عم عبدالملك الحوثي يعترف بالوضع الحرج الذي تعيشه قيادات الصف الاول ويحذر من مصير بشار الأسد العالم مدهوشا ... الكشف عن مقبرة جماعية تحوي 100 ألف جثة على الأقل بسوريا دولة عظمى ترسل أسطولاً بحرياً جديداً إلى خليج عدن لحماية سفنها التجارية لوكمان يتربع على عرش الكرة الافريقية أول تحرك عاجل للبنك المركز السوري لكبح انهيار الليرة منظمة الصحة العالمية تعلن للعالم.. الأوضاع شمال قطاع غزة مروعة أردوغان يكشف عن الدولة الوحيدة في العالم التي هزمت داعش على الأرض عاجل إجتماع رفيع المستوى مع سفراء مجموعة بي 3+ 2 وبحضور كافة أعضاء مجلس القيادة الرئاسي قيمتها 4 ملايين دولار.. ضبط كميات كبيرة من المخدرات كانت في طريقها لمناطق الحوثيين طهران تايمز تحذر الحوثيين .. أنتم الهدف الثاني بعد بشار الأسد
الشائعات غالبا ما ترافق أي احتجاج تقوم به الشعوب ضد أنظمتها؛ بيد أنها دائما ما تكون ملازمة للثورات؛ بالإضافة إلى أنها مع الأخيرة كثيرة وعليها غصصها مريرة؛ لكنها عليها قديرة؛ إذ تبتلعها هاضمة إياها بسلام، مهما اتسع حولها الكلام؛ وهي على كثرتها وتعدد ثوراتها؛ يستعصي على مقام المقال عدها وتناول كل أراجيفها. وعليه سوف أقتصر على الثورة في اليمن من بين جميع الثورات، ثم أقتصر فيها على أقوى أو (أسمع) الشائعات - إذا جاز التعبير - لأنها من كثر ما طرقت افتقدت النظير؛ حيث حظيت من لدن النظام بأكثر مال ونفير؛ بقصد جعل الثورة تظهر في صورة الأمر الخطير للصغير والكبير؛ وعليه - وهو هدف الشائعة - فإن مسمى الساحات عند الوشاة أصبح ساحات التغرير لا التغيير؛ وذلك بقصد فض الجُمع من الساحات والجماعات وبعدها المسيرات؛ وإذا ما استمرت كل تلك الفعاليات؛ فإن الأمر سيكون جلل، ولن يسلم من خطره البدو والحضر والسهل والجبل؛ لهذا رأيت أن أعرض هذه الشائعة؛ محاولا جهدي -ومستعينا بالله– تفنيدها ودحضها؛ حتى لا يقع بعض الثوار من أراجيفها في زلل؛ وتصاب عزيمتهم منها بالملل.
إن [أسمع] شائعة سعى النظام سعيه عبر من هم في الثورة مرجفون؛ حتى يكون لها (سمَّاعون)؛ هي "إن الفاسدين هربوا من فسادهم إلى ساحة التغيير بصنعاء وقد أصبحوا بالثورة محتميين وفي الوقت نفسه بالسوء لها متربصين ولسرقتها مبيتين" هذه هي خلاصة شائعة الواشين؛ والمعنيان بهذه الإشاعة هما: علي محسن وحميد الأحمر بدرجة أولى؛ وأكاد أجزم أن هذه - فعلا - هي [أسمع] شائعة سعى النظام سعيه إلى الترويج لها؛ وهذا الجزم حضرني من كثرة ما سمعت من ذلك الترويج وعلى مستوى عريض؛ فلا تكاد تجد مناسبة إلا ونفثت فيها سمومها؛ في الحافلات والمجالس والمنتديات وكل المناسبات السارة والحزينة؛ بالإضافة إلى أنها متداولة في ألسن الجنسين صغار وكبارا؛ متعلمين وأميين، حتى صارت هذه الإشاعة هي حديث الأمس والساعة وكل ساعة فهي أكثر ملازمة للثورة؛ وهي الشغل الشاغل للأعلام الرسمي، ولا يخل من ذكرها فم الصوفي واليماني والشامي والجندي.
وسأترك الحديث عن الشيخ حميد الأحمر؛ كونه لا يشغل في الدولة منصبا سياسيا رسميا وبارزا؛ يمكن منه تهمة الفساد؛ لهذا كانت أحسن تهمة تناسب مثل وضعه هذا؛ أنه لا يدفع الضرائب؛ فحاولوا إظهاره للشعب في صورة الخاسر والخائب، مع أنه يكرر دائما بأنه أكثر من يدفع الضرائب. وبناء عليه سأكتفي بالحديث عن علي محسن؛ على الرغم من أنه – هو الآخر- قائد عسكري، يعمل في القوات المسلحة التي قائدها الأعلى صالح؛ ومع أن هذه الوظيفة لا تؤهله لأن يكون شريكا في الفساد، ولا حتى شريكا في الملك؛ فهذه الأخيرة قد نفاه عنه أيضا صالح نفسه؛ إذ تحدث عن علي محسن -وفي شاشة العربية- على أنه موظف صغير - بهذا اللفظ – يتبعه، وهذا - وحسب قول أيضا- يخوله من عزله وإقالته من منصبه كيف شاء ومتى شاء، ولما كانت وظيفة علي محسن تعفيه من شراكته في الفساد السياسي، ووظيفته الصغيرة التي تؤهل صالح بأن يعزله في أي وقت لا تجعل شريكا في الملك؛ ومع فإنني أرى ضرورة طرق الموضوع؛ اذ ليس فيه ضير ما دامت الشائعة قد فرضت نفسها وهاج في الناس نفيرها.
دعونا نتفق -أولا- أن علي محسن كان عبارة عن موظف يعمل في السلك العسكري وأنه يتبع مباشرة القائد الأعلى صالح؛ وأن صالح كانت له القدرة القانونية والدستورية الكاملة على إبقائه في منصبه أو عزله؛ وكلنا قد سمع عن مبادرة صالح الغريبة من نوعها؛ إذ كانت تنص على بند واحد؛ وهو رحيل صالح وعلي محسن من اليمن مع أسرهم، ولعل صالح كان متأكدا من رفض علي محسن للمبادرة؛ لأن صالح يعلم علم اليقين أنه ليس هناك أي مبرر لرحيل وأنه لم يكن شريكا له في الفساد، له؛ لكن كانت المفاجئة؛ إذ قبل علي محسن المبادرة على علاتها؛ ليضع الرئيس نفسه في مأزق ثانٍ؛ بعد المأزق الذي وضعه في الشباب؛ فسارع صالح إلى إنكار المبادرة؛ على الرغم أن السفير الأمريكي كان مطلعا عليها وشاهدا على صحتها؛ وكانت مبررات النكران أن علي محسن موظف صغير عنده فيكف سولت لعلي محسن أن يجعل نفسه ندا للرئيس؛ لكن الحقيقة أن تلك المبادرة قد كان نسج خيوطها صالح بقوة؛ لتكون فخا لعلي محسن فقد كان متأكد من رفض الأخير لها لأنه غير ضالع في الفساد فلم يرحل؛ وعليه كان أبواق صالح سيعمق شبهة طمع علي محسن في السلطة ومحاولة نهب الثورة؛ بيد أن ذلك لم يحصل وثبت العكس أن الرجل لأجل وطله بإمكانه قبول الممكن وغير الممكن؛ حتى قمع صالح للشعب لا يمكن.
فكانت موافقته مخيبة لصالح ومقربة منه ومن عرشه المنون، وجعلت هذه القصة المتابعين والمحللين يدركون أي الفريقين بالسلطة مفتون؛ وعلى فواتها مغبون؛ طبعا ليس الذي وافق على المبادرة إنما هو الذي نقض غزلها من بعد مكر وإحكام أنكاثا، مع أنه هو من خاط خيوطها؛ بيد أنها عندما لم تؤتِ أكلها نكثها ثم أنكر أنه من لف خيوط مكرها.
ومع كل ذلك دعون لنفترض صدق التهمة؛ وأن علي محسن – حسب صالح- ممتلئ بالفساد، فلماذا –إذا- التحق بالثورة وقد كان الأحرى به أن يضل تحت مضلة صالح قابعا وله تابعا، ويقف إلى جواره؛ إذ المعلوم من الفساد بالضرورة؛ أن المفسد يقف إلى جوار المفسد لا المصلح، والناهب يقف إلى جوار الناهب لا المنهوب، أما أن يقف أحد فصائل الفساد إلى جوار الثورة والثوار؛ فإن هذه لغز عميق الأغوار؛ لأن الثورة تهدف إلى بناء دولة مدنية؛ لا يسود فيها سوى النظام والقانون؛ والقانون إذا ساد؛ فإنه لن يعفي أحدا من المساءلة ما دام محملا بملفات الفساد مهما كان مقامه عاليا وعليه فإنه لا توجد ذرة من منطق أو عقلانية في انضمام على محسن إذا كان ممتلئا بالفساد إلى صف الثورة لأنه يعلم علم اليقين أنها لن تعفي المفسدين وأنه سيكون أول المساءلين والمحاسبين.
دعونا نفترض -وللمرة الثانية- صدق التهمة من أن علي محسن ناهب للأراضي أو متاجر بها؛ فإن هذا بحد ذاته مصدر فخر للثورة؛ إذ استطاعت أن تشق عصا الفاسدين، وهذا بحد ذاته يعد أكبر نجاح للثورة والثائرين؛ أليس يقول هكذا المنطق الرصين؛ وقد كان المفترض منهم أن يشقوا عصاها إذا ما ضلوا مجتمعين، وبدلا من أن نجعل ذلك مصدر فخر وإعزاز للثورة وإكبار، يجعله الواشون في الثورة مرجفون محط لوم وانتقاص وإصغار؛ وأن أقول وكل عاقل وصاحب منطق؛ جميل من الثورة وأي جميل أن تشق عصا الفساد ولا يشق هو عصاها؛ والأجمل منه أن تجتذب أحد الفصيلين إليها وتستفيد من كامل قوته وقدرته وخبرته العسكرية، فلماذا إذا هذه المكابرة والعناد من قبل أبواق الفساد !!!.
ثم إذا قصرت الشائعة فساد على محسن بأنه تاجر أرضي -وهذه التهمة تتماشى مع طبيعة وظيفته العسكرية؛ فهل يكون من المنطق في شيء أن تترك الثورة قاتل الأبرياء والمتاجر بالدماء؛ لتنشغل -أولا- بتاجر التراب، فبالله عليكم أذلك هو عين الصواب؟ وإذا لم يكن ذلك الصواب فما هدف هذه الشائعة ؟ إليكم الجواب: [إنهم يريدون من الثورة - باختصار - أن تترك صالح الذي ثبت فساده وضلوعه في قتل اليمنيين والمتاجرة بدمائهم كما حصل في حروب صعدة وتنظيم القاعدة بالإضافة إلى أنه مشعل الفتن في اليمن ما ظهر منها وما بطن؛ فالمطلوب من تلك صفاته - حسب هذه شائعة خاطئة كاذبة – من الثورة تركه؛ لتدخل في شد وجذب مع علي محسن قد يفضي إلى حرب؛ ليس لأن علي محسن أساء ولم يحسن، بيد أن صالح الذي عمله غير صالح؛ يريد أن يلصق بالبريء التهم، ليقول مقرا عن نفسه - ومن دون ذرة خجل – بأنه كان مظلة للفساد والفاسدين وهو بذلك يريد أن يجعل علي محسن ممن يشملهم ظل مظلته وضلالته حتى تفقد الثورة زخمها وتتراجع أعدادها]. وذلك لم يحصل بل الذي حصل أن صالحا أقر على نفسه بتهمتين: الأولى تهمة الفساد والثانية التستر على الفاسدين، وحينها عرفنا أو فهمنا لماذا كنا دائما نسمع عن الفساد في اليمن من دون أن نرى الفاسدين؛ لأن صالح كان يظلهم بمظلة فساده ويحجبهم عن القانون حتى لا تصلهم سطوته وعقابه، وقد كانت غاية الثورة أن تكشف عن الفاسدين وعليه فقد كان خلع صالح وإزالته هو حق اليقين إذ ببقائه ضل الفاسدون ثلاثة عقود مختبئين وعن أعين الناس وسطوة القوانين محجوبين. .
وأخيرا أقول: إنه مما سبق يتبين لنا بأن ما يقوله النظام وبقيته عن علي محسن ليس سوى محض افتراء تريد القوى المتآمرة من ورائه حرف عجلة الثورة عن مسارها الصحيح؛ وهو مضيها في ملاحقة المجرمين الحقيقيين، وإلا فإن علي محسن لما سبق تحليله وبيانه رجل وطني بكل ما تعنيه الوطنية وما يؤكد أيضا وطنية الرجل وحرصه على وطنه؛ هو أن الأطراف المتآمرة على الثورة في اليمن؛ الإقليمية والدولية؛ هي في ورطة وفي حرج؛ لسبب بسيط؛ هو طول زمن تمسكها بصالح الذي لفظه اليمنيون لأنهم لم يجدوا البديل المناسب لمصالحهم وفي الوقت نفسه المقنع للثوار، فبالله عليكم معاشر القراء والمتابعين لو كان علي محسن فاسدا أو غير صالح لكان وفر على القوى المتآمرة حرج تمسكها بصالح ما دامت غايتها هي تحقيق المصالح؛ وحينها ليس ثمة فرق بين صالح ومحسن؛ بل إن هذا الأخير لو كان فاسد لكان نعم البديل؛ بيد أنه لما كان صالح غير صالح، وعلي محسن سوى الوطنية وحب الوطن لا يحسن؛ فإن القوى المتآمرة هي أيضا إلى اليمنيين وثورتهم أساءت ولم تحسن؛ وهي الآن ما زالت تناور في سياق الممكن وعير الممكن، حتى الثورة لبلوغ أهدافها لا تمكِن.