لماذا لم يزر المبعوث الأممي ناصر الوحيشي؟
بقلم/ عبد الرزاق الجمل
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 8 أيام
الأحد 18 ديسمبر-كانون الأول 2011 05:16 م

لا بد وأن يمر كل شعار مكتوب على خرقـة، أو مبدأ نظري مكدس مع مبادئ أخرى في الذهن، بلحظة عملية تقيس المسافة بين مضمونه وبين حقيقة إيمان أصحاب هذا المبدأ به.

أحيانا لا تكون هناك مسافة، وأحيانا تكون صغيرة، ولا تعني بالضرورة أن للشعار أو المبدأ أهدافا أخرى غير معلنة، وأحيانا تُقاس المسافة بالسنين الضوئية، ويكون وراء الأكمة ما وراءها. وأعتقد أننا كنا في الأسبوع الماضي على موعد مع لحظة عملية ومسافة طويلة من هذه التي تقاس بالسنين الضوئية وأكمة وما وراءها.

معاشر الشباب المؤمن بالموت لأمريكا.. أزيلوا كل الشعارات التي تنادي بالموت لأمريكا وإسرائيل من كل شبر في محافظة صعدة، قوموا أيضا بطلاء الجدران التي كُتب عليها الشعار، احرصوا جيدا على أن لا تبقوا له أثرا، ليتوقف الأتباع عن ترديده مؤقتا، فمبعوث المنضمة التابعة لأمريكا، وهي الدولة التي ننادي بالموت لها دائما وأبدا، سيزور صعدة.. هذا ما حدث تماما في محافظة صعدة أو لها قبيل زيارة المبعوث الأممي الأخيرة.. توقف الموت لأمريكا، ربما لأنه كان في إجازة بمنطقة دماج المحاصرة.

كان هذا الشعار أحد أسباب الحروب الست في محافظة صعدة، وأهم أسباب بقائها لأعوام، ردده الحوثيون في السجون، وفي قاعات المحاكم، وفي كل مكان، واختبروا الناس به، وتحت ظلاله أيضا حاربوهم في محافظات حجة والجوف وصعدة، بل لم يتوقفوا عن رفعه في مسيراتهم التي كانت تتم في إطار المسيرات الثوريـة، رغم اختلاف شباب الثورة معهم في ذلك، كما ألزموا الباعة في المحافظة بتعليقه على محلاتهم و "عربياتهم" ثم هان عليهم أن يسحبوه على وجهه بمجرد أن حلت أمريكا بدارهم.

والأمم المتحدة هي منظمة أمريكية بيدها أو تحت رجلها مصير العالم، كل العالم، بما فيه صعدة، ومنها تصدر معظم القرارات الجائرة، في حقنا كعرب ومسلمين تحديدا، فلماذا حرص السيد عبد الملك على استقبال مبعوث هذه المنظمة بمظهر احتفائي غير مسبوقا، ولماذا رفض استقبال مبعوث صحيفة "الناس" لإجراء حوار معه في وقت سابق، على سبيل المثال، ولماذا رفض أيضا استقبال وفد المجلس الوطني، ولماذا ولماذا...؟!!.. الخ.

وحتى لا يكون لدى أمريكا أي قلق، أكد عبد الملك لابن عمر بأنه سيشكل حزبا سياسيا بعد الثورة.. طيب والأساطيل البحرية الحربية البريطانية والأمريكية والإيطالية والفرنسية التي كنت تتحدث دوما عن وجودها في البحار القريبة، لتبرر وجود جماعتك مدججة بالسلاح، وكذا المؤامرات الصهيوأمريكية والانجلوأمريكية التي أدوشتنا بها في كل منشورات وإصدارات جماعتك، من يا ترى سيتولى أمرها سعادة السيد عبده؟!!.

هذا والزائر هو جمال بن عمر، كيف لو كانت "السيدة" هيلاري كلينتون هي من زار "السيد" عبد الملك الحوثي!!.. ربما تتبدل الأرض غير الأرض في محافظة صعدة، وربما يوغل السيد عبده في طمأنتها ويخبرها بأنه سيحل الحزب السياسي الذي وعد بن عمر بتشكيله وسيمارس السياحة في الأرض على الطريقة الصوفية بمعزل عن السياسة وأوساخها.

زار بن عمر من ينادي بالموت لأمريكا وإسرائيل دون أن يتطرق في زيارته هذه لهذا الموت، لأنه لن يكون أصلا. وزار بن عمر كل الأطراف المؤثرة والفاعلة في الساحة اليمنية، لكنه لم يزر أمير تنظيم القاعدة في أبين ناصر الوحيشي، رغم أن لدى القاعدة من القوة والأرض أكثر مما لدى الحوثي، لأنه يعرف أنه هؤلاء صادقون في الانتماء لشعاراتهم ومبادئهم، بغض النظر عن صحة وخطأ هذه الشعارات والمبادئ.