أهل الخلل والحقد في اليمن
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 26 يوماً
الأحد 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 10:43 ص

تمضي الساعات والأيام وتمر الشهور طويلة في انتظار متى سيبدأ الحوار الوطني وماذا سيؤدي له و الأهم صدور قرار جمهوري يبدأ في حلحلة عقدة انقسام الجيش إضافة إلى معالجة بعض الملفات المستعجلة مثل تعويضات متضرري حرب 94م .

لكن بين هذا وذاك يخرج لنا البعض من حملة الارشيفات السوداء الذي ارتشفوا من دماء اليمنيين تحت مبرر الحفاظ على مكتسبات حزبيه وأيدولوجيات مستورده من الخارج من اجل الدفاع ضد المتأمرين حسب رؤيتهم ... وقد رأينا كيف تمت التضحية بأغلى رجال اليمن في سبيل المشاريع الضيقة والزج بهم كوقود للحروب ليس من اجل اليمن بل من اجل لعبة الكراسي والمناصب التي مازال شعبنا اليمني يرزح تحت رحمتها ويدفع ثمن فاتورة (أهل الخلل والحقد في اليمن).

وهم كثر من أرهقوا اليمن بمشاريعهم الدموية في ظل وظيفتهم المعروفة سلفا كأمراء حروب وأصحاب مشاريع شرذمة وتشطير من اجل الحصول على حصة وافره من كعكة المساكين واقصد بالمساكين هنا العامة من الشعب اليمني الذين دائما ما تنطلي عليهم مشاريع النزاع والصراع تحت قاموس كبير من المبررات . هؤلاء الأفاعي السامة من نصبوا أنفسهم كقادة على ضعاف القوم وإن لبس بعضهم البدل الرسمية مع ربطة العنق أو جعل من (الخنجر او الجنبيه) وسط خصره .

لقد أدمنوا في الخوض بالكلام الساقط عن معايير الوطنية سواء أكان لهدف ونفع شخصي أو ما يمليه عليهم سادتهم وأولياء نعمتهم من خارج اليمن .

فلن يستطيعوا أن يعيشوا إلا في ظل وجود وصناعة التعقيدات السياسية في اليمن فبإنقطاع شريان الأزمات ستنتهي مهمتهم ويظلون خارج إطار الزمن .

لذا نرى صناعة المد والجزر المناطقي والحزبي أصبحت ماركة سياسية مسجلة كثيرا ما تطغى على العديد من الفعاليات السياسية .. فلا نستغرب إن وجدنا أنفسنا في اليمن في استمرار متواصل عبر الزمان والمكان للمطبات والحفر السياسية في اليمن ... فبين ساقط ولاقط يستمر التضليل السياسي لكثير من هؤلاء الرموز التي أٌصيبت بشيخوخة وطنية وسياسية وهي تمارس دور البغاء والغباء السياسي معا حتى في ظل تواجدها خارج الحدود اليمنية .

التصريحات السياسية التي أصيبت بحمى المناطقية والتي قسمت اليمن و قضاياه المصيرية إلى أشلاء متناثرة لغاية الحصول على مكاسب يعلمها أصحابها جيدا ومن جملتها (القضية الجنوبية ) التي قامت من اجلها ثورة شبابية وحملت ثورة التغيير معها سقفا كبيرا من الحرية لإيجاد المعالجات الجذرية والحلول الراهنة والمستقبلية لها ولغيرها من القضايا الأخرى .

مهما يحاول البعض إيجاد المبررات من الماضي لهؤلاء المغردين والمغررين سنرجع إلى حقيقة خالصة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء أن (الحقد والخلل) مازال مسيطرا على مبدأهم وفكرهم رغم السنيين الطويلة التي قضوها بعيدا عن العمل السياسي لم يتغير عندهم نسق ومستوى الفكر الوطني بل زادوا في الكفر بالوطن .

ويكفينا أن هؤلاء كانوا في الزمن الماضي تحت عباءة الحزبية وأيدلوجيته لعشرات السنيين وبعدها تخلوا عن مبادئهم الحزبية التي استماتوا من اجلها و في أخر المطاف تنكروا لحياتهم السياسية الماضية وذلك دليل بأن الأحزاب السياسية حملت ومازالت تحمل الكثير من التناقضات في تركيبتها البنائية والسياسية وهذا جعلها حتى الآن غير قادرة على نفض غبار الحزبية والقيام بتحمل واجبها الوطني تجاه اليمن والقيام بدور فاعل .

 

فمثلا استمرار التعاطي مع المبادرة الخليجية التي تعاملت مع اليمن والشعب اليمني كملف امني بالدرجة الأولى دون النظر للأبعاد التي قد تحدث في التباطىء بحل الملفات الداخلية والتي تحمل من التعقيد ما يجعل اليمن كقنبلة موقوتة يجب على الكل ترك المماطلة والإسراع في المكاشفة والمصارحة في إيجاد الحلول وترك المجاملة السياسية على حساب مصلحة اليمنيين عبر إعطاء بعض الأطراف اكبر من حجمها السياسي في اليمن وجعلها طرف أساسي في المشاركة بدونه لا يمكن الحوار يجعل الخلل سيد الموقف .

لذا أصبحت مسألة التقدم في الوصول إلى نقطة مشتركة بين التكتلات السياسية يدخل من مرحلة الصعوبة إلى مرحلة الاستحالة وهذا يظهر على الواقع وما حدث من خلق إشكالات في طاولة الحوار الوطني .فلم يعد هناك ما يستدعي أن نركن كثيرا على أسماء سئمنا أصواتها وتاريخها وقد انكشفت عوراتها في السابق وحتى الآن تقف حجرة عثر في طريق الوصول إلى مخرج ينقذ اليمن ويدشن مرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي والسياسي والأمني .

بالرغم انه من الخطاء الحاصل وبدء الحوار وطني في ظل انقسام الأمن والجيش تظل الرؤية السياسية ناقصة الملامح وندرك من ذلك إن الأحزاب السياسية والأطراف السياسية اليمنية إذا لم تتبنى مشاريع سياسية واقعية ستزيد الفجوة بينها وبين الشعب وقد تنتقل عدوى تلك الفجوة إلى حدوث خلافات حقيقية بين أطراف الأحزاب السياسية وتحالفاتها .

الأمر ليس مبالغا فطريقة وكيفية حل جملة من القضايا العالقة سيكون حاملا معه زلزال سياسي قد يكشف لنا أن المظلة لحل القضايا السياسية في اليمن ماتزال مرهونة للتبعية الفرديه ولبعض القوى الإقليمية وبذلك تظل التبعية كالسيف مسلط على رقاب اليمنيين مع إنشغال القوى السياسية في توسيع نفوذها السياسي وجعل المبادرة الخليجية وسيلة لإستمرار ما كان بالأمس .

أخيرا,,, التساؤلات كثيرة وتطرح نفسها... لكن يا ترى من المسئول عن استمرار الأحزاب السياسية في اليمن في حال استمرار عجزها وتخاذلها على مصلحة الوطن اليمني والجميع شاهد كيفية التهافت والبحث عن حل للقضية الجنوبية عبر البوابة الخلفية للقاهرة وبيروت وأغفل مفتاح الحل بإرجاع الحقوق إلى أهلها ومحاسبة من تسبب في سلب واغتصاب حقوق الأخرين ... لكن تظل مخالب الفساد حاضرة ويكون لها السبق في خلق صورة هي تريدها حتى لا تظهر حقيقتها فما زالت براثين الفساد حاضرة وما حصل هو تراجع في الكم واستمرار في الكيف.

وعليه تظل الحياة الحزبية في اليمن بحاجة إلى إعادة النظر برؤية وطنيه وحكيمة والوقوف أمام الإحباطات التي كرستها بعض القوى الحزبية والمحسوبين عليها داخل اليمن وخارجه كبديل عن مواصلة زرع الأحقاد والعداوات لأن بناء المستقبل لليمن يحتاج منا إلى الفكر والتفكير المستنير و وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة والرأي والرأي الآخر بروح الحوار من أجل البناء وليس العداء.

أما الرؤية الأحادية الحاقدة التي ملئت قلوب البعض والنزعة الفاجرة والغادرة في الطرح لن تفلح في معالجة جراح اليمنيين ومكافئتهم لصبرهم على ويلات القوى السياسية ومغامراتها التي اهتمت بالتمركز حول السلطة والدولة بدلاً من الأمة .