهذا ليس ضربا من المبالغة بل مستقى من مصادرهم ، هو باختصار حركة تمرد بقوة السلاح يقودها عقيدة وأيدلوجيه مذهبية دخيلة على اليمنيين ومن المغالطة القول بأنها حركة زيدية والذين لا يشكلون سوى 20% من اليمنيين ، اتفاق الشراكة لم يوقع إلا بعد انتظار لنحو يومين لحين انجاز المهمة ورغم ذلك لم ينفذ فلم نرى لا سلم ولا شراكة بل فتوحات متتالية وحروب يومية وانعاش نشاط القاعدة التي كادت ان تختفي على الأقل من المحافظات الشمالية .

ما يؤخذ على هذه الحركة الدينية المذهبية أنها ليست فقط فرضت نفسها بقوة السلاح وتجاوزت حوار امتد لنحو عام ونسفت بتشريعات ارتضى بها اغلب اليمنيين ومنهم الحوثيين أنفسهم ، الإشكال ان التظاهرات كانت من صنف وجهة واحدة أي من صعدة ونحو ثلاث محافظات وهذه لا تمثل كل اليمن ، من جهة أخرى كانت تضم أطفال وهذا خرق لحقوق الانسان ، إضافة الا أنها عطلت حركة السير وهددت الحكومة وتواطأت مع من قامة الثورة عليه بمعنى كلها اخطاء متسلسلة تجعلها ليس فقط حركة متمردة بل حركة ضد السلم الاجتماعي وإلا ما تفسرون تجدد المعارك ابتداء من (صعدة) و(دماج) و(عمران) و(همدان) ثم حصار صنعاء والانقضاض على المؤسسات الحكومية والتوجه لتهامة والدخول في صراع مع أهالي تلك المدن ولولا تواطؤ الحكومة والدولة لما تحركوا شبرا واحدا وهكذا فقد انتهى بهم الأمر لتعز واب وهذا يؤكد بأن هذه الحركة طائفية بأمتياز فقد اذكت الخلاف المذهبي الذي كان خامدا لزمن طويل ، والمؤلم بأنه من تصدى لهم ولو كانت الدولة ذاتها فأنه يصنف بأنه داعشي وتكفيري ، والسؤل من يكفر من ؟ القاعدة كانت نائمة ولا تتواجد الا في بعض المحافظات الجنوبية وكادت ان تندثر ولكن حدة الاستقطاب المذهبي بعد انقلاب سبتمبر الماضي هو من استدعى خلايا القاعدة النائمة ولعن الله من ايقضها . فدخلت بدورها على الخط بل وغدا لها حاضنة شعبية ، تماما مثلما حث في العراق والشام فثورة قبائل الانبار اكبر محافظة في العراق وشماله ليس كلها من داعش بل هم قبائل عربية سنية والبعض كان من البعثيين السابقين وفي نفس الوقت قد يكون بينهم عناصر داعش التي لقت حاضنة شعبية بدليل ان تحالف دولي بهذه القوة والاهتمام لم يستطيع ردعها بسهوله ، والا فداعش نفسها لا يمكن ان تنشط في غياب حاضنة اجتماعية وقس على ذلك في اليمن فالقاعدة اذا كانت منبوذة لسنوات قد تلقى دعما من هذا الطرف او ذاك.

وقد اعلن انصار الله بأن اخر الاسبوع الحالي أي الخميس سيكون هناك اجتماع لانصار الله في حال عدم تشكيل الحكومة المتعثرة وقد يعلنوا فيه جملة من القرارات ليست في صالح الرئيس عبد ربه منصور والذي سيتوارى دورة وربما يشكل مجلس عسكري يكون اعضائة من الفريق المنتصر وهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومؤيديه وأنصار الحوثي ، وسيكون ذلك الأجراء منعطف اخر في الأزمة اليمنية .

إجمالا سقوط صنعاء وصعود انصار الله بمساعدة المخلوع سيكون له تبعاته لسنوات طويله مثل ثورة سبتمبر 62 وأحداث سبتمبر 2014 ستكون بداية لمشاكل كان اليمنيون في غنى عنها ، وكانوا على أعتاب الاستفتاء على الدستور وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني .