رسالة للجنوبيين المجتمعين في القاهرة
بقلم/ هيثم الزامكي
نشر منذ: 13 سنة و يومين
الجمعة 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 08:24 م

إخواني الجنوبيين المجتمعين في القاهرة,,,,

بعد التمني لمؤتمركم بالنجاح في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة العربية واليمن, نجد من واجبنا توضيح بعض القضايا, لعلنا بذلك نسهم في تعزيز فهم القضية الجنوبية, باتجاه حلها حلا جذريا يرضي كافة أبناء الجنوب, وقد لخصنا هذه الرسالة بالتالي:

أولا: على ساسة الجنوب تجاوز النظرة السطحية لمفهوم الوحدة بين المكونات الجنوبية الملخص في تنازل احد طرفي المعادلة الجنوبية للطرف الأخر (الطرف الداعي لفك الارتباط والطرف الداعي للفيدرالية) والتعامل مع الجنوب وكأنه منقسم بين دعاة الفيدرالية ودعاة فك الارتباط, لان مفهوم القضية الجنوبية يتجاوز هذه الإشكالية المصطنعة, فالحقيقة ان الجنوبيين موحدين خلف مفهوم أكبر وهو جوهر المشكلة الجنوبية نفسها, واستحالة استمرار الحالة الراهنة دون تغيير سياسي جذري يعيد للجنوبيين حقوقهم الضائعة, لذا فأي كسب سياسي يستطيع تحقيقه مكون سياسي جنوبي, يعتبر مكسبا جنوبيا يجب الترحيب به ودعمه من الجميع, ومن ثم السعي لتحقيق المكاسب الأخرى, وفي هذا الإطار فان تحقق الظروف المناسبة للحصول على دولة فيدرالية بإقليمين جنوبي وشمالي سيشكل حلا مقبولا للجنوبيين, ويستوجب دعم جميع الجنوبيين لذلك الحل.

ثانيا: لعل من ابرز السلبيات التي أوصلت الجنوب إلى الوضع الحالي المزري, هو غياب الديمقراطية وتقبل الرأي الأخر قبل وبعد قيام الوحدة, لكن الشعوب الذكية هي التي تتعلم من تجاربها وأخطائها, ونحن في الجنوب علينا ان نتعلم ونمارس الديمقراطية في إطار نضالنا لاستعادة حقوقنا المهدورة, ومن أهم الدروس الديمقراطية درس القبول بالأخر, وعلينا ان نشطب من قاموسنا السياسي مفردات التخوين لكل سياسي جنوبي لديه وجهة نظر سياسية مختلفة عن الأخر, فحتى الجنوبيين الذين هم جزء من السلطة والمؤمنين ببقاء الوحدة اليمنية يجب ان يثقوا بان الجنوب سيحترم قرارهم السياسي حتى في حال انتصار تيار مشروع فك الارتباط, فان الوحدويون سيكون لهم حرية إنشاء الأحزاب الوحدوية المؤمنة بوحدة اليمن.

ثالثا: لعل من أهم الدروس التي قدمها الربيع العربي, انه افرز حقيقة هامة تتعلق بعناصر القوة الجديدة, فلم تعد السيطرة على القوات المسلحة والأمن هما ضمان بقاء نظام سياسي معين أو انتصار اتجاه سياسي معاكس له, لذا فان الخيار السياسي الذي سيتفق عليه الجنوبيين سيتم فرضه دونما حاجة لقوة عسكرية تدعم ذلك القرار, وكل ما على الجنوبيين في الوقت الحالي هو التوحد خلف خيارهم السياسي الذي يريدونه, ونكرر, ان التوحد لا يعني تنازل طرف سياسي ما عن توجهه للطرف الأخر, لكن التوحد يكمن في الالتفاف حول القضية الجنوبية ودعم أية مكاسب سياسية يستطيع طرف سياسي جنوبي ما تحقيقها, ثم الانتقال لتحقيق مكاسب أخرى.

رابعا: شهدت الفترة الأخيرة تسجيل اعترافات سياسية هامة لجهات سياسية مختلفة فيما يتعلق بالظلم الذي لحق بالجنوب بعد الوحدة اليمنية, ودونما حاجة لتعداد تلك الاعترافات ومصادرها, فان ما نود قوله, انه ينبغي على الجنوبيين الترحيب بتلك الاعترافات وتوثيقها, وتوظيفها سياسيا بما يفيد القضية الجنوبية, والابتعاد عن استثمارها في إطار شخصي أو انتقامي من الأطراف السياسية التي تحلت بالشجاعة واعترفت بها, بل على العكس يجب ان يشعر جميع سياسيي اليمن ان الاعتراف بالظلم الذي لحق بالجنوب جراء هذه الوحدة سيجد التقدير والاحترام من جميع أبناء اليمن وفي مقدمتهم الجنوبيين, ويجب ان يستوعب الجميع إننا في الجنوب والشمال محكومين بالاتفاق والتفاهم فلن يستقر الشمال إذا لم يرضى الجنوب, والعكس صحيح.

خامسا: يجب ان لا يستحوذ الجانب السياسي للقضية الجنوبية على كل اهتمام ساسة الجنوب المجتمعين في القاهرة, فهناك قضايا سياسية جنوبية أخرى بحاجة للبحث والتداول, ومن ابرز تلك القضايا:

1. ما يحدث في م/ أبين والحالة المزرية التي يعيشها سكان المحافظة جراء هذا الوضع, والدور الذي يجب ان يقوم به الجميع وفي مقدمتهم أبناء المحافظة, لمواجهة هذا الوضع المتردي.

2. قضية معتقلي الحراك الجنوبي وعلى رأسهم المناضل الكبير حسن باعوم, وكيفية تفعيل التحركات الشعبية الجنوبية المطالبة بالإفراج عنه وعن بقية المعتقلين, ومساعدة اسر شهداء الحراك الجنوبي السلمي, وعلاج الجرحى, وبحث إمكانية إنشاء صندوق اجتماعي يعنى بحل تلك المشاكل.

3. تطوير علاقة المكونات السياسية الجنوبية بالمكونات السياسية المختلفة المشاركة في الثورة السلمية في اليمن.

4. تحسين وتنسيق الخطاب الإعلامي الجنوبي وتطوير الوسائل الإعلامية الحالية وجعلها معبرة عن كافة التوجهات الجنوبية, وبحث إمكانية إيجاد وسائل إعلامية جديدة تعبر عن القضية الجنوبية وتصل بها إلى المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

5. تأكيد الوقوف إلى جانب صحيفة الأيام وأسرة آل باشراحيل الكريمة, الذين يدفعون حتى يومنا هذا ثمن وقوفهم المبدئي مع قضايا المظلومين في الجنوب خاصة واليمن بشكل عام.

أخيرا نقول,,, ان عدالة القضية الجنوبية ومشروعيتها يتطلبان تضافر جهود كافة أبناء الجنوب لحل القضية, وعلى أبناء الجنوب ان يعملوا على خلق رأي عام محلي ووطني وإقليمي ودولي داعم لمطالبهم المشروعة, وهذا لن يتحقق إلا باستخدام لغة سياسية ذكية ومفهومة ومقبولة لجميع تلك الأطراف, وعلى أبناء الجنوب أيضا ان يفهموا ان قضيتهم ليست سهلة, وان المكاسب قد لا تأتي دفعة واحدة وقد تكون مرحلية حتى الوصول للحل الكامل, والى ان يأتي ذلك الحل على الجنوبيين ان يتحلوا بالايجابية في التعاطي فيما بينهم من جهة, وفيما بينهم وبين إخوتهم في الشمال من جهة أخرى, وما ضاع حق وراءه مطالب, والنصر تحدده إرادات الشعوب, بعد إرادة الله سبحانه وتعالى.