متى تنتهي فوبيا الإخوان؟!
بقلم/ خالد زوبل
نشر منذ: 7 سنوات و 10 أشهر و 24 يوماً
الثلاثاء 03 مايو 2016 03:17 م

كتب الأستاذ محمد عبدالله اليدومي رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح في 28 أبريل في صفحته على الفيسبوك ما نصه: "من أهم العيوب التي تعتري العلاقات بين بعض العرب _ سواء كانوا دولاً وأنظمة حاكمة ، أو كانت كيانات سياسية فيما بينها ، أو كانت بين قوى سياسية وأنظمة بيدها مقاليد الأمور في بلدانها _ أنها تقوم على المزاجية المتقلبة أو الإنتهازية النفعية أو إصدار الأحكام المسبقة على هذا الطرف أو ذاك لولوج طرف ثالث لا يكون همُّهُ إلاَّ إفساد العلاقة بينهما والنأي بهما بعيداً عن الوئام.. ..!
ولهذا كثيراً ماتكون قطيعة لا معنى لها ، وجفاء لا مبرر له ، وسوء ظن لا يرتكز إلاَّ على أوهام لا أساس لها على أرض الواقع المعاش ..!
ولعلاج مثل هذه العيوب علينا أن نحطم حواجز الوهم وأن نلتقي لنستمع من بعضنا بدلاً من أن نستمع عن بعضنا من الآخر!". ..!
لقد كانت الرسالة واضحة جداً لمدى الهوة والفجوة العميقة بين الإصلاح وبين قيادات دول التحالف، فثمّة فِصام لا تخطئه عين ، ولا معنى له بين الطرفين برغم أن كلاهما في خندق واحد يواجه المشروع الإيراني في المنطقة.. وسنحاول أن نجيب على أسباب هذه الفجوة وماذا سيتم لو زاد اتساعها..
لاشك أن معاداة تيار الإسلام السياسي والبعبع الوهمي من الإخوان والذي لازال يخيّم على أكثر أنظمة الدول العربية هو الذي أثمر الردة الثورية ومساندة الثورات المضادة وكان سبباً رئيسيا في اختلاق عدو متجذّر في الشعوب الإسلامية شعبياً ونشر مرض إعلامي استهلك من جهود تلك الدول الكثير، فيما تم نسيان السرطان الإيراني الحقيقي الذي يسابق الزمن في الإيقاع بالأمة المسلمة جميعاً من العراق وسوريا واليمن ولبنان وامتد أذاه حتى الجزائر وباكستان، ما شكّل تهديد وجود للأمن القومي العربي..
وأكبر مصائب هذا العداء المجاني للحركات الإسلامية هو إضعاف العمود الفقري البشري المقاوم للمد الإيراني في مجتمعاتنا، ويكفينا درس العراق الطازج كيف تم التخلي عن المقاومة السنية العراقية التي طردت الاحتلال الأمريكي ولم يتم دعمها وتشكيل جسم سياسي لها من دول المحور السني حتى جاءت إيران وأمريكا والقاعدة فملئوا الفراغ العراقي قتلاً وتشريداً وتصفية وتهجيراً للمقاومة السنية الوسطية بمختلف أطيافها حتى أفرز الواقع فيما بعد طرفي النقيض داعش التي تدعي الدفاع عن ما تبقى جمهور السنة والحشد الشيعي الطائفي الذي يقتل المسلمين بالهوية، وبات السنة هناك بلا رأس ، وصارت الدول المناهضة لإيران لا تجد من يحمي الأمن العربي السني هناك من الاستئصال للتواصل معه وممانعة التغيير الديموغرافي الإيراني الكبير!!!
تكرار التجربة وارد في اليمن وفي سوريا أيضاً إن تم التخلي عن العمود الفقري الأكبر من التيار الإسلامي الوسطي المواجه لإيران، وعندها لن يكون للوسطية محل، وستتوالد داعش تباعاً حين يجد الشباب العربي نفسه محاصرا بين أقلية شيعية مدللة أمريكيا تريد محوه من الوجود، وبين أنظمة عربية ينتمي لها تعادي أي توجه إسلامي يحتضنه، وعندها لن يجد إلا داعش متنفساً لإبراز تطرفه النتاج الطبيعي لتطرف كل من حوله من العدو والصديق!
وستعود إيران وأمريكا وداعش لقضم ما تبقى، بتكرار نفس التجربة مع انتظار نتائج مختلفة، ما يعني الغباء بعينه كما يقول آينيشتاين!
أما إنه لابد لهذه الفوبيا أن تنتهي، فالعدو المشترك متربص، والأمة تحتاج لكل قطرة دم وعرق ومداد لمواجهة المشروع الإيراني الأمريكي الذي يهدد وجودنا، فالعداء الوهمي لايصنع حاضراً ول امستقبلاً، وتكفي الكفارات والضرائب التي دُفعت حتى الآن بعد الاستيقاظ والانتباه للعدو الحقيقي!
أما بالنسبة للتيار الإسلامي كحزب الإصلاح في اليمن مثالاً، فهو مُطالب بردم الفجوة مهما حاول غيره توسيعها، وهو في هذا شريك في الضبابية والخوف الوهمي من تلك الأنظمة حين أحاط نفسه بكومة غموض حتى توالدت الشكوك من رفقاء السياسة في الداخل قبل الخارج عن توجهاته ورؤيته وتحركاته، وهذا مردّه لضعف الجانب الإعلامي وموته السريري لدى التيار الإسلامي....
إن قيادة الإصلاح تتحمّل جزءاً كبيراً في ردم هذه الفجوة، فالعمل الإعلامي الخارجي وإيصال الرسالة كشعار الشمس لا تزال مغطاة بغبار كثيف ولا يراها أحد!!
علّق أحد المتابعين على منشور اليدومي قائلاً: " أستاذ محمد أنا منتمي للحزب منذ ربع قرن ما التقيت بك إلا مرتين، انتم الأصل من تقيمون الندوات والمؤتمرات واللقاءات وكذا تتحدثون للجميع ، أنا سمعت الغنوشي وعرفت توجهه أكثر بكثير من توجهكم وانتم جنب راسي ، اتقي الله وما تجعل الناس يشكوا فيكم، أنا بدأت أشك!!!" اهـ.
والتعليق بعفويته عبّر عن واقع مؤلم لدى غياب الرسالة الإعلامية للحزب للداخل قبل الخارج، ومن عاصر أنصار الحزب عرف أن قرابة الثلثين أو أكثر لا تعرف ما هو مستقبل الحزب الآن، وماذا يدور في رأس القائد، لغياب الرؤية المشتركة التي تنبغي أن تكون واضحة كالشمس من رأس الهرم إلى قاعه، فالمعنى في بطن الشاعر، والشاعر معدته خاوية حتى تاريخه!
لقد صرنا كمحبين للإصلاح لا ندري إلى أين يسير، ولا نعرف ما هي رؤية المرحلة حتى يتبرّع الأستاذ اليدومي بمنشور على صفحته للتقافز عليه! فالناطق الرسمي لاندري هل هو حي أم ميت؟! مع أن المفترض أن يكون يتقدّ حماسا وشباباً ويمتلك حساباً نشطاً على وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك ليعرف اليمنيون أولاً ما هي رؤية الحزب للأحداث وتطلعاته وبرامجه قبل الخارج الذين لا يعرفون عن الإصلاح سوى ما تبثه سموم أبواق المخلوع والحوثي النشطة ومن في قلبه مرض!
حين أرى الكاتب والمحلل التركي محمد زاهد جول على سبيل المثال، يصول ويجول من قناة إلى قناة، ومن صحيفة إلى أخرى، ومن ندوة إلى مؤتمر، يشرح رؤية بلده للأحداث كأنه لسانٌ ناطق ومنظومة إعلامية متكاملة، حتى صرت كمتابع بسيط أدرك رؤية تركيا وحزب العدالة والتنمية، ولا أدرك رؤية حزب الإصلاح، فأحزن بشدة حين أرى الإصلاح عقم عن الميلاد بمثل هذا، وهو في جعبته الكثير من الكوادر المدفونة المغيّبة التي ربما تفوقه بدرجات كثيرة!
أما إنه لابد من تشكيل لجان وإعادة بناء الثقة مع الدول الشقيقة وإزالة الأوهام والتصورات الخاطئة، وتوضيح رؤية الحزب وبرنامجه السياسي، وتطلعاته للمستقبل والدولة المدنية والديمقراطية والشراكة الوطنية وما إلى ذلك... لتسريع ردم هذه الفجوة السحيقة التي ساعدنا في اتساعها، فصرنا ننتظر ما تصنعه الأحداث بنا، ولا نصنع الحدث، ثم نروح ننوح ونولول على القطيعة اللامبرّر لها ممن لايعرفنا!
نعرف أنفسنا أولاً ونعرّفها للناس، وبعد ذلك فليبقى على غيّه ومرضه من أرد البقاء، ولكن سيتعافى الكثير حينها ولابد من الفوبيا وسننطلق لبناء المستقبل حينها يداً بيد، شركاء مصير، لا مصالح وقتية وتربّص تعيد إنتاج إيران بتقصيرنا وسوء فهم أصدقائنا لنا!